Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تميل كفة "العمال البريطاني" إلى المغرب أم البوليساريو؟

تترقب الرباط مواقف ستارمر حيال ملف الصحراء على وجه الخصوص

لم تخف جبهة البوليساريو سعادتها بصعود "العمال" وهو ما كان بارزاً في تهنئتها السريعة ستارمر (رويترز)

ملخص

يتودد كل من المغرب وجبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء، إلى حزب العمال الذي عاد إلى سدة الحكم في بريطانيا بزعامة كير ستارمر رئيس الوزراء الجديد، وذلك بعد سنوات طويلة من هيمنة حزب المحافظين.

يتودد كل من المغرب وجبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء إلى حزب العمال، الذي عاد إلى سدة الحكم في بريطانيا بزعامة كير ستارمر رئيس الوزراء الجديد، وذلك بعد سنوات طويلة من هيمنة حزب المحافظين.

وإذا كان المغرب يميل أكثر إلى "المحافظين" خصوصاً في شأن موقفه من نزاع الصحراء، فيما تميل "البوليساريو" إلى "العمال"، فإن محللين على رغم ذلك يرجحون حفاظ العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ولندن على وتيرة التطور، بالنظر إلى المصالح الاستراتيجية المشتركة بين البلدين.

 

تفاؤل "البوليساريو"

في الأثناء، لم تخف جبهة البوليساريو سعادتها بصعود "العمال" في بريطانيا، بالنظر إلى ما تعتبره من "علاقات الأخوة والصداقة" التي تربط الجانبين، وهو ما كان بارزاً سواء في تهنئتها السريعة ستارمر، أو في مواقف سابقة جمعتها مع قيادات في "العمال".

ونعتَ زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي حزب العمال البريطاني بالمنظمة الشقيقة، مبدياً أمله في "مواصلة وتعميق العلاقات القائمة بين منظمتينا من أجل عالم أفضل يسود فيه التضامن الدولي والعدل وتحترم فيه حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير المصير"، في إشارة واضحة إلى مطلب الجبهة بتقرير مصير "الشعب الصحراوي".

ولم يفوت غالي الفرصة ليكشف امتنانه لـ"الدعم الثابت لمئات النواب واللوردات من حزب العمال"، آملاً أن تسهم المملكة المتحدة، بقيادة "العمال"، في "إنهاء الاستعمار من الصحراء".

معلوم أن رئيس حزب العمال المعارض جيريمي كوربين كان قد صرح بأنه "كان منذ زمن طويل من مؤيدي حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير" في رسالة وجهها إلى قيادة "البوليساريو" تعود إلى عام 2019.

ترقب مغربي

من جانبه، يترقب المغرب مواقف زعيم حزب العمال الحالي حيال ملف الصحراء على وجه الخصوص. ويرى مراقبون أن الرباط تخشى من أن يفضي صعود "العمال" وقيادته للحكومة البريطانية إلى "تعليق" أو في الأقل "تجميد" الجهود الدبلوماسية المبذولة من قبل المملكة باتجاه اعتراف لندن صراحة بسيادة المغرب على الصحراء، تماماً كما حصل مع اعتراف واشنطن في آخر أيام ولاية الرئيس السابق دونالد ترمب.

وكان لافتاً دعم "المحافظين" المقترح المغربي بإرساء الحكم الذاتي بالصحراء كحل واقعي ملموس لهذا الملف الذي عمر عقوداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان عدد من أعضاء حزب المحافظين بالبرلمان البريطاني قد دعا، في رسالة موجهة إلى رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك إلى ضرورة الإقرار بسيادة المغرب على الصحراء، من أبرزهم وزير الدولة السابق في الخارجية هوغو سوير، ووزير الدولة الأسبق المكلف الدفاع ويليام فوكس.

ووفق حزب المحافظين، "تزخر منطقة الصحراء بفرص التطور والاستقرار، التي قد تتبدد مع الوقت إذا لم يتم حل المشكلة سريعاً بصورة ناجعة بمنأى عن الانقسام ومطالب الانفصال، كما أن مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب تحترم التقاليد المحلية والتطلعات الديمقراطية وتتيح السلام والاستقرار".

علاقات شكلية

في السياق، قال المتخصص في العلاقات الدولية مولاي هشام معتضد إن ما يجمع حزب العمال البريطاني وجبهة البوليساريو، لا يعدو كونه علاقات شكلية ترتكز، بخاصة على سعي القيادة في الجبهة إلى استغلال أي مناسبة سياسية أو بروتوكولية لحزب العمال من أجل خلق تقارب سياسي، أو بحثاً عن تموقع استراتيجي داخل أجندات الحزب من أجل الترويج لأطروحاتهم، وأضاف معتضد بأن الخط التقليدي للجبهة يبحث دائماً عن الظرف السياسي في محاولة لتمرير مواقفه السياسية، أو تحقيق أهدافه، وتابع "التوجه اليساري للعمال يهتم كثيراً بالتفاصيل والجزيئات المتعلقة بالأوضاع الإنسانية في تندوف (جنوب غرب)، مما يسمح بفتح قنوات تواصل مع بعض القيادات في الجبهة التي تروج لأطروحتها من خلال هذا التوجه المرن لحزب العمال البريطاني".

وبخلاف ما يظهر من تقارب على مستوى التصريحات وتبادل الرسائل وحضور المؤتمرات الحزبية، رأى معتضد أنه لا توجد ملفات سياسية تجمع مواقف ورؤى الجانبين، "بقدر ما توجد ظروف سياسية تتيح للقيادة في البوليساريو استغلال بعض الانفتاح الحزبي للعمال على الإشكاليات الإنسانية التي يعانيها سكان مخيمات تندوف". ولفت الأستاذ الجامعي إلى أنه "من خلال نافذة هذا الاهتمام تحاول جبهة البوليساريو بناء علاقات شخصية وأخرى منفعية عبر استراتيجية التأثير السياسي بهدف استمالة بعض النواب المحسوبين على العمال البريطاني".

واستدرك معتضد أن "محاولة استمالة الجبهة حزب العمال على حساب علاقات لندن بالرباط لن تحقق النتائج المبتغاة، نظراً إلى التوجه المؤسساتي الدي تتبناه بريطانيا في تدبير علاقاتها مع المغرب، إضافة إلى المسار السياسي المشترك بين القيادتين والتوجه الاستراتيجي لبريطانيا التي تدير علاقاتها الخارجية من منطلق براغماتي يعتمد على أبعاد السيادة والتعاون المشترك بعيداً من الحسابات الضيقة أو المزايدات السياسية الحزبية".

توجهات رسمية

من جهته، رأى المتخصص في العلاقات الدولية في جامعة "مراكش" إدريس لكريني أن تقييم واقع ومستقبل العلاقات بين الدول لا يرتبط بهذا الحزب أو ذاك، بغض النظر عن الشعارات التي يطلقها في حملاته الانتخابية أو بعض المزايدات السياسية المرحلية التي تبرز من حين إلى آخر، باعتبار أن الأمر يتعلق بتوجهات رسمية تحددها مصالح هذه الدول. وتابع أن المغرب وبريطانيا راكمتا معاً مجموعة من المكتسبات التي تعزز تمتين العلاقات الثنائية خصوصاً بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتوجهها إلى إرساء شراكات جديدة، كان من بين أفضلها الشراكات مع الرباط، خصوصاً تلك المتعلقة بالطاقة واستثمارات اقتصادية مهمة أخرى. وشدد على أن بريطانيا تمتلك مصالح ورؤية سياسية تجاه محيطها الإقليمي والدولي، لذا لا يمكن أن تنأى عن هذا الخيار المرسوم، مشيراً إلى أن "المغرب سبق له أن طرح مقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، الذي لقي استحسان لندن". وخلص لكريني إلى أن هناك مجموعة من المؤشرات التي تدل على أن العلاقات بين البلدين ستتعزز في المستقبل خصوصاً أن هناك توجهات استراتيجية من قبل البلدين في ما خص تعزيز هذه العلاقات للحفاظ على المصالح الثنائية، "لا سيما أن بريطانيا تعد المغرب شريكاً استراتيجياً موثوقاً في المنطقة بالنظر إلى الاستقرار والمشاريع الواعدة التي دشنها الطرفان معاً".

المزيد من تقارير