Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب غزة تهزم "العمال" البريطاني في 4 دوائر انتخابية

الرهان على الحرب كان ورقة خاسرة بالنسبة إلى حزب جورج غالاوي

نتائج الانتخابات تظهر خسارة حزب العمال لأصوات مسلمة كثيرة بسبب حرب غزة (وكالات) 

ملخص

حقق حزب العمال البريطاني فوزاً كبيراً في الانتخابات العامة الأخيرة، ولكنه على رغم ذلك خسر أربعة مقاعد لمناطق تقطنها الجالية المسلمة التي حشدت فعالياتها ضد "العمال" بسبب مواقفه من حرب غزة، ولكن المفارقة أن الورقة ذاتها لم تساعد حزب الـ"Workers" على رغم أنه تبناها في مقدمة عناوينه الانتخابية.

مرشحة عربية من أصول يمنية تدعى ابتسام محمد اليافعي فازت في الانتخابات البريطانية، ودخلت إلى مجلس العموم، ترشحت عن حزب العمال الذي قاطعه كثر من أبناء الجاليتين العربية والمسلمة بسبب مواقفه السلبية من حرب غزة، ولكن يبدو أن اليافعي اختارت التزام نظام انتخابي حزبي متوارث في البلاد منذ عقود طويلة.

يصعب الفوز كمستقل في الانتخابات البريطانية إلا في حالات خاصة، فالحزب يمد المرشح بدعم لوجيستي ومعلوماتي ومالي كبير لا يستطيع توفيره بمفرده. وكلما كان الحزب أكبر عظمت المساندة وقصرت المسافة نحو برلمان وستمنستر، لكن ذلك لا يلغي أهمية برنامج المرشح وعناوينه الخدمية والاقتصادية بالدرجة الأولى.

اليافعي لم تكن العربية الوحيدة التي ترشحت للاستحقاق، فهناك آخرون انشقوا عن "العمال" في غالبيتهم وتقدموا كمستقلين أو ممثلين لأحزاب صغيرة، لكنهم لم يوفقوا. بينهم من كان قريباً جداً من الفوز مثل الفلسطينية ليان محمد التي تجاوزها مرشح العمال في منطقتها بمئات الأصوات فحسب، وآخرون ظلوا بعيدين من تحقيق الحلم.

أثار زعيم العمال كير ستارمر غضب شريحة واسعة من 3.9 مليون مسلم يشكلون 6.5 في المئة من سكان بريطانيا، بعدما أيد بداية حرب غزة قطع إسرائيل الماء والكهرباء عن سكان القطاع، ثم تردد لأشهر قبل تأييد الدعوات لوقف الحرب على الفلسطينيين هناك، وعندما بدل موقفه كانت الفعاليات المسلمة قد قررت مقاطعة "العمال" انتخابياً. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أهمية التجربة

رئيس مجلس التفاهم العربي البريطاني كريس دويل توقع نتائج مرشحي الجالية المستقلين لأنه يدرك حجم تأثير الدعم الحزبي في الانتخابات، إذ قال في حديث مع "اندبندنت عربية" إن الفوز في الاستحقاق البرلماني من دون مساندة تكتل سياسي للمرشح يصعب تحقيقه إلا في ظروف استثنائية، بخاصة بالنسبة إلى جالية صغيرة يتوزع أفرادها على مناطق وأحزاب مختلفة، كما لا تمتلك تجربة كافية وناضجة في المنافسة البرلمانية.

"انتخابات 2024 تجربة جيدة مفيدة للجالية العربية" كما يقول المرشح الفلسطيني المستقل الخاسر في مدينة برمنغهام كامل حواش، منوهاً بأن الإنجاز في هذا الاستحقاق هو "تغير المزاج العام بين العرب والمسلمين نحو إنهاء التأييد المطلق لـ(العمال)، الذي بلغ حدوداً بات فيها الحزب ينظر لأصوات هؤلاء كرصيد مضمون دائماً".

الأرقام تؤكد كلام حواش لناحية الضرر الذي طال "العمال" نتيجة الخصومة التي وقعت بينه وبين الجالية المسلمة في بريطانيا، أو بتعبير أدق بينه وبين الفعاليات المسلمة المنظمة سياسياً، إذ تظهر النتائج خسارة الحزب الأحمر أربعة مقاعد بسبب اصطفاف أبناء الجالية خلف مرشحين مستقلين أو من أحزاب أخرى في مناطق يشكل المسلمون كتلة كبيرة من إجمالي السكان، أي يمثلون واحداً أو أكثر من كل عشرة ناخبين.

في المحصلة الأخيرة فاز حزب العمال بأكثرية مطلقة في البرلمان البريطاني، وسكن زعيمه كير ستارمر المنزل رقم 10 وسط لندن، ليقود من هناك حكومة عمالية تدير شؤون المملكة المتحدة لخمس سنوات مقبلة. ولكن بين تفاصيل الفوز الساحق للحزب الأحمر تختبئ بعض "الكبوات" بسبب موقفه من حرب غزة أو قضايا أخرى.

 

خسائر "العمال"

كان الوزير في حكومة الظل العمالية جوناثان أشورت أبرز الخاسرين من الحزب الأحمر، إذ هزم أشورت في منطقة ليستر ساوث أمام المرشح المستقل شوكت آدم بفارق يقل عن 1000 صوت، وعندما أعلن آدم انتصاره قال إن هذا "من أجل غزة"، من دون أن يتخلى عن قائمة طويلة من الوعود الاقتصادية التي قطعها لسكان المنطقة.

الخسارة الثانية التي مني بها "العمال" للسبب ذاته كانت في دائرة بلاكبيرن، حيث هزمت مرشحة الحزب كيت هولرن بفارق 132 صوتاً أمام المستقل عدنان حسين، وفي ديوسبري وباتلي انتهت هيذر إقبال بنحو 7 آلاف صوت أقل من إقبال محمد، والشيء ذاته حدث في بيري بار، حيث خسر خالد محمود أمام المستقل أيوب خان.

في دوائر انتخابية أخرى تنشط فيها الجالية المسلمة نجح مرشحو "العمال" بشق الأنفس أمام مستقلين أو ممثلي أحزاب أخرى، ففاز في دائرة الفورد وزير الصحة في حكومة الظل ويس ستريتنج، بفارق 528 صوتاً فقط عن منافسته المستقلة من أصل فلسطيني ليان محمد البالغة من العمر 23 سنة، والمنشقة عن حزب العمال قبل أشهر فحسب.

وفازت شبانة محمود وزيرة العدل في حكومة الظل العمالية في برمنغهام ليديوود على المستقل أحمد يعقوب بنحو 3500 صوت فحسب، وتفوقت روشانارا علي بصعوبة على غريمها مع فارق 1500 صوت في بيثنال جرين، التي نقمت الجالية البنغالية فيها على خطط "العمال" لترحيل البنغال الذين رفضت طلبات لجوئهم.

 

"عمال بريطانيا"

في هودج هيل فاز الوزير العمالي السابق ليام بيرن بفارق 1500 صوت فقط عن مرشح حزب الـ"Workers" الذي يتزعمه جورج غالاوي. ولعل هذا الحزب الحديث والصغير كان "الكبوة الكبرى" لحرب غزة في الانتخابات، إذ لم يسجل انتصاراً واحداً حتى إنه فقد مقعده اليتيم الذي ربحه عبر انتخابات فرعية قبل أشهر قليلة.

غالاوي البالغ من العمر نحو 70 سنة كان قبل سنوات نائباً في البرلمان عن "العمال" لكنه طرد من الحزب عام 2003 بعد انتقاده رئيس الوزراء الأسبق توني بلير في شأن حرب العراق. أسس غالاوي حزب الـ"Workers" قبل أربع سنوات، وعندما اشتعلت حرب غزة في السابع من أكتوبر "تشرين الأول" 2023 جعل وقفها عنواناً رئيساً لحملته.

فاخر غالاوي بورقة غزة في الانتخابات الفرعية التي فاز بها عن روتشديل قبل أشهر من الاستحقاق الأخير، ولكن بحسب الصحافي مايكل بنيون، لم يكن زعيم الـ"Workers" لينجح في تلك الجولة لولا تخلي حزب العمال حينها عن مرشحه أزهر علي في المنطقة بعد اتهامه بمعاداة السامية قبل فترة قصيرة من موعد فتح صناديق الاقتراع.

يلفت بنيون في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن "عمال بريطانيا" لم يقدم برنامجاً انتخابياً حقيقياً، وحرب غزة تهم فئة من المجتمع ولكنها ليست أولوية مقابل حاجات الناس الخدمية والمعيشية والاقتصادية، لذا كان يحتاج غالاوي إلى مخاطبة البريطانيين ككل وليس فقط الجالية المسلمة والعربية وأولئك الذين يؤيدون وقف حرب غزة.

بعيداً من الجالية المسلمة خسر "العمال" في إسلنجتون نورث أمام زعيمه السابق والسياسي اليساري المؤيد للفلسطينيين جيرمي كوربين الذي خاض الانتخابات مستقلاً بعد أكثر من أربعة عقود من تمثيله المنطقة في البرلمان عن "العمال"، حظي خلالها بشعبية كبيرة أعانته على خصومه، وحققت له نصراً تاريخياً وقيماً في الاستحقاق الأخير.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير