ملخص
يواجه قادة سوريا الجدد، بزعامة "هيئة تحرير الشام"، تحديات مشابهة لتلك التي واجهتها "طالبان" بعد استيلائها على السلطة في أفغانستان، خصوصاً فيما يتعلق بالعقوبات والعزلة الدولية. في الوقت الذي تسعى فيه الهيئة لتجنب أخطاء "طالبان" بتبني نهج أكثر مرونة، فإن القيود المفروضة عليها بسبب تصنيفها كمنظمة إرهابية تعيق إعادة الإعمار والاعتراف الدوليز بالتالي على الغرب التحرك بسرعة لدعم سوريا الجديدة لتجنب المزيد من الفوضى والتهديدات الإقليمية.
لا يملك قادة سوريا الجدد سوى نماذج قليلة يمكنهم اتباعها في سعيهم إلى الحصول على الاعتراف الدولي. لا توجد كتب إرشادية حول كيفية إدارة حكومة تضم جماعات مصنفة كإرهابية، ولا توجد مجموعة واضحة من القواعد للحكومات الأجنبية في شأن كيفية إعادة جماعة كانت تابعة لـ"القاعدة" إلى الساحة الدولية. لكن يمكن لـ "هيئة تحرير الشام"، الجماعة التي أطاحت بالديكتاتور السوري بشار الأسد في أوائل ديسمبر (كانون الأول) عام 2024 والحكومات الخارجية، على حد سواء، التعلم من سابقة تحذيرية: عودة "طالبان" للسلطة في أفغانستان عام 2021.
بعد أن استولت حركة "طالبان" على كابول، عانت أفغانستان تحت وطأة العقوبات وأشكال أخرى من العزلة الاقتصادية والدبلوماسية. وفشلت الحكومات الأخرى في التحرك بسرعة وجرأة كافيتين لتخفيف أزمة الفقر في البلاد، وواصلت فرض عقوبات اقتصادية لم تؤثر في نهج "طالبان"، بل دفعت الأفغان نحو حافة المجاعة. رفضت معظم الدول التفاوض مع "طالبان" بصورة يمكن أن تعزز حقوق المرأة والمعايير الدولية الأخرى، واختارت بدلاً من ذلك الانتظار لترى ما إذا كان قادة أفغانستان الجدد سيفعلون ذلك بمحض إرادتهم. هذا التردد في التعامل مع "طالبان" وجه ضربة للجناح البراغماتي في الحركة، مما عزز من نفوذ المتشددين خلال الأشهر الأولى الحساسة للنظام.
في الشهر الماضي، تفاعل المسؤولون الدوليون مع "هيئة تحرير الشام" على نحو أعمق مما فعلوه مع "طالبان" بعد سقوط كابول. وشجعت "هيئة تحرير الشام" هذا الانفتاح من المسؤولين الأجانب من خلال إظهار مرونة سياسية وفكرية تميزها عن "طالبان". ومع ذلك، يبدو أن الأطراف الخارجية مستعدة لتكرار كثير من الأخطاء نفسها التي ارتُكبت في أفغانستان بعد استيلاء "طالبان" على السلطة.
في الواقع، خلال مرحلة التحول السياسي، يمكن لكل خطوة أن تغير مجرى التاريخ. ويبدو المسؤولون الغربيون، خصوصاً، متحمسين لاحتمال قيام سوريا جديدة، وهم محقون في ذلك. لكن من دون اتخاذ إجراءات تسمح لسوريا بإعادة بناء اقتصادها وتنشيطه بعد أعوام من الحرب، قد تعاني البلاد مزيداً من الفوضى وعدم الاستقرار، مما لا يريده الغرب ولا السوريون. لذا، لدى الحكومات الغربية مصلحة قوية في التعلم من أخطائها في أفغانستان لأن أزمة طويلة الأمد في سوريا قد تمتد إلى بقية أنحاء الشرق الأوسط، وتقوض النفوذ الغربي في المنطقة، وتدفع مزيداً من الناس إلى الفرار من البلاد. والأهم من ذلك، أن السوريين يستحقون مستقبلاً أفضل.
إذاً، يتعين على الولايات المتحدة وشركائها التحرك بسرعة لتخفيف الآثار القاسية للعقوبات على سوريا أثناء محاولتها التعافي. علاوة على ذلك، يجب أن يحددوا مساراً واضحاً نحو رفع هذه العقوبات والاعتراف الدبلوماسي بـ"هيئة تحرير الشام" مقابل التزامات وإجراءات من جانب القادة الجدد في سوريا. إذا تأخر الغرب في التحرك، فقد يدفع البلاد نحو الانهيار ويفوت نافذته الضيقة لإقناع المتمردين السابقين باتباع المسار الصحيح.
دروس من التاريخ
من المستحيل حساب مدى تأثير الإجراءات الخارجية في أفغانستان بعد استيلاء "طالبان" على السلطة في أغسطس (آب) عام 2021. ولا يمكن لأحد فصل تأثير السياسات الدولية عن تأثير حكم حركة "طالبان" السيئ. ومع ذلك، يُستخلص من تاريخ أفغانستان الحديث درسان مهمان للحالة السورية.
الدرس الأول هو أنه في الحالة الأفغانية، تحركت الجهات الدولية ببطء شديد للتخفيف من المعاناة الإنسانية، بخاصة الآثار المفقرة الناجمة عن عقوباتها والقيود المصرفية والسياسات الاقتصادية الأخرى. فقد فرضت الولايات المتحدة والأمم المتحدة وكيانات أخرى عقوبات على حركة "طالبان" في البداية في تسعينيات القرن الـ20، ثم زادت من حدتها بعد أحداث الـ11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001. ولكن هذا الإرث من القيود المفروضة على "طالبان" عاقب فعلياً البلد بأكمله بعد أن سيطر المتمردون السابقون على الحكومة. ورأى المواطنون الأفغان العاديون أن الحركة طردت القوات الأجنبية التي دخلت البلاد منذ عام 2001 بعد أن أطاحت قوات تقودها الولايات المتحدة بحكومة "طالبان" السابقة، ونظر كثيرون منهم إلى التدابير الاقتصادية ضد "طالبان" على أنها عمل انتقامي من جانب الغزاة المهزومين. وعلى الصعيد المادي، أسهمت العقوبات والقيود في انخفاض حاد في قيمة العملة المحلية، وفقدان البنك المركزي القدرة على الوصول إلى احتياطاته، وتعطيل سلاسل التوريد في الأشهر التي تلت عودة "طالبان". وبحلول ديسمبر 2021، وصفت وكالات الأمم المتحدة أفغانستان بأنها أكبر كارثة إنسانية في العالم.
في الواقع، لم تبدأ الحكومات الأجنبية بتعديل عقوباتها بصورة تتناسب مع حجم الكارثة إلا بعد ستة أشهر من سقوط كابول، مع اقتراب المجاعة. وأصدرت واشنطن أكبر إعفاءات قُدمت على الإطلاق في تاريخ العقوبات الأميركية، فيما حسنت الأمم المتحدة الاستقرار النقدي في أفغانستان من خلال إرسال مبالغ نقدية لدعم عمليات الإغاثة. وعلى رغم أن هذه التدابير ساعدت، فإنها جاءت متأخرة للغاية وكانت متواضعة للغاية. فترددت الشركات الخاصة ووكالات التنمية في التعامل مع دولة منبوذة ذات قطاع مصرفي مشلول. في الحقيقة، كثير من المستثمرين المحتملين لم يكونوا على علم بالإعفاءات الأميركية، وحتى أولئك الذين كانوا على علم بها ساورتهم مخاوف في شأن انتهاك العقوبات، وخرق قوانين مكافحة الإرهاب التي فرضتها دول أخرى ولم تخفف من صرامة قيودها وسياساتها.
لقد تحركت الجهات الفاعلة الدولية ببطء شديد لتخفيف معاناة الأفغان
أما الدرس الثاني الذي ينبغي أن نستخلصه أيضاً، فهو يتعلق بفشل الغرب في تقديم إيضاحات كافية لـ"طالبان" حول كيفية حصولها على الاعتراف الدبلوماسي والتخلص من العقوبات. وعلى رغم أن الجهات الفاعلة الأجنبية تحدثت عن الحاجة إلى الاستقرار واتخذت بعض التدابير الرامية إلى تخفيف الأزمة الاقتصادية، فإن المشاركة الدولية ظلت محدودة بسبب إحجام الغرب عن اتخاذ أي خطوات قد تمنح الشرعية لقادة كابول الجدد. كذلك، قدمت الحكومات الغربية مطالب غامضة في شأن احترام حقوق المرأة وتشكيل حكومة "شاملة"، وهو مصطلح حسن النية، ولكنه غامض تتداوله الآن الجهات الفاعلة الدولية التي تناقش مستقبل سوريا، لكنها لم تحدد المقابل [البديل] المتوقع.
في الواقع، إن الجزء الأكبر من المسؤولية عن تحول أفغانستان إلى دولة منبوذة يقع على عاتق رجال الدين الذين أصروا على فرض قيود على سلوك النساء والفتيات بطرق تنتهك المعايير الدولية وتجعل "طالبان" مرفوضة سياسياً. ولكن كان هناك براغماتيون داخل "طالبان" أيضاً، بيد أن هؤلاء المعتدلين لم يتمكنوا أبداً من إقناع المتشددين بأن السياسات الأكثر تسامحاً ستؤدي إلى فوائد ملموسة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن العالم الخارجي فشل في تقديم مكافآت واضحة مقابل تحسين السياسات. ومراراً وتكراراً، زار البراغماتيون قادتهم الدينيين في قندهار للضغط ضد إصدار قرارات صارمة جديدة، لكنهم كانوا يعودون خاليي الوفاض في كل مرة.
ثم ظهر ما يمكن اعتباره أقرب عرض صريح في يونيو (حزيران) 2023، خلال زيارة قام بها منسق الأمم المتحدة الخاص فريدون سينيرلي أوغلو إلى أفغانستان. خلال تلك الزيارة، حصل مسؤولو "طالبان" على انطباع بأن حكومتهم يمكن أن تمثل أفغانستان في الأمم المتحدة إذا سمحت للفتيات من جميع الأعمار بتلقي التعليم. لكن "طالبان" أرادت اقتراحاً ثابتاً وصريحاً، مما لم تتلقَّه قط. بعد مشاورات مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، قدم سينيرلي أوغلو تقريراً إلى مجلس الأمن تضمن مجموعة واسعة من المطالب يجب على "طالبان" تنفيذها، لكنه اقتصر على وعود مبهمة في شأن الطريق نحو التطبيع [أي إعادة التأهيل والدخول مجدداً في المجتمع الدولي] الذي يمكن أن يحققه النظام في المقابل.
بالطبع لم يكُن هناك ما يضمن بأن نهجاً يعتمد أكثر على الصفقات والتبادلات كان سيقنع قيادة "طالبان" بتغيير سياساتها مقابل نيل الاعتراف الدولي ورفع العقوبات. كما أن بعض الدبلوماسيين يرفضون فكرة المساومة مع "طالبان"، قائلين إن حقوق النساء والفتيات غير قابلة للتفاوض. ولكن مثل هذا النهج لم يخضع قط للاختبار بصورة مناسبة وكافية. وفي غياب أي احتمال حقيقي لتقديم تنازلات جدية من جانب الدول الغربية، أصبحت حركة "طالبان" متشككة في إمكان اكتساب الشرعية على الساحة الدولية.
رياح معتدلة
على غرار حركة "طالبان"، ينتمي زعماء سوريا الجدد إلى حركة إسلامية متشددة. ظهرت "هيئة تحرير الشام" عام 2017 بعد تشكيل تحالف من جماعات مسلحة عدة حول فصيل جهادي كان يدعى "جبهة النصرة". أما "جبهة النصرة"، فأُنشئت من قبل أحمد الشرع، القائد الحالي لـ"هيئة تحرير الشام" الذي كان في ذلك الوقت عضواً سورياً في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ولكن، عام 2013، قطع الشرع علاقاته مع "داعش" وتعهد بالولاء لتنظيم "القاعدة" ثم انفصل عن هذا الأخير عام 2016.
ومع ذلك، تختلف "هيئة تحرير الشام" عن "طالبان" في جوانب جوهرية. في الواقع، ولد زعيم "طالبان" في قرية ذات جدران طينية ودافع عن التعليم الديني الصارم وحذر من التأثيرات الشريرة في العالم الخارجي. على النقيض من ذلك، نشأ قادة "هيئة تحرير الشام"، على رغم التزامهم الديني، في مدن حديثة في سوريا، وغالباً ما تخرجوا في الجامعات ويسعون إلى تعزيز العلاقات مع العالم الخارجي. وكثيراً ما حاولت المجموعة التخلص من روابطها بأعداء الغرب، بدءاً بالجماعات الإرهابية التي يكرهها الغرب. وشنت "هيئة تحرير الشام" حملة صارمة ضد "حراس الدين"، وهي جماعة تابعة لتنظيم "القاعدة" في شمال غربي سوريا لم تشارك في التمرد ضد الأسد عام 2024. واستكمالاً، قمعت الهيئة عناصر "داعش" السوريين بشدة، فاعتقلتهم وأعدمتهم في بعض الأحيان علناً، كما أنها تتعهد بمواصلة محاربة "داعش" في شرق سوريا.
إضافة إلى ذلك، أمضى المتمردون السوريون أعواماً في صد هجمات من خصمين قديمين للغرب هما الأسد وروسيا. وشهد انتصارهم سقوط عدوين للولايات المتحدة، في حين جسد فوز "طالبان" هزيمة أميركية. وعلى رغم أن "هيئة تحرير الشام" تسير بحذر وتتخذ خطوات محسوبة الآن لتجنب إثارة عداوة روسيا، مانحةً موسكو الفرصة للاحتفاظ بقواعدها العسكرية في سوريا، استضافت السلطات الجديدة في دمشق أخيراً وزير خارجية أوكرانيا وتعهدت بتعزيز العلاقات مع كييف. في المقابل، كانت علاقة "هيئة تحرير الشام" بإيران أكثر برودة وأقرب إلى العداء، إذ شددت الهيئة على أن إيران لا بد من أن تتحمل المسؤولية عن أفعالها الكثيرة المزعزعة للاستقرار في سوريا. وأكد المتمردون السابقون أنهم لن يهددوا جيران سوريا، وهي لفتة يبدو أنها تهدف جزئياً إلى طمأنة إسرائيل، الحليف الإقليمي الأقرب للولايات المتحدة.
تختلف القيادة السورية الحالية عن حركة ’طالبان‘ في جوانب جوهرية
يتمتع القادة الجدد في سوريا بسجل حكم أكثر اعتدالاً. فعندما حكمت "هيئة تحرير الشام" إدلب، المحافظة السورية الخاضعة لسيطرتها منذ عام 2017، حافظت على القيود التي فرضتها الفصائل الحاكمة السابقة على بعض الديانات غير الإسلامية، مثل منع قرع أجراس الكنائس. ولم تضم الهيئة أي نساء في قيادتها أو في الهيئة التشريعية المحلية. ومع ذلك، كان المتمردون بصورة عامة أكثر تسامحاً بكثير من "طالبان". ففي حين تجوب دوريات شرطة الآداب شوارع أفغانستان، جمدت "هيئة تحرير الشام" في وقت سابق من هذا العام الأنظمة والقوانين المقترحة التي دعت إلى فرض قواعد إسلامية في مراكز التسوق والمطاعم والمقاهي في إدلب. وبينما تهيمن العناصر الدينية المحافظة على قيادة "طالبان"، نجحت "هيئة تحرير الشام" في إضعاف نفوذ شيوخها الأكثر تطرفاً. وتتفاخر الهيئة بسجلها في تعزيز تعليم الفتيات من مختلف الأعمار، وإن كان ذلك في صفوف تفصل بين الجنسين.
ومنذ الاستيلاء على دمشق، تبنى المتمردون السوريون نبرة تصالحية بصورة ملحوظة. فتعهدت "هيئة تحرير الشام" باحترام حقوق المسيحيين والعلويين وغيرهم من الأقليات. وأكدت على حق شرائح المجتمع كافة في المشاركة في الاحتجاجات السلمية. والتزمت حلّ نفسها ثم الاندماج في الهياكل الحكومية الرسمية. وفي الآونة الأخيرة، عين قادة سوريا الجدد نساء في مناصب قيادية، بمن في ذلك رئاسة مكتب شؤون المرأة ومصرف سوريا المركزي.
ربما تواجه الخطابات والأفعال المعتدلة التي تتبناها "هيئة تحرير الشام" جمهوراً متشككاً في مختلف أنحاء العالم بسبب انتماءاتها السابقة والتساؤلات المستمرة حول قدرتها على حكم دولة كبيرة. ولكن يبدو أن قادة سوريا الجدد أكثر حرصاً من "طالبان" على كسب ود الغرب، ويرجع هذا جزئياً إلى أن قادة "هيئة تحرير الشام" يدركون على ما يبدو أن التنمية وإعادة الإعمار ستتطلبان دعماً غربياً وتخفيف العقوبات. ومن المفترض أن تزداد ثقة القوى الخارجية بدمشق إذا حكمت السلطات الجديدة بالانفتاح نفسه الذي أظهرته خلال أسابيعها الأولى في الحكم.
العبء الموروث
حقيقة أن المتمردين السوريين يبعثون برسائل أكثر قبولاً للقوى الخارجية لا تعني أنهم سيجدون سهولة أكبر في التخلص من العقوبات مقارنةً بـ"طالبان". في الواقع، لا تزال الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وتركيا ودول مؤثرة أخرى تصنف "هيئة تحرير الشام" باعتبارها جماعة إرهابية. ومنذ عام 2014، اعتبرت الولايات المتحدة "هيئة تحرير الشام" "منظمة إرهابية أجنبية" (FTO)، وهو تصنيف يحمل تبعات أشد قسوة من تصنيف "طالبان" كـ"منظمة إرهابية عالمية مصنفة بصورة خاصة" (SDGT). وعند تصنيف هدف ما باعتباره "منظمة إرهابية أجنبية"، يصبح التفاعل معه خطراً جداً ويحمل عواقب شديدة سواء سياسياً أو قانونياً، ويرجع هذا جزئياً إلى أن الولايات المتحدة تحظر تقديم أي دعم مادي للجماعات المدرجة في قائمتها، بما في ذلك التدريب والمشورة. ويمكن فرض عقوبات شديدة على الأميركيين وغير الأميركيين الذين ينتهكون القواعد، بما في ذلك غرامات تصل إلى 500 ألف دولار وأعوام طويلة في السجن. ومع وجود مجموعة مدرجة على قائمة المنظمات "الإرهابية الأجنبية" تدير الحكومة السورية الجديدة، أصبحت كل التعاملات تقريباً في البلاد محفوفة بالأخطار القانونية، مما يمنع عمال الإغاثة وأصحاب الأعمال وحتى الدبلوماسيين من العمل في البلاد. وحتى لو انحلت "هيئة تحرير الشام"، فإن تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية لن يُلغى تلقائياً، وقد يستغرق إلغاؤه سنوات.
وإضافة إلى القيود المفروضة على "هيئة تحرير الشام"، هناك عقوبات معقدة مفروضة على سوريا نفسها، سيرثها القادة الجدد. فقد صنفت الولايات المتحدة سوريا كـ"دولة راعية للإرهاب" عام 1979 وشددت العقوبات في السنوات الأولى من القرن الحالي، وفي العقد الثاني من القرن، عندما قمعت الحكومة السورية بوحشية انتفاضة شعبية وغرقت في حرب أهلية، أصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكيانات دولية أخرى قيوداً اقتصادية جديدة لا تزال قائمة حتى اليوم، وهي تشمل عقوبات على قطاعات الطاقة والمصارف والاتصالات، وحظر استيراد معظم السلع الأميركية، فضلاً عن سلع من دول أخرى تحوي مكونات مصنوعة في الولايات المتحدة، وقواعد تمنع الشركات غير الأميركية من التجارة مع الشركات السورية. وفُرض عدد من هذه القيود بطريقة تشريعية، مما يجعل رفعها أمراً صعباً للغاية. والنتيجة المترتبة على هذه القيود المتداخلة هي حظر تجاري شبه كامل.
قبل سقوط دمشق في ديسمبر، أسهمت العقوبات، إلى جانب عوامل أخرى مثل سوء إدارة نظام الأسد، في انهيار الاقتصاد السوري واندلاع أزمة إنسانية جعلت 70 في المئة من سكان سوريا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمياه وغيرهما من الأساسيات. كما أن القيود الاقتصادية أعاقت وصول المساعدات، إذ وجدت المنظمات الإنسانية صعوبة في العثور على بنوك تتيح إرسال المدفوعات إلى سوريا، في حين أن الأعمال الورقية الإضافية المطلوبة للامتثال القانوني استهلكت الوقت والموارد. وتبين في بعض الأحيان أن التأخير في تسليم المساعدات أدى إلى عواقب قاتلة. ففي أعقاب الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا عام 2023، قضت فرق الطوارئ أسابيع في انتظار الحصول على إذن لإحضار الحفارات التي كانوا بحاجة إليها للوصول إلى الناجين تحت الأنقاض لأن ضوابط التصدير الأميركية حظرت استيراد مثل هذه الأدوات.
ستستمر هذه المشكلات ما دام أن القيود الاقتصادية الواسعة النطاق قائمة، على رغم أن عقوبات كثيرة فقدت أهميتها على أي حال لأنها كانت تستهدف نظام الأسد الذي لم يعُد موجوداً. ومن دون تخفيف العقوبات على سوريا، ستتفاقم حدة الفقر والعقبات أمام إيصال المساعدات لأن الحكومة الجديدة تخضع لسيطرة جماعة تحمل تصنيفاً إرهابياً. وبالفعل، في أجزاء من شمال غربي سوريا التي كانت تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" لأعوام، أدى الخوف من الملاحقة القضائية إلى عرقلة توريد السلع الأساسية وتوفير المساعدات. والآن، من الممكن أن تنتشر هذه المشكلات في جميع أنحاء البلاد.
فخ الفقر
ما لم يتم التصدي لهذه المشكلة بسرعة، فإن العزلة التي فرضها العالم على "هيئة تحرير الشام" والدولة السورية، ربما تخلق أزمة تفوق في حدتها الأزمة التي شهدتها أفغانستان. وأسفرت سلسلة المعارك التي أدت إلى الإطاحة بالأسد عن نزوح نحو 900 ألف سوري في الأشهر الأخيرة من عام 2024. وتوقعت الأمم المتحدة أن 3.3 مليون سوري سيحتاجون إلى المساعدة خلال العام المقبل. وحتى إذا تحركت القوى الأجنبية بسرعة على الصعيد الإنساني، فإن المساعدات الخارجية لا يمكنها أن تعيل بلداً بأكمله: فسوريا لا تحتاج إلى إمدادات طارئة فحسب، بل أيضاً إلى الدعم لكي يتعافى اقتصادها الذي توقف بصورة شبه كاملة خلال الحرب. ويتطلب إصلاح الاقتصاد دعماً مالياً وتقنياً من الجهات المانحة والمؤسسات الدولية. ومع ذلك، تظل مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي محظورة عن العمل بسبب تصنيف الولايات المتحدة لسوريا كدولة راعية للإرهاب، مما يلزم واشنطن التي تملك صوتاً حاسماً في مجالس إدارة هذه المؤسسات، معارضة تقديم مثل هذا الدعم. كما أن جهات أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي، لا تزال تفرض قيوداً وأنظمة تمنع تقديم القروض والمساعدات لسوريا. إضافة إلى ذلك، ما دام أن "هيئة تحرير الشام" مدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية التي وضعتها الولايات المتحدة، فإن أي خبير يقدم المشورة إلى النظام الجديد يخاطر بانتهاك القوانين الأميركية.
وستتطلب عملية التعافي الاقتصادي استئنافاً سريعاً لأنشطة القطاع الخاص والتجارة الدولية التي انكمشت بنحو 80 في المئة بين عامي 2010 و2022. ومع ذلك، فإن دولاً عدة تحظر على مواطنيها ممارسة الأعمال التجارية مع سوريا. وما دام أن البنك المركزي السوري لا يزال خاضعاً للعقوبات، ستظل المؤسسات المالية السورية معزولة عن العالم. ومن المحتمل أن تنشأ تحديات إضافية نتيجة للصعوبة التي يواجهها ربما أي بنك مركزي في التزام المعايير العالمية لمكافحة تمويل الإرهاب إذا ما كانت السلطة المسؤولة عن تعيين قيادته مصنفة على أنها إرهابية.
إن استمرار عزل الاقتصاد السوري يهدد بدفعه إلى مزيد من عدم الشفافية والأنشطة الخفية. فإذا لم يتمكن السوريون من الحصول على إذن للتجارة مع العالم، فقد يعتمدون بصورة أكبر على الصناعات غير المشروعة التي كانت من بين المصادر القليلة لتحقيق الأرباح خلال الأعوام الأخيرة. وبالاسترجاع، اعتمد نظام الأسد على إنتاج الكبتاغون وتصديره، وهو منشط محظور. وسيضغط المسؤولون الدوليون على "هيئة تحرير الشام" للحد من تجارة المخدرات، لكن القادة السوريين سيواجهون صعوبة في الامتثال لتلك الضغوط ما لم تقترن بفرص اقتصادية جديدة لبناء سبل عيش مستدامة.
واستطراداً، يمكن أن تؤدي أزمة اقتصادية وإنسانية متفاقمة في سوريا إلى تقويض المصالح الجيوسياسية الغربية. فنظام الأسد، المعزول عن بقية العالم، اعتمد بصورة كبيرة على روسيا وإيران. في المقابل، يحاول القادة الجدد في سوريا إبعاد بلادهم من هذين الطرفين، فبعد أيام من الإطاحة بالأسد، غيرت ناقلة نفط محملة بالنفط الخام الإيراني مسارها واتجهت بعيداً من سوريا، مما يشير إلى احتمال توقف طهران عن دعم قطاع الطاقة في البلاد. ولكن إذا ظلت القيود الغربية المفروضة على الاقتصاد السوري قائمة، فقد لا يكون أمام القادة الجدد في دمشق سوى طلب المساعدة من خصوم الغرب من أجل الحفاظ على استمرار الخدمات الأساسية.
الخروج من المأزق
ترغب الحكومات الغربية في رؤية سوريا تتحسن من جديد وأن تعمل على وقف تدفق الهجرة وعلى قمع الإرهاب. وتسارعت وتيرة المحادثات خلف الكواليس خلال الأسابيع الأخيرة بين الدول الغربية والعربية حول كيفية التعامل مع القادة الجدد في سوريا. وأجرى كبار المسؤولين من فرنسا وألمانيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول الخليج العربية والأمم المتحدة، من بين دول أخرى، بالفعل محادثات مع "هيئة تحرير الشام"، وشرع كثير منهم في زيارات إلى دمشق. وفي أواخر ديسمبر 2024، ألغت الولايات المتحدة مكافأة بقيمة عشرة ملايين دولار كانت مخصصة لمن يدلي بمعلومات عن الشرع. فقبل شهر واحد فحسب كان من غير الممكن التفكير في حدوث هذه المحادثات المباشرة على مستوى رفيع، حينما كانت دول عدة تتبنى سياسة عدم التعامل مع "هيئة تحرير الشام".
ومع ذلك، هناك علامات أخرى تشير إلى أن العالم قد يرتكب في سوريا كثيراً من الأخطاء نفسها التي ارتكبها في أفغانستان بعد عام 2021. فالعواصم الغربية لم تكُن على استعداد لالتزام خطة عمل تخفف العقوبات وتؤدي في نهاية المطاف إلى الاعتراف بالسلطات الجديدة، وهي خطة تتضمن اتخاذ خطوات محددة من جانب "هيئة تحرير الشام" مقابل خطوات محددة من جانب الدول الغربية. وبطريقة موازية، لم يتخذ الغرب بعد التدابير التي باتت مطلوبة بصورة عاجلة لتخفيف تأثير العقوبات في الأزمة الإنسانية والاقتصادية في سوريا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى مدى الأسابيع الماضية، طرح المسؤولون الأوروبيون والأميركيون مطالب عدة على "هيئة تحرير الشام"، مثل المطالبة باتخاذها إجراءات ضد الأنشطة المتطرفة والمسلحة العابرة للحدود الوطنية وتشكيل حكومة أكثر شمولاً ودعم حقوق المرأة والأقليات وإغلاق القواعد الروسية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولكن لم يوضح أحد، تحديداً، ما الذي سيقدمه العالم إلى المتمردين السابقين في المقابل أو كيف ينبغي لـ"هيئة تحرير الشام" أن تتعامل مع هذه المطالب الكثيرة وترتبها بحسب الأولوية. وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن صناع السياسات يواصلون تأجيل هذه القضايا إلى وقت لاحق.
من المؤكد أن "هيئة تحرير الشام" مسؤولة عن القيام بدور في تحقيق انتقال ناجح. لكن إشراكها لجماعات مسلحة أخرى في تمردها، من بينها الجماعات التي فرض عليها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات بسبب ارتباطها بتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، قد يؤدي إلى إثارة القلق، ويخشى بعض المراقبين أن تضم "هيئة تحرير الشام" متطرفين متشددين يخفون طموحاتهم الحقيقية إلى أن تتمكن الهيئة من تعزيز سلطتها. وأعربت بعض الحكومات عن قلقها إزاء القرار الأخير الذي اتخذته الهيئة بمنح عدد صغير من الأدوار الرسمية في الجيش السوري الجديد لمقاتلين أجانب. وتخشى عواصم أخرى أن يكون التواصل المبكر بمثابة مكافأة للمتمردين قبل أن يكون لديهم سجل حافل في الحكم الصالح والرشيد. فحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أخيراً "هيئة تحرير الشام" من تكرار الأخطاء التي ارتكبها زعماء حركة "طالبان" الذين قال إنهم تظاهروا بالاعتدال قبل أن "تظهر معادنهم الحقيقية".
لا وقت للانتظار
مع غياب أي تحرك حاسم من جانب الجهات الفاعلة الدولية، تبدو سوريا على وشك الانزلاق إلى أزمة أعمق، على غرار ما حدث في أفغانستان. ومن أجل تجنب هذا المصير، يجب على الحكومات الأجنبية أن تتحرك بسرعة لمنع العقوبات من دفع سوريا نحو أزمة اقتصادية وإنسانية أكبر.
على الفور، ينبغي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى أن تصدر إعفاءات شاملة للسماح بالأنشطة الاقتصادية والتجارية، على غرار الترخيص العام رقم 20 الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية عام 2022 لأفغانستان. فهذه الإعفاءات من شأنها أن تنقذ الأرواح في الأمد القريب، بما يتماشى مع مصالح الغرب في تعزيز استقرار المنطقة والحد من تدفق المهاجرين. ويمكن اتخاذ هذه الخطوات في غضون أيام من خلال إجراءات من جانب وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الاتحاد الأوروبي ووزارة الخزانة البريطانية، وستعزز الإعفاءات القائمة التي تشمل المساعدات الإنسانية.
يجب أيضاً اتخاذ إجراءات أخرى على الفور لتخفيف الضغوط على القطاعات الرئيسة مثل الطاقة والخدمات المصرفية في سوريا، من دون فرض أي شروط. وعلى رغم أن النمو الاقتصادي للبلاد سيظل متعثراً ما دام أن العقوبات المفروضة باقية، فإن أي تعافٍ لن يبدأ بينما يتم تقييد الأنشطة الأساسية لهذه القطاعات الحيوية. وهذه الإصلاحات لن تؤدي إلى تقويض النفوذ الذي تمنحه العقوبات للقوى الأجنبية، نظراً إلى الكم الهائل من القيود المفروضة على سوريا حالياً. وسوف يستغرق تنفيذ تخفيف العقوبات وقتاً طويلاً، إذ إنه يتطلب مجموعة من الإجراءات التشريعية والتنظيمية وغيرها من التدابير التي تتخذها مختلف أذرع الحكومة الأميركية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وغيرها من الجهات الفاعلة، لذا، ينبغي على الحكومات الغربية أن تبدأ الآن عملية تخفيف تلك القيود.
يمكن اتخاذ خطوات لتخفيف العقوبات على سوريا في غضون أيام
في الأسابيع المقبلة، يجب على الحكومات الأجنبية التنسيق لتقديم مطالب واضحة وواقعية ومحددة زمنياً لقادة سوريا الجدد مقابل تخفيف إضافي لكل من العقوبات المرتبطة بالإرهاب التي تؤثر فيهم مباشرة، وكذلك القيود الاقتصادية الأخرى المفروضة على نظام الأسد. ويمكن إجراء هذه المفاوضات عبر محادثات ثنائية، إضافة إلى التفاعل في المنتديات متعددة الأطراف. وإذا وضعت الحكومات الأجنبية معايير واقعية يمكن للقادة الجدد في سوريا تحقيقها للحصول على تخفيف العقوبات، فقد تتمكن من الحصول على تنازلات ملموسة من "هيئة تحرير الشام"، مثل الالتزامات بالحكم الرشيد وضمانات بأن الدولة السورية والمجموعات الأخرى داخل البلاد لن تشكلا تهديداً للخارج. إن التوصل إلى اتفاقات غالباً ما يتطلب تقديم تنازلات صعبة، ولكن القيام بذلك سيُلزم كل من المتمردين السابقين والمسؤولين الدوليين الوفاء بمسؤولياتهم في هذا الاتفاق. وعلى الحكومات التي تخشى فقدان نفوذها أن تتذكر أن إزالة "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب وتخفيف العقوبات عن سوريا الآن لن يمنعاها من اتخاذ إجراءات عقابية أخرى في وقت لاحق إذا تطلبت الظروف ذلك.
ولكن من المؤسف أن الجهات الفاعلة الدولية تبدو بالفعل وكأنها تضيع فرصتها لوضع سوريا الجديدة على طريق النجاح. ففي الـ23 من ديسمبر 2024، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن قانوناً يمدد لمدة خمس سنوات إضافية العمل بـ"قانون قيصر" الموقع عام 2019 الذي فرض بعضاً من أشد العقوبات على سوريا، على رغم أن معظم المعايير التي تبرر تعليق تلك العقوبات استوفيت منذ الإطاحة بالأسد. وصرّح المشرعون بأنه من السابق لأوانه رفع العقوبات. وفي منتصف ديسمبر، قال السيناتور جيم ريش من ولاية أيداهو، وهو الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن الكونغرس "سينتظر ويرى" كيف ستحكم "هيئة تحرير الشام" البلاد.
لكن الانتظار والمراقبة استراتيجية عقيمة وفاشلة في جوهرها لا تقدم أي شيء للسوريين اليائسين. كما أنها لا تفعل شيئاً لمنع البلاد من الانهيار. في الواقع، تقف سوريا الآن عند مفترق طرق: طريق يوفر فرصة لإعادة البناء والتواصل مع العالم، وآخر يقود إلى عزلة ومعاناة أعمق للشعب السوري. ويتعين على الجهات الفاعلة الدولية أن تتعلم من إخفاقاتها في أفغانستان وأن تتحرك بحزم. وينبغي عليها أن تغتنم الفرصة لدفع "هيئة تحرير الشام" إلى تقديم تنازلات من شأنها أن تضع سوريا على مسار التعافي الاقتصادي والحكم المستدام مع اتخاذ خطوات جادة لمعالجة المخاوف الأمنية الدولية. ومن الممكن أن تعمل الاستجابة العالمية القوية على تقليص احتمالات وقوع مأساة أخرى على غرار تلك التي وقعت في أفغانستان.
مترجم عن فورين أفيرز 2 يناير (كانون الثاني) 2025
ديلاني سيمون هي محللة رفيعة الشأن لبرنامج الولايات المتحدة في "مجموعة الأزمات الدولية".
غرايم سميث هو محلل رفيع الشأن لشؤون أفغانستان في "مجموعة الأزمات الدولية".
جيروم دريفون هو محلل بارز متخصص في شؤون الجماعات المتطرفة والصراع الحديث في "مجموعة الأزمات الدولية".