Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جنوب السودان يعاني جرح توأمه الشمالي

يواجه أزمة معيشة متفاقمة بعد تضرر خط أنابيب لتصدير النفط والبدائل تبدو بعيدة مثل انتهاء القتال

ارتفع التضخم بصورة حادة في جنوب السودان وانهارت العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي (أ ف ب)

ملخص

يعد خط الأنابيب هذا حيوياً لنقل النفط الخام لجنوب السودان إلى الخارج، فيما يمثل النفط نحو 90 في المئة من صادرات البلاد.

عاشت غاليشي بوا حروباً أهلية ومجاعات وكوارث طبيعية، لكن هذه المرأة الجنوب سودانية، وهي أرملة وأم لأربعة، تمكنت من التغلب على كل الظروف بفضل متجر البقالة الصغير الذي تملكه، وإن كان الوضع اليوم يزداد صعوبة.

ومنذ فبراير (شباط) فقد جنوب السودان أحد مصادر دخله الرئيسة بعد تضرر خط أنابيب في السودان بسبب الحرب، كانت تصدر نفطها عبره. ويعد خط الأنابيب هذا حيوياً لنقل النفط الخام لجنوب السودان إلى الخارج، فيما يمثل النفط نحو 90 في المئة من صادرات البلاد.

نتيجة ذلك ارتفع التضخم بصورة حادة وانهارت العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي وانخفضت بالسعر الرسمي من 1100 جنيه في فبراير إلى 1550 جنيهاً في يوليو (تموز).

من دون شراء

تقول غاليشي (75 سنة) في متجرها الواقع في سوق "كونيو-كونيو" بالعاصمة جوبا "أنا هنا منذ السبعينيات، لكن هذه الأيام نعاني. الأمور صعبة"، موضحة "لا نستطيع شراء مخزونات، فالمواد غالية الثمن، والأسعار ترتفع كل يوم"، مما يجبرها على شراء البضاعة بالدين.

ومع ارتفاع كلف الجملة ترتفع أسعار البيع بالتجزئة، فعلى سبيل المثال، بلغ سعر قرن ذرة كانت تبيعه بوا مقابل 800 جنيه جنوب سوداني في مارس (آذار)، 2000 جنيه اليوم، كما تقول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جاءت تيدي أويي (28 سنة) للتبضع في السوق، لكن بسبب ارتفاع الأسعار، اضطرت هذا الوالدة لطفلين "إلى العودة للمنزل من دون شراء أي شيء". وتروي "تذهب اليوم إلى السوق وتحصل على سعر، وتعود غداً وتحصل على سعر مختلف. الحياة صعبة جداً".

في متجر الجزارة الذي يملكه لاحظ عبدالوهاب أوكواكي (61 سنة)، وهو أب لثمانية أطفال، أن الزبائن أصبحوا يشترون كميات أقل. ويقول "الزبون الذي كان يشتري كيلوغراماً من اللحوم أصبح الآن يشتري نصف الكمية، والذي كان يشتري نصف كيلوغرام أصبح الآن يشتري ربعاً، ومن كان يشتري ربع كيلوغرام لم يعد يأتي"، مؤكداً أن عديداً من الجزارين توقفوا عن العمل لعدم قدرتهم على تغطية نفقاتهم.

الحكومة أيضاً تعاني

ويؤثر هذا الركود كذلك في الشركات الكبرى، إذ تقول هارييت غوني، وهي سيدة أعمال تبلغ 27 سنة، وتملك متجراً للأزياء، إن محلها بدأ يفقد زبائنه، مضيفة "كلما رفعت الأسعار في المتاجر، ابتعد الزبائن". وتوضح أن سروال الجينز الذي كان سعره 25 ألف جنيه في مارس أصبح الآن يباع مقابل 35 ألفاً، مشيرة إلى أنها اضطرت إلى رفع الأسعار من أجل أن "تتمكن من الحصول على أموال كافية لطلب مخزونات جديدة".

وحتى المسؤولون الحكوميون يشعرون بوطأة الأزمة. ففي مايو (أيار) أبلغ وزير المال أوو دانيال تشوانغ البرلمان بأن الحكومة ستواجه صعوبة في دفع رواتب أفراد الجيش والشرطة والموظفين الرسميين وغيرهم من المسؤولين بسبب نقص الإيرادات، مشيراً إلى أن البلاد خسرت نحو 70 في المئة من عائداتها النفطية بسبب تضرر خط الأنابيب.

وكان جنوب السودان البالغ عدد سكانه نحو 15 مليون نسمة يعيش معظمهم تحت خط الفقر يعاني أزمة أصلاً قبل تضرر خط الأنابيب. فإضافة إلى الفساد المستشري الذي يستنزف خزائن البلاد مع اتهام النخبة الحاكمة بالنهب، فإن البلاد عرضة للصدمات النقدية لأنها تستورد كل شيء تقريباً، بما في ذلك المنتجات الزراعية.

لا أموال ولا أمن

يقول محللون إن القتال المستمر في السودان بين الجيش وقوات "الدعم السريع" منذ أبريل (نيسان) 2023 فاقم الوضع.

وخلفت الحرب في السودان عشرات آلاف القتلى وتسببت في نزوح ملايين آخرين لجأ أكثر من 700 ألف منهم إلى جنوب السودان.

ويقول المحلل الاقتصادي والمستشار الحكومي أبراهام مالييت مامر إنه يجب على جنوب السودان الذي استقل عن السودان عام 2011 أن يكون مستعداً للأزمات بصورة أفضل، مضيفاً "بلدنا يعاني. لدينا أموال أقل وخدمات أقل، وأمننا يمثل مشكلة". ودعا الحكومة إلى بناء مصاف وخطوط أنابيب تمر في بلدان أخرى، مضيفاً "السودان لن يعود كما كان، وحتى نطور بدائل سنواجه مشكلات".

المزيد من متابعات