Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عجلة الحرب الإسرائيلية تسحق قطاع السياحة الفلسطينية

بدل السياح والحجاج المسيحيون وجهتهم إلى أوروبا ومدن أخرى حول العالم

تقدر وزارة السياحة الفلسطينية قيمة الخسائر اليومية الإجمالية في بيت لحم وحدها بمليوني دولار (اندبندنت عربية)

ملخص

وفقاً لتقديرات التقييم الجديد لبرنامج "إسكوا"، من المقدر أن يرتفع معدل الفقر في فلسطين بأكثر من الضعف ليصل إلى 60.7 في المئة، مما يرفع عدد الأشخاص الإضافيين الذين سيقعون في براثن الفقر إلى أكثر من 1.86 مليون شخص

بعد عقود طويلة من صناعة التحف الشرقية الخشبية والصدفية التذكارية، قرر جورج سعادة (60 سنة) الذي توارث المهنة عن جده تحويل متجره في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية إلى محل بقالة، فما لبث أن استعاد نشاطه التجاري بعد التحديات الكبيرة التي خلفتها جائحة كورونا عام 2020، حتى جاءته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لتصيب حرفته اليدوية الدقيقة بشلل شبه تام، كيف لا وقد بدل السياح والحجاج المسيحيون وجهتهم إلى أوروبا ومدن أخرى حول العالم، إلى أن بدت المدينة التي يعتمد ثلثا اقتصادها على السياحة خالية بصورة كاملة من السياح، مما أدى إلى تراجع إنتاجه من 30 ألف دولار شهرياً إلى بضعة دولارات فحسب، على رغم أنه قدم تنزيلات كبيرة في الأسعار. وتقدر وزارة السياحة الفلسطينية أن قيمة الخسائر اليومية الإجمالية في بيت لحم وحدها بـ2 مليون دولار، ثلثها تقريباً لقطاع التحف الشرقية ومشاغلها والعاملين فيها. ويشكل القطاع السياحي تسعة في المئة من الدخل القومي الفلسطيني.

أزمة تنموية

وتشير التقديرات إلى أن نحو نصف مليون فلسطيني في الضفة والقطاع أصبحوا عاطلين من العمل منذ بداية الحرب، فيما أكدت بيانات منظمة العمل الدولية أن الدخل الفلسطيني يخسر جراء فقدان تلك الوظائف نحو 21.7 مليون دولار يومياً، ومع الانخفاض في دخل موظفي القطاعين العام والخاص رجحت أن يرتفع إلى 25.5 مليون دولار أميركي. ووفقاً لتقديرات التقييم الجديد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، من المقدر إذا ما استمرت الحرب لمدة تسعة أشهر أن يرتفع معدل الفقر في فلسطين بأكثر من الضعف ليصل إلى 60.7 في المئة، بما يعادل 2.25 مرة من مستويات ما قبل الحرب، مما يرفع عدد الأشخاص الإضافيين الذين سيقعون في براثن الفقر إلى أكثر من 1.86 مليون شخص، في حين سيصل انخفاض الناتج المحلي الإجمالي إلى 29 في المئة بخسائر إجمالية تبلغ 7.6 مليار دولار. وترى "الإسكوا" أن المستويات غير المسبوقة من الخسائر البشرية وتدمير رأس المال والارتفاع الحاد في معدلات الفقر في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن، سينجم عنه "أزمة تنموية خطرة تعرض مستقبل الأجيال القادمة للخطر". وبين أحدث تقرير للبنك الدولي أن الاقتصاد الفلسطيني ينكمش بصورة أكبر خلال عام 2024 بين 6.5 و9.6 في المئة.

اقتصاد هش

وقبل الحرب شهدت السياحة الفلسطينية خصوصاً في القدس وبيت لحم موسماً استثنائياً، إذ وصل عدد الوافدين عام 2023 حتى بداية أكتوبر (تشرين الأول) 2023، 2.3 مليون سائح بواقع 1.9 مليون ليلة مبيت، وبدا التفاؤل جلياً من قبل أصحاب الفنادق بموسم سياحي منعش، إلا أن الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ تسعة أشهر فتت تلك الآمال، إذ لم تبلغ نسبة إشغال فنادق بيت لحم التي تضم ما يقارب الـ100 فندق و500 غرفة تتسع لـ10 آلاف شخص، أكثر من 1 في المئة مسجلين خسائر يومية وصلت لنحو 400 ألف دولار، مما اضطر أصحاب تلك الفنادق الإبقاء على عدد محدود جداً من الموظفين ضمن دوام جزئي، خصوصاً أن نسبة العمال الذين يعملون في قطاع الفندقة يقدر بنحو خمسة آلاف عامل، وإلى جانبهم وجد 700 دليل سياحي في القدس والضفة الغربية أنفسهم من دون عمل.

وبحسب مديرة مؤسسة الحرفيين للتجارة العادلة سوزان الساحوري فإن 400 مشغل في محافظة بيت لحم و300 آخر في بلدة بيت ساحور يعانون تكدس البضائع من التحف الشرقية، مؤكدة أن الحرفيين الصغار الذين يصنعون التحف والمشغولات اليدوية للسياح داخل مشاغل صغيرة في منازلهم هم أكثر المتضررين من الحرب. ومن جانبه أكد رئيس التجمع السياحي المقدسي رائد سعادة إن 24 فندقاً عربياً في القدس تضم 386 موظفاً و12 بيت ضيافة توظف 197 شخصاً حالها كحال فنادق بيت لحم. ولفت إلى أن جهات إسرائيلية تحذر الصحافيين الأجانب الذين يتوافدون إلى القدس لتغطية تداعيات الحرب، من النزول في فنادق عربية على اعتبار أن التأمينات لا تغطي إقامتهم في الشطر الشرقي من القدس.

عراقيل وشكوك

ووفقاً لأمين سر الغرفة التجارية الصناعية العربية في القدس حجازي الرشق فإن 462 محلاً متخصصاً في التحف السياحية الشرقية، والتي تشكل ما نسبته 34 في المئة من إجمال محال البلدة القديمة في القدس، مغلقة بصورة شبه تامة. ولا تختلف هذه الحال المريرة التي يعانيها الحرفيون منذ السابع من أكتوبر عما يعانيه 273 مقدسياً يعملون في 42 مكتباً مسجلاً ومنظماً للسياحة الوافدة، إذ أدى شلل الحركة السياحية في القدس إلى وضع 298 مرشداً ودليلاً سياحياً و23 مطعماً سياحياً و260 حافلة سياحية وتسعة ورش سيراميك و15 ورشة مجوهرات فلسطينية وورشتي جلود وأربع ورش فضة في أزمة اقتصادية حادة جداً، أجبرت معظم الفلسطينيين العاملين في القطاع السياحي على البحث عن وظائف أخرى، ناهيك عن تأثر أصحاب وموظفي المصالح الصغيرة والمتوسطة التي تعمل بصورة غير مباشرة في مجال الخدمات السياحية وتصل أعدادهم بالمئات، وبخاصة أن السياحة في القدس تحولت في العقد الأخير من سياحة موسمية إلى شبه دائمة، وتوسعت إلى أنواع متعددة كالسياحة الإسلامية بعد أن كانت مقتصرة على سياحة الحج المسيحية.

ووسط شكوك كبيرة وعراقيل ستفرضها فترة ما بعد الحرب على الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، توقعت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن يواصل قطاع السياحة الإسرائيلي انتكاسته خلال العام الحالي. فبعد أن شهد قطاع السياحة في إسرائيل نمواً وأداء استثنائيين العام الماضي، واستقبلت تل أبيب أكثر من ثلاثة ملايين سائح ضخوا ما يصل إلى خمسة مليارات دولار باقتصادها تعرض إلى نهاية مريرة عام 2023، فمع اشتعال الحرب في السابع من أكتوبر توقف العمل بمعظم القطاعات المرتبطة بالسياحة. ووفقاً لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي فقد دخل إسرائيل بين يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) العام الحالي 288 ألف سائح مقارنة بـ1.3 مليون زاروها في الفترة نفسها من عام 2023، مما يعني أن قطاع الاقتصاد خسر 80 في المئة على أساس سنوي، وذلك بعد أن أوقفت عشرات شركات الطيران رحلاتها إلى تل أبيب جراء استمرار الحرب، ناهيك بأن الفنادق الإسرائيلية تكتظ بالنازحين الإسرائيليين الذين فروا من مستوطنات غلاف غزة من دون جدول زمني واضح لعودتهم إلى منازلهم. ووصف موقع "كالكاليست" الإسرائيلي حال قطاع السياحة بأنه يعيش انهياراً، خصوصاً في منطقة الجليل ومناطق شمال إسرائيل التي لم تعد تستقبل أي زوار.

 

واقع قاس

ومن جانبه حذر الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات في القدس مارك فيلدمان في مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" من التفاؤل المفرط باستعادة السياحة الإسرائيلية مكانتها السابقة. وأضاف "بينما نقدر التفاؤل والثقة في السياحة الإسرائيلية فإن الواقع يظل قاسياً حتى تستأنف شركات الطيران الأجنبية عملياتها مع إسرائيل بعد الحرب"، مشدداً على عدم وجود اهتمام من السياح بزيارة إسرائيل خصوصاً مع تزايد التصعيد بين تل أبيب و"حزب الله"، والمخاوف الدولية من اندلاع حرب شاملة. وقدرت قيمة التعويضات التي حصلت عليها الشركات السياحية الصغيرة والمتوسطة الإسرائيلية جراء تفعيل قانون التعويضات فور بدء الحرب بنحو 300 مليون دولار، حصلت عليها أكثر من 33 ألف شركة ومنشأة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن القانون الذي انتهت صلاحيته بنهاية العام الماضي خلف وضعاً صعباً، إذ اعتمد القانون على خرائط الجيش الإسرائيلي لتحديد مناطق القتال التي تغطيها التعويضات. فالقانون لم يعد يمنح الشركات التي تخرج عن مناطق القتال التي يحددها الجيش أية تعويضات، وهو ما خلف حالاً من التضارب، إذ يطالب أصحاب الشركات باستمرار التعويضات حتى لا تنهار البنية التحتية السياحية في إسرائيل في ظل تراجع احتمالات عودة قطاع السياحة إلى ما كان عليه قبل الحرب.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات