Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العنصرية والتضييق يدفعان اللاجئين السوريين في تركيا إلى هجرة ثانية

العودة إلى مناطق النظام لا تدخل في حساباتهم والوجهة الأبرز بالنسبة إليهم هي أوروبا

نساء يمرن من أمام مطعم سوري في سوق بمنطقة الفاتح باسطنبول (أ ب)

ملخص

ناهز عدد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا تحت بند الحماية الموقتة، الملايين الثلاثة، وفق دائرة الهجرة التركية، يملكون 4 آلاف شركة منذ عام 2016، وتفيد تقديرات اتحاد غرف وبورصات السلع في تركيا بأن حجم الاستثمارات السورية يبلغ 10 مليارات دولار، ويتنوع نشاط المستثمرين ويشمل الزراعة والبناء والتجارة.

عبثاً تحاول الحكومة التركية تضميد الجراح التي أثخن بها اللاجئون السوريون في تركيا بأيادي مجموعات عنصرية من الأتراك حدثت مطلع يوليو (تموز) الجاري. وعلى رغم أنه لم يكن الاعتداء الأول من نوعه عليهم، فإن هجوم ولاية قيصري التركية كان الأعنف والأكثر تنظيماً، وألحق أضراراً نفسية ومادية واسعة.

حادثة قيصري

وبات معروفاً كيف هاجمت مجموعات تركية مدفوعة، كما يتداول، من أحزاب متطرفة ومعارضة، حياً يقطنه سوريون، وحطمت مركباتهم وأحرقت محالهم التجارية، مما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإعلان عن "عدم التسامح مع الإساءة أو مع من يخطط للفوضى"، لتشن في أعقاب ذلك الشرطة التركية حملة اعتقالات، وأوقفت 1000 شخص.
وأشار رئيس رابطة اللاجئين السوريين في تركيا مضر الأسعد في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إلى أضرار نفسية لحقت بـ70 ألف سوري في ولاية قيصري، وما بين 500 و700 عائلة سورية تضررت مادياً، وحرقت منازلها، ومحالها التجارية وتهشمت وتحطمت مركبات يملكها أفرادها.
وأكد الأسعد أن "ما جرى في قيصري وأضنة وعينتاب أمر غير مقبول ويخالف المواثيق الدولية والإنسانية، وهذا الخطاب العنصري يعود لتحريض المعارضة والشخصيات المعارضة التي لا تريد الخير لتركيا سياسياً أو اقتصادياً". وأضاف "لدى السوريين استثمارات في تركيا بقيمة 10 مليارات دولار عدا شراء المنازل والعقارات والسيارات والمحال التجارية".
وتابع "الآلاف وضعوا منازلهم ومصانعهم وكل ممتلكاتهم برسم البيع للهجرة وبخاصة في الفترة الأخيرة بعدما ضاقت عليهم الأمور، لا سيما من قبل إدارة الهجرة والأحزاب المعارضة العنصرية. ويفكر هؤلاء ألف مرة بهجرة ثانية والوجهة بالتأكيد ليست سوريا، بخاصة من يحمل رأسمالاً كبيراً بينهم، بل سيتجهون إلى الجزائر أو المغرب أو مصر أو دول عربية خليجية، والخاسر الكبير هي تركيا".
وتابع "اللاجئ السوري في أوروبا تقدم له الحكومة مساعدات شهرية، منها أجرة البيت، أو تعطيه منزلاً وراتباً ومساعدات إنسانية وطبية ودراسة جامعية، بينما اللاجئ في تركيا يدفع من جيبه الخاص أجرة المنزل والمعيشة كاملة، ولا يدفع له أي شيء سوى الطبابة، وفي بعض الحالات يدفع ما قيمته نصف أو ربع القيمة، إضافة إلى صعوبة الحصول على الكمليك"، وهي بطاقة هوية الحماية الموقتة التي تتيح الحصول على الخدمات والمساعدة في تركيا.

في المقابل، بدأت الحكومة التركية تحصر من طريق منظمة "أفات" الأضرار لتعويض السوريين، وفق ما ذكر رئيس "رابطة اللاجئين السوريين"، مضيفاً أنه "اعتُقل مئات المخربين الأتراك ووُضعوا السجن وحوسبوا. ووعدت الحكومة التركية بتقديم تعويضات بصورة كاملة في ولايات عدة، منها قيصري وأضنة وعنتاب وإسطنبول ومرسين وأنطاكيا وأورفا، وهي المناطق التي جرى فيها التهجم على السوريين، الذين لم يكونوا عالة على تركيا، فكثير من المنظمات الدولية التي تعنى بأمر اللاجئين السوريين أسهمت بتدفق ملايين الدولارات إلى تركيا".
وأعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا توقيف 474 شخصاً يشتبه في اعتدائهم على أملاك سوريين في ولاية قيصري، بعد أعمال شغب اندلعت عقب ادعاءات بتحرش يافع سوري بطفلة تركية تبين في ما بعد أنها سورية من أقاربه، بينما عمت حالة من القلق والاستياء بين اللاجئين في تركيا عقب تسريب بياناتهم الشخصية عبر مجموعة مجهولة على تطبيق "تيليغرام"، وهي بيانات سرية وحساسة تحمل الرقم الخاص في دائرة الهجرة وعناوين السكن.
في المقابل سارعت الداخلية التركية إلى التحقيق حول تسريب البيانات وحددت حساباً على وسائل التواصل الاجتماعي يحمل اسم "انتفاضة تركيا"، نشر دعوة "للانتفاضة" في منطقة سلطان بيلي في إسطنبول، وتم التعرف إلى مدير الحساب الذي شارك البيانات. ودارت في المقابل في الشمال السوري وضمن مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية اشتباكات مع الجيش التركي واحتجاجات شعبية استنكاراً لحادثة قيصري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الهجرة الثانية

إزاء ذلك تفيد المعلومات الواردة عن ميل واسع لدى السوريين إلى الهجرة نحو بلدان أجنبية أو عربية، وترك الأراضي التركية بعد كل هذه الأحداث. والهجرة الجديدة بحسب ما يرى متابعون لشؤون الهجرة ستكون، إما بطريقة شرعية أو غير شرعية، إلى أوروبا عبر العبور براً أو عبر قوارب بالبحر أو السير على الأقدام. وسقط كثر قتلى جوعاً وعطشاً جراء تضييق الشرطة على الحدود التركية - اليونانية أو التركية - البلغارية.

ويتركز اللاجئون السوريون في الولايات التركية الجنوبية الغربية، وكبرى المدن مثل إسطنبول وأنقرة، بينما يعيش 1.3 في المئة منهم في مخيمات اللاجئين. وتستضيف إسطنبول نحو 550 ألف سوري مسجل.
في السياق، ناهز عدد السوريين المقيمين تحت بند الحماية الموقتة الملايين الثلاثة، وفق دائرة الهجرة التركية، يملكون 4 آلاف شركة منذ عام 2016، وتفيد تقديرات اتحاد غرف وبورصات السلع في تركيا بأن حجم الاستثمارات السورية يبلغ 10 مليارات دولار، ويتنوع نشاط المستثمرين ويشمل الزراعة والبناء والتجارة. وتوقعت مصادر مطلعة توقف مئات المصانع والمزارع عن العمل في حال هاجر السوريون، إذ تشكل نسبة كبيرة منهم غالبية العمال الحرفيين، الذين سيترك ترحيلهم أثراً في الإنتاج الصناعي والزراعي.
في موازاة ذلك، تدفقت عائلات من اللاجئين السوريين إلى بوابة "باب الهوى" مع اشتداد العنف في ولاية قيصري التركية. ورحلت السلطات التركية منذ إعادة فتح المعابر في الشمال السوري أكثر من 650 لاجئاً سورياً ممن يحملون بطاقة الحماية "الكمليك" بعد أن تنازلوا عن حقوقهم في تركيا، وأجبروا على التوقيع على أوراق "عودة طوعية".
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تجميع القوات التركية المرحلين بالمئات في مخيمات قرب البوابات الحدودية مع سوريا، وإجبارهم على توقيع أوراق "عودة طوعية" تمهيداً لنقلهم عبر دفعات إلى المعبر السوري.
في الجهة المقابلة، دعت الإدارة الذاتية اللاجئين الموجودين في تركيا الذين يتحدرون من مناطق شمال شرقي سوريا إلى العودة إلى مدنهم ومناطقهم. ودعا الرئيس المشترك لمكتب النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية الكردية، شيخموس أحمد، مفوضية اللاجئين ووكلاء الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي إلى إبداء رد فعل تجاه ما تقوم به تركيا.
وليست وحدها أحداث قيصري والهجمة العنصرية على ممتلكات السوريين وأرزاقهم وأرواحهم مما دفعهم إلى الرحيل والهجرة الثانية قسراً، بل الحديث عن تسارع مفاوضات التقارب بين أنقرة والنظام السوري. ويرى مراقبون في حال إتمام الاتفاق سيكون لزاماً على إسطنبول ترحيل اللاجئين. ويجزم رئيس الرابطة الأسعد بأن "السوريين على استعداد للعودة إلى المناطق المحررة من دون العودة إلى مناطق سيطرة النظام، أو اعتماد الحل الثاني بالسفر إلى مصر أو الخليج أو اليونان".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات