Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختراع الشعب والأرض والدولة... بماذا تعرف إسرائيل نفسها؟

رسمياً هي وطن اليهود حول العالم ونظامها ديمقراطي برلماني وقانونها مدني تشوبه اجتهادات عثمانية وإسلامية ومسيحية وانتدابية

لدى بعض الإسرائيليين تفسيرات دينية للعلاقة بين الشعب اليهودي والأرض، إذ يربطون بين الأرض والهوية الدينية والتاريخية (أ ف ب)

ملخص

تسلط إسرائيل الضوء على الثقافة اليهودية والتاريخ والتقاليد الدينية كعناصر أساسية في هويتها الوطنية، وهي تعترف، بحسب موقع رئاسة الجمهورية الإلكتروني، بحقوق مواطنيها ومجتمعاتها غير اليهودية، بما في ذلك العرب والدروز والمسيحيون والأقليات الأخرى مثل البدو والمهاجرين الأفارقة والمجتمعات الدينية الصغيرة الأخرى.

يعرف النظام السياسي في دولة إسرائيل نفسه بأنه نظام ديمقراطي برلماني، وبأن النظام القانوني مدني في أساسه، لكن تتخلله تقاليد واجتهادات قانونية يهودية وعثمانية وإسلامية ومسيحية، وكذا اجتهادات تركها الانتداب البريطاني.

في التعريف الرسمي أيضاً إسرائيل دولة يهودية، إذ يشكل اليهود نحو 74 في المئة من السكان، وفقاً للتقديرات الأخيرة، و"قانون العودة" الذي أقر حين إعلان دولة إسرائيل عام 1948 يمنح يهود العالم الحق في الهجرة إلى إسرائيل والحصول على الجنسية.

تسلط إسرائيل الضوء على الثقافة اليهودية والتاريخ والتقاليد الدينية كعناصر أساسية في هويتها الوطنية، وهي تعترف بحسب موقع رئاسة الجمهورية الإلكتروني بحقوق مواطنيها ومجتمعاتها غير اليهودية، بما في ذلك العرب والدروز والمسيحيون والأقليات الأخرى مثل البدو والمهاجرين الأفارقة والمجتمعات الدينية الصغيرة الأخرى. ويشكل المواطنون العرب في إسرائيل نحو 21 في المئة من عديد السكان، ويتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة على رغم المشكلات والتعقيدات الجيوسياسية والمجتمعية التي يواجهونها منذ تأسيس هذه الدولة وانخراطهم فيها كمواطنين.

هذه المعلومات العامة تقديم للبحث في ماهية دولة وفي تركيبتها الإدارية وهيكلية مؤسساتها الرسمية، بدءاً من رئيس الدولة ودوره التشريفي والمؤسسات التابعة له، إلى رئيس الحكومة والمؤسسات المدنية والعسكرية التي تخضع مباشرة لإمرته، ثم الحكومة مجتمعة والأدوار الموكلة إليها، وصولاً إلى "الكنيست" أو البرلمان وتركيبته وصلاحياته المهمة، مروراً بإدارة الدولة الرسمية المتعددة والمتشعبة إلى أقسام عديدة، والتي يسير في موازاتها تقسيم الأقاليم والإدارات المدنية المحلية التي تنطلق من البلدة أو المدينة لتتسع إلى إدارات تضم مجموعة من البلدات أو المدن وتتمتع باستقلال ذاتي تقريباً في القرارات الإنمائية والتشغيلية، كما سنعرض دور الجيش المهم في الجسم الإسرائيلي، وهو عموده الفقري. وقد جمعنا معلومات هذا التحقيق من المواقع الإلكترونية الحكومية الرسمية للمؤسسات الإدارية والسياسية في الدولة في محاولة لإضاءة ماهية وتركيبة دولة إسرائيل التي ما زالت مبهمة لدى كثير من القراء والمتابعين من العالم العربي.

تعريف إسرائيل لنفسها

إسرائيل هي دولة ديمقراطية برلمانية يقوم النظام السياسي فيها على مبدأ فصل السلطات الثلاث الرئيسة، أي التنفيذية والتشريعية، أي "الكنيست"، والقضائية وعلى رأسها المحكمة العليا ذات الأدوار الاستثنائية. أما الهيكلية السياسية فيكرسها عدد كبير من الأحزاب السياسية التي تمثل مجموعة متنوعة ومروحة واسعة من الآراء والتوجهات والجماعات الإسرائيلية، أبرزها حزب الليكود الذي يصنف حزباً يمينياً تقليدياً، وحزب العمال المصنف حزباً يسارياً وسطياً، وهناك الأحزاب الدينية التي تمثل اليهود المتدينين مثل حزب شاس وحزب يهودية التوراة المتحدة، ثم تأتي الأحزاب العربية التي تمثل الأقلية العربية في إسرائيل، وتشمل أحزاباً مثل القائمة العربية المشتركة.

 

بحسب معظم العاملين في مجال "الإسرائيليات" فإن الآراء والمشاعر بين الإسرائيليين تتفاوت بصورة كبيرة حيال قضايا الاستيطان والنزاع مع الفلسطينيين. ومن خلال مراقبة المزاج السياسي العام الإسرائيلي، سواء عبر وسائل الإعلام أو من خلال ممثلي الشعب الإسرائيلي في البرلمان أو من خلال استطلاعات الرأي، فإنه يبدو أن هناك تيارات وآراء متعددة داخل المجتمع الإسرائيلي ومواقف سياسية متباينة، فهناك من يدعمون الاستيطان ويرونه جزءاً من الأمن القومي أو الحقوق التاريخية للشعب اليهودي، بينما آخرون يعارضون الاستيطان ويعدونه عائقاً أمام حل الصراع وتأمين حقوق الفلسطينيين.

ولدى بعض الإسرائيليين تفسيرات دينية للعلاقة بين الشعب اليهودي والأرض، إذ يربطون بين الأرض والهوية الدينية والتاريخية. وهناك إسرائيليون ينظرون إلى الأزمة من منظور حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، ويشعرون بالغضب والحزن تجاه النزوح والاستيطان وآثارهما على الفلسطينيين.

أما النوع الثالث، وهو الأكثر راديكالية، فهم الإسرائيليون الذين اعتادوا على كون إسرائيل دولة تعيش في حال نزاع دائم مع جيرانها، وباتوا يرون في التحديات الأمنية والسياسية جزءاً من واقعهم اليومي. وبالنسبة إلى عدد كبير من اليهود، كانت فكرة إقامة دولة يهودية في أرضهم التاريخية تمثل تحقيقاً لمعتقدات دينية وأملاً في العودة للأرض المقدسة.

رئيس الدولة

يقف على رأس السلطة التنفيذية رئيس الدولة ذو الدور الشرفي، وينتخب من قبل "الكنيست" لمدة سبع سنوات. ورئيس الدولة هو بحكم القانون صاحب دور غير سياسي بل شرفي، ولا يعد جزءاً من أي فرع حكومي. ويوقع الرئيس على كل قانون يقر في "الكنيست"، وكذلك المعاهدات الدولية أو الثنائية، كما يوقع على تعيين رئيس الوزراء احتفالياً، ويتلقى أوراق اعتماد السفراء، وهو المسؤول الحكومي الوحيد الذي يتمتع بسلطة العفو عن السجناء أو تخفيف عقوبتهم. ويعين الرئيس حاكم "بنك إسرائيل" ورئيس الخدمة الوطنية للإغاثة، ويوافق شكلياً على القضاة المعينين في مناصبهم.

وبحسب الموقع العربي لديوان الرئاسة فإن أحد الأهداف غير الرسمية لمؤسسة الرئاسة هو إتاحة الفرصة لجميع الفئات السكانية في المجتمع الإسرائيلي أن تعبر عن نفسها استناداً إلى رؤية الرئيس. ويضيف الموقع أن الهدف الذي يضعه جميع رؤساء إسرائيل نصب أعينهم خلال فترة رئاستهم والمهام المركزية وغير الرسمية التي يقوم بها الرئيس خلال فترة رئاسته هي "تعزيز التعهد الإسرائيلي المتبادل وإبداء الرأي حول كل مواطن وفئة سكانية، وتنمية المنعة القومية والتماسك الاجتماعي، مع الأخذ بالحسبان الفسيفساء الإسرائيلية المركبة والمتنوعة وتعزيز الوطنية والتضامن الاجتماعي والشعور بالانتماء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من الواضح في هذا المقطع أن الترجمة العربية للمعلومات المكتوبة بالعبرية غير واضحة، "إضافة إلى ذلك، يعمل الرئيس على بناء محرك مركزي لتطوير القيادة المستقبلية لإسرائيل والعالم اليهودي". وتبدو مهام الرئيس في هذا المقطع المترجم عن العبرية في الموقع الإلكتروني غير مفهومة وغير ذات معنى محدد، وقد استللنا المقطع كما هو عن موقع ديوان الرئاسة الإسرائيلية.

ويضيف موقع الرئاسة الإسرائيلية أن "يهود العالم لا ينظرون إلى الرئيس على أنه رئيس دولة إسرائيل فحسب، بل يعدونه رئيساً لكل الشعب اليهودي. ورئيس دولة إسرائيل اليوم يشبه رئيس السنهدرين في فترة المشناه والتلمود. فبموجب منصبه ومكانته يعمل على تمثيل إسرائيل وإسماع صوتها أمام رؤساء الدول والشخصيات الرفيعة والمؤسسات المهمة في جميع أنحاء العالم".

وورد ما يلي في إطار حكم قضائي للمحكمة العليا عن شخصية الرئيس وماهية مؤسسة الرئاسة "يمثل الرئيس الدولة وقيمها الأخلاقية والديمقراطية، وباعتباره رئيساً للدولة فهو يمثل كيان الدولة والخطوط التي توحد وتربط بين التيارات المختلفة في المجتمع الإسرائيلي. ومن المفترض أن يعكس بشخصيته الخير والجمال والأخلاق التي تميز الشعب الإسرائيلي. ومن المفترض أيضاً أن يشكل قدوة للآخرين بطريقة تأديته وظيفته وبنهج حياته الخاصة كذلك (محكمة العدل العليا القرار رقم 5699/07 ضد مستشار الدولة)".

الحكومة ورئيسها

يلي رئيس الدولة في السلطة التنفيذية رئيس الوزراء أو رئيس الحكومة الذي يملك سلطات تنفيذية كبيرة، ويعين من قبل رئيس الدولة بناءً على توصية الأكثرية البرلمانية في "الكنيست"، والتي غالباً ما تتشكل من عدد كبير من الأحزاب.

ويعد رئيس الوزراء أقوى شخصية سياسية في البلاد، ويتخذ القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية والداخلية التي يصوت عليها من قبل مجلس الوزراء. وتتألف الحكومة من وزراء معظمهم رؤساء الإدارات الحكومية، وبعضهم وزراء من دون حقيبة. ويعين الوزراء من قبل رئيس الوزراء على أساس توزيع الأصوات على الأحزاب السياسية. ويجب أن يوافق على تشكيل مجلس الوزراء من قبل "الكنيست"، ويحق لرئيس الحكومة إقالة الوزراء، ويترأس مجلس الوزراء الذي يجتمع أسبوعياً في يوم الأحد، وقد يجتمع في أيام أخرى إذا اقتضت الظروف.

ويختار رئيس الوزراء مجموعة من الوزراء لتشكيل مجلس الوزاري المصغر، وتكون مهمته تحديد وتنفيذ السياسة الخارجية والدفاعية. ويشكل المجلس الوزاري المصغر لتنسيق المفاوضات في حال السلم واتخاذ قرارات سريعة وفعالة في أوقات الأزمات والحروب.

 

وتتألف الحكومة الإسرائيلية من 28 وزارة، كل منها مسؤول عن قطاع من قطاعات الإدارة العامة. ويوجد عديد من الوزارات في مجمع "كريات بن غوريون" الحكومي في منطقة جفعات رام في القدس. وينسق مكتب رئيس الوزراء أعمال جميع الوزارات الحكومية وخدمة رئيس الوزراء ومساعدته في عمله اليومي. وينتخب مراقب الدولة الذي يشرف على سياسات الحكومة ومراجعتها من قبل "الكنيست" في اقتراع سري.

وللإشارة إلى أهمية مركز رئيس الوزراء لا بد من تعداد الوحدات التابعة لديوان رئيس الوزراء، وهي دائرة المستشارة القانونية والمجلس العمومي لتخليد ذكرى بنيامين زئيف هرتزل وإدارة أرشيف الدولة، وتخضع أيضاً لسلطة رئيس الوزراء مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة أو "الموساد" والمكتب الصحافي الحكومي ومكتب الإعلام الحكومي ولجنة الطاقة الذرية التي سنستعرض مهامها في هذا التحقيق أيضاً. وتخضع لسلطاته أيضاً الهيئة المركزية للإحصاء وجهاز الأمن العام أو "الشاباك"، وقسم الأمن والطوارئ ومفتش الإدارة العامة للجنة مراقبة الدولة والإدارة المسؤولة عن تطبيق قانون حرية المعلومات ووزارة الشؤون الاستراتيجية والإعلامية. ويعمل مكتب رئيس الوزراء في إسرائيل في مجالين رئيسين هما المجال الدبلوماسي الأمني والمجال الاقتصادي والاجتماعي.

لجنة الطاقة الذرية

يترأس لجنة الطاقة الذرية رئيس الحكومة، والنشاط الرسمي في هذا المجال يجري عبر مركزين: مركز دراسة الذرة في "ناحال سوريك" وقرية دراسة الذرة في النقب. وتقدم لجنة الطاقة الذرية الاستشارة للحكومة في كل ما يتعلق بالتطوير والبحث الذري وتحديد السياسة وسلم الأفضليات في هذا المجال. وتنفذ اللجنة السياسة التي رسمتها الحكومة، وتمثل دولة إسرائيل في علاقاتها مع مؤسسات وطنية ودولية تعمل في المشاريع والسياسات المرتبطة بالذرة مثل الوكالة العالمية للطاقة الذرية والدول التي تملك مصانع الطاقة الذرية.

ويمارس جناح الهندسة الذرية عمله في مجالات عدة، أما الأساس منها فهي الدفع لتطوير مفاعل الطاقة في إسرائيل، وتطوير البنية التحتية اللازمة مثل الوقود الذري، وإخلاء النفايات الذرية والتخطيط بعيد المدى في موضوع الطاقة الذرية، وكذلك فحص تكنولوجي للمفاعلات الذرية المتقدمة، وتعقب إمكانية تشغيلها في المستقبل في مجال إزالة ملوحة مياه البحر المندمجة بموضوع الطاقة الذرية.

ويبلور قسم الترخيص وحفظ الأمن تدابير احتياطية وقواعد ومعايير تقنية ووقائية يتم بموجبها تخطيط وبناء وتشغيل محطات ذرية في إسرائيل. كما يبحث القسم وجهة النظر الوقائية في ما يتعلق بإقامة المحطة، ويلعب دوره في الرقابة على التدابير الاحتياطية في المراكز الذرية (في "ناحال سوريك" والقرية لدراسة الذرة في النقب)، ويقوم بالرقابة الوقائية بموضوع النفايات ذات النشاط الإشعاعي في البلاد، وينسق ويقدم الاستشارة في أعمال وضع المقاييس الذرية.

أرشيف الدولة

يترأس رئيس الحكومة دائرة أرشيف الدولة المسؤولة عن جمع المواد الأرشيفية لمؤسسات الدولة من أجل حفظها للأجيال القادمة. وهذه الإدارة مسؤولة عن جمع المواد الأرشيفية، وعن طرح المواد المحفوظة للبحث العلمي أمام الباحثين، وتقوم بفهرسة المواد ونشرها. وتقع على إدارة أرشيف الدولة مسؤولية المراقبة المهنية لأعمال حفظ الملفات ودور الحفظ والأرشيفات في جميع مؤسسات الدولة والسلطات المحلية وإجراء صيانة ملائمة وجيدة للمستندات وحرقها إذا لم تكن هناك حاجة لحفظها. كما تقع ضمن مسؤوليته تسجيل المواد الأرشيفية في الملكية الفردية والمؤسسات العامة، إذ يوجد اهتمام بالبحث العلمي عن الشعب الإسرائيلي والدولة والمجتمع.

موظفو مكتب رئيس الوزراء

يعمل في مكتب رئيس الوزراء من دون تعداد الموظفين والعاملين في الوحدات التابعة له، نحو 1500 موظف، بما في ذلك حراس الأمن الخارجيون والطلاب الجامعيون والمتطوعون. وتشمل الوحدات التابعة لرئاسة الوزارة دائرة الإحصاء المركزية وهيئة الأمن القومي ومفوضية خدمات الدولة والهيئة الوطنية للأمن السيبراني. وتختلف هذه الوحدات عن الوحدة العادية في المكتب، إذ إنها منحت صلاحيات إدارية مستقلة في مختلف المجالات، منها مجال الموارد البشرية والموازنة والاستشارة القانونية والموارد المادية، بحسب ما ورد في موقع ديوان رئاسة الحكومة. إضافة إلى ذلك تتولى رئاسة الوزارة المسؤولية عن الشركات التجارية بموجب القانون، مثل مركز تخليد ذكرى رابين ومركز تراث مناحيم بيغن ومركز تخليد ذكرى تراث غوش قطيف والسامرية الشمالية وبيت ديفيد بن غوريون، ومعهد تراث ديفيد بن غوريون ومركز تراث حرب الأيام الستة وتحرير أورشليم وتوحيدها في غفعات هتحموشت.

السلطة البرلمانية والتشريعية

السلطة الأولى في إسرائيل، أي التي تمتع بأعلى صلاحيات في إدارة الدولة، وتفوق صلاحيات الحكومة ورئيسها هي السلطة التشريعية أو "الكنيست". وينتخب أعضاء البرلمان الـ120 وفقاً للنظام البرلماني التمثيلي النسبي لمدة أربع سنوات، وغالباً ما يمثل هؤلاء كل المجتمع الإسرائيلي، سواء الأحزاب الرئيسة المذكورة آنفاً، أو التجمعات المدنية العاملة في الشأن العام، إضافة إلى نواب مستقلين ينفردون في آرائهم السياسية.

ويعد "الكنيست" المجلس التشريعي الإسرائيلي، ومركزه في القدس. وبصفته السلطة التشريعية فإن له سلطة سن وإلغاء جميع القوانين، ويتمتع بسيادة برلمانية عامة، إذ يمكنه إقرار أي قانون بغالبية بسيطة، حتى لو كان قانوناً يتعارض مع القانون الأساس. ويمكن لـ"الكنيست" تبني وتعديل القوانين الأساس بصفته جمعية تأسيسية، ويشرف على الأنشطة الحكومية من خلال لجانه، ويعين رئيس الحكومة ويوافق على مجلس الوزراء، وينتخب رئيس الدولة ومراقب الدولة، كما أن لديه سلطة إقالة الرئيس ومراقب الدولة من منصبه، وإلغاء حصانة أعضائه، وحل نفسه، والدعوة إلى انتخابات جديدة.

النظام الانتخابي البرلماني الإسرائيلي موروث منYishuv" " (منظمة الاستيطان اليهودية خلال الانتداب البريطاني)، وهذا ما يصعب على أي حزب السيطرة بغالبية عامة في "الكنيست"، من ثم تشكل الحكومات بصورة عامة على أساس الائتلافات، وبسبب الصعوبات في عقد الائتلافات فإنه غالباً ما يعاد إجراء الانتخابات في وقت مبكر عن موعدها. ويبلغ متوسط العمر الافتراضي للحكومة الإسرائيلية نحو عامين. وعلى مر السنين تسببت عملية السلام ودور الدين في الدولة والفضائح السياسية في انهيار الائتلافات أو إنتاج انتخابات مبكرة.

جيش الدفاع الإسرائيلي

تتم حماية السلطات الثلاث والمجتمع الإسرائيلي من قبل جيش الدفاع الذي أسس رسمياً عام 1948 عقب إعلان قيام دولة إسرائيل، وكان قبل إعلانه مؤسسة رسمية داخل جهاز الدولة الوليدة يتألف من مجموعات مسلحة مثل "هاجانا" و"إرغون"، وتم تجميع هذه القوات من قبل بن غوريون الرئيس المؤسس لتشكيل جيش موحد.

ويعد الدفاع عن حدود إسرائيل من أهم مهام الجيش الإسرائيلي، لا سيما في وجود التهديدات الأمنية والعسكرية الكثيرة التي تحيط بالدولة الإسرائيلية. ويدخل في صلب عمل الجيش الدفاعي عمل آخر اصطناعي وتقني يختصر في تطوير واستخدام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة لتعزيز القدرات الدفاعية لإسرائيل. ويعتمد الجيش الإسرائيلي على تكنولوجيا متطورة في مجالات الدروع والإلكترونيات العسكرية والطائرات من دون طيار. ويدعم عمل الجيش أجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية والمسماة "أمان" (AMAN)، ويتلقى أفراد الجيش تدريباً عسكرياً مكثفاً يشمل التكتيكات العسكرية والقيادة والتكنولوجيا العسكرية الحديثة.

 

وتتأتى مكانة الجيش الإسرائيلي من كونه جزءاً أساساً وأولياً من الهوية القومية لإسرائيل، إذ يعد التجنيد الإلزامي للشبان والشابات الإسرائيليين أمراً شبه مقدس، ويقال إن رافضي التجنيد والخدمة العسكرية ينبذون اجتماعياً. ويمتلك الجيش وجنرالاته العاملون أو المتقاعدون تأثيراً كبيراً في السياسة الداخلية، بما في ذلك قضايا الأمن والسياسات الخارجية والقرارات المهمة التي تتعلق بمصير الدولة. ويعد الجيش باحتياطاته وعديده الأصلي وجنرالاته المتقاعدين والعاملين الجزء الأساس من الدولة العميقة في إسرائيل، ولا يمكن للسلطات السياسية وللسياسيين مهما بلغت قدراتهم التمثيلية الانتخابية فرض أمر على الجيش أو اتخاذ قرارات لا يوافق عليها ويحبذها. وعموماً يكون معظم رؤساء الحكومة في إسرائيل جنرالات سابقين في الجيش، ما عدا رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو، ويقال في إسرائيل إن عدم كونه جنرالاً سابقاً هو إحدى نقاط ضعفه تجاه المؤسسة العسكرية. وإحدى نقاط قوة الجيش الظاهرة هي أن القطاع الدفاعي يشكل منبعاً مهماً لضخ السيولة المالية في الاقتصاد الوطني من خلال الابتكار التكنولوجي والتصدير العسكري.

ويعد الجيش الإسرائيلي عموداً فقرياً في الأمن والدخل القوميين وفي الهوية القومية لإسرائيل. ويساعد الجيش الأجهزة الاستخباراتية المعروفة عالمياً بقدراتها العملية، وهي "الشاباك" و"الموساد" الجهتان اللتان تتمتعان بأهمية كبيرة في البنية الأمنية والدفاعية للدولة. وأسس "الشاباك" رسمياً عام 1949 كجهاز أمن داخلي لإسرائيل. وينحصر دوره بالأمن الداخلي للدولة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والتجسس والتهديدات الداخلية، ويتعامل مع التحديات الأمنية التي تشمل الهجمات الإرهابية والتهديدات الداخلية. ويقوم "الشاباك" بحماية البنية التحتية الحيوية والمؤسسات الحكومية والمدنية في إسرائيل. و"الشاباك" حجر الزاوية في الأمن الداخلي لإسرائيل، وتعتمد سياسات الحكومة واستراتيجيات الأمن على تقارير "الشاباك" وتوصياته.

أما جهاز "الموساد" فقد أسس عام 1949 بعد قيام إسرائيل، ويصنف كوكالة استخبارات خارجية، ويعمل على جمع المعلومات الاستخباراتية في الخارج ويتصرف في جميع المجالات التجسسية الخارجية ذات الأهمية للأمن القومي لإسرائيل أو للدول الحليفة. ويعد "الموساد" من أكثر الوكالات الاستخباراتية تأثيراً في مستوى العالم، إذ يلعب دوراً رئيساً في الحفاظ على أمن إسرائيل ودعم سياساتها الخارجية. وتعتمد الحكومة الإسرائيلية على تحليلات "الموساد" وتوصياته في اتخاذ قرارات استراتيجية في المجال الدولي.

ويعد كل من "الشاباك" و"الموساد" من الأعمدة الأساسية في الأمن القومي لإسرائيل، ويسهم تاريخهما الطويل وأداؤهما الفعال بجعلهما جهتين أمنيتين استخباريتين محوريتين للأمن في إسرائيل والعالم أيضاً. وهذا التعريف مستقى من موقع الديوان الرئاسي الإلكتروني.

الحكومات المحلية أو الإدارات

تنقسم إسرائيل إلى ست مناطق هي المنطقة الوسطى، أي منطقة حيفا، ومنطقة القدس والمقاطعة الشمالية والحي الجنوبي ومنطقة تل أبيب. وتنقسم المناطق إلى 15 مقاطعة فرعية وإلى 50 منطقة طبيعية. ويتم تنسيق إدارة المناطق من قبل وزارة الداخلية.

وهناك ثلاث صور من الحكم المحلي في إسرائيل هي مجالس المدن والمجالس المحلية والمجالس الإقليمية. وتحكم مجالس المدن البلديات المصنفة مدناً، أما المجالس المحلية فتحكم البلديات الصغيرة، وتحكم المجالس الإقليمية مجموعة من المجتمعات. وتهتم هذه الهيئات بالخدمات العامة مثل التخطيط الحضري وتقسيم المناطق وتوفير المياه وخدمات الطوارئ والتعليم والثقافة وفقاً لإرشادات وزارة الداخلية. وتتألف الحكومات المحلية من مجلس حكم يترأسه رئيس البلدية، أي العمدة الذي ينتخب مع أعضاء المجلس في الانتخابات البلدية.

السلطة القضائية والمحكمة العليا

السلطة الثالثة في الهيكلة الإدارية لدولة إسرائيل هي السلطة القضائية التي يقع في أعلى هرمها المحكمة العليا، والتي تعد أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، وأعطيت الدور الأول في حماية الحقوق الدستورية وضمان العدالة داخل الدولة المتعددة الأهواء السياسية إلى حد التناقض في بعض الأحيان. وقد عرف العالم خلال السنوات الماضية محاولات رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو مع حلف يدعمه من بعض الأحزاب لنزع الصلاحيات الدستورية من المحكمة العليا ومنحها لمجلس الوزراء. وفشلت هذه المحاولات نتيجة الاعتراض الشعبي الكبير الذي واجهها، وكذلك اعتراض الولايات المتحدة الأميركية الدولة الداعمة للكيان الإسرائيلي من دون تحفظ، لكن لا بد من الإشارة إلى أن النظام القضائي في إسرائيل يتمتع باستقلال كبير عن السلطات الأخرى بهدف ضمان تطبيق القانون بصورة عادلة بين الفئات الكثيرة المتناحرة.

 

وتضم السلطة القضائية المحاكم العلمانية والدينية لمختلف الديانات الموجودة في إسرائيل، ويشمل نظام المحاكم ثلاث مراحل من العدالة. ويعين القضاة لجميع المحاكم من قبل لجنة الاختيار القضائي التي تتألف من تسعة أعضاء يتوزعون كالتالي: عضوان من مجلس الوزراء أحدهما وزير العدل، وعضوان في "الكنيست"، وعضوان في نقابة المحامين في إسرائيل، وثلاثة من قضاة المحكمة العليا أحدهم رئيس المحكمة، ويترأس اللجنة وزير العدل.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 1985، وصلت إسرائيل إلى اكتفائها قضائياً وتأمينها العدالة بنفسها من خلال نظامها القضائي، وعليه أبلغت الحكومة الإسرائيلية الأمانة العامة للأمم المتحدة بأنها لم تعد تقبل اختصاص محكمة العدل الدولية الإلزامي.

المحاكم القضائية

تتكون المحاكم القضائية الإسرائيلية من نظام ثلاثي الطبقات. وتعمل محاكم الصلح كمحاكم ابتدائية. وتكون المحاكم الإقليمية بمثابة محاكم الاستئناف والمحكمة الابتدائية في بعض الحالات. وتعمل المحكمة العليا كمحكمة ابتدائية في المسائل المتعلقة بشرعية قرارات سلطات الدولة وقرارات محكمة الاستئناف العليا. أما المحاكم الدينية فتتخصص في قضايا قانون الأسرة مثل الزواج والطلاق بصورة خاصة.

وتمول الدولة محاكم حاخامية يهودية وشرعية إسلامية ومختلف المحاكم الكنسية المسيحية لتلبية حاجات المجتمعات الدينية المختلفة. وجميع القضاة موظفون مدنيون. وللمحكمة العليا أن تتحول إلى محكمة استئناف نهائية لجميع قرارات المحاكم الدينية. وتخضع المحاكم الدينية اليهودية لسلطة مكتب رئيس الوزراء ولسلطات الحاخامية الكبرى في إسرائيل. وهذه المحاكم لها اختصاص في خمسة مجالات، وكما عددها الموقع الإلكتروني للمحكمة العليا الإسرائيلية فهي "كشروت" و"السبت" والدفن اليهودي والقضايا الزوجية (بخاصة الطلاق) والوضع القانوني للمهاجرين اليهود. ومع ذلك، باستثناء تحديد الحال الزوجية للشخص، يمكن نقل جميع المسائل الزوجية الأخرى إلى محاكم الأسرة العلمانية. وللمجتمعات الدينية الرئيسة الأخرى في إسرائيل، مثل المسلمين والمسيحيين، محاكمهم الدينية الخاصة.

وتتمتع هذه المحاكم بسلطة قضائية مماثلة على أتباعها مثل المحاكم الدينية اليهودية، على رغم أن المحاكم الدينية الإسلامية تتمتع بقدر أكبر من السلطة على شؤون الأسرة. وإضافة إلى المحاكم الدينية هناك خمس من محاكم العمل الإقليمية، وهي محاكم ابتدائية يضاف إليها محكمة العمل الوطنية في القدس للنظر في الطعون. وتتمتع محاكم العمل بسلطة قضائية حصرية في القضايا التي تتضمن علاقة صاحب العمل بالعمال، وبالإضرابات والنقابات العمالية، وبالشكاوى المتعلقة بالعمل ضد المعهد الوطني للتأمين، ومطالبات التأمين الصحي. وبعد المحاكم الدينية ومحاكم العمل هناك المحاكم العسكرية التي يقع مركزها في مدينة يافا، وهناك محكمة الاستئناف العسكرية العليا التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، التي تنظر وتحكم في الطعون المقدمة من المحامي العام العسكري، وتتحدى القرارات الصادرة عن المحاكم العسكرية الأدنى، ثم تأتي المحاكم البحرية التي تتعلق سلطتها بجميع المسائل البحرية والشحن التجاري والحوادث في البحر. وتتمتع محكمة حيفا الجزئية بصفتها محكمة الأميرالية بسلطة قضائية حصرية على مستوى المدينة.

المزيد من تحقيقات ومطولات