ملخص
دان خبراء من الأمم المتحدة في فبراير الماضي، قتل الصحافيين وإسكاتهم في الأراضي الفلسطينية.
وأعربوا في بيان أصدروه عن القلق حيال الارتفاع غير المسبوق في أعداد الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام الذين تعرضوا للقتل والاعتداء والجرح والاحتجاز في الأراضي الفلسطينية، لا سيما في غزة، خلال الأشهر الأخيرة "في تجاهل صارخ للقانون الدولي".
بعد قرابة تسعة أشهر من الاعتقال، خرج الصحافي الفلسطيني معاذ عمارنة من السجن من دون أن توجّه إليه رسمياً أي تهمة، وهو واحد من عشرات الصحافيين من الضفة الغربية وقطاع غزة المعتقلين في إسرائيل.
وتقول لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من نيويورك مقراً إن تحقيقاتها الأولية أظهرت مقتل 103 صحافيين وعاملين في مجال الإعلام في الضفة والقطاع منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس"، في حين اعتُقل بين السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والثالث من يوليو (تموز) الجاري 51 صحافياً.
إجراءات ضاغطة
ومُنعت الزيارات عن معاذ عمارنة (37 سنة)، وهو مصوّر صحافي حرّ، خلال فترة اعتقاله. وشكت عائلته من أنه لم يُسمح لها بإدخال عين اصطناعية يستخدمها منذ أن اقتلعت رصاصة مطاطية من الجيش الإسرائيلي عينه في عام 2019.
وقالت زوجته ولاء عمارنة (34 سنة) قبل أسابيع لوكالة الصحافة الفرنسية، "أرسلنا العين الاصطناعية مع المحامي، لكن لم يسمحوا بإدخالها".
وروت أن زوجها تعرّض "للتنكيل من الجنود الإسرائيليين في بداية الاعتقال"، ما أدى إلى "كسر نظارته". وسُمح للعائلة بإرسال مبلغ 500 شيكل (نحو 133 دولاراً أميركياً) لتوفير نظّارة له.
وقالت ولاء عمارنة إن زوجها يعاني من آلام حادة في الرأس جراء "استقرار الرصاصة في رأسه".
ففي عام 2019، كان عمارنة يغطي تظاهرة ضد مصادرة إسرائيل أراضٍ في قرية صوريف في جنوب الضفة الغربية عندما أصيب برصاصة مطاطية أفقدته عينه اليسرى، وفق ما تقول عائلته.
وأكدت عائلة معاذ عمارنة الثلاثاء، الإفراج عنه من سجن النقب الصحراوي.
التصعيد في الضفة
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 تصعيداً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، منذ أن اندلعت الحرب في قطاع غزة.
وكثّف الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة، مشيراً إلى أنها تستهدف "مجموعات إرهابية".
وقُتل ما لا يقل عن 561 فلسطينياً في الضفة بأيدي القوات الإسرائيلية أو مستوطنين منذ اندلاع حرب غزة، بحسب مسؤولين فلسطينيين.
وأظهرت صور تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد الإفراج عن عمارنة وقد بدا نحيلاً مع لحية كثة وشعر طويل.
وأصدرت عائلته بياناً قالت فيه إنها ستنقل "معاذ إلى المستشفى للمعاينة الطبية بسبب الحالة الصحية الصعبة التي أفرج عنه فيها"، مشيرةً إلى أنه لن يدلي بتصريحات للإعلام.
الاعتقال الإداري
وكان معاذ اعتُقل من منزله في مخيم "الدهيشة" للاجئين الفلسطينيين، في مدينة بيت لحم في جنوب الضفة الغربية، بعد أقل من أسبوع على اندلاع الحرب. ووضع في الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر تمّ خفضها إلى خمسة قبل أن يجدد في مارس (آذار) الماضي اعتقاله الإداري لأربعة أشهر.
ويسمح الاعتقال الإداري لإسرائيل باحتجاز مشتبه فيهم من دون تهمة أو محاكمة، أو مع إبقاء التهم سرية، لفترة طويلة قد تمتد سنوات.
ولم ترد مصلحة السجون الإسرائيلية على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية حول ادعاءات عائلة عمارنة.
ويقول نادي الأسير الفلسطيني إن إسرائيل تعتقل صحافيين "على خلفية ما يسمى بالتحريض عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، التي تحوّلت من أداة لحرية الرأي والتعبير إلى أداة لاستهداف الصحافيين والفلسطينيين عموماً".
وبحسب رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين الفلسطينية محمد اللحام، "90 في المئة" من الصحافيين المعتقلين "محكومون إدارياً".
وتضم قائمة الصحافيين المعتقلين ست صحافيات، بينهم أم لطفلة رضيعة وهي الصحافية رولا حسنين.
ودان خبراء من الأمم المتحدة في فبراير (شباط) الماضي، قتل الصحافيين وإسكاتهم في الأراضي الفلسطينية.
وأعربوا في بيان أصدروه عن القلق حيال الارتفاع غير المسبوق في أعداد الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام، الذين تعرضوا للقتل والاعتداء والجرح والاحتجاز في الأراضي الفلسطينية، لا سيما في غزة، خلال الأشهر الأخيرة "في تجاهل صارخ للقانون الدولي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الحبس المنزلي
في سياق متصل، ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والصحافية الفلسطينية سمية جوابرة رهن الحبس المنزلي غير المحدد بسقف زمني في نابلس، شمال الضفة الغربية، بعد اعتقالها لأسبوع بتهمة التحريض عبر "فيسبوك". وقال زوجها الصحافي طارق يوسف إن المحكمة قالت إن المنشورات مرتبطة بهجوم السابع من أكتوبر.
وبحسب يوسف، اعتُقلت جوابرة التي كانت تعمل كصحافية حرّة بعد أن "طاولها تحريض مستوطنين نشروا صورتها وكأنها مطلوبة".
وأُفرج عن الصحافية التي كانت حاملاً في شهرها السابع بشروط أهمها الحبس المنزلي وعدم استخدام الهاتف المحمول أو اقتنائه أو استخدام الإنترنت، وعدم الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، إلى جانب دفع كفالة بقيمة 50 ألف شيكل (13443 دولاراً) تقريباً.
ويقول يوسف "بسبب هذه الشروط، انتهى مستقبلها المهني".
ولم يعد ممكناً الاطلاع على المنشورات بسبب حذف جوابرة حسابها على "فيسبوك".
التغطية "مخيفة"
وافقت إسرائيل وحركة "حماس" في نوفمبر، على هدنة في قطاع غزة استمرت أسبوعاً أُفرج خلالها عن أكثر من مئتي معتقل فلسطيني من سجون إسرائيلية مقابل 105 رهائن لدى "حماس" خُطفوا خلال هجوم السابع من أكتوبر. حينها، كان المصور الصحافي المتعاون مع وكالة الصحافة الفرنسية، مصعب شاور، في طريقه إلى مدينة يطا قرب الخليل في جنوب الضفة الغربية لتغطية وصول ثلاثة من المفرج عنهم، قبل أن يوقفه حاجز إسرائيلي. ويقول شاور (33 سنة) "تمّ توقيفي مع زميلين صحافيين واحتجاز المركبة وتفتيشها وفحص بطاقاتنا الشخصية ومصادرة هواتفنا المحمولة وتفتيش محتوياتها". ويضيف "تمّ اقتيادنا، ونحن مقيّدو الأيدي بأربطة بلاستيكية ومعصوبو الأعين، إلى برج عسكري".
وبحسب شاور، فإن مهمة التصوير تحوّلت إلى سبع ساعات من الاحتجاز قبل أن يُفرج عنهم.
ويشير إلى أنه كان أصيب في اليوم الأول من الحرب "برصاصة مطاطية في الفخذ الأيسر" في الخليل.
بالنسبة لشاور، أصبحت التغطية بعد الحرب "مخيفة" بسبب التضييق الذي يمارسه الجيش ضد الصحافيين. ويقول "بعد الحرب أصبح كل شيء مخيفاً... نفكر مرتين قبل التوجه إلى تغطية".