ملخص
يعتقد بعضهم بأن كل الرؤساء في أي بلد كان يعمدون إلى تنفيذ مشاريع وقرارات خلال العام الأخير من أجل إنهاء عهدتهم بطريقة إيجابية
يقود الرئيس التونسي قيس سعيد زيارات ميدانية لافتة في دلالاتها وتوقيتها وتشمل تدشيناً لمشاريع وغير ذلك، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان ذلك حملة انتخابية سابقة لأوانها، إذ تستعد البلاد لاستحقاق رئاسي لم يعلن بعد سعيد ترشحه فيه.
وأخيراً دشن سعيد محطة الزارات لتحلية المياه في ولاية (محافظة) قابس جنوب تونس وأعاد فتح جامع القصبة وأقر زيادات مالية لفئات اجتماعية عدة، مما بدا وكأنه حملة انتخابية باكرة.
ويأتي ذلك بعد أيام من تحديد الرئيس قيس سعيد السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعداً للانتخابات الرئاسية التي قد تشكل منعطفاً حاسماً في مسار مواجهته مع المعارضة التي تعاني حالاً من التشرذم والانقسام على رغم أن الرجل لم يفصح بعد عن ترشحه لولاية ثانية.
حملة رئاسية مبكرة
وفي وقت تشهد تونس تباطؤاً اقتصادياً شديداً وأزمة سياسية مركبة منذ أعوام وسط قطيعة بين السلطة والمعارضة، ترى أوساط سياسية أن الرئيس قيس سعيد يقوم بحملة سابقة لأوانها من أجل تعبئة أنصاره.
وقال منسق "ائتلاف صمود" حسام الحامي، "بالفعل رئيس الجمهورية قيس سعيد دشن حملة انتخابية سابقة لأوانها، وأعتقد بأن كل رئيس في أي بلد يترك عدداً من المشاريع والقرارات للعام الأخير من أجل إنهاء عهدته بطريقة إيجابية على رغم النقاش حول ذلك، لكن الأهم أن يعطي الرئيس فرصة لبقية المرشحين من أجل القيام بحملاتهم من دون تضييق عكس ما يحصل عادة في تونس".
وأردف الحامي في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن "اليوم ما يثير القلق في تونس أننا نرى حملة الرئيس غير المعلنة في وقت يتم التضييق على المرشحين من خلال تغيير قواعد وشروط الترشح وغير ذلك، وفي اعتقادي أن الأهم حصيلة الرجل على مدى الأعوام وهي الحصيلة التي عليه تقديمها إلى الناس وجمهوره".
وأوضح أن "هذه الحصيلة لم ترتقِ إلى مستوى الخطابات والشعارات التي يرفعها رئيس الجمهورية طوال الأعوام الخمسة أو حتى قبل انتخابه رئيساً، ولم نرَ إصلاحات للمؤسسات العمومية التي كنا ننتظر إصلاحها، ولم نرَ إصلاحات كبرى في الإدارة التونسية والذهاب نحو الرقمنة وترشيد النفقات في هذا المجال، ولم نرَ دعماً لمشاريع كبرى يمكن أن تغير في الأقل من الواقع التنموي والاقتصادي".
واستنتج الحامي أنه "مقابل هذه الحملة، نرى تضييقاً على إمكان ترشح شخصيات من المعارضة من خلال فرض إجراءات جديدة على مستوى التزكيات يصعب تحقيقها، وأيضاً البطاقة عدد 3 وعوائق الحصول عليها، خصوصاً إذا ما كان طالبها يواجه ملاحقات قضائية ما، علاوة على ملاحقة أي مرشح محتمل يعلن نيته دخول الاستحقاق الرئاسي المرتقب".
روتين يومي
ونجح قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري المساعد المتقاعد من الجامعة التونسية، في الوصول إلى الرئاسة عام 2019 من دون أي ضجيج، بل أعلن حتى أنه لا ينوي خوض حملة انتخابية عندما كان منافسه في الجولة الثانية، قطب الإعلام ورجل الأعمال نبيل القروي في السجن، مما يثير تكهنات في شأن إمكان قيامه بحملة هذا العام.
وخلال عهدته التي تشارف على الانتهاء، حاول سعيد التمايز عن النخب السياسية التي حكمت تونس بعد انتفاضة الـ14 من يناير (كانون الثاني) 2011، وعُرف بانتقاداته اللاذعة لها وحتى توجيه اتهامات لها بالخيانة في مناسبات عدة، وبعد إجراءاته المثيرة في الـ25 من يوليو (تموز) 2021 التي أطاح من خلالها بتلك النخب التي وصفت الإجراءات بالانقلاب، تم احتجاز كثير من السياسيين المعارضين بتهم مختلفة أبرزها التآمر على أمن الدولة.
وقال الباحث السياسي ماجد البرهومي إن "الزيارات التي يقوم بها الرئيس قيس سعيد هي زيارات عادية في إطار الروتين اليومي لمهمات رئيس الجمهورية ولا أعتقد بأنها تدخل في خانة الحملة الانتخابية السابقة لأوانها، خصوصاً تدشين محطة الزارات التي نعرف أنها مشروع قديم وتم إقراره في هذا العهد ويجب أن يتقدم بما أنه مشروع استراتيجي في ظل شح المياه في تونس،وهناك محطات عدة سيتم تدشينها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفسر البرهومي في تصريح خاص أن "لدى رئيس الجمهورية جمهوراً وأنصاراً محافظين يخشون الطبقة السياسية التي حكمت في الأعوام الماضية ويعتقدون بأنها فاسدة وأن الرئيس غير فاسد على رغم أنه لم ينجح اقتصادياً، اليوم نسبة النمو لم تتجاوز الـ 0.2 في المئة وهي كارثة حقيقية".
وقال "لا توجد مشاريع كبرى بإمكانها توظيف التونسيين، وحتى محطات تحلية المياه هي مشاريع قديمة، الدولة في عهد الرئيس قيس سعيد ركزت فقط على الجباية وتحقيق توازن على مستوى الموازنة، لكن التنمية ذهبت في مهب الرياح"، مستدركاً "لكن هذا لا يعني أن أنصار الرئيس قيس سعيد سيتخلون عنه لأن لديهم قناعة بأن الأحزاب فاسدة والبرلمان فاسد ورئيس الجمهورية نظيف من أي شبهات ويجب أن يواصل. بالتالي أعتقد بأنه سواء قام رئيس الجمهورية قيس سعيد بحملة أو لا فإن جمهوره سيصوت له".
حقه
أما الباحث السياسي هشام الحاجي، فيعرب عن اعتقاده بأنه "كلما كان الرئيس المباشر معنياً بإعادة الترشح لعهدة ثانية، انقسم الرأي العام حول أدائه، بخاصة في الأشهر التي تسبق الموعد الانتخابي".
ورأى الحاجي في تصريح خاص أنه "من حق وواجب رئيس الدولة أن يواصل الاضطلاع بمهماته حتى نهاية عهدته وألا يضيّق في المقابل على أنشطة وتحركات مرشحين آخرين مفترضين"، مضيفاً أنه "من ناحية أخرى أنا شبه متأكد أن الرئيس قيس سعيد سيترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ولا أعتقد بأنه تأخر في الإعلان عن ترشحه لأن أبواب الترشح لم تفتح بعد بصورة رسمية".