ملخص
نجاح علاج جيني واعد بضبط سرطان البنكرياس
يفيد بحث بأن جيناً (مورثاً) يكتسي أهمية بالغة في الجسم، إذ يساعد كثيراً من الأعضاء على أداء وظائفها بصورة صحيحة، قد يلعب دوراً حاسماً في ضبط وتحجيم أحد أكثر أنواع السرطانات فتكاً في العالم.
وفي التفاصيل أن مجموعة من العلماء اكتشفت أن سرطان البنكرياس قادر على شل عمل جزيئات معينة في جين يعرف علمياً "أتش أن أف 4 أي" HNF4A، مما يساعد هذا المرض الخبيث على الانتشار والنمو بقوة في الجسم ليصبح أكثر عدوانية.
وقال الباحثون إن هذا الاكتشاف يبعث أملاً جديداً في البحث عن علاجات أكثر فاعلية لمرض يودي بحياة زهاء 9 آلاف شخص في المملكة المتحدة سنوياً، ويبقى معدل النجاة منه ضئيلاً.
تطرقت إلى النتائج الدكتورة ماريا هاتزيابوستولو وهي باحثة في العلوم بـ"مركز جون فان غيست لبحوث السرطان" في "جامعة نوتنغهام ترنت" في بريطانيا، فقالت إن "سرطان البنكرياس يسجل أدنى معدل بقاء على قيد الحياة من بين جميع أنواع السرطانات الـ20 الشائعة".
"لقد تحسنت قليلاً ولبعض الوقت نسبة بقاء المرضى على قيد الحياة لأكثر من خمسة أعوام، لذا من المهم جداً أن نجد وسائل جديدة تساعدنا في التوصل إلى فهم أفضل لهذا المرض، ومعرفة الطريقة التي ينتشر بها وسبب عدوانيته [ضراوته] الشديدة"، جاء في كلام الدكتورة هاتزيابوستولو.
لذا، يحدو الدكتورة هاتزيابوستولو وزملاءها "أمل في أن يسهم هذا البحث الذي قدم فهماً ومعرفة جديدين لسلوك هذا السرطان في الجسم [طريقة انتشاره وما يقف وراء تفشيه السريع]، في تعبيد الطريق أمام إيجاد علاجات جديدة محتملة في المستقبل".
للأسف، تسجل المملكة المتحدة سنوياً أكثر من 10400 إصابة جديدة من سرطان البنكرياس، ولكن 10 في المئة فقط من المرضى يكتب لهم البقاء على قيد الحياة لخمسة أعوام بعد تشخيص إصابتهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الغالب، يأتي تشخيص سرطان البنكرياس متأخراً، أي في مرحلة متقدمة من ظهوره عندما تصبح خيارات العلاج محدودة [في مرحلة متأخرة لا تكون الجراحة خياراً للعلاج]، وفي هذه المرحلة يفارق أكثر من نصف المرضى الحياة في غضون ثلاثة أشهر من التشخيص.
وقد أودى هذا المرض بعدد من الشخصيات المشهورة والبارزة، من بينها الممثل السينمائي والمسرحي البريطاني آلان ريكمان، والممثل البريطاني السير جون هيرت، والمؤسس المشارك لشركة "أبل" ستيف جوبز والممثل والمغني الأميركي باتريك سويزي.
وفي الدراسة التي نشرت في مجلة "غاسترو هيب أدفانسس" Gastro Hep Advances، حلل الباحثون عينات من أنسجة سليمة مأخوذة من الجسم وأنسجة أخرى مصابة بسرطان البنكرياس.
وفي النتيجة، وجدوا أن سرطانات البنكرياس قد أطلقت عملية تسمى "مثيلة الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسيجين" DNA methylation، إنما على نحو تسبب في تعطيل جزيئات جين "أتش أن أف 4 أي" المفيدة وسمح للأورام بالنمو بسرعة. [تذكيراً، "مثيلة الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسيجين" عملية ضرورية للتطور الطبيعي لدى الثدييات، وترتبط بعدد من العمليات الرئيسة في الجسم مثل نسخ الجينات، الشيخوخة، والتسرطن].
وقالت الدكتورة هاتزيابوستولو: "إن فقدان جين "أتش أن أف 4 أي" يقود إلى تطور سرطان البنكرياس وعدوانيته، وصرنا نعرف الآن أنه يقلص فرص بقاء المريض على قيد الحياة".
تحدث في هذا الشأن أيضاً الدكتور كريس ماكدونالد، رئيس قسم البحوث في "مؤسسة سرطان البنكرياس في المملكة المتحدة"، التي أخذت على عاتقها تمويل الدراسة، فأكد "أننا في حاجة ماسة إلى خيارات علاجية تكون أخف وطأة على المرضى وتعطي مفعولاً أقوى ضد سرطان البنكرياس".
ومعلوم، كما أوضح الدكتور ماكدونالد، "أن تشخيص غالبية حالات سرطان البنكرياس يأتي في مرحلة متأخرة من ظهور المرض، إذ لا تكتشف الفحوص 80 في المئة منها إلا بعد انتشار المرض، والوصول إلى مرحلة أصبح فيها العلاج متعذراً".
"وتتجلى هذه الحقيقة في تسجيل سرطان البنكرياس معدلاً متدنياً في فرص النجاة منه، إذ يموت أكثر من نصف المصابين بالمرض في غضون ثلاثة أشهر من تشخيص الإصابة به"، وفق الدكتور ماكدونالد.
"إن تعزيز فهمنا الأساس للأسباب الكامنة وراء نمو سرطان البنكرياس وانتشاره بسرعة كبيرة خطوة بالغة الأهمية إذا أردنا تحقيق إنجازات نحتاج إليها بشدة بالغة"، أضاف الدكتور ماكدونالد.
وختم بقوله إن "هذا المشروع البحثي يضع بين أيدينا معلومات جديدة حول قدرة سرطان البنكرياس على قمع جزيئات معينة كي يساعد نفسه على الانتشار بقوة في مختلف أنحاء الجسم، ما من شأنه أن يؤدي بدوره إلى تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية في المستقبل."
والجدير بالذكر أن علماء من "جامعة نوتنغهام" الإنجليزية و"جامعة ستانفورد" و"جامعة كاليفورنيا" الأميركيتين، و"مركز سيدارز سيناي الطبي" في لوس أنجليس، شاركوا أيضاً في هذا المشروع.