Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرنسا صوتت ضد اليمين المتطرف وماذا بعد ذلك؟

لم يسبق لفرنسا أخيراً ان نجحت في إدارة شؤونها في ظل ائتلاف حكومي لذا يجب الاستعداد لأسابيع من المفاوضات

حشد في باريس يتفاعل مع نتائج الجولة الثانية من الانتخابات (وكالة الصحافة الفرنسية/غيتي)

ملخص

فرزت نتائج الانتخابات الفرنسية ثلاث كتل لا تتوافق أجنداتها البتة، ومع استبعاد اليمين المتطرف عن الحكم كيف سيتوافق اليسار الفائز مع كتلة ماكرون الوسطية لانتشال البلاد من حال الجمود السياسي؟

لقد "تمت المهمة بنجاح" بالنسبة إلى التحالف اليساري الأخير في فرنسا، إذ أنه استطاع منع حزب التجمع الوطني National Rally اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبن في الجولة الثانية والنهائية من التصويت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة من الوصول إلى السلطة.

ومن المحتمل أيضاً وإن بدرجة أدنى أن يقول الرئيس إيمانويل ماكرون إن دعوته إلى انتخابات مبكرة في أعقاب المكاسب الكبيرة التي حققها حزب لوبن في الانتخابات الأوروبية في يونيو (حزيران) الماضي كانت مبررة. تلقت لوبن ضربة. وأدى اتفاق بين الكتلة اليسارية المسماة الجبهة الشعبية الجديدة New Popular Front وتحالف ماكرون الوسطي المسمى "معاً" Together، إلى انسحاب أكثر من 200 مرشح قبل الجولة الثانية في محاولة لمنع تشتت الأصوات في مواجهة حزب التجمع الوطني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتكلل الاتفاق بالنجاح. ففي مواجهة احتمال أن يصبح الحزب اليميني المتطرف الكتلة الأكبر في البرلمان وهو ما أوحى به الأداء القوي لحزب التجمع الوطني في الجولة الأولى، لم يصوت الناخبون للوبن. وكان جوردان بارديلا قائد حزب التجمع الوطني الشاب وتلميذ لوبن يعد رئيس الوزراء المرتقب، وكان من المحتمل المجيء به إلى جانب الرئيس ماكرون إذا سيطر حزب التجمع الوطني على البرلمان.

ويبدو الآن هذا الاحتمال بعيداً إذ فاز اليسار بـ182 مقعداً في المجلس المكون من 577 مقعداً، وتحالف ماكرون الوسطي بـ168 مقعداً وحزب التجمع الوطني بقيادة لوبن وحلفائها بـ143 مقعداً، وفق ما أوردته صحيفة "لو موند" استناداً إلى بيانات وزارة الداخلية، على رغم أن الأرقام النهائية ستعتمد على المجموعات التي سينضم إليها بعض النواب.

لكن ثمة ثمناً لذلك. وتواجه فرنسا اليوم فترة غير مسبوقة من عدم الاستقرار. ولا يمتلك حزب أو مجموعة ما يقارب الـ289 مقعداً المطلوبة لتحقيق الغالبية المطلقة في البرلمان. وعرض رئيس الوزراء الحالي غابريال أتال تقديم استقالته لكن ماكرون طلب منه البقاء في منصبه في الوقت الراهن لعدم وجود مرشح واضح يحل محله.

والبرلمان الفرنسي الحالي مشلول إذ إنه مكون من ثلاث كتل لكل منها أجندات مختلفة تماماً ولم يسبق أن تعاونت كثيراً في السابق. وصحيح أن الوسطيين واليسار اتحدوا بغرض التصدي لحزب التجمع الوطني لكن احتمالات التعاون الأوسع بينهما كما هي الحال الآن ضئيلة. وإن حصلت فهي قد تعتمد على مدى استمرار حال الجمود السياسي هذا. ويحذر وزير المالية الفرنسي برونو لومير من أن الخطر الفوري الأكبر الذي يواجه فرنسا في حالة الجمود يتمثل بـ"أزمة مالية وانحدار اقتصادي".

وبهدف توضيح مدى صعوبة حكم الأقلية بعدد المقاعد التي حصل عليها التحالف اليساري، قال النائب عن حزب النهضة Renaissance بزعامة ماكرون سيلفان مايارد "لا يمكن لفريق أن يحكم فرنسا إذا لم يملك 240 إلى 250 نائباً".

وقال لصحيفة "بوليتيكو"، "لقد كنت رئيس مجموعة النهضة بتحالف من 250 نائباً وكان ذلك معقداً جداً بالفعل". ومع حظر إجراء انتخابات جديدة لعام بموجب ما ينص عليه الدستور الفرنسي سينصب التركيز على إيجاد حل. وبدأ النواب بالفعل في الاصطفاف ليقولوا إن الوقت حان للقادة لتحمل المسؤولية والتأكد من أن فرنسا لن تظل في حال جمود.

لكن الأمر لن يكون سهلاً. وشكلت الجبهة الشعبية الجديدة New Popular Front مثلاً على عجل لوقف زحف حزب التجمع الوطني، ولم يذكر خلال الحملة الانتخابية من سيكون مرشح الجبهة لرئاسة الوزراء. ومن المحتمل أن يطرح عدد من قادة الأحزاب المشاركة أسماءهم كمرشحين.

فماذا الآن؟ اقترح بعض النواب تشكيل تحالف مضاد لحزب التجمع الوطني يمتد من اليسار المعتدل إلى اليمين الوسط. لكن العقبة أمام ذلك ستكون حزب فرنسا الأبية France Unbowed اليساري الراديكالي، وهو جزء من تحالف الجبهة الشعبية الجديدة يحتل أكبر عدد من المقاعد في البرلمان.

وقال زعيم حزب فرنسا الأبية المثير للجدل جان لوك ميلانشون الذي يهيمن على النقاش المحيط بالتحالف، إن حزبه سيدخل الحكومة فقط للدفع بسياساته الخاصة. لكن مجموعة ماكرون الوسطية تجد بعض مواقف حزب فرنسا الأبية وبخاصة في شأن الضرائب والمعاشات التقاعدية غير مقبولة، ومن المحتمل أن يخاطر رئيس وزراء يساري راديكالي بمواجهة جلسات تصويت بحجب الثقة تكراراً، يقودها على الأرجح حزب التجمع الوطني. لذلك سيعتمد أي تحرك على ما إذا كان ميلانشون سيتنازل – وهو غير المعروف بالتنازل – أو ما إذا كان اليسار المعتدل سيتحرك من دونه.

ويشير طلب ماكرون من أتال البقاء في منصبه إلى أنه قد يفضل نوعاً من حكومة تصريف الأعمال، لكن بالنظر إلى أن كلاً من الكتل الثلاث (إضافة إلى اليمينيين الوسطيين والمستقلين اليمينيين الآخرين الذين يحتلون ما يقرب 60 مقعداً) سيشعرون بأن لديهم الحق في تنفيذ أجزاء من أجندتهم، من المحتمل ألا تستمر هذه الحكومة طويلاً قبل أن تنهار. وستعد أية تدابير موقتة من قبل كل من حزب التجمع الوطني واليسار الراديكالي محاولات لمنعها من تنفيذ تفويضها السياسي.

وتعد التحالفات العشوائية حول تشريعات معينة ممكنة أيضاً لكن حزب ماكرون اضطر إلى ذلك منذ فقدان غالبيته البرلمانية عام 2022، وكانت نتائج التحالفات أقل من مرضية.

ويشير هذا كله إلى أن العملية صعبة. وقالت زعيمة حزب الخضر Green party مارين توندلييه لإذاعة "فرانس إنتر" أول من أمس الإثنين "لن تكون العملية بسيطة، لا لن تكون سهلة، ولا لن تكون مريحة. وستستغرق بعض الوقت".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات