Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحليل جيني "متطور" في بريطانيا يساعد الأطفال المصابين بالسرطان

يقدم هذا الفحص الطبي قراءة لشيفرة الورم الجينية بأكملها لدى المريض ويحدد كل الطفرات الجينية المسببة للسرطان

تحميل عينات من الحمض النووي في جهاز التسلسل الجينومي المكتبي في مختبر أبحاث جينوميات السرطان (صور أنسبلاش)

ملخص

يعمل اختبار التسلسل الكامل للجينوم الجديد الذي تجريه هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا على تحسين رعاية مرضى السرطان لدى الأطفال من خلال توفير معلومات وراثية شاملة عن الأورام

في المملكة المتحدة، توصلت تجربة طبية جديدة نهضت بها "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" ("أن أتش أس" NHS) إلى تحليل "متطور" يحسن بصورة كبيرة شكل الرعاية الطبية التي يتلقاها الأطفال المصابون بالسرطان، ومن شأنه أن يحل محل مئات التحاليل الطبية الأخرى.

وأعرب عدد من الخبراء عن سعادتهم البالغة بنتائج الدراسة الجديدة حول صورة من التحليل الجيني الذي يمكنه في اعتقادهم، أن يساعد ألف طفل كل عام في إنجلترا وحدها.

وهذا الفحص الطبي المعروف بـ"التسلسل الكامل للجينوم" والمتوافر لدى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، يتميز بأنه يعطي النتائج بصورة أسرع مقارنة مع الفحوص والتحاليل المعيارية أو القياسية كما تسمى، المعمول بها عادة، كذلك يقدم فوائد تفوق كل الفوائد التي تنطوي عليها تلك الإجراءات الطبية مجتمعة، وذلك وفق كلام الباحثين في "مستشفى غريت أورموند ستريت" و"جامعة كامبريدج" و"مستشفيات كامبريدج الجامعية"، و"معهد ويلكوم سانجر". [يذكر أنه في الطب الشخصي عموماً الذي يتوخى تحديد أفضل الطرق العلاجية المناسبة لكل مريض على حدة، تشكل بيانات سلسلة الجينوم الكاملة أداة مهمة لتوجيه التدخل العلاجي].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعمل هذا الفحص عبر تقديم قراءة للشيفرة الجينية الكاملة التي يحملها الورم الذي يكابده المريض، ويحدد كل طفرة من الطفرات الجينية التي تسبب السرطان.

وهكذا، من طريق تحديد هذه الطفرات الجينية يسمح "تسلسل كامل الجينوم" للأطباء بتقديم علاجات مخصصة لكل مريض بحسب حالته، ويكتشف ما إذا كان من المحتمل أن يظهر السرطان في جسمه مجدداً.

كذلك في مستطاع هذا التحليل الجيني أن يحدد إذا كان السرطان متوارثاً في العائلات، ويكشف إذا كان أشقاء المريض معرضين شأنه لخطر كبير.

وعلى سبيل المقارنة، تكتفي التحاليل الطبية المعيارية المعتمدة للسرطان بتفحص مناطق صغيرة من جينوم السرطان، مما يعني أنه يتعين على الأطفال غالباً الخضوع لفحوص متعددة بغية الحصول على نتيجة ما.

وفي تصريح إلى وكالة "برس أسوسييشن" قال الدكتور جاك بارترام كبير الباحثين لدى مستشفى "غريت أورموند ستريت" Great Ormond Street و"نورث تايمز للطب الجيني"North Thames Genomic Medicine Service "إنها المرة الأولى التي يوضع فيها هذا التحليل الطبي تحت الدراسة في الوقت الفعلي للحالة، ويخضع له أي طفل يدخل إلى هذه المؤسسة ويشتبه في إصابته بالسرطان".

وقال الدكتور بارترام إن الفحص الجيني يعطي "جميع المعلومات التي نريدها مقدماً في غضون فترة زمنية قصيرة جداً"، مع ظهور النتائج في أقل من 10 أيام.

ووفق البحث، يحول فحص التسلسل الكامل للجينوم من دون حاجة الأطفال إلى الخضوع المتكرر للخزعات أو أي من الفحوص المعيارية المعتمدة في الرعاية الصحية الخاصة بمرضى السرطان من الأطفال، والبالغ عددها 738 فحصاً.

والدراسة التي نشرت في مجلة "نيتشر ميديسن" Nature Medicine، بحثت في بيانات خاصة بـ281 طفلاً مصابين بأورام صلبة وسرطان الدم (اللوكيميا)، وقدموا خزعات من أورامهم أو غيرها من عينات مأخوذة من أجزاء أخرى من الجسم.

وتبين أن التسلسل الكامل للجينوم حسن الرعاية السريرية الفورية لدى سبعة في المئة من الأطفال، وينطوي في الوقت نفسه على جميع المنافع التي تقدمها عادة الفحوص المعمول بها حالياً، حتى أنه يعطي النتائج في مدة زمنية أسرع.

ولدى ثلث الحالات تقريباً (29 في المئة تحديداً)، قدم التسلسل الكامل للجينوم أيضاً معلومات أكثر وأهم من المعلومات التي توفرها الفحوص الطبية المعيارية.

وخلص فريق البحاثة إلى أن "التسلسل الكامل للجينوم حل وبدقة محل كل الفحوص الجزيئية المعمول بها [يحلل الفحص الجزيئي الشيفرة الوراثية للفرد من خلال تطبيق البيولوجيا الجزيئية] في الرعاية الصحية (تحديداً 738 فحصاً)، وكشف عن كثير من السمات الجينومية غير المعروفة سابقاً لأورام الطفولة".

وأضاف الفريق "لقد أظهرنا أن في المستطاع الاستفادة من التسلسل الكامل للجينوم كجزء من الرعاية السريرية الروتينية للأطفال الذين يشتبه في إصابتهم بالسرطان، وأن في مقدوره أن يغير التدابير العلاجية السريرية من خلال تقديم معلومات جينومية غير متوقعة".

وقال الدكتور بارترام إن الأطباء في الوقت الحاضر "يستمرون" في إجراء الفحوص الطبية المعيارية المعمول بها، مثل تحاليل الدم والخزعات "إلى أن تحصل على التشخيص وتجد المسبب الجيني وراء الورم".

وأضاف "روعة هذا التحليل أنك تحصل على كل هذه المعلومات مسبقاً كي لا تضطر إلى الاختيار من قائمة الاختبارات الطبية الخاصة بك".

وفي بعض الحالات عثر الفحص على طفرات جينية غير متوقعة تفاقم خطر الإصابة بالسرطان في المستقبل، مما يعني أن الطفل ربما يخضع لعدد من الفحوص المنتظمة بغية التحقق من السرطان فيما يتقدم في سنوات العمر.

وأوضح الدكتور بارترام أن أحد الفحوص الطبية المهمة يكشف ما إذا كان الأشقاء معرضون للخطر، مضيفاً أن "الأهل كثيراً ما يسألون ما السبب وراء السرطان؟ أو هل طفلي الآخر معرض للخطر؟".

وأضاف "مع هذا (الفحص الطبي) يمكنك أن تقول بثقة (مثلاً) أنه من بين الجينات السرطانية التي نعرف في شأنها عام 2024، لا خطر متزايداً في الأسرة أو بالنسبة إلى الطفل الثاني للإصابة بالسرطان".

كذلك قال إنه على رغم أن التسلسل الجيني متوافر منذ فترة فإن نتائج التجربة أظهرت أنه من الأجدر الآن استخدام هذا التحليل بصورة روتينية في التطبيق السريري العملي.

وقال "يحدونا أمل في أن يخضع كل طفل في مختلف أنحاء البلاد لهذا الفحص الجيني عند التشخيص من أجل تحسين نتائجهم الصحية".

وذكر الدكتور بارترام أن النتائج تركت فريقه "مذهولاً"، مضيفاً "سبق أن وضعنا معايير عالية جداً وبالتأكيد في مستشفى ’غريت أورموند ستريت‘ ومستشفى ’أدنبروك‘، لذا فإن معيار التشخيص الجزيئي لدينا جيد للغاية، وربما يكون الأفضل في العالم".

وأكد "مختبرنا الخاص بفحوص الجينوم يوفر حالياً تحليلاً متطوراً جداً لتسلسل الحمض النووي ’دي أن أي‘ لذا، حتى مع ذلك فإن التحليل الجديد يتجاوز الفحوص المتوافرة أصلاً ويفوقها".

وأوضح أن وحدة الخدمات الطبية الخاصة بعلم الجينوم المتوافرة لدى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" البريطانية تمثل تقدماً "رائداً عالمياً"، والمنافع التي تقدمها للمرضى الآن "لا نظير لها تقريباً في مختلف أنحاء العالم".

وتحدث في هذا الشأن أيضاً البروفيسور سام بهجاتي كبير الباحثين لدى "معهد ويلكوم سانجر" في بريطانيا و"مستشفيات كامبريدج الجامعية و"جامعة كامبريدج"، فقال إن "تحليل التسلسل الكامل للجينوم يضع بين أيدينا المعيار الأمثل والرؤية الأكثر شمولاً والأكثر تطوراً للسرطان".

إيدي بيسوا دي أراوجو من لندن الذي يبلغ من العمر الآن تسعة أعوام خضع لتحليل التسلسل الكامل للجينوم عندما كان يتلقى الرعاية الطبية في مستشفى "غريت أورموند ستريت".

وعندما كان إيدي في السادسة من عمره أصيب بحالات غير شديدة من الحمى على مدى أشهر عدة، قبل أن تكشف الأشعة السينية على الصدر عن وجود كتلة ضخمة في صدره كانت بنصف حجم رئته.

وكانت الكتلة كبيرة جداً إلى حد أنها حركت قلبه نحو منتصف صدره، وشخصت الفحوص إصابته بسرطان "ابيضاض الدم اللمفاوي التائي الحاد" (اختصاراً T-ALL).

لقد تخلص إيدي من السرطان الآن، وقد بلغ نهاية العلاج الأسبوع الماضي.

ونقلت "برس أسوسييشن" عن والدته هاري قولها إن أسرة إيدي لم تتردد في خضوعه للتحليل الجيني.

"بالنسبة إلينا، أردنا الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات حول علاج إيدي وكانت تلك خطوة بديهية تماماً"، أضافت الأم.

وتابعت هاري أن "إمكانية الحصول على التسلسل الكامل للجينوم بعث في نفوسنا بعض الشعور بالطمأنينة".

البروفيسورة دام سو هيل كبيرة المسؤولين العلميين والمسؤولة الأولى عن قسم الجينوميات لدى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" في إنجلترا، قالت إن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية تمثل نظام الرعاية الصحية الوحيد في العالم الذي يقدم التسلسل الكامل للجينوم بصورة روتينية، بما في ذلك جميع أنواع سرطان الأطفال وبعض أنواع السرطان لدى البالغين والأمراض النادرة، مما يساعدنا في تقديم تشخيصات أكثر دقة كي نتمكن من تقديم علاج أكثر دقة للمرضى.

وأضافت "من الرائع أن نرى أدلة على الفوائد التي يطرحها هذا الفحص الجيني بالنسبة إلى المصابين بالسرطان من الأطفال واليافعين، ونأمل في أن تؤدي هذه البيانات إلى استخدامه على نطاق أوسع في مرافق ’هيئة الخدمات الصحية الوطنية‘ إلى جانب الفحوص الخاصة بلائحة الجينات الشاملة الأخرى".

اقرأ المزيد

المزيد من صحة