Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التزكيات "مطب انتخابي" للمرشحين في تونس

يتخوف مراقبون من تقليص فرص النساء بعد إلغاء قواعد التناصف مع الرجال

تونسية تدلي بصوتها في مركز اقتراع بالعاصمة (2019- أ ف ب)

ملخص

تباينت المواقف إزاء شرط تجميع التزكيات للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة بين من يرى ذلك ضرورياً لتحصين العملية الانتخابية من الترشحات غير الجدية ومن يعدها شروطاً تعجيزية بخاصة أمام المرأة في مجتمع ذكوري يرفض وجودها في مواقع القرار.

يقف عدد من المزمع ترشحهم للانتخابات في تونس في حيرة من أمرهم بعد دخول قاعدة التزكيات قاموس الاقتراع مع شرط يلزم المرشح بتجميع 400 توقيع من ناخبين مسجلين في الدائرة المعنية نصفهم من النساء وبعد التصديق عليها من السلطات الإدارية المتخصصة.

أما بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية فتشمل شروط التزكيات إما تزكية من 10 نواب من مجلس نواب الشعب أو من المجلس الوطني للجهات والأقاليم أو 40 من رؤساء الجماعات المحلية المنتخبة المباشرين لمهامهم في فترة قبول الترشحات، وهي المجالس المحلية أو الجهوية أو الإقليمية أو البلدية، أو من 10 آلاف ناخب من سجل الناخبين موزعين على 10 دوائر انتخابية تشريعية في الأقل، ولا يقل عددهم عن 500 ناخب عن كل دائرة منها.

وتهدف التزكيات إلى حصر قائمة الترشحات للانتخابات الرئاسية في المرشحين الجديين والمدعومين من ناخبيهم، إلا أن الصعوبة تكمن في القدرة على تحصيل 10 آلاف تزكية أو توقيع 10 نواب، إضافة إلى أن الأعضاء في البرلمان الحالي المنتخب عام 2022 ومجلس الجهات والأقاليم المشكل أخيراً، هم في معظمهم من المؤيدين لمسار رئيس الجمهورية قيس سعيد، ومن المستبعد أن يساندوا شخصيات مستقلة أو معارضة لذلك المسار.

إقصاء ممنهج للمرأة

وتواجه النساء الراغبات في الترشح إلى الانتخابات الرئاسية مشكلة مزدوجة بالنظر إلى العقلية السائدة في المجتمع التونسي والرافضة ضمنياً لوجود المرأة في مواقع القرار، ويظهر ذلك من نتائج مشاركتهن في الانتخابات السابقة، علاوة على صعوبة تحصيلها للتزكيات من الرجال أو من الأعضاء المنتخبين.

وبينما وضع القانون الانتخابي القديم قاعدة التناصف بين المرأة والرجل في القوائم المترشحة للانتخابات البرلمانية ألغى نظيره الجديد أحكام التناصف، مما أثر في وجود المرأة في البرلمان وبقية المجالس.

 

 

وستؤدي شروط التزكيات التي يصفها البعض بالتعجيزية إلى تقويض المشاركة السياسية للمرأة، لافتقادها الشبكات النافذة والقدرة المالية التي يتمتع بها نظراؤهن من الرجال، وهو ما قد يسهم في إقصائهن سياسياً. وهو واقع قد يدفع التونسيات إلى الانسحاب تدريجاً من الساحة السياسية والاكتفاء بأدوارهن التقليدية تكريساً للصورة النمطية لهن، وهو ما حذرت منه الناشطة السياسية والنقابية ياسمين بن سعد التي أكدت أن "شرط التزكيات يدفع بالمرأة في تونس إلى التخلي عن العمل السياسي في مجتمع ذكوري بامتياز"، مضيفة أن "المشاركة السياسية للمرأة تتقلص، وتمثيلها في المجالس المنتخبة يتلاشى، مما يعني اضمحلال المكاسب التي تحققت نتيجة نضال عقود من الزمن".

وقالت الناشطة السياسية في حديث إلى "اندبندنت عربية" إن "شرط تأمين التزكيات بالنسبة إلى المرأة لم يراع وضعيتها المجتمعية ولا ظروفها، بخاصة في المناطق الداخلية، كصعوبات التنقل وتعقيدات الإجراءات الإدارية والعقلية المجتمعية السائدة تجاه المرأة"، معتبرة أنه "إقصاء ممنهج للمرأة التونسية". وتساءلت، "كيف للمرأة أن تترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في ظل هذه الشروط؟ وكيف لها أن تجمع 10 آلاف تزكية من ناخبين تونسيين؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهة أخرى يرى المتابعون للشأن العام في تونس أنه أمام صعوبة تحصيل العدد المطلوب من التزكيات أصبحت هذه المسالة سوقاً لشراء دعم الناخبين وكسب ود أعضاء المجالس المنتخبة.

وكانت هيئة الانتخابات التونسية أحالت عدداً من المرشحين للانتخابات الرئاسية عام 2019 إلى القضاء لتزويرهم عدداً من التزكيات.

تحسين شروط الترشح

في المقابل رأى المتخصص في الشأن الانتخابي المكلف الاتصال في شبكة "مراقبون" (منظمة غير حكومية متخصصة في مراقبة الانتخابات) سيف الدين العبيدي أنه "لا يمكن أفراد المرأة بفصول خاصة بها في القانون الانتخابي"، لافتاً إلى أن "الإشكال لا يكمن في القانون الانتخابي، بل في ضرورة تمكين المرأة من مواقع القرار من خلال إيجاد الآليات المناسبة لمساعدتها على ممارسة العمل السياسي عوض تحسين شروط ترشحها في الانتخابات".

ويرى العبيدي أن "جمع التزكيات سيكون أصعب على النساء من الرجال، إلا أنه شرط قانوني ينطبق على كل المرشحين نساءً ورجالاً على قدم المساواة".

ودعا المتخصص في الشأن الانتخابي مؤسسات الدولة إلى "معالجة الإشكال من جذوره والعمل على تمكين سياسي وثقافي واقتصادي للمرأة، خصوصاً مع دورها الاجتماعي التقليدي الذي يمنعها من أن تحضر وتواكب الأنشطة السياسية".

 

 

وتكشف الأرقام على مدى السنوات السابقة عن تراجع لافت للمشاركة السياسية للمرأة من 29 في المئة في المجلس التأسيسي عام 2011، و31 في المئة في مجلس نواب الشعب عام 2014 إلى نحو 24 في المئة في برلمان 2019، و16 في المئة في برلمان 2022، وهي الأضعف منذ 2011.

يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت تفاصيل الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل على أن يفتح باب الترشحات في الـ29 من يوليو (تموز) الجاري. وتنطلق الحملة الانتخابية في الـ14 من سبتمبر (أيلول) المقبل.

وبدد الأمر الرئاسي الصادر في الثاني من يوليو الجاري، والذي دعا التونسيين إلى الانتخابات الرئاسية في السادس من أكتوبر المقبل، شكوك المعارضة حول إجراء تلك الانتخابات في موعدها، بينما تمزق المشهد السياسي في البلاد حال من الانقسام والملاحقات القضائية لعدد من الشخصيات السياسية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير