Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تفقد إحدى أهم مناطقها الاستراتيجية جراء الحرب

أكثر من 50 ألف دونم داخل الجولان دمرت نهائياً في ظل صعوبة حصر الخسائر

تشكل مستوطنة كتسرين واحدة من أهم وأبرز مستوطنات الجولان، لكنها تصدرت العناوين خلال الشهر التاسع من الحرب بسبب النيران المشتعلة والدمار الذي لحق بمجمعات تجارية وبيوت سكنية فيها (أ ف ب)

ملخص

كثيراً ما ساد الهدوء منطقة الجولان في الأعوام الأخيرة، وكثيراً ما شجعت إسرائيل المستوطنين على الانتقال إليها مقدمة لهم كثيراً من المغريات والحوافز، إلا أن الحرب التي اندلعت بعد هجوم "طوفان الأقصى" غيرت الوقائع على الأرض.

الدخول إلى الجولان في هذه الأيام وبعد نحو 10 أشهر من حرب "طوفان الأقصى" ليس فقط مرعباً من حيث خطر الصواريخ والمسيرات التي يطلقها "حزب الله"، من دون إمكان الكشف عنها أو اعتراضها قبل وصول الهدف، بل إن تلك المساحات الخضراء الشاسعة التي اعتاد الزائر أن يشاهد من خلالها لوحة مزركشة بزهور طبيعية، تجذب الإسرائيليين والسياح للتمتع بجمالها، تحولت إلى منطقة سوداء شاحبة، وتحولت سماؤها إلى بحر أسود من لهيب دخان النيران.
هذه المساحات الشاسعة كثيراً ما سببت الألم الكبير لسوريي الجولان كلما مروا من أمامها وشاهدوها، الذين انحصروا بعد عام 1967 داخل مساحة صغيرة على قمة الهضبة لا تتجاوز 35 ألف دونم من أصل مليون و100 ألف دونم، تشكل إجمالي مساحة الجولان السوري الذي تسيطر عليه إسرائيل.
واليوم باتت تلك المنطقة في مرمى صواريخ ومسيرات حرب "طوفان الأقصى"، كما أن بعض المواقع في الجولان التي لم تدخل من قبل ضمن أخطار الحرب، حتى خلال حرب لبنان الثانية في عام 2006، وبقيت بعيدة لأكثر من ثمانية أشهر من خطر الحرب الحالية، أصبحت أكثر المناطق معرضة للخطر، وفق تقديرات الأجهزة الأمنية.
وقلب مقتل ثلاثة من مستوطني الجولان خلال أيام قليلة معايير تعامل سكان المستوطنات، الذين لم يسمع صوتهم حتى أقل من شهر، إذ إن بعض السكان الذين وجدوا أنفسهم في دائرة خطر الحرب، قرروا حزم حقائهم والانضمام إلى سكان الشمال الذين نزحوا منذ بداية الحرب، وتوجه معظمهم نحو المركز في تل أبيب، لاعتبارها المنطقة الأكثر أماناً، لكن وبخلاف ما حصل في البلدات المحاذية للحدود الشمالية والجليل اعترض رؤساء المستوطنات في الجولان على خطوة النزوح وسعت القيادة الإسرائيلية إلى منعها.

ووسط كثافة دخان النيران وصرخات الأهالي بعد مقتل اثنين في منطقة أدرجتها إسرائيل ضمن المناطق الآمنة، تحول الجولان بعد نسيانه لأشهر طويلة إلى محج للوزراء وأعضاء الكنيست ورؤساء الأحزاب السياسية، إلى جانب قيادة المؤسستين السياسية والعسكرية، إذ إنه بالنسبة إلى إسرائيل فهي تدرج هذه المنطقة التي سيطرت عليها في حرب الأيام الستة في يونيو (حزيران) 1967 ضمن أكثر المناطق الاستراتيجية المهمة، واعتبرها الإسرائيليون "ذخراً سياسياً"، ورصدت لها الحكومات الإسرائيلية منذ ذلك الحين وحتى السنة الماضية ملايين الدولارات من أجل توسيعها وازدهارها، وعرضت هبات ومغريات كثيرة للسكان للانتقال إليها والسكن فيها. وكان أبرز مشروع استيطاني تحت عنوان "تعال إلى الجولان واندمج فيها"، لكن المعطيات تؤكد أن الحلم الإسرائيلي بجعل الجولان منطقة استيطانية واسعة لم يتحقق، بسبب عدم وصول عشرات الآلاف كما خططت إسرائيل، على رغم كل المشاريع والمغريات.
وبحسب المعطيات الأخيرة لا يتجاوز عدد السكان 28 ألف إسرائيلي أما مشاريع مياهها الجوفية وهوائياتها التي أقيمت على مساحات شاسعة من أراضي سكان الجولان السوريين، ومشاريع التنقيب عن النفط فيها وغيرها من المشاريع الحيوية والاستراتيجية التي بدأت إسرائيل بتنفيذها منذ احتلالها المنطقة فنجحت بنسبة عالية، لكنها اليوم وبعد دخولها في مرمى الحرب انهارت.


وضع تحصينات

ومن أصل مليون و100 ألف دونم في الجولان، حولت إسرائيل عشرات آلاف الدونمات إلى مناطق عسكرية لتدريب الجيش، وزرعت مساحات أخرى شاسعة جداً بالألغام لتكون خطوط دفاع لها. وقبل أكثر من ثلاثة أشهر أعادت إسرائيل حساباتها بسبب خطر توسيع حرب "طوفان الأقصى" لتشمل الجبهة السورية، فوضعت تحصينات لمنع تسلل مقاتلين من الطرف الآخر للحدود، لكن ما لم تتوقعه تل أبيب هو نشوب الحرائق التي دمرت مساحات شاسعة بالجولان.
ووفق معطيات سلطة حماية البيئة، تشكل أراضي الجولان النسبة الأعلى في الشمال وحتى في كل إسرائيل من الأراضي التي التهمتها النيران، جراء تعرضها لصواريخ ومسيرات.
وبحسب سلطة البيئة التهمت نيران الحرائق أكثر من 193 ألف دونم في كل إسرائيل منذ مطلع السنة، وفي الجولان والجليل التهمت النيران 104 آلاف دونم.
وفي غضون ثلاثة أيام، خلال موجة الحرائق الأخيرة الشهر الماضي، التهمت النيران 12 ألفاً و100 دونم في المنطقة الشمالية، منها 7500 في الجولان و5600 في الجليل. ومعظم المساحات في الجولان مزروعة بالثمار الموسمية إلى جانب مزارع الأبقار الكثيرة التي تتميز بها المستوطنات هناك، أما مجمل الأراضي التي التهمتها النيران في الجولان في أقل من شهرين فتتجاوز 52 ألف دونم في الأقل، وفق سلطة حماية البيئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتبين معطيات وزارة الزراعة أن 10 آلاف دونم من أراضي الجولان التي التهمتها النيران هي مناطق رعي للمستوطنين هناك، ويقول مسؤولون إن الخسائر يصعب تقديرها اليوم، لكن معطيات وزارة الزارعة تشير إلى أن أقل ضرر في الجولان كان في كيبوتس "مالكيا" حيث اشتعلت النيران بنحو 100 دونم فقط، بينها 30 دونماً مزروعاً بالعنب. وبحسب أحد أصحاب الأراضي، ويدعى عميت كوهين، فإن خسائر 30 دونماً تتجاوز 150 ألف دولار وسيحتاج إلى سنتين في الأقل لإعادة تأهيل الأرض للزراعة.
وتشير التقديرات إلى أن كلفة إعادة تأهيل الأراضي المحروقة والمحميات الطبيعية تتراوح بين 3 حتى 6 آلاف دولار لكل دونم من الأرض، وفق طبيعة الأرض والهدف الذي استخدمت من أجله.

"كتسرين" تحترق

وتشكل مستوطنة كتسرين واحدة من أهم وأبرز مستوطنات الجولان، وهي مركز تجاري واقتصادي وسياحي ضخم ومزدهر. وبعدما كانت على مدار أعوام طويلة تتصدر الإعلام الإسرائيلي بمشاريعها الاستيطانية الضخمة والناجحة وازدهار السياحة، لكنها تصدرت العناوين خلال الشهر التاسع من الحرب بسبب النيران المشتعلة والدمار الذي لحق بمجمعات تجارية وبيوت سكنية.
"كتسرين تحترق"، عنوان تصدر الإعلام الإسرائيلي لأيام، إذ كانت أكثر المناطق التي تعرضت للحرائق، فهذه المستوطنة، وبحسب رئيس مجلسها، دخلت حالة طوارئ الحرب، فقط في شهر يوليو (تموز) بعد تسعة أشهر من شبه الهدوء والحياة الاعتيادية فيها على رغم التصعيد الأمني في الشمال.
واعتبر رئيس المجلس الإقليمي "غولان" أوري كيلنر أن إسرائيل خسرت أهم منطقة استراتيجية وسياحية واقتصادية لها، مشيراً إلى أن الدمار الذي لحق بها يتطلب فترة طويلة وتكاليف باهظة جداً لإعادة إنعاشها.
وحمل كيلنر الحكومة مسؤولية مقتل زوجين الأسبوع الماضي في مستوطنة "أورطال" بالجولان نتيجة صاروخ أصاب سيارتهما، مشيراً إلى أن مجرد قتلهما في منطقة تعتبر آمنة ولم تدخل ضمن المناطق الخطرة في الحرب هو إخفاق، "ونحن نطالب منذ فترة من الحكومة ومتخذي القرار من سياسيين وعسكريين حسم الوضع في الشمال، لكن لا حياة لمن تنادي. طلبنا هو طلب أساسي وبسيط جداً، اتخذوا القرار ودافعوا عنا، احمونا من خطر الصواريخ والمسيرات".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات