Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمة "الناتو" تطلق شرارة حرب غير باردة مع روسيا

تعميق الشراكة بين روسيا والصين ومحاولاتهما المتبادلة لإعادة تشكيل النظام الدولي أمر مثير للقلق

أعضاء دول الحلف الأطلسي في قمة واشنطن (أ ف ب)

ملخص

أشار بيان قمة "الناتو" إلى أن التحالف يواجه تهديدات هجينة وسيبرانية وفضائية وغيرها، وأنشطة ضارة من جهات حكومية وغيرها

قضي الأمر. قرر حلف شمال الأطلسي (الناتو) المضي قدماً في المواجهة مع روسيا وإغراء أوكرانيا بأن "جنّته" مفتوحة لها متى استوفت شروط العبور إلى جنانه، وأقنع أعضاءه بقبولها عروساً مخضبة بدماء أبنائها وأهلها وأطفالها ونسائها ومن بقي منهم.

وأصدر رؤساء الدول والحكومات المشاركون في قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن إعلاناً نهائياً الأربعاء الماضي، أكدوا فيه أن روسيا تشكل تهديداً لدول الحلف وأن أوكرانيا تسير في "طريق لا رجعة فيه" إلى الحلف وستظل استراتيجية التوسع من دون تغيير، وكذلك الحال بالنسبة إلى حشد وتوسيع انتشار القوات العسكرية للدول الأعضاء على مرمى حجر من الحدود الروسية.

وتوافقت الدول الأعضاء في "الناتو" خلال القمة التي عقدت في واشنطن من الثلاثاء الماضي إلى أول من أمس الخميس لمناسبة الذكرى الـ 75 لتأسيس الحلف على مجموعة من النقاط، أبرزها زيادة الدعم لأوكرانيا في مواجهة روسيا.

وخلال هذه القمة بالذات وضع "الناتو" نصب عينيه مواجهة روسيا حتى إنزال هزيمة استرتيجية بها مع إبقاء باب التواصل معها مفتوحاً ولو مواربة، وتخطت القمة القلق الأطلسي حول صحة بايدن وأهليته لقيادة أكبر وأضخم حلف عسكري في العالم، لتتحول إلى قمة إغراء لأوكرانيا وتهييج روسيا بمزيد من التحديات والتهديدات.

فيما واصل الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في ممراتها وكواليسها استجداء الأسلحة من الغرب، لا سيما أنظمة الدفاع الجوي ومقاتلات "أف-16" الأميركية، مستغلاً الترويج لاستفزاز معلوماتي جديد حول القصف الروسي المزعوم لمستشفى أطفال في عاصمة البلاد كييف.

مستقبل أوكرانيا في "الناتو"

قمة واشنطن أكدت أن أوكرانيا تسلك "طريقاً لا رجعة فيه" نحو انضمامها إلى "الناتو"، لكن لا يوجد إجماع على قبول انضمامها حالياً، وأصدرت دول الحلف إعلاناً مشتركاً عقب القمة تضمن بيانات تصف روسيا بالعدو، بينما ترى مستقبل أوكرانيا في طريق العضوية بالحلف.

ووفقاً للإعلان النهائي، قال الحلف "نؤيد بصورة كاملة حق أوكرانيا في اختيار ترتيباتها الدفاعية وتقرير مستقبلها، بعيداً من التدخل الخارجي، ومستقبل أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي".

وأشار أعضاء الحلف إلى التقدم الذي أحرزته أوكرانيا منذ قمة "الناتو" لعام 2023 في فيلنيوس، ومع استمرار كييف في "هذا العمل الحاسم" فسيواصلون دعمها على الطريق نحو التكامل الأوروبي- الأطلسي الكامل.

وفي الوقت نفسه، يؤكد الإعلان أن الدول الأعضاء في الحلف "ستكون قادرة" على دعوة أوكرانيا إلى الانضمام لـ"الناتو" عندما يوافق الحلفاء وتفي كييف بالشروط اللازمة لذلك، وسيقوم وزراء خارجية الدول الأعضاء بتقييم التقدم الذي أحرزته كييف في تنفيذ الإصلاحات سنوياً.
ومع تأكيد "الناتو" أن روسيا تشكل تهديداً لدوله وأن أوكرانيا تسير في "طريق لا رجعة فيه" إلى الحلف وستظل استراتيجية التوسع من دون تغيير، أعلن في بيانه الختامي أن "الناتو تحالف دفاعي، وأن التزامنا الدفاع عن بعضنا بعضاً وعن كل شبر من أراضي الاتحاد في جميع الأوقات، على النحو المنصوص عليه في المادة 5 من معاهدة واشنطن، لا يتزعزع".

وكشف البيان عن قرار بإنشاء وحدة المساعدة والتدريب الأمني ​​التابعة لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا (NSATU)  لتنسيق توفير المعدات العسكرية والتدريب من الحلفاء والشركاء، وهدفها وضع المساعدة الأمنية لأوكرانيا على أساس سليم من خلال توفير دعم معزز.

 

 

وقال إن "هذه الوحدة التي ستعمل في الدول الحليفة ستدعم الدفاع عن النفس لأوكرانيا وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وبموجب القانون الدولي، وهي لن تجعل ’الناتو‘ طرفاً في النزاع. وستدعم تحويل قوات الدفاع والأمن الأوكرانية، مما يضمن مزيداً من اندماجها في حلف شمال الأطلسي".

إضافة إلى ذلك، ستواصل أوكرانيا إنشاء مركز التحليل والتدريب والتعليم المشترك بينها و"الناتو"، وبناء على اقتراح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ستعيّن ممثلاً رفيع المستوى للحلف في البلاد.

وفي إشارة إلى "التقدم الملموس" الذي حققته أوكرانيا منذ قمة فيلنيوس العام الماضي في مجال الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية والأمنية، وعد أعضاء حلف شمال الأطلسي بأن اندماج هذه الدولة السوفياتية السابقة في الحلف ليس بعيداً، وأضافوا أن "مستقبل أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي. لقد أصبحت أوكرانيا أكثر اندماجاً على المستويين العملياتي والسياسي في الحلف. وبينما تواصل أوكرانيا هذا العمل الحيوي، فسندعمها في مسيرتها نحو التكامل الأوروبي- الأطلسي، بما في ذلك عضوية الحلف. نؤكد أننا سنكون قادرين على توجيه دعوة إلى أوكرانيا للانضمام لـ’الناتو‘ عندما يتفق الحلفاء ويتم استيفاء الشروط".
ووعد المشاركون في قمة الذكرى الـ75 لحلف شمال الأطلسي في واشنطن بتخصيص 40 مليار يورو للدفاع عن أوكرانيا في غضون عام، وقال الرئيس الأميركي جو بايدن أيضاً إن الحلفاء سيزودون كييف بخمسة أنظمة دفاع جوي لمواجهة الهجمات الروسية المستمرة.

وضمن خطاب مقتضب لكن قوي في افتتاح القمة، شدد  بايدن على أن التحالف العسكري "أقوى من أي وقت مضى" مع وصول حرب روسيا مع أوكرانيا إلى "نقطة التحول".

وأضاف بايدن أن الولايات المتحدة، إلى جانب ألمانيا وإيطاليا وهولندا ورومانيا، ستقدم عدداً من أنظمة صواريخ باتريوت أرض- جو وأنظمة دفاع جوي أخرى لمساعدة أوكرانيا.
لكن عالم السياسة إيفان ميزيوخو رجح في الوقت نفسه أن "الناتو" لن يقبل أوكرانيا في صفوفه، وكل التصريحات حول احتمالات انضمام البلاد إلى التحالف تهدف إلى "تهدئة" الشعب الأوكراني. ووفقاً له، فمن الواضح والمتوقع أن يستخدم حلف شمال الأطلسي اليوم أوكرانيا كأداة لمحاربة روسيا.

ويتفق المقدم المتقاعد من الجيش الأميركي إيرل راسموسن مع هذا البيان، مشدداً على أن خطة زيلينسكي الذي انتهت فترة ولايته في الـ20 من مايو (أيار) الماضي حول انضمام البلاد إلى "الناتو" غير واقعية، وأن أوكرانيا لن تنضم أبداً إلى الكتلة الغربية.

وقال إن "خطة زيلينسكي مجنونة وغير واقعية ولن تؤدي إلى أي شيء. آمل في أن تكون هناك عملية تفكير عقلاني خلال المحادثات التي ستفضي إلى توافق في الآراء، لكنني لا أعتقد بأنهم سيتوصلون إلى خطة مشتركة، وستكون لديهم خلافات في الداخل".

دعم طويل الأمد لأوكرانيا

في ما يتعلق بالمساعدة والدعم على المدى الطويل لكييف، وعدت دول التحالف بمساعدات مالية منتظمة وإرسال أسلحة ومعدات ومتخصصين ومدربين للتدريب.

وجاء في الإعلان من خلال المساهمات التناسبية، أن الحلفاء يعتزمون تقديم تمويل أساس بحد أدنى قدره 40 مليار يورو على مدى عام 2025، إضافة إلى مستوى مستدام من المساعدة الأمنية"، وأشاد بايدن بهذه النية، قائلاً في بيان إن "واشنطن فخورة بدعم كييف، وستستمر المساهمات من الموازنة الأميركية في التدفق".

في الوقت نفسه، ذكرت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية الأربعاء الماضي أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قسما مبلغ 40 مليار يورو المتفق عليه في واشنطن لمساعدة أوكرانيا إلى النصف. وروما التي قدمت في السابق المساعدة لكييف بنحو 1.2 مليار يورو، ستزيد الآن حصتها وتعتزم تحويل نحو 1.7 مليار يورو.

 

 

وحده رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لم يقدر من بين كل زملائه مساعدة الحلف لأوكرانيا حق قدرها، ودعا إلى التذكر بأن منظمة "الناتو" تأسست قبل 75 عاماً كمشروع سلام، والآن تهدد العسكرة المتزايدة بعواقب من المستحيل التنبؤ بها.

وكما قال عالم السياسة الفرنسي نيكولا ميركوفيتش، "على رغم أن المجر ليست العضو الأكثر أهمية في ’الناتو‘، فإنه سيظل من المثير للاهتمام سماع ما سيصرّح به أوربان. واليوم هو السياسي الوحيد في العالم الذي التقى قادة أوكرانيا وروسيا والصين والولايات المتحدة".

لكن من الواضح أن موقفه لا يتطابق مع موقف الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا. وأضاف ميركوفيتش أنه "لذلك لم يقترح التحالف أثناء القمة خطة سلام أو خطة للمفاوضات".

الأستاذ في كلية السياسة العالمية بجامعة موسكو الحكومية التي تحمل اسم "أم في لومونوسوف" أليكسي فينينكو دعا إلى عدم المبالغة في تقدير جهود المجر ولم يستبعد أن أوربان ربما يتعمد خلق سمعة كمقاتل ومنشق داخل التحالف من أجل استخدامه كشخصية للمفاوضات مع روسيا، وأشار إلى أن زياراته ليست أكثر من زيارات عمل لاختبار مدى استعداد الأطراف للمفاوضات.

التهديد الروسي للأمن الأوروبي- الأطلسي

في السياق المحموم لتصعيد المواجهة مع روسيا، لم يكُن من المستغرب بالنسبة إلى كثيرين من أعضاء "الناتو" أن يذكروا روسيا باعتبارها التهديد الرئيس لحلف شمال الأطلسي الذي يكرس الجهود المستقبلية كافة لمواجهته.

وجاء في البيان الختامي للقمة "نحن مصممون على ردع ومواجهة الأعمال العدوانية الروسية ومواجهة قدرتها على الدخول في أنشطة مزعزعة للاستقرار ضد ’الناتو‘ وحلفائه"، مضيفاً أنه "بحلول القمة المقبلة، سنضع توصيات في شأن النهج الاستراتيجي لحلف شمال الأطلسي تجاه روسيا، مع الأخذ في الاعتبار البيئة الأمنية المتغيرة".

ومن المفارقات اللغوية والدبلوماسية في آن معاً، أكد الحلف على رغم لهجته التصعيدية تجاه موسكو، أنه لا يسعى إلى المواجهة ولا يشكل تهديداً لروسيا، إذ تظل الدول المشاركة مستعدة "للحفاظ على قنوات الاتصال مع موسكو للحد من الأخطار ومنع التصعيد".

لائحة أعداء "الناتو"

إضافة إلى الاتحاد الروسي، تشمل قائمة الدول غير الصديقة لحلف شمال الأطلسي أيضاً بيلاروس وكوريا الشمالية والصين وإيران، وكلها من خلال التعاون مع موسكو تهدف إلى إطالة أمد الصراع الأوكراني.

وقال الحلف في بيانه الختامي إن "تصرفات إيران المزعزعة للاستقرار تؤثر في الأمن الأوروبي- الأطلسي، وتستمر الطموحات المعلنة والسياسات القسرية للصين في تحدي مصالحنا وأمننا وقيمنا. إن تعميق الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين ومحاولاتهما المتبادلة لتقويض وإعادة تشكيل النظام الدولي القائم على القواعد مثيران للقلق العميق".

وأشار البيان إلى أن التحالف يواجه تهديدات هجينة وسيبرانية وفضائية وغيرها، وأنشطة ضارة من جهات حكومية وغيرها.

وفي الفقرة 23 من بيانه، دعا حلف شمال الأطلسي جميع الدول إلى رفض تقديم أي مساعدة لروسيا، ويدين الحلف بشدة كل "من يتصرف بما يتعارض مع هذا، بالتالي يطيل أمد الصراع الأوكراني".

 

 

ووصفت بعثة الصين لدى الاتحاد الأوروبي الاتهامات الموصوفة في بيان "الناتو" بأنها مليئة بالأكاذيب، قائلة إن بكين تعارض بشدة كل الشكوك المثارة، وأضافت أن "إعلان قمة ’الناتو‘ في واشنطن مليء بعقلية الحرب الباردة والخطابات العدائية، والمحتوى المتعلق بالصين مليء بالاستفزازات والأكاذيب والتحريض والافتراء".

وقبل ذلك، أشارت الصين، على صدر صفحات صحيفة "غلوبال تايمز" إلى أن "’الناتو‘ حاول خلق صراعات وعدم استقرار في العالم، على سبيل المثال في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لكنه في الوقت نفسه يواجه انقساماً حول هذا الأمر".

وتابعت أن "التحالف، بخاصة واشنطن التي تضطلع بدور قيادي فيه، يعملان على تضخيم أسطورة التهديد الذي من المفترض أن تشكله بكين على العالم أجمع، وفي المقام الأول على منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وباستخدام هذه الفكرة، يحاول الحلف زرع بذور الشقاق في المنطقة، تماماً كما فعل في أوروبا".

وقال أليكس لو، كاتب العمود في صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" في مقالته بتاريخ 9 يوليو (تموز) الجاري، إن الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ "أمضى كثيراً من الوقت في محاولة تصوير الصين على أنها عدو للغرب. وفي الوقت نفسه فإن الكتلة العسكرية تشكل تهديداً حقيقياً لأمن آسيا. إن حلف ’الناتو‘ بحد ذاته يخلق تهديداً بحرب عالمية، وهذا ليس خطأ بكين".

"الناتو" يوسع خريطة طموحاته

وأكد أعضاء الحلف خلال الإعلان الختامي في واشنطن عزمهم على مواصلة توسع "الناتو"،  قائلين "تتمتع منطقة غرب البلقان والبحر الأسود بأهمية استراتيجية بالنسبة إلى الحلف، وفي حين تظل ملتزمة بشدة بأمنها واستقرارها"، فإن "الناتو" سيستمر في تعزيز "الحوار السياسي والتعاون العملي مع دول غرب البلقان".

وأردفوا أننا "لا نزال ملتزمين بالوجود المستمر لحلف شمال الأطلسي في غرب البلقان، بما في ذلك من خلال قوة كوسوفو التي يقودها الحلف. ونؤكد من جديد دعمنا المستمر لجهود الحلفاء الإقليميين في الحفاظ على الأمن والدفاع والاستقرار وحرية الملاحة في منطقة البحر الأسود، بما في ذلك، بحسب الاقتضاء، ’اتفاقية مونترو‘ لعام 1936. ونرحب بتفعيل الحلفاء الثلاثة الساحليين لفرقة العمل المعنية بالتدابير المضادة للألغام في البحر الأسود. سنواصل مراقبة وتقييم الأحداث في المنطقة وزيادة وعينا الظرفي".

 

 

وأوضحوا أن هناك فرضية مهمة أخرى وردت في الإعلان تتعلق بتقارب تعاون "الناتو" مع دول منطقة المحيطين الهندي والهادئ بسبب تأثيرها المباشر في الأمن الأوروبي- الأطلسي، بما في ذلك من خلال دعم أوكرانيا، مضيفين "سنلتقي قيادة أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، لمناقشة التحديات الأمنية المشتركة ومجالات التعاون. نحن نعمل على تعزيز الحوار لمعالجة التحديات الإقليمية وتوسيع تعاوننا العملي، بما في ذلك من خلال المشاريع الرائدة في مجالات دعم أوكرانيا والدفاع السيبراني ومكافحة التضليل والتكنولوجيا"، واعتبر البيان أن "هذه المشاريع ستعزز قدرتنا على العمل معاً لتحقيق المصالح الأمنية المشتركة".

فضلاً عن ذلك، أشير إلى أن "الناتو" يهدف إلى تعزيز وجوده في الشرق الأوسط وأفريقيا بحجة "دعم السلام" في المنطقة، أي بكلمات أكثر واقعية "الحفاظ على أمن إسرائيل وتفوقها العسكري على كل دول المنطقة".

وجاء في البيان أن "الجوار الجنوبي لحلف شمال الأطلسي يوفر فرصاً للتعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك. ومن خلال شراكتنا، نسعى جاهدين إلى الإسهام في تحقيق قدر أكبر من الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا، وتعزيز السلام والازدهار في المنطقة".
وأشير كذلك إلى أن قادة "الناتو" سيعقدون اجتماعهم المقبل في يونيو (حزيران) 2025 في لاهاي.

خطط التوسع السرية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي

أصبح التاريخ الطويل لاستراتيجية التوسع المستمر لـ"الناتو" معروفاً هذه الأيام أيضاً بفضل الوثائق الأرشيفية التي رفعت عنها السرية في جامعة جورج واشنطن بالعاصمة، وهي توضح نية الحلف منذ التسعينيات، أي بعيد انهيار الاتحاد السوفياتي و"حلف وارسو"، العمل على قضية قبول أوكرانيا في الحلف والتدابير الرامية إلى توسيع نفوذ الكتلة الغربية.

وتحدد الوثائق التي رفعت عنها السرية "مع الدول الاشتراكية السابقة في أوروبا الوسطى والشرقية ودول البلطيق وأوكرانيا مزيد من الإجراءات (صياغة التعليمات) للنظر في العواقب العسكرية، وتم إعداد قائمة بالمرشحين الكاملين الذين لا يزال موضوع دخولهم مفتوحاً"، بحسب ما ورد في التسجيلات السرية.

ويشير أرشيف الأمن القومي الأميركي إلى أن هذه إحدى الوثائق الأولى التي تصف المحادثات التي جرت في إدارة الرئيس الأميركي الـ42 بيل كلينتون في ما يتعلق بتوسيع "الناتو".

وبحلول خريف عام 1993، أدت المفاوضات بين مؤيدي توسيع التحالف وأولئك الذين اقترحوا نهجاً أكثر حذراً وتعاوناً مع روسيا وأوكرانيا إلى تشكيل "مسار مزدوج" في واشنطن، فمن ناحية تقرر عدم رفض قبول أعضاء جدد في منظمة حلف شمال الأطلسي (على رغم عدم تحديد مواعيد نهائية ومعايير واضحة)، ومن ناحية أخرى تم إطلاق برنامج الشراكة من أجل السلام "للديمقراطيات الجديدة الواعدة في أوروبا الشرقية" عام 2008 من أجل "ضمان التحرك التطوري نحو العضوية الكاملة في ’الناتو‘"، وفقاً لوثيقة البيت الأبيض المؤرخة في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 1993.

 

 

وتوضح مذكرة موجهة من مستشار الأمن القومي أنتوني ليك إلى كلينتون خلال الفترة نفسها أن "أي إجراء في هذه المرحلة يشير إلى تحرك حدود ’الناتو‘ نحو روسيا وأوكرانيا من دون ضم هاتين الدولتين في الوقت نفسه ستكون له عواقب سلبية خطرة على البلدين". وبعد أسبوع، تحدث وزير الخارجية الأميركي مع الرئيس الروسي بوريس يلتسين حول الشراكة من أجل السلام. وفي الـ 22 من يونيو 1994، انضمت روسيا إلى البرنامج.

واقترحت وثيقة أعدها مجلس الأمن القومي الأميركي في أكتوبر 1994، إضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات مع روسيا "على أساس ’التحالف مع التحالف‘، مما سيكون بديلاً للعضوية الكاملة وسيتضمن آلية تشاورية، لكنه لن يمنح موسكو حق النقض (الفيتو) في شأن قرارات ’الناتو‘، بما في ذلك ما يتعلق بيوغوسلافيا السابقة". وأضافت أنه "يجب الحفاظ على إمكان عضوية أوكرانيا ودول البلطيق في حلف شمال الأطلسي"، مؤكدة أنه "يجب ألا ندفعهم إلى منطقة رمادية أو إلى مجال نفوذ روسيا".

في الأول من ديسمبر (كانون الأول)، أعلن "الناتو" أنه سيبدأ النظر في قبول أعضاء جدد عام 1995. وضمن حديثه بعد كلينتون في مؤتمر الأمن والتعاون في بودابست خلال الشهر نفسه، اتهم يلتسين الولايات المتحدة وحلف الأطلسي باستفزاز "السلام البارد" في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

وفي الشهر نفسه، زار نائب الرئيس الأميركي آل غور يلتسين في أحد مستشفيات موسكو وأكد له أن توسع حلف شمال الأطلسي سيكون مصحوباً بمشاورات مع موسكو، ووعد كذلك بأن التحالف لن يبدأ عملية قبول أعضاء جدد عام 1995، عندما تجرى الانتخابات البرلمانية في روسيا. رداً على ذلك، أبدى يلتسين اهتمامه بمعرفة الشكل الذي ستبدو عليه علاقات موسكو مع حلف شمال الأطلسي إذا توسع الحلف.

وقال يلتسين، "حسناً، لقد تمت مناقشة مثل هذا التطرف أيضاً، نحن لسنا ضد انضمام روسيا إلى ’الناتو‘ بصورة أساسية". يجيب يلتسين أن هذا مستحيل. ويترتب على المواد الأرشيفية أنه تمكن من إقناع موسكو بأنها أساءت فهم بيان حلف شمال الأطلسي، في شأن توقيت قبول الأعضاء الجدد.

كيف مهدت واشنطن لخداع موسكو؟

تسلط الوثائق من 1995 إلى 1997 الضوء على المحادثات في البيت الأبيض حول التوسع التالي لحلف شمال الأطلسي، وتوضح مذكرة مؤرخة في 19 يوليو 1995 من مستشار الأمن القومي أنتوني ليك دراسة حول كيفية وسبب قبول أعضاء جدد، لكنها تشير إلى المعارضة الروسية المتزايدة ومخاوف أوروبا الغربية والشكوك في الكونغرس.

يكتب ليك أن الدراسة الجديدة تقترح استخدام الشراكة من أجل السلام كمنصة للدول لإظهار اهتمامها وأهليتها للانضمام إلى التحالف، إذ "يجب أن تطمئن الدراسة الروس في شأن نشر قوات نووية وقوات تقليدية كبيرة على أراضي الأعضاء الجدد، ويحتفظ ’الناتو‘ بالحق في القيام بذلك، لكنه لا يرى سبباً لمثل هذا النشر في هذا الوقت، بخاصة في ما يتعلق بقدراته النووية". حسبما قالت المذكرة.

ويلفت أيضاً إلى أن النصف الأول من عام 1996 سيتم تخصيصه للمحادثات الداخلية في شأن المتطلبات المحددة للقوات المسلحة لأعضاء ’الناتو‘ الواعدين، وتهدف هذه "الوتيرة المدروسة" إلى إيهام موسكو بأن الحلف لا يخطط لتوسع متسرع، كما هو متوقع، فضلاً عن منع القوى القومية في روسيا من التحول إلى "ذخيرة" سياسية في الفترة التي سبقت انتخابات عام 1996. "من غير المرجح أن تؤدي معارضة روسيا لتوسع حلف شمال الأطلسي إلى أي رفض على المدى القريب أو المتوسط، نحن لا نسعى جاهدين إلى أن توافق روسيا على توسيع ’الناتو‘ في أي حال، ولكن فقط من أجل رد فعل منضبط في سياق التعاون الأوسع".

 

 

عشية الانتخابات الرئاسية الروسية عام 1996، أجرت الولايات المتحدة اتصالات مكثفة مع موسكو، مكرسة لتطوير الظروف التي سيتم بموجبها التوقيع على القانون التأسيسي لروسيا- "الناتو".

وإحدى الوثائق الرئيسة التي رفعت عنها السرية في هذه الفترة هي مذكرة من مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأوروبية والكندية جون كورنبلوم، تصف نهج موسكو بالقول، "محاولات تأخير أو حتى منع توسع ’الناتو‘ والبدء المتزامن للحوار بين روسيا وتحالف شمال الأطلسي. وفي ما يتعلق بالأخير، طرحت موسكو شروطاً عدة من بينها رفض نشر ’الناتو‘ أسلحة على أراضي الأعضاء الجدد، ورفض منح العضوية لأوكرانيا ودول البلطيق، وإنشاء آلية من شأنها أن تسمح لموسكو بالتأثير في عملية صنع القرار داخل التحالف".

ويصف الدبلوماسي الأميركي تقديم مثل هذه الضمانات بأنه غير مقبول، واقترح الاستراتيجية التالية، إيهام موسكو بأن الولايات المتحدة تريد "بناء العلاقات الأمنية مع روسيا على أساس أكبر قدر ممكن من التعاون، ودمج روسيا في نوع جديد من المجتمع الأمني ​​الأوروبي، حتى يسمع صوت روسيا في مجالس صنع القرار الأوروبية، إن توسع ’الناتو‘ والتغييرات المؤسسية الأخرى تهدف إلى تحقيق هذا الهدف".

قلق موسكو ورد فعلها الغاضب

بعد اليوم الأول من قمة "الناتو" في واشنطن، أعلن السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف أن التحالف أظهر طبيعته العدوانية، وقال إن سياسة الغرب مليئة بالاستبداد والاستعمار الجديد وفرض إرادته بقوة السلاح. ووفقاً له، فإن دول الحلف تتبع بصورة عمياء مسار تصعيد الصراع الأوكراني، مما يمهد الطريق لحرب عالمية ثالثة.

وأضاف أنه "خلال أحداث اليوم في واشنطن، لم نسمع كلمة واحدة عن السلام، بل التصاعد نفسه في هوس الحرب والشيطنة الغاضبة لبلدنا".

وهذا ما صرح به أيضاً رئيس الوفد الروسي في مفاوضات فيينا حول الأمن العسكري والحد من التسلح كونستانتين غافريلوف الذي ذكر بأن رغبة الغرب في إلحاق "هزيمة استراتيجية" بروسيا وخروجها عن وثائق الحد من التسلح يمكن أن تؤدي إلى صراع بين القوى النووية.

وأضاف أن رغبة "الحلفاء عبر الأطلسي" في الانغماس بصورة أعمق في دوامة المواجهة مع روسيا إلى جانب نظام كييف واضحة على نحو كبير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي موسكو، صرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أول من أمس بأن الوثائق الختامية التي اعتمدتها قمة "الناتو" تثبت أن الدول الغربية ليست مؤيدة للحوار وأن الحلف بحد ذاته يمثل أداة للمواجهة.

وقال "نرى أن خصومنا في أوروبا والولايات المتحدة ليسوا مؤيدين للحوار، واستناداً إلى الوثائق المعتمدة في قمة ’الناتو‘، فهم ليسوا مؤيدين للسلام"، مشدداً على أن "حلف شمال الأطلسي أداة للمواجهة وليس إجراء لـتعزيز السلام والأمن".

وأضاف بيسكوف أن "الناتو" أظهر مرة أخرى وبكل وضوح جوهره كتحالف تصادمي تم إنشاؤه في عصر المواجهة بهدف الحفاظ على المواجهة"، مردفاً أن الحلف يقوم بمهماته، فتتصاعد التوترات في القارة الأوروبية.

وأشار إلى أن حلف شمال الأطلسي منضوٍ بحكم الأمر الواقع وبصورة كاملة في الصراع بأوكرانيا، "وقد حان الوقت لتسمية الأمور بمسمياتها".

وبحسب بيسكوف، فإن "روسيا ترى أن ’الناتو‘ يواصل دفع بنيته التحتية نحو حدودها، ويريد بصورة عامة قمعها وإلحاق هزيمة استراتيجية بها"، مما يشكل "تهديداً خطراً للغاية للأمن القومي" الروسي و"سيتطلب هذا رداً مدروساً ومنسقاً وفاعلاً من جانبنا لردع حلف شمال الأطلسي".

وذكر أن المحادثات حول تعديل العقيدة النووية مستمرة، لكنها "ليست أسلوب الردع الوحيد"، مؤكداً أن موسكو كانت دائماً ولا تزال مستعدة لمناقشة جميع جوانب الأمن في القارة مجتمعة فقط، وقال، "لن نناقش عناصر فردية يتم اقتطاعها من السياق الأمني ​​العام، نحن مستعدون ونتطلع لمناقشة الوضع برمته، وكل الجوانب المتعلقة بالأمن في القارة الأوروبية وأمن بلدنا والضمانات الأمنية للدول الأخرى. ولكن كل هذا تنبغي مناقشته معاً".

وجدد بيسكوف الإشارة إلى موقف روسيا الأصلي المبدئي في شأن انضمام كييف إلى "الناتو"، قائلاً "بالنسبة إلينا، فإن توسع الحلف في أراضي أوكرانيا يمثل تهديداً غير مقبول لوجودنا".

ورأى الكرملين "سمات إحياء الحرب الباردة" في نشر الصواريخ الأميركية بألمانيا.

وتعليقاً على خطط الولايات المتحدة نشر صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت وغيرها من الصواريخ بعيدة المدى في ألمانيا، أعلن بيسكوف عودة بوادر الحرب الباردة "بالمواجهة والصدام المباشر"، وأضاف أن "خطوات واثقة نحو الحرب الباردة اتخذت. لقد حدث كل هذا بالفعل"، مردفاً أن "ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا نفسها متورطة بصورة كبيرة في الصراع حول أوكرانيا، وكل سمات الحرب الباردة تعود للواجهة، بالمواجهة المباشرة".

وبحسب بيسكوف، سيتم نشر الصواريخ "لضمان هزيمتنا الاستراتيجية في ساحة المعركة"، ويجب أخذ ذلك في الاعتبار. وقال السكرتير الصحافي للرئيس الروسي إن هذا "ليس سبباً للتشاؤم"، وهو يرى أن مثل هذه الخطوات التي يتخذها الغرب لا بد من أن تشجع "على الاجتماع معاً واستخدام كل الإمكانات الغنية التي لدينا، وتحقيق كل الأهداف التي وضعناها لأنفسنا خلال عمليتنا العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.

وأعلنت السلطات الأميركية على هامش قمة "الناتو" عن خطط لنشر الأسلحة أول من أمس، اعتباراً من عام 2026، إذ إن وحدات إطلاق نار بعيدة المدى بصواريخ "أس أم-6" المضادة للطائرات وصواريخ توماهوك كروز والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت التي لا تزال قيد التطوير ستنشر على الأراضي الألمانية.

وأرجع بيان مشترك من ألمانيا والولايات المتحدة نشر الصواريخ إلى الاحتواء في أوروبا، فأشار المستشار الألماني أولاف شولتز إلى الأمر نفسه عندما أجاب عن سؤال حول ما إذا كان مثل هذا القرار سيجرّ ألمانيا إلى سباق تسلح جديد مع روسيا، وقال إن موسكو شرعت في "حشد أسلحة لا يصدق" وهذا من شأنه أن يساعد في احتوائها.

وسبق أن حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من إمكان الرد بالمثل على أي نشر لصواريخ أميركية متوسطة وقصيرة المدى في أي منطقة من العالم.

"الناتو" يعتبر روسيا تهديداً

أولى الإعلان الختامي لقمة الحلف اهتماماً خاصاً بروسيا، وأكد أن حلف شمال الأطلسي لا يزال يعتبرها التهديد الرئيس لدول الحلف، وتنص الوثيقة على أن الصراع في أوكرانيا "هز السلام والاستقرار في المنطقة الأوروبية- الأطلسية وقوّض بصورة خطرة الأمن العالمي".

وعلى رغم لهجته الصدامية ضد موسكو أكد الحلف في الوقت نفسه أنه لا يرغب في المواجهة مع روسيا.

إلى أين تتجه الأمور؟

قبل انعقاد قمة الذكرى السنوية الـ75 لحلف شمال الأطلسي في واشنطن، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا باربوك أهمية التحالف الدفاعي، وخلال حديثها في الـ"بوندستاغ"، دعت إلى دور أقوى لأوروبا على خلفية الحرب الروسية- الأوكرانية ومع الأخذ في الاعتبار موقف الولايات المتحدة في التحالف.

 وقالت "لكي يظل ’الناتو‘ تحالفاً عبر الأطلسي، يجب أن يصبح أكثر أوروبية"، ومع ذلك أشارت أيضاً إلى "لحظة فاصلة" في التاريخ الألماني "لا تمثل نقطة تحول قصيرة"، ولكنها "إعادة توجيه تتجاوز فترات الولاية واستثمار طويل الأجل في أمننا وفي أسلوب حياتنا القائم على أساس الحرية والديمقراطية وسيادة القانون".

وقالت إن القمة ستناقش بنشاط "كيف يمكننا توسيع دعمنا لأوكرانيا"، وينبغي أن يكون واضحاً للجميع "في المستقبل المنظور، ستظل روسيا بوتين تشكل التهديد الأعظم لأمننا وحريتنا في أوروبا".

ووصف رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر روسيا بأنها "تهديد للأجيال"، وفق ما ذكرت صحيفة "تلغراف"، إذ قال "إننا نواجه تهديداً لأجيال وأجيال من روسيا بدعم من دول مثل كوريا الشمالية وإيران"،

وأضاف أن رد "الناتو" على ما يحدث سيحدد العالم لعقود مقبلة، مشيراً كذلك إلى أنه على رغم أن 23 دولة في الحلف تحافظ على إنفاقها العسكري عند اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن هذا لا يكفي، ودعا إلى زيادته لـ2.5 في المئة.
وقال ستارمر هذا الأسبوع إن أوكرانيا يجب أن تقرر بنفسها كيفية استخدام الأسلحة البريطانية لضرب روسيا.

واعتبر المرشح الأميركي المستقل للرئاسة روبرت كينيدي جونيور من جهته أن حلف شمال الأطلسي "تحول إلى حلف هجومي"، وكتب على موقع "إكس" للتواصل الاجتماعي أن "’الناتو‘ تم تأسيسه كحلف دفاعي لحماية أوروبا الغربية من الاتحاد السوفياتي. وعندما سقط جدار برلين، كان على جورج بوش أن يتوجه إلى برلين والإعلان أن المهمة أنجزت".

وتابع أنه "بدلاً من ذلك تحول ’الناتو‘ إلى حلف هجومي وتوسعي، يثير الحرب بدلاً من الحفاظ على السلام، ويحافظ على تدفق الدولارات إلى المقاولين العسكريين"، مؤكداً أنه في حال انتخابه رئيساً هو لن يحل "الناتو‘، لكنه "سيحوله إلى حلف سلام حقيقي متمسك بنزع السلاح العالمي".

وذكر الكرملين أمس الجمعة أنه لاحظ بعض التصريحات من دول غربية خلال قمة حلف شمال الأطلسي هذا الأسبوع التي من شأنها السماح لكييف باستخدام أسلحة زودتها بها لضرب الأراضي الروسية في خطوة وصفها بأنها تصعيد خطر.

وقال بيسكوف، "هناك تصريحات لممثلي بعض العواصم منها لندن وغيرها، لا ترى أي عوائق في هذا الصدد ونرى دولاً تحاول الحفاظ على التوازن وتعلن أنها ضد مثل هذا التساهل في ضوابط استخدام الصواريخ بعيدة المدى"، مضيفاً أن موسكو تعتقد بأن مثل هذه الأسلحة تستخدم بالفعل لضرب أراضٍ روسية.

وأردف "لكن في النهاية، الشيء الرئيس هو أن هذه الصواريخ تضرب أراضينا بالفعل. أما التمادي في ذلك، فهو استفزاز محض وتصعيد جديد وخطر للغاية".

اهتمام حلف شمال الأطلسي الوثيق بما يحدث خارج منطقة اليورو والأطلسي أصبح منذ فترة طويلة أمراً شائعاً، ولكن قمة الذكرى السنوية الأخيرة للحلف عززت الاتجاه نحو طمس الموقع الجغرافي للكتلة، بمناقشة الوضع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (التي بدأت تسمى، بتحريض من الولايات المتحدة، منطقة المحيطين الهندي والهادئ).

وأعلن رئيس كوريا الجنوبية يون سيوك يول خلال القمة التي عقدت في واشنطن بلاده التي افتتحت مهمة دبلوماسية مع ’الناتو‘ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، سترتقي بشراكتها مع الحلف إلى مستوى جديد.

فإذا كانت سيول ترى أن الأخطار الأساسية التي تهدد الأمن الإقليمي والعالمي تكمن في تعزيز الروابط بين موسكو وبيونغ يانغ، فإن ’الناتو‘ نفسه ينظر إلى هذا الأمر على نطاق أوسع بكثير.

وكما قال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ أخيراً، فإن الصراع على أراضي أوكرانيا يوضح مدى الارتباط الوثيق بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.

وموسكو وبكين ترفضان بشدة تدخل "الناتو" في شؤون المنطقة، مما يتجاوز بكثير "التسجيل" الرسمي للحلف. ولفت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الانتباه مراراً وتكراراً إلى حقيقة مفادها بأن حلف شمال الأطلسي "يقوم بالفعل بتحويل ما يسمى خط الدفاع إلى بحر الصين الجنوبي"، منتقداً تعزيز البنية التحتية العسكرية لحلف شمال الأطلسي في آسيا من خلال إنشاء هياكل كتلة مثل "أكواس" (أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا العظمى) والحوار الأمني ​​الرباعي  QUAD "كواد" الذي يشمل الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند.

 لقد تم ذكر روسيا وأوكرانيا بطريقة أو بأخرى أكثر من 100 مرة في الإعلان الختامي لقمة "الناتو" التي عقدت في واشنطن.

وهكذا، يظهر أن الحلف في الذكرى الـ75 يريد إحياء حرب جديدة أكثر من باردة مع روسيا، وهذه المرة من بوابة أوكرانيا، فإذا كان السبب الأول للحرب الدموية الدائرة في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة هو جنوحها للانضمام إلى "الناتو"، فإن تأكيد الحلف أن طريق التحاقها به لا رجعة فيها، سيكون بمثابة صبّ الزيت على النار التي قد تنتشر وتتوسع لتحرق أصابع اللاعبين الأطلسيين الذين بدلاً من اجتراحهم في قمتهم  مبادرة لوقف الحرب وإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا، أذكوا لهيبها ونفخوا فيها بكل ما ملكت أيمانهم وأوتوا من قوة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات