Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شهادات اللاجئين في مصر عن أهوال التصريح والترحيل

على رغم منحهم مهلة نهائية لتقنين أوضاعهم فإن القلق يداهم السودانيين والسوريين والفلسطينيين بالبلاد

مصر تمنح مهلة نهائية وأخيرة للأجانب المقيمين على أراضيها لتقنين أوضاعهم    (مفوضية اللاجئين)

ملخص

بعد انتهاء مدة السماح في الـ30 من سبتمبر المقبل ستتخذ الإجراءات القانونية حيال الأجانب الذين لم يستخرجوا الإعفاء من الإدارة العامة للجوازات والهجرة والتعامل معهم باعتبارهم "مخالفين لضوابط الإقامة بالبلاد".

على رغم قرار الحكومة المصرية منح مهلة نهائية وأخيرة للأجانب المقيمين على أراضيها لتقنين أوضاعهم القانونية حتى أواخر سبتمبر (أيلول) المقبل، فإن القلق لا يزال يساور النازحة الفلسطينية صفاء علي (اسم مستعار) خشية ترحيلها من مصر بسبب مخالفتها "ضوابط الإقامة".

"أخشى ترحيلي وأشعر بالخوف على مستقبل أبنائي، ولا أعلم أين سأذهب بعد ذلك؟"، بتلك الكلمات المقتضبة عبرت صفاء عن تفاصيل معاناتها الحالية. مشيرة إلى أنها اضطرت إلى مغادرة بلدتها بحي تل الهوى في غزة بعد أن دمرت الحرب منزلها وممتلكاتها، كما فقد زوجها فرصة عمله الوحيدة. موضحة أنها دخلت مصر عبر معبر رفح قبل نحو ثلاثة أشهر رفقة أبنائها الثلاثة أصغرهم سناً عمره عام.

تمضي صفاء في شهادتها إلى "اندبندنت عربية"، "جئت لمصر من دون جواز السفر وأوراق الهوية الثبوتية، لم يكن بحوزتي سوى 500 دولار فقط، وبمجرد وصولي حصلت على وثيقة الدخول الرسمية لحين استخراج جواز سفري الجديد من السفارة الفلسطينية بالقاهرة، وبعد الحصول عليه حاولت تقنين أوضاعي القانونية وتوجهت إلى إدارة الجوازات والهجرة، لنقل الأختام من الوثيقة إلى جواز السفر الجديد، لكنني فوجئت بطلب تسديد مبلغ 7900 جنيه مصري (164.57 دولار أميركي) لإتمام الإجراءات الخاصة بي وأبنائي".

شعرت الشابة الثلاثينية أنها ستكون عرضة لدفع غرامات مالية متكررة في ظل عدم امتلاكها تصريح إقامة رسمياً، فقررت التوجه لاستخراج شهادة ميلاد لها، وقال لها أحد المسؤولين إنه ينبغي عمل "فيش وتشبيه" جنائي من أجل استخراجها. وبعد الانتهاء منه، توجهت لإدارة الجوازات والهجرة، لكنها فوجئت بأحد المسؤولين يقول لها إنها "مخالفة لضوابط الإقامة، ويجب تجديد الإقامة حتى لا ترحل وأبناءها من مصر".

حاولت النازحة الفلسطينية طرق كثير من الأبواب لتقنين أوضاعها القانونية، "رغم شعوري بالأمان في مصر، وتكفل عديد من المؤسسات الخيرية بي وأبنائي بعد أن أنفقت الأموال التي كانت بحوزتي على استكمال أوراقي الرسمية، فإن القلق لا يزال يملأ قلبي، وأخشى أن أتعرض للملاحقة الأمنية، وترحيلي بعد أن فقدت كل ما أملك بغزة، ولم يعد زوجي يملك فرصة عمل للإنفاق علينا، الذي يقيم حالياً بإحدى الخيام في غزة".

السلطات المصرية منحت مهلة نهائية وأخيرة لكل الأجانب المقيمين على أراضيها لتوفيق أوضاعهم وتقنينها في البلاد، وطالبتهم بضرورة التوجه إلى الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية لتقنين أوضاعهم وتجديد إقاماتهم والحصول على كارت الإقامة الذكي لضمان الاستفادة من كل الخدمات الحكومية المقدمة إليهم.

وبحسب السلطات فإنه بعد انتهاء المدة في الـ30 من سبتمبر (أيلول) المقبل، ستتخذ الإجراءات القانونية حيال الأجانب الذين لم يستخرجوا الإعفاء من الإدارة العامة للجوازات والهجرة والتعامل معهم باعتبارهم "مخالفين لضوابط الإقامة بالبلاد".

خوف وقلق

معاناة الفلسطينية هادية محمد (اسم مستعار) لا تختلف كثيراً عن صفاء، إذ لم تتمكن هي الأخرى من الحصول على تصريح الإقامة في مصر، وتخشى الذهاب لأي مصلحة حكومية في الوقت الراهن خوفاً من ترحيلها هي وزوجها وابنتها الوحيدة، البالغة من العمر ثلاث سنوات ونصف السنة.

تقول السيدة الأربعينية، "وصلت إلى مصر قبل اندلاع حرب غزة بنحو ستة أشهر من أجل إجراء عملية حقن مجهري وعلاج زوجي من التهاب الكبد الوبائي، وبعد أسابيع قليلة توجهت لإدارة الجوازات، وجددت جوازات سفري وزوجي وطفلتي مقابل دفع مبلغ مالي يقدر بـ16 ألف جنيه (333.36 دولار أميركي)، وبعدها طلب مسؤولو الجوازات نقل الأختام من الجواز القديم إلى الجديد".

شعرت هادية بالخوف والقلق من الإقدام على تلك الخطوة، خشية مطالبتها بدفع مزيد من الغرامات المالية أو ترحيلهم من مصر إلى غزة بسبب مخالفة ضوابط الإقامة. هاجس الترحيل من مصر لا يزال يراودني وأعيش حالياً لحظات مفزعة، ولا أعلم أين سأذهب بعد أن دمر منزلي في رفح أثناء الحرب، ولم يعد لدى ما أملكه".

يشار إلى أن السلطات المصرية شددت على عزمها ترحيل أي أجنبي من الأراضي المصرية مخالف لـ"ضوابط الإقامة". وأكد مصدر مصري مسؤول في تصريحات نقلتها قناة "القاهرة الإخبارية" (شبه الرسمية) أواخر يونيو (حزيران) الماضي، "تنفيذ إجراءات الترحيل لأي أجنبي من الأراضي المصرية وفقاً للقانون حال ارتكابه جريمة تستوجب الترحيل أو عدم حصوله على الأوراق والمستندات المطلوبة".

الاختباء في المنزل

بينما قرر محمد الوكيل (اسم مستعار) سوري الجنسية، الاختباء بمنزله وعدم الخروج منه إلا للضرورة القصوى بعد انتهاء جواز سفره، الذي تنتهي معه رسمياً إقامته في مصر.

يخشى الشاب الثلاثيني الذي يعمل بأحد مصانع الأقمشة بمدينة العبور بمحافظة القليوبية، الذهاب لتجديد جواز سفره بالسفارة السورية بالقاهرة، التي يتبعها تجديد إقامته الدراسية بالأزهر، لا سيما بعد تواتر عديد من الأنباء عن ترحيل الأجانب المقيمين بمصر خلال الفترة الماضية.

يقول الوكيل، "يوماً تلو الآخر أسمع أخباراً عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة عن ترحيل أجانب مخالفين لضوابط الإقامة، وهو ما يجعلني أشعر بالفزع، ولا أعلم ماذا أفعل لكي أنهي إجراءات الإقامة الرسمية".

يضيف الشاب السوري، "أشعر بالراحة في مصر ولا أرغب بالعودة لسوريا حالياً، لا سيما بعد أن التحقت بفرصة عمل مناسبة بالقاهرة، وتزوجت بسورية"، مؤكداً أنه سيبحث عن "وسيلة لتوفيق أوضاعه القانونية قبل انتهاء المهلة النهائية التي وضعتها السلطات المصرية، لتجديد إقامته حتى لا يلاحق أمنياً ويستطيع التحرك بحرية".

مسارات غير شرعية

"أشعر أنني مطارد أمنياً طوال الوقت وليس أمامي حل سوى توفيق أوضاعي القانونية والحصول على تصريح إقامة"، بتلك الكلمات لخص محمد نور (اسم مستعار)، سوداني الجنسية، واقع معاناته الحالية بمصر، موضحاً أنه اضطر للفرار من بلدته بالخرطوم بالسودان برفقة زوجته وأبنائه الأربعة عقب اندلاع الحرب ودمار منزله، ولجأ للهجرة عبر مسارات غير شرعية، إذ انطلق من مدينة عطبرة بشمال السودان مروراً بمحافظة أسوان جنوب مصر، وصولاً إلى محافظة الجيزة.

بصوت خافت ونبرة يملأها الحزن، يقول الشاب العشريني، الذي يقطن حي بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة ويعمل بأحد محال الجزارة، أنه يخشى إيقافه في المكامن الأمنية أو الذهاب للمصالح الحكومية حتى لا يُكتشف دخوله مصر بصورة غير قانونية ومن ثم ترحيله للسودان مرة أخرى.

 

لم يجد "نور" سبيلاً أمامه سوى الإنصات لنصيحة أحد أصدقائه باللجوء لمفوضية شؤون اللاجئين من أجل إنهاء إجراءات الحصول على "الكارت الأصفر" الذي يمنحه حماية موقتة ومن ثم استكمال إجراءات الحصول على تصريح الإقامة من إدارة الجوازات بميدان العباسية.

يمضي "نور" في حديثه "أسعى للحصول على حماية قانونية لكي أتمكن من العيش أنا وأسرتي بأمان في مصر".

وعن أوضاع النازحين واللاجئين السودانيين، تقول المحامية والقيادية بالمجتمع المدني السوداني سامية الهاشمي، "معضلة الحصول على تصريح إقامة أكثر ما يؤرق غالب السودانيين المقيمين بمصر، سواء المتقدمون للحصول على طلبات لجوء أو فيزا دراسية أو سياحة".

ووفق الهاشمي، فإن المشكلة الرئيسة التي تواجه طالبي اللجوء السودانيين للحصول على صفة لاجئ هي "منحهم مواعيد من المفوضية لمدة تتجاوز ستة أشهر من أجل التقرير في حالتهم، وليس بحوزتهم إثبات سوى مستند أو رسالة على الهاتف المحمول، ولا تعترف السلطات المصرية بهم ويمكن أن يرحلوا بسبب عدم امتلاكهم تصريح إقامة". مطالبة بـ"تسريع الإجراءات، وأن يكون هناك تنسيق كامل بين مكتب مفوضية اللاجئين وإدارة الجوازات، لكي يحظى النازحون السودانيون بحماية موقتة لحين البت في وضعهم، لأن هناك أعداداً كبيرة من السودانيين طالبي لجوء لمصر حالياً".

وتؤكد الهاشمي أن مشكلة عدم صدور تصاريح الإقامة بالسرعة المطلوبة تسببت في تعطيل عديد من الأطفال السودانيين عن الالتحاق بالعام الدراسي الماضي، إذ حصلوا على الإقامة الدراسية بعد أشهر طويلة من بداية السنة الدراسية، كما أن صعوبة الحصول على تأشيرات دخول إلى مصر ترتب عليها دخول كثير من السودانيين مصر بشكل غير نظامي، وهناك كثير ممن تعرضوا للموت عطشاً في الصحراء.

ووفق القيادية بالمجتمع المدني السوداني، فإن غالب السودانيين هاربون من الموت والحرب وبلا وظائف، وليست معهم أموال، ولا يستطيعون توفيق أوضاعهم، وليس لديهم المقدرة المالية لدفع الـ1000 دولار لتوفيق أوضاعهم، مطالبة السلطات المصرية بتفهم أوضاع الحرب.

الحماية الدولية

في السياق ذاته، يشدد المتخصص في شؤون اللاجئين أشرف ميلاد على ضرورة التفرقة بين اللاجئين وطالبي اللجوء وبين الأجانب المقيمين بمصر. هناك نحو 670 ألف لاجئ لا يجوز الاقتراب منهم، لأنهم تحت الحماية الدولية، وفقاً لما أقرته القوانين الدولية، بينما باقي الأجانب المقيمين بمصر يحق للدولة اتخاذ إجراءاتها القانونية معهم من أجل توفيق أوضاعهم، لا سيما أن كثيراً منهم دخل البلاد بشكل غير شرعي وبصورة غير نظامية، ويجب على الدولة أن تعرف هوية كل المقيمين على أراضيها.

وتستضيف مصر التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 106 ملايين نسمة، حالياً ما يقارب 9 ملايين مقيم أجنبي من أكثر من 133 دولة. وفق التصريحات الرسمية.

وفي شأن أسباب التحركات المصرية في ذلك التوقيت، يقول ميلاد "لا أعلم ما إذا كانت مرتبطة بالأزمة الاقتصادية الراهنة أم لاعتبارات أمنية". موضحاً "من لا يحمل الإقامة بعد إنهاء مدة تقنيين الأوضاع للأجانب يمنع من دخول الأبناء المدارس وتوقف خطوط هواتف المحمول، وفتح الحسابات في البنوك وعمل التوكيلات وتوقف تحويل الأموال".

يوضح المتخصص في شؤون اللاجئين أن الجالية السودانية تعد من أكبر الجاليات الأجنبية في مصر، وهناك لاجئون قادمون من السودان "حصلوا على مواعيد من مفوضية اللاجئين بتسجيلهم تحت مظلة المفوضية في ديسمبر (كانون الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين، وسيكونون عرضة للقبض عليهم ثم الترحيل".

ووفق تقديرات "المنظمة الدولية للهجرة"، يشكل السودانيون العدد الأكبر من المقيمين واللاجئين في مصر بنحو 4 ملايين، يليهم السوريون بنحو 1.5 مليون، واليمنيون بنحو مليون، والليبيون مليون نسمة، إذ تمثل الجنسيات الأربع 80 في المئة من المهاجرين المقيمين حالياً بالبلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أصدر قراراً في أغسطس (آب) من العام الماضي ينظم ضوابط تحصيل رسوم الإقامة بالدولار أو ما يعادله، ومنح الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية مهلة لتوفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم بالبلاد.

ووفق القرار يتعين على الأجانب المتقدمين للإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، للحصول على حق الإقامة للسياحة أو لغير السياحة تقديم إيصال يفيد بقيامهم بتحويل ما يعادل رسوم (الإقامة، وغرامات التخلف، وكلف إصدار بطاقة الإقامة) من الدولار أو ما يعادله من العملات الحرة إلى الجنيه المصري من أحد البنوك أو شركات الصرافة المعتمدة.

ووفقاً للقرار أيضاً، يجب على الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية توفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم شريطة وجود مستضيف مصري الجنسية، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار، مقابل سداد مصروفات إدارية، بما يعادل ألف دولار تودع بالحساب المخصص لذلك وفقاً للقواعد والإجراءات والضوابط التي تحددها وزارة الداخلية.

الترحيل قرار خشن

"الترحيل قرار خشن"، هكذا يصف خبير السكان ودراسات الهجرة الدكتور أيمن زهري تحركات السلطات المصرية الأخيرة في ذلك الملف. مشيراً إلى أن الدول لا تلجأ إلى هذا الأمر إلا في "حالات محدودة وعادة ما يكون برضا واتفاق مع الدول الأخرى"، ويجري ذلك في كثير من الأحيان "بسبب تجاوزات صارخة ارتكبها الأجانب على تراب الدولة المستضيفة".

وكان وزير الداخلية المصري اللواء محمود توفيق قرر مطلع يوليو (تموز) الجاري، ترحيل أربعة سوريين خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام. وفي منتصف يونيو (حزيران) الماضي، رحلت السلطات المصرية 700 سوداني حاولوا دخول البلاد بطريقة غير شرعية، وقبل ذلك، ضبطت السلطات المصرية سبع حافلات محملة بأعداد من السودانيين خلال دخولهم في هجرة غير شرعية بأطراف محافظة قنا بصعيد مصر.

يضيف زهري، "أتصور أن كل ما حدث يصب في سياق قدرة الدولة على حصر الأجانب المقيمين على أراضيها، وليس بغرض تنمية الموارد المالية بالحصول على الغرامات". مشيراً إلى أنه خلال الشهرين الماضيين ارتفع عدد المسجلين كلاجئين وطالبي لجوء من 575 ألفاً إلى 672 ألفاً بفارق يقارب نحو 100 ألف شخص ممن توجهوا إلى مفوضية شؤون اللاجئين لتسجيل أنفسهم، علاوة على أن هناك قائمة انتظار طويلة تصل إلى بدايات عام 2025 برغبة كثير من طالبي اللجوء بتسجيل أنفسهم من خلال البوابة الإلكترونية لمفوضية شؤون اللاجئين لكي يحددوا موعداً للتقدم للحصول على اللجوء، ومن ثم يقعون تحت الحماية الدولية وفقاً لمقتضيات القانون الدولي.

صعوبات لوجيستية

ووفق زهري، فإنه "لا يتصور أن الدولة ستقوم بعملية ترحيل واسعة النطاق لهؤلاء الأجانب حتى عقب انتهاء مهلة سبتمبر (أيلول) المقبل". مرجعاً ذلك بسبب "الصعوبات اللوجيستية الضخمة في ترحيل هؤلاء الملايين دفعة واحدة، التي تحتاج إلى مليارات عديدة، فضلاً عن عدم قدرة البلدان التي جاء منها هؤلاء الأشخاص على استيعاب هؤلاء المهاجرين مرة أخرى"، علاوة على "ضرورة التنسيق مع مسؤولي تلك البلدان" قبل اتخاذ تلك الإجراءات. منوهاً بأن الدولة المصرية تستهدف من تلك التحركات عمل حصر وقاعدة بيانات بجميع الأجانب غير المصريين المقيمين على أراضيها.

وتوقع خبير السكان ودراسات الهجرة أن يكون هناك أكثر من مهلة أخرى، لتقنين أوضاع الأجانب، ولن يتم الاكتفاء بمهلة سبتمبر (أيلول) المقبل، مردفاً "مصر تأخرت كثيراً في تقنين أوضاع جميع الأجانب المقيمين على أراضيها، وهذا القرار يحسب للدولة المصرية، ويعد إنجازاً إذا ما تحقق، وهو أمر إيجابي، ولا يختلف معه أحد، ولا يتعارض مع حقوق الإنسان".

 

وأقرت المادة (16) من قانون دخول وإقامة الأجانب رقم 89 لسنة 1960، أن "على كل أجنبي مقيم في مصر أن يكـون حاصلاً على ترخيص بإقامته بها، وعليه أن يغادرها حال انتهاء إقامته، إلا إذا وافقت الدولة على تجديد هـذه المدة".

ونصت المادة (23) من القانون ذاته، على أنه "لا يجوز للأجنبي الذي رخص له في الدخول أو الإقامة في مصر لغـرض معين أن يخالف هذا الغرض إلا بعد الحصول على إذن بـذلك مـن مـدير مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية".

وألزمت المادة (42) من القانون في فقرتها الثانية بمعاقبة كل من خالف أحكـام المادة 23 من هذا القانون بغرامة لا تقل عن 200 جنيه (4.17 دولار)، ولا تزيد على ألفي جنيه (41.67 دولار) مع جواز ترحيله خارج البلاد.

أعباء استضافة اللاجئين

فيما يرى نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية السفير صلاح حليمة أن من حق أي دولة أن يكون لديها حصر وقاعدة بيانات بكل الأجانب المقيمين على أراضيها. موضحاً أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة المصرية في الوقت الراهن "أمنية من الدرجة الأولى"، ومشيراً إلى أن الدولة "تتحمل أعباء كبيرة بسبب استضافة الأجانب واللاجئين المقيمين على أراضيها".

وفي أبريل (نيسان) الماضي، قدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الكلفة المباشرة لاستضافة مصر ما يزيد على 9 ملايين شخص، ما بين لاجئ ومقيم بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

وازدادت أعباء الحكومة المصرية المالية في توفير الخدمات الأساسية للأجانب على أراضيها، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد خلال الأشهر الأخيرة، في ظل ارتفاع معدلات التضخم على خلفية تراجع سعر الجنيه أمام الدولار، وتراجع إيرادات قناة السويس، بسبب تداعيات حرب غزة.

وفي رأي حليمة، خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" فإن إجراءات الحكومة المصرية في التعامل بملف اللاجئين والأجانب "أكثر يسراً ومرونة مقارنة ببعض الدول الأخرى التي تضع قواعد صارمة ومشددة في ضوابط الدخول والإقامة".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات