Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقبل المغرب استقبال المهاجرين غير النظاميين بأوروبا؟

تتزامن زيارات وزراء داخلية القارة العجوز إلى الرباط مع صعود اليمين المتطرف

مهاجرون غير نظاميين من أفريقيا في مراكز احتجاز بأوروبا (رويترز)

ملخص

يرى مراقبون أن ملف الهجرة يكتسي طابعاً راهنياً يجمع المغرب ومختلف دول الاتحاد الأوروبي لكونه يؤرق دول العبور والمقصد على حد سواء.

تجس دول أوروبية نبض المغرب في شأن مدى قبوله واستعداده استقبال أعداد من المهاجرين غير النظاميين الموجودين فوق تراب القارة العجوز، في حال اتخاذ قرار بطرد هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية.

وتزامنت زيارات وزراء داخلية بلدان أوروبية في الفترة الأخيرة إلى المغرب مع صعود لافت لأحزاب اليمين واليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الأوروبية والتي تشتهر بنهج عدائي للمهاجرين الوافدين.

لعل أبرز تلك الزيارات التي قام بها قبل أيام وزير داخلية إيطاليا ماتيو بيانتيدوزي للتباحث مع نظيره المغربي حول ملفات مشتركة، أهمها على الإطلاق التعاون في موضوع الهجرة غير النظامية، إذ أكد خلالها "ضرورة الحفاظ على تعاون وثيق مع المغرب في مجال تبادل المعلومات لمكافحة تهريب المهاجرين".

اتفاق ثنائي

واتفق المغرب وإيطاليا لبلوغ هذا الهدف على "إحداث مجموعة مشتركة دائمة للهجرة ستمكن من إحراز تقدم نوعي ومنسق، من خلال التوفيق بين المقاربات القطاعية حول نهج شامل ومتوازن لتدبير الهجرة".

ووفق الإعلام الإيطالي، فإن روما تبحث مع دول عدة من بينها المغرب وتونس وليبيا ومصر، تشجيع الهجرة القانونية وتسريع وتيرة إعادة المهاجرين إلى "دول تصدير وعبور المهاجرين".

من جهته، يتمسك المغرب بالاستراتيجية التي يراها شاملة وإنسانية في مجال حوكمة الهجرة، وأيضاً مراقبة الحدود ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر، وضد سوء استغلال قضية الهجرة من قبل بعض الجهات غير الحكومية، وفق ما أورده وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت في لقائه نظيره الإيطالي.

 

 

وسبق لوزير الداخلية الفرنسي جيرارد دارمانان أن زار المغرب لمناقشة ملف الهجرة غير النظامية، وهو الملف نفسه الذي دفع وزير داخلية بلجيكا إلى زيارة الرباط، إذ تستعد بروكسل لإرجاع مهاجرين غير نظاميين ليس مرغوباً فيهم إلى بلدانهم الأصلية.

في السياق نفسه، التزم المغرب وسلوفينيا أخيراً تعزيز التعاون الثنائي في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية وتهريب البشر والتصدي بفاعلية لضغط الهجرة، مع تعزيز مسار الهجرة النظامية والمنظمة.

طمأنة الداخل الأوروبي

في هذا السياق، رأى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مراكش زهير لعميم أن ملف الهجرة يكتسي طابعاً راهنياً يجمع المغرب ومختلف دول الاتحاد الأوروبي لكونه يؤرق دول العبور والمقصد على حد سواء، فهذه الظاهرة تتسبب في تدفقات بشرية هائلة تحمل معها إشكالات اجتماعية واقتصادية وأمنية للدول المستقبلة.

وأفاد لعميم بأن قضية الهجرة كانت ولا تزال مثار نقاشات وسجالات دائمة بين دول شمال أفريقيا والمغرب خصوصاً، وبين الدول الأوروبية التي تجعل من هذا الملف مادة دسمة تصل إلى الابتزاز في الانتخابات، لا سيما من طرف الأحزاب اليمينية وأحزاب اليمين المتطرف.

واعتبر أن المفاوضات الجارية بين المغرب ودول أوروبية هي محاولة لإرضاء وطمأنة داخل القارة، بالنظر إلى أن الوعود الانتخابية المقدمة تسير في اتجاه تضييق الخناق على الهجرة وتنظيمها بما يحمي الأمن والاستقرار الاجتماعي".

وأردف لعميم أن "المغرب يتعامل مع الملف بمقاربة شمولية ليس فقط لمعالجة الظاهرة من زاوية أمنية أو سياسية، بل من خلال نظرة تستدعي الأبعاد القانونية والإنسانية والاجتماعية والتنموية".

وشرح أن "الرباط تنظر إلى هذا الملف من زاوية المسؤولية الثلاثية، سواء الدول المصدرة للهجرة أو دول العبور أو دول المقصد"، لافتاً إلى أن "جزءاً من مشكلات القارة الأفريقية التي تفرز تدفقات هائلة للمهاجرين السريين، يرتبط بتركة الإرث الاستعماري ونهب ثروات بلدانها، مما يخلف الهشاشة التنموية وانعدام الأمن والاستقرار، فيختار الناس الهجرة إلى أوروبا بحثاً عن حياة أفضل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلص إلى أن المغرب يناقش الملف في إطار تفاوضي ومؤسساتي، ويحترم الأبعاد التنموية والإنسانية والاجتماعية لهذه الظاهرة الشائكة، بخلاف المقاربة الأوروبية التي تحصر الحل في تهجير المهاجرين وتصديرهم إلى دول أخرى نظير دعم تفضيلي والإغراء بالأموال.

ترغيب وترهيب

ويأتي الحضور المكثف لوزراء داخلية دول أوروبية إلى المغرب في سياق الانتخابات الأوروبية التي شهدت صعوداً لافتاً لأحزاب اليمين المتطرف المعروفة بتوجسها من الأعداد الكبيرة للمهاجرين الموجودين في القارة.

ففي فرنسا مثلاً، وبعد كشف الرئيس إيمانويل ماكرون عن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، سارعت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن إلى الإعلان أن حزبها مستعد للدفاع عن مصالح الفرنسيين من خلال وضع حد للهجرة المكثفة.

ولم تخفِ من جهتها القيادية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني أورسولا فون دير لاين، رغبتها في تفعيل الميثاق الأوروبي الجديد حول الهجرة الذي يحث على تسريع عمليات إعادة المهاجرين الذين لا يستوفون شروط اللجوء أو الحماية الخاصة إلى بلدانهم.

أما حزب "إخوة إيطاليا" الذي تقوده رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، فيدعو إلى توزيع أعداد المهاجرين بين الدول الأوروبية، وإعادة المهاجرين غير النظاميين الذين يمخرون عباب البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى إيطاليا.

وعلق الباحث في ملف الهجرة رشيد فخراني على الموضوع بالقول إنه من نتائج صعود أحزاب اليمين المتطرف البديهية المساس بحقوق المهاجرين بصفة عامة، وتسليط الضوء أكثر على حياة المهاجرين غير النظاميين في هذه البلدان.

وأوضح أن استراتيجية أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا تعتمد كثيراً على دغدغة عواطف الناخبين برفع شعارات قوية ضد شريحة المهاجرين، بهدف تقوية الصف الداخلي وتوفير فرص شغل أكبر للمواطنين الأصليين لهذه الدول، وفق رؤية هذه الأحزاب.

ورجح ألا تفلح عملية "الترغيب والترهيب" الممارسة من جانب الدول الأوروبية على بلدان ثالثة عدة، منها المغرب، لاستقبال المهاجرين غير الشرعيين، في قبول هذا المطلب، بالنظر إلى أن الملف معقد وشائك ولا يمكن حله في العمق بهذه التدابير الأمنية الصرفة.

المزيد من متابعات