Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عين الصقر وقناصة هرقل... كيف تحمي الخدمة السرية ترمب؟

إجراءات أمنية كثيرة تسبق وصول الموكب المحصن لكنها لم تكن كافية

دونالد ترمب بعد محاولة اغتياله السبت الماضي (أ ف ب)

ملخص

يحضر الآلاف تجمعات ترمب الانتخابية، مما يحتم على جهاز الخدمة السرية المكلف حماية الرئيس السابق مدى الحياة التنسيق مع الشرطة المحلية وجهات أخرى لتأمين الموقع وتسيير الحشود وتوجيه حركة المرور.

يرى نشطاء أميركيون أن محاولة اغتيال دونالد ترمب ليست "مفاجأة" في ضوء الاستقطاب الحاد الذي يعصف بالبلاد منذ نحو عقد، لكن ما أثار دهشة الجميع هو الثغرات الأمنية، حتى إن ممثل الـ"أف بي آي" في المؤتمر الصحافي بعد الحادثة قال إنه من "المفاجئ" أن المهاجم تمكن من إطلاق ذلك العدد من الطلقات قبل قتله.

وتطرح هذه الحادثة تساؤلات حول تأمين تجمعات ترمب، وما الترتيبات التي تسبق وصوله؟ وهل التسلل بسلاح إلى التجمع ممكن؟

تنسيق فيدرالي ومحلي

يحضر الآلاف تجمعات ترمب الانتخابية، مما يحتم على جهاز الخدمة السرية المكلف حماية الرئيس السابق مدى الحياة التنسيق مع الشرطة المحلية وجهات أخرى لتأمين الموقع وتسيير الحشود وتوجيه حركة المرور. 

ويتبع جهاز الخدمة السرية ذو الموازنة البالغة 3 مليارات دولار وزارة الأمن الداخلي، ومن الممكن أن تأتيه المساعدة من إدارات أخرى تابعة للوزارة مثل إدارة أمن النقل. وواجه الجهاز تحديات بالغة في حماية ترمب خلال الأشهر الماضية، خصوصاً عندما حضر جلسة المحاكمة في نيويورك وسلم نفسه لسجن فولتون بمدينة أتلانتا.

مسح للموقع وتفتيش

قبل الحدث يمسح عملاء الخدمة السرية موقع التجمع ومحيطه بحثاً عن القنابل أو تهديدات أخرى، ويؤمنون جميع أسطح المنازل على مدى النظر، ولذلك يبدي بول إيكلوف، وهو عميل تقاعد من الخدمة السرية عام 2020، دهشته من تسلل مطلق النار ببندقية نصف آلية إلى سطح المستودع الذي يبعد أقل من 150 متراً عن المسرح الذي يقف عليه ترمب، وقال إن ذلك يعني أنه "إما أخفى نفسه حتى أصبح تهديداً، أو لم يشكل تهديداً حتى كشف عن أسلحته".

ويضع مسؤولو وكالات إنفاذ القانون حواجز تطوق موقع التجمع ويطلبون من جميع الحاضرين المرور عبر جهاز كشف المعادن، ويقومون بتفتيش حقائبهم ومحافظهم، قبل السماح لهم بدخول موقع التجمع.

وقبل وصول ترمب من المفترض أن يتمركز فريقا القناصة التابعان للخدمة السرية في أماكنهم المحددة، وهذان الفريقان أحدهما هجومي والآخر دفاعي، وكانا موجودين في التجمع، وفق مسؤولين أمنيين تحدثا لـ"أن بي آر".

الفريق الهجومي مدجج بالسلاح، واسمه الحركي "هوكاي" أو "Hawkeye"، ويتولى مسؤولية تحييد التهديدات، بينما يهرع العملاء الآخرون إلى تحصين الشخص المحمي. أما الفريق الدفاعي، واسمه الحركي "هرقل" "Hercules"، فيستخدم مناظير وبنادق قنص لرصد التهديدات طويلة المدى والقضاء عليها.

ويصل ترمب في موكب محصن مكون غالباً مما لا يقل عن 10 سيارات دفع رباعي مصفحة. وتجلى حجم موكبه الكبير لحظة تسليم نفسه لسجن في أتلانتا، إذ تكون الموكب آنذاك من سيارات شرطة وسيارات سوداء تابعة للخدمة السرية من طراز "شيفروليه سوبربان" ومركبة شرطة مدرعة وجيوب تحمل المساعدين والصحافيين وسيارة إسعاف صفراء.

ولتسهيل حركة سير الموكب في أتلانتا أخليت الطرق السريعة والشوارع التي اجتازها الموكب من أية سيارة تسير في الاتجاه نفسه، وأغلقت الشوارع الجانبية، واصطف الضباط المحليون والفيدراليون على جوانب الطريق لمراقبة المارة المترقبين لإطلالة ترمب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كيف تسلل المهاجم؟

كل هذه الإجراءات الاحترازية تثير سؤالاً حول كيف استطاع توماس ماثيو كروكس التسلل بسلاحه من دون أن تلاحظه السلطات الأمنية؟ وقال نائب رئيس الـ"أف بي آي" سابقاً أندرو مكابي إن تأمين المستودع ومحيط التجمع من "الأركان الأساسية في تأمين المواقع، خصوصاً في موقع مفتوح وغير خاضع للرقابة بصورة كبيرة".

ويزداد هذا السؤال أهمية في ضوء التقارير التي كشفت عن إدراك الخدمة السرية قبل إطلاق النار بأن سطح المستودع الذي تمركز فيه كروكس كان ثغرة وتهديداً لخطتهم الأمنية، وفقاً لمصدرين تحدثا لموقع "أن بي سي نيوز".

وشدد المصدران المطلعان على عمليات الخدمة السرية على أن شخصاً ما كان من المفترض أن يكلف البقاء فوق المستودع، أو تأمينه بحيث لا يستطيع أحد تسلقه.

نقص الموارد

يعزز هذا الكشف الشكوك في كفاية الموارد التي رصدتها الخدمة السرية لحماية ترمب. وكانت الخدمة السرية نفت التلميحات التي تشير إلى أنها رفضت طلباً أرسله فريق ترمب قبل التجمع لتعزيز حماية الرئيس السابق.

وأشار الرئيس السابق للجنة الرقابة في مجلس النواب جيسون شافيتز إلى أن جهاز الخدمة السرية كان "منتشراً بصورة مفرطة"، وهو ما أدى إلى تفاقم المشكلة المتمثلة في "عدم تدريب" الشرطة المحلية لتأمين حدث مثل تجمع أول من أمس السبت. وقال شافيتز الذي سبق أن أبلغ عن إخفاقات جهاز الخدمة السرية "ليس هناك شخصية مهددة بقدر ترمب أو الرئيس بايدن، لكن هذا لم ينعكس في الوجود الأمني ​​في بنسلفانيا".

ونشرت "واشنطن بوست" تقريراً ذكرت فيه أنها اطلعت على محادثة بين ضابط سابق في الخدمة السرية وزملائه، إذ سألهم كيف تمكن المشتبه فيه من إحضار مسدس على مقربة من ترمب، فجاءه الرد "الموارد".

من أمّن التجمع؟

لم تكن الخدمة السرية وحدها من تؤمن كافة نطاقات موقع التجمع، إذ كان هناك نطاق ثانوي تراقبه الدوريات المحلية بالولاية، وليست الخدمة السرية، والمستودع الذي اختبأ فوقه مهاجم ترمب يقع في هذا النطاق الثانوي، وفق "بي بي سي".

وأشار شهود عيان إلى أنهم رأوا بأنفسهم كروكس يزحف على السطح ببندقيته، وحذروا الشرطة، إلا أنه ظل يتحرك في مكانه لدقائق عدة حتى بدأ إطلاق النار، ومن ثم قتل. ويثير ذلك سؤالاً ملحاً حول سبب تجاهل السلطات الأمنية تحذيرات الحاضرين في حال ثبت صحتها.

وأكد قائد شرطة المقاطعة أن ضابط شرطة محلياً رصد مطلق النار، لكنه لم يتمكن من إيقافه في الوقت المناسب. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المعلومات وصلت إلى عملاء الخدمة السرية المحيطين بترمب. 

وقال مسؤول كبير من وكالات إنفاذ القانون إن ضباط الأمن اشتبهوا في كروكس وتحركاته المريبة قرب جهاز كشف المعادن، مؤكداً أنه "كان بالفعل على رادار المسؤولين"، وأن المعلومات شوركت مع الخدمة السرية.

وأقر قائد شرطة المقاطعة بالفشل، إلا أنه قال لا يمكن إلقاء اللوم على طرف واحد. 

وقال العميل السابق في الخدمة السرية جوناثان واكرو إن نجاح هذا الترتيب بحيث تشارك الشرطة المحلية في حماية مناطق معينة مشروط بوجود خطة واضحة تحدد ما يجب فعله عند رصد تهديد، مضيفاً لصحيفة "واشنطن بوست"، "عندما تعتمد على شركاء إنفاذ القانون المحليين فمن الأفضل أن تخطط بعناية وتخبرهم بما تتوقع منهم أن يفعلوه في شأن التهديد".

العنف السياسي

وعمقت محاولة اغتيال ترمب المخاوف من تأجيج العنف السياسي في الولايات المتحدة قبل أقل من أربعة أشهر من انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل التي يتنافس فيها الرئيس الجمهوري السابق مع جو بايدن.

وتظهر معظم استطلاعات الرأي أن الاثنين يتنافسان بصورة متقاربة. ويتوقع محللون أن يزيد الهجوم من فرص ترمب للعودة للبيت الأبيض.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته "رويترز" بالتعاون مع "إبسوس" في مايو (أيار) الماضي أن الأميركيين يخشون تصاعد العنف السياسي، إذ قال اثنان من كل ثلاثة مشاركين إنهما يشعران بالقلق من احتمال حدوث أعمال عنف بعد الانتخابات.

وصرح زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بأنه "شعر بالرعب مما حدث"، مؤكداً أنه "لا مكان للعنف السياسي في بلادنا". 

وقال مسؤول في حملة بايدن إنها أوقفت إعلاناتها التلفزيونية موقتاً وأوقفت جميع اتصالاتها الخارجية الأخرى.

ويعتقد بعض حلفاء ترمب الجمهوريين أن الهجوم ذو دوافع سياسية، ومنهم النائب ستيف سكاليز الرجل الثاني في مجلس النواب عن الحزب الجمهوري والذي نجا من حادثة إطلاق نار ذات دوافع سياسية عام 2017 "على مدى أسابيع ظل الزعماء الديمقراطيون يثيرون الهستيريا السخيفة بأن فوز دونالد ترمب بإعادة انتخابه سيكون نهاية الديمقراطية في الولايات المتحدة".

المزيد من متابعات