Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تكرر السينما العربية نفسها في موضوع المخدرات؟

لعبت منذ نصف قرن على متلازمة الذكاء ونقص العزيمة أو العكس

لقطة من فيلم الكيف بين الفنانين محمود عبد العزيز ويحيى الفخراني (مواقع التواصل)

ملخص

ظهرت قديماً موجة من الأعمال السينمائية الشهيرة التي عالجت موضوع المخدرات كان فيلما "العار" عام 1982 و"الكيف" عام 1985 أكثرها انتشاراً، وهما من تأليف محمود أبوزيد وإخراج علي عبدالخالق.

خلال نصف قرن من الزمن وتحديداً منذ ثمانينيات القرن الماضي، لعبت السينما العربية عموماً والمصرية خصوصاً على وتر متلازمة درامية وحيدة صاغت من خلالها مجموعة كبيرة من الأفلام والمسلسلات التي حاولت معالجة موضوع تعاطي المخدرات والإتجار بها، وهذه المتلازمة هي عبارة عن ثنائية الذكاء والعزيمة إذ يتحلى مدمن المخدرات دائماً بإحدى الصفتين دون الأخرى، فالمدمن أو المتاجر بالمخدرات يتحلى في بعض الأعمال بالذكاء الخارق، ولكن العزيمة تخونه فيقع فريسة لتلك الآفة، فيما تكون الحال على العكس في بقية الأعمال، لذلك ظهرت موجة من الأعمال الشهيرة كان فيلما "العار" عام 1982 و"الكيف" عام 1985 أكثرها انتشاراً، وهما من تأليف محمود أبوزيد وإخراج علي عبدالخالق.

بين الجاد والساخر

قليلة جداً هي الأعمال السينمائية التي نجحت في تصوير مشكلة تعاطي المخدرات أو الإتجار بها وتجسيدها بصورة فنية متكاملة، وخلال ما يقارب نصف قرن من الزمن قدمت السينما العربية من خلال الدراما المصرية تحديداً قدراً لا يستهان به من الأعمال عن المخدرات، لكن معظم الأعمال منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا ذهبت في اتجاهين رئيسين، هما الجاد اللاذع الذي ينتقد دون ذكاء، أو الساخر الهزلي الذي لا يفلح في كسب انتباه الشباب، ولذلك جاءت أعمال شهيرة مثل "العار" و"الكيف" ضمن قائمة الأعمال الجادة التي حققت انتشاراً كبيراً. لذلك تعد أعمال تلك الفترة الزمنية عن المخدرات بمثابة حجر الأساس لموجة واسعة من الأعمال والمسلسلات الشبابية المعاصرة.

العمل المتكامل

في الفنون عموماً لا وجود للعمل الكامل، لذلك لم تقدم السينما العالمية والعربية موضوع المخدرات إلا من خلال نسيج درامي يمكن وصفه بأنه غير متكامل، لأنه لا ينبع من زخم الحياة اليومية، لذلك تظهر من خلال "العار" و"الكيف" وما سار على نهجهما من أعمال، المتلازمة الرئيسة في معالجة السينما العربية لموضوع المخدرات، إذ تركز السينما على فكرتي الذكاء والعزيمة في مواجهة هذه الآفة ومن الضروري أن يتحلى بطل العمل بإحدى هاتين الصفتين، في حين أنه يصعب أو يستحيل أن يتحلى الإنسان المتعاطي للمخدرات أو المتاجر بها بالصفتين في آنٍ واحد، فبطل فيلم "الكيف" إنسان ذكي وهو العالم صلاح أبوالعزم الذي جسد دوره الفنان يحيى الفخراني، ومع ذلك يقع فريسة للمخدرات ويتاجر بها، أما بطل فيلم "العار" كمال، أدى دوره الفنان نور الشريف، فيتحلى بالعزيمة كونه لا يتعاطى الكيف ويكتفي بالإتجار به، وعلى رغم ذلك فإنه يلاقي المصير ذاته.

مرحلتان

تناولت السينما العربية موضوع المخدرات زمنياً من خلال مرحلتين رئيستين هما مرحلة النقد الجاد المباشر التي انتشرت منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى مطلع الألفية الثانية، ومرحلة النقد الساخر التي تناولت الموضوع من زاوية أخرى مختلفة للغاية، وهي قدرة الشباب على تحقيق الثروة السهلة والسريعة من خلال الإتجار بهذه المادة، وحالياً تناولت الدراما المصرية تحديداً موضوع المخدرات بصورة تكرر الأعمال الجادة القديمة وفق معطيات العصر، لذلك ظهرت مجموعة من الأعمال المعاصرة لنجوم شباب لكنها حملت أسماء قديمة مثل "العار" و "الكيف" وغيرها، ويمكن القول إنه لا جديد في تعاطي السينما العربية مع موضوع المخدرات منذ عقود عدة، وبخاصة مع انتشار موجة السينما الشبابية التي تعاملت مع موضوع خطر مثل هذا من خلال الكوميديا والدراما الهزلية لا أكثر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فترة الثمانينيات

تعد فترة الثمانينيات من القرن الماضي بمثابة الفترة الذهبية للسينما المصرية والعربية في الحديث عن مشكلة تعاطي المخدرات والإتجار بها، إذ قدمت كوكبة من النجوم أهمهم نور الشريف وأحمد زكي وعادل إمام وغيرهم، مجموعة متنوعة من الأعمال التي أسهمت في إفراد مساحة واسعة لمناقشة هذه القضية.
وتتميز أعمال هؤلاء النجوم التي تحدثت عن المخدرات بكونها أسست لنمط جاد من الأفلام السينمائية التي تنهمك في عكس أخطار آفة التعاطي بأسلوب رشيق وذكي، فالمدمن في هذه الأعمال هو ضحية دائماً، إما للمجتمع أو لإهماله أو نتيجة الانتقام منه بسبب عمله في مكافحة هذه الآفة، لذلك ظهرت أعمال عدة خلال الحقبة المذكورة أشهرها "العار و" المدمن" و"النمر والأنثى".

فيلم "العار"

نال فيلم" العار" للمخرج علي عبدالخالق شهرته لأسباب عدة، أهمها كون العمل قرع جرس الإنذار وتحدث عن قضية المخدرات بطريقة واضحة وصريحة.
وفي عام 1983 قدم المخرج يوسف فرنسيس فيلم "المدمن" من بطولة أحمد زكي وذهب مؤلف المدمن إلى الحديث عن قضية المخدرات من خلال أسلوب تقليدي وعبر النهج الدرامي المتواري في زخم الحياة اليومية والأحداث المباغتة، فالمدمن في عمل فرنسيس يلجأ إلى المخدرات بهدف العلاج وتخفيف ألم الفقد، بعدما تسبب إهماله أثناء قيادة السيارة بوفاة زوجته وابنه، وبعد خمسة أعوام وفي عام 1987 قدم سمير سيف فيلم "النمر والأنثى" من بطولة عادل إمام، وفيه ذهب المخرج إلى فكرة العمل البوليسي أكثر من سواها، فالبطل هو ضابط شرطة لكنه يقع ضحية لعصابة إتجار شرسة تقوده إلى الإدمان بعد كشف هويته.


فيلم "الكيف"

كتب محمود أبوزيد فيلم "الكيف" بعد فيلم "العار" بأعوام قليلة وأخرجه علي عبدالخالق، وكان فريق التمثيل هذه المرة مكوناً من الثنائي محمود عبدالعزيز ويحيى الفخراني الذي رفض دور الدكتور النفسي في فيلم العار، ويعد "الكيف" بمثابة نقطة التحول إلى الأسلوب الساخر والفكاهي الذي يتعامل مع مواضيع خطرة مثل المخدرات بطريقة أكثر واقعية مما سبق.

الحبكة

من ناحية أخرى أخذ فيلم "النمر والأنثى" طابعاً بوليسياً واضحاً اذ يتدخل ذكاء أجهزة مكافحة المخدرات في الحبكة بصورة ملحوظة، ومع ذلك نجح تاجر المخدرات في الإيقاع بالضابط، بمعنى أن ذكاء رجل العصابات حتى ذلك الوقت كان يفوق ذكاء رجال مكافحة هذه الآفة، وفي أثناء عرض القصة البوليسية تتحول الحبكة الدرامية فجأة إلى استعراض مدى خطر المخدرات، فالضابط "وحيد" الذي أدى دوره الفنان عادل إمام يحبس نفسه حتى يتعافى من أثر المخدرات ويمر بأوقات عصيبة للغاية، وتبلغ الحبكة الدرامية ذروتها عندما يتبول الضابط ذو العزيمة الكبيرة على نفسه. ويؤكد ذلك أن المعركة ضد المخدرات ما هي إلا حرب عزيمة، متعلقة بالشخص ذاته وليست حرب ذكاء أو حرباً من أي نوع آخر.

اقرأ المزيد

المزيد من سينما