Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صدام دستوري يتسبب بصراع صلاحيات بين الرئاسات في العراق

هل هو تصحيح من السوداني لخلل سابق أم صراع ظهر إلى العلن بينه وبين رشيد؟

اعتبر عضو اللجنة القانونية في البرلمان عارف عبدالجليل أن تقديم السوداني دعوى بعدم دستورية قانون رئاسة الجمهورية لا يعني وجود خلافات بينه بين الرئيس (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)

ملخص

أثار إقدام السوداني على الطعن بقانون ديوان الرئاسة لعام 1984، والنظام الداخلي لرئاسة الجمهورية المستند إلى هذا القانون، كثيراً من علامات الاستفهام والتساؤلات حول أسباب طعن الحكومة في هذا الوقت، بينما لم تفعلها أي من الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003.

تبدو العملية السياسية في العراق أمام تحد جديد، بعد أزمة اختيار رئيس مجلس النواب التي لم تحل حتى هذه اللحظة، إذ تداولت وسائل الإعلام المحلية وثائق لمكتب رئيس الوزراء تؤكد بأن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قدم دعوى إلى المحكمة الاتحادية للطعن بدستورية قانون ديوان رئاسة الجمهورية والنظام الداخلي للرئاسة.
وبحسب الوثائق فإن الدعوى التي رفعها رئيس مجلس الوزراء إضافة إلى وظيفته، شملت كلاً من رئيس مجلس النواب إضافة إلى وظيفته، ورئيس الجمهورية إضافة إلى وظيفته، إذ أشارت إلى طلب رئيس مجلس الوزراء الحكم بعدم دستورية قانون ديوان رئاسة الجمهورية رقم 4 لعام 1984 وإلغائه لمخالفته دستور جمهورية العراق لعام 2005، كما شملت الدعوى طلب رئيس مجلس الوزراء الحكم بعدم دستورية النظام الداخلي لرئاسة الجمهورية وإلغائه لمخالفته أحكام الدستور.

وبينت الوثائق أن قانون ديوان الرئاسة لعام 1984 لا ينسجم مع نصوص الدستور العراقي، كما يتعارض مع الشكل الاتحادي للدولة ونظام اللامركزية الإدارية، إضافة إلى أن ديوان الرئاسة يختلف عن رئاسة الجمهورية، إضافة إلى تحديده منصب رئيس ديوان الرئاسة بمنصب وزير، وله وكيلان أو أكثر بدرجة وزير، بينما لا وجود لمنصب وزير في الدستور من خارج "الكابينة الحكومية"، وطلبت الدعوى من المحكمة الاتحادية سريان الحكم بعدم دستورية القانونين اعتباراً من تاريخ نفاذ الدستور العراقي.


علامات استفهام

وأثار إقدام السوداني على الطعن بقانون ديوان الرئاسة لعام 1984، والنظام الداخلي لرئاسة الجمهورية المستند إلى هذا القانون، كثيراً من علامات الاستفهام والتساؤلات حول أسباب طعن الحكومة في هذا الوقت، بينما لم تفعلها أي من الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003.

في المقابل دعت الرئاسة العراقية يوم الأحد الـ14 من يوليو (تموز) الجاري إلى تحقيق الشراكة الوطنية في إدارة الدولة من دون تمييز أو إقصاء، وجاء بيان الرئاسة الذي استذكر الثورة التي قلبت نظام الحكم بالعراق من ملكي إلى جمهوري في عام 1958، رداً على الدعوى القضائية التي أقامها السوداني حول عدم دستورية قانون رئاسة الجمهورية.
وجاء في بيان الرئاسة "يستعيد شعبنا اليوم الذكرى السنوية لثورة الـ14 من يوليو (تموز) وتأسيس النظام الجمهوري في بلدنا لإدارة الحكم والسلطات على أسس ديمقراطية، وقد أقر الدستور ذلك. وبذلك عبر الدستور المستفتى عليه شعبياً عن الموقف الشعبي المتمسك بنظامه الجمهوري".
وأكد البيان أنه "في هذه المناسبة نؤكد أهمية المضي قدماً بنظامنا الديمقراطي والعمل على تحقيق الشراكة الوطنية في إدارة الدولة بين أطياف الشعب العراقي جميعاً من دون تمييز أو إقصاء والمشاركة الفاعلة في العملية السياسية بما يعزز إرادة الشعب ويمنع عودة الديكتاتورية والتفرد باتخاذ القرارات، ويحقق مطامحه في بناء دولته الحرة الكريمة والمتقدمة، وترسيخ تجربته الديمقراطية وتوطيد حريات وأمن ورفاه المواطنين".

ملاحظات واعتراضات قانونية

من جهة أخرى اعتبر عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي عارف عبدالجليل أن "تقديم السوداني دعوى بعدم دستورية قانون رئاسة الجمهورية أمام المحكمة الاتحادية لا يعني وجود خلافات بينه بين رئيس الجمهورية، بل هناك ملاحظات واعتراضات قانونية فقط على بعض فقرات ومواد القانون".
وأوضح عبدالجليل أنه "لا يمكن التكهن بما إذا كانت المحكمة الاتحادية ستقبل الطعن أو ترفضه، فهذا أمر خاص بها، وهي تتخذ القرارات وفق دراسة قانونية ودستورية معمقة، ومن المؤكد أن ما سيصدر من المحكمة ملزم للجميع، والكل يؤمن بأهمية الفصل بين السلطات".
وحملت عريضة الدعوى التي انتشرت في وسائل الإعلام العراقية استعراضاً لـ17 فقرة قانونية في قانون ديوان رئاسة الجمهورية، إذ يجمع بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس قيادة الثورة، وما يقابله الآن منصب رئيس مجلس الوزراء، وحدد السوداني هذه الفقرات وما تخالفه من مواد دستورية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مخالفة القانون

من ناحية ثانية قال الخبير القانوني علي التميمي إن "الدعوة التي أقامها رئيس الوزراء إضافة إلى وظيفته وهو مدع في هذه الدعوى، أما المدعى عليه وهو رئيس الجمهورية إضافة إلى وظيفته، وأيضاً رئيس مجلس النواب إضافة إلى وظيفته، والطلب الذي قدم هو في شأن عدم دستورية قانون ديوان رئاسة الجمهورية رقم 4 لعام 1984، وأيضاً طلب إلغاء النظام الداخلي لديوان الرئاسة السابق".
ونبه إلى أن "السبب الذي استندت إليه عريضة الدعوى هو مخالفة هذا القانون – الذي طعن به – للدستور العراقي، كما أنه لا ينسجم مع النظام البرلماني ويتعارض مع نظام اللامركزية، كما استند الطلب إلى أن قانون ديوان الرئاسة السابق اعتبر رئيس ديوان الرئاسة بدرجة وزير، وهذا يتعارض مع المادة 76 من الدستور، لأن ترشيح الوزراء يكون من خلال رئيس الوزراء، والتصويت في داخل البرلمان، كما أن العريضة طلبت أن يسري الحكم بأثر رجعي من عام 2005".
وأوضح التميمي أن "معنى عبارة (إضافة إلى وظيفته)، هي أن هذه الدعاوى تقام على الأشخاص بصفتهم الرسمية وليس بصفتهم الشخصية، لأنهم يمثلون دوائرهم الرسمية أمام القضاء، ولأن الحق المدعى به يخص دوائرهم ومؤسساتهم ولا يخصهم كأفراد أو أشخاص، لهذا السبب يكون الطلب إضافة إلى وظيفتهم".
وتابع أن "وجود قانون ديوان الرئاسة السابق رقم 4 لعام 1984 يتعارض مع المواد 1 و76 و78 من الدستور، لأن النظام السياسي قبل عام 2003 كان رئاسياً وليس برلمانياً كما هو الآن، وأن قانون ديوان الرئاسة يتكون من 26 مادة، ويعتبر بالمادة 5 منه رئيس ديوان الرئاسة بدرجة وزير، وهذا يخالف المادة 76 من الدستور، كما هناك مستشارون كثر لرئيس ديوان الرئاسة".
وختم التميمي حديثه بالقول إن "الموضوع يحتاج إلى تشريع قانون جديد لديوان رئاسة الجمهورية، وأيضاً نظام داخلي جديد يحدد كل الاختصاصات والواجبات وفقاً للدستور الجديد ونظام اللامركزية".

تنازع في الصلاحيات

من جهته وصف الخبير القانوني خالد عليوي أن "هذه الخطوة تدل على أن العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية في العراق، في ظل (محمد شياع) السوداني و(عبداللطيف) رشيد، ليست على ما يرام ، ويبدو أن هناك إما تنازع صلاحيات بين الطرفين يجعل القانون المذكور عقبة في طريق الانسجام بينهما، وفقاً لما قرره الدستور العراقي لعام 2005، أو أن هناك تنازعاً سياسياً تقف خلفه مصالح متقاطعة.
ورأى أنه "إذا كان الأمر مرتبطاً بالتنازع في الصلاحيات القانونية فإيجاد حلول قانونية له ليس عسيراً، أما إذا كان التنازع مرتبطاً بمصالح سياسية متقاطعة فهذا يعقد المشكلة ويزيد شقة الخلاف بين الطرفين".

وزاد أن "النظام الدستوري في العراق ما زال غير مكتمل النضوج والمؤسسات، ومثل هذه الاختلافات عندما تكون تحت مظلة الدستور والقانون تعد حالة صحية ستسهم في تطوير النظام ومأسسته بطريقة أفضل".

إلى ذلك تساءل الباحث السياسي عقيل العراقي حول ما إذا كان الاعتراض هدفه تصحيح القانون المخالف للدستور وطعن روتيني لم تتخذه الحكومات السابقة، أو هناك خلافات حادة بين الحكومة وبين رئاسة الجمهورية"، معتبراً ذلك أنه "طعن ضد قانون الرئيس العراقي السابق صدام حسين وليس ضد قانون الرئيس العراقي الحالي عبداللطيف جمال رشيد".
وأقر بأن "هناك قوانين مهمة من السلطة التشريعية والحكومة لا تقر إلا بمصادقة رئيس الجمهورية، وفي هذه الحالة سنشهد عدم استقرار سياسي، خصوصاً ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية"، معتقداً بأن "رئيس الحكومة بدأ حالياً بمشروع سياسي من أجل الولاية الثانية وأعتقد أنه سينجح، وهناك من يدعم السوداني خارجياً وداخلياً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات