Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللاجئون السودانيون بإثيوبيا في مرمى رصاص المسلحين

اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية وميليشيات فانو الأمهرية المعارضة قرب معسكر كومر شمال البلاد

أفراد من القوة الخاصة لشرطة أمهرة خلال إحدى المهمات التأمينية بالإقليم (أ ف ب)

ملخص

هل أصبح اللاجئون السودانيون فاعلاً جديداً في التجاذبات الداخلية الإثيوبية المسلحة، أم مجرد وسيلة تسعى الجماعات المسلحة إلى تمويل أنشطتها من خلالهم؟

وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية وميليشيات فانو الأمهرية المعارضة، قرب معسكر كومر للاجئين السودانيين بإقليم أمهرا شمال إثيوبيا، وتبادل الطرفان إطلاق نار كثيف خلّف خسائر بشرية ومادية.

وبحسب مصادر إعلامية إثيوبية، فإن المعارك المحدودة دارت داخل المعسكر، مما أدى إلى حال من الذعر وسط اللاجئين المقيمن في كومر.

وحاولت عناصر تابعة للميليشيات الدخول إلى المعسكر من مختلف المواقع، واختطاف أفراد منه، إلا أن وجود قوات الأمن الإثيوبية، وبخاصة الشرطة الفيدرالية قرب المعسكر أدى إلى التصدي لهم، وأكدت إذاعة محلية وقوع قتلى من الطرفين، فيما أصيب عدد من اللاجئين ونقلوا إلى مراكز صحية قريبة.

وأوردت صحيفة "مونيتر" الإثيوبية أن المعارك بين قوات الشرطة الفيدرالية وميليشيات الفانو، قد تواصلت لأكثر من ساعة، قبل أن تنسحب الأخيرة. 

ولم تصدر الجهات الحكومية حتى كتابة التقرير أي بيان يوضح حجم الخسائر البشرية والمادية، سوى بيان من حكومة إقليم الأمهرة الذي أكد وقوع الاشتباكات في محيط معسكر كومر للاجئين الإثيوبيين. 

تطور

يأتي هذا التطور بعد أيام من تمكن عناصر من ميليشيات الأمهرة المسلحة، من دخول المعسكر وخطف أفراد من اللاجئين السودانيين، ومطالبتها بفدية مالية في مقابل إطلاق سراحهم.

 

 

فهل أصبح اللاجئون السودانيون فاعلاً جديداً في التجاذبات الداخلية الإثيوبية المسلحة، أم مجرد وسيلة تسعى الجماعات المسلحة إلى تمويل أنشطتها من خلالهم، وما هي أدوار المجتمع الدولي وبخاصة المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة حيال هذا الوضع الذي يجعل اللاجئين الفارين من أهوال الحرب في بلادهم، إلى مرمى نار جديد بين أطراف مسلحة في الجوار، وما حدود حق الحماية التي ينبغي أن توفرها الدولة المستضيفة للاجئين؟

اختلالات بنيوية 

يرى المختص الإثيوبي في شؤون اللاجئين إسحاق جرما، أن إحدى المشكلات الأساسية بالنسبة إلى اللاجئين الفارين من النزاعات المسلحة في بلدانهم، أنهم قد يلوذون نحو الدول المجاورة التي لا تتمتع هي الأخرى بقدر كاف من الاستقرار ولا توفر الحماية المطلوبة، إذ إن أوضاع الدول الأفريقية عموماً متشابهة، وتعاني اختلالات بنيوية في أنظمتها السياسية والاقتصادية، مما يجعل اللجوء حال فرار من الحرب إلى حرب أخرى. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف جرما أن المتابع لأوضاع دول القرن الأفريقي، يتبين أن الحروب هي القاعدة الأساسية، ففي عام 2020 لجأ ما يقارب نصف مليون لاجئ إثيوبي إلى السودان، هرباً من حرب تيغراي، وبعد الاستقرار النسبي الذي تحقق بعد توقيع اتفاقية بريتوريا بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي، اندلعت الأحداث في السودان في أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش النظامي وقوات "الدعم السريع" ليبدأ اللجوء العكسي قبل أن يعود التيغراويون إلى بلادهم. 

 

 

وفي تعليقه على الاشتباكات المتكررة في محيط معسكرات اللاجئين السودانيين في إقليم الأمهرة، يقول جرما "لسوء الحظ فإن انفجار الحرب في السودان تزامن مع إعلان حكومة أديس أبابا ما تسميه حملة إنفاذ القانون في إقليم الأمهرة المجاور للسودان"، مضيفاً "أن الدولة المركزية في أديس أبابا لا تسيطر بصورة كاملة على المناطق التي تستضيف اللاجئين السودانيين"، مشيراً إلى أنهم باعتبارهم ناشطين في الشأن الإنساني، وعبر مختلف المنظمات ظلوا يطالبون بضرورة نقل المخيمات إلى مناطق آمنة وأكثر استقراراً. 

ويرى أن الهدف الأساس للجماعات المسلحة التي تعتدي على اللاجئين يتمثل في لفت نظر الرأي العام المحلي والدولي إلى الصراع الدائر في الإقليم، وكشف القصور الأمني، إضافة إلى محاولات الابتزاز للحصول على مكاسب مادية، سواء من خلال المطالبة بالفدية المالية، أو من خلال وضع أيديهم على مدخرات الغذاء المقدمة من المفوضية السامية للاجئين. 

ويوضح الناشط الإثيوبي أن هناك اعتداءات متكررة وقعت خلال الأشهر الماضية استهدفت مخيمات اللاجئين، مضيفاً أن أحد الحلول التي يطالب بها الناشطون هي نقل اللاجئين إلى بلد ثالث، إلى حين النظر في ملفات توطينهم أو عودتهم إلى بلادهم في حال استقرار الأوضاع. 

ويتابع "ثمة لوم رسمي إثيوبي للمنظمات الدولية المعنية باللاجئين في إثيوبيا، إذ لا تقدم الدعم المادي والغذائي الكافي لهم، في وقت تعلن فيه البلاد من أزمات اقتصادية ومالية وحتى غذائية في إقليمي الأمهرة وتيغراي". 

ازدواجية المعايير الدولية 

ويضيف المختص الإثيوبي في شؤون اللاجئين إسحاق جرما أنه ثمة مذكرات رفعتها منظمات المجتمع المدني الإثيوبي المهتمة بالعون الإنساني، إلى الجهات المعنية في الأمم المتحدة وبصورة أساسية المفوضية العليا للاجئين عن ضعف المخصصات المالية الموجهة للاجئين السودانيين في إثيوبيا، مقارنة بنظرائهم في دول أخرى مثل اللاجئين الأوكرانيين إذ نلاحظ تفاوتاً مخلاً في الاهتمام والمخصصات المالية والإمكانات المادية والبشرية. 

ويوضح أنه "لا شك هناك خلل واضح في المعايير الدولية تجاه قضايا اللجوء وضحايا النزاعات المسلحة، إذ ثمة ازدواجية في التعاطي مع لاجئي العالم الثالث وتحديداً القارة الأفريقية، إذ تأخذ الإجراءات الصورة الاعتيادية غير الطارئة، في حين يتم التعاطي بصورة عاجلة في الحالات الأخرى". 

 

 

ويرى جرما أن المطالب العاجلة الآن تتمثل في نقل مخيمات اللاجئين السودانيين لمناطق أخرى داخل إثيوبيا، إلى حين النظر في معالجة الأزمة ككل، فثمة أقاليم تشهد استقراراً نسبياً قياساً بإقليم الأمهرة المشتعل بالنزاعات، وبخاصة أن أديس أبابا موقعة على كافة الاتفاقات والمعاهدات الخاصة بحماية اللاجئين الفارين من النزاعات المسلحة، ولديها التزام قانوني وأخلاقي تجاههم . 

خطة ناجعة 

من جهته قال القيادي في حزب الازدهار الحاكم في إقليم أروميا، عبديسا تلا، إن الحكومة الإثيوبية توفر الأمن للاجئين السودانيين في أكثر المناطق اشتعالاً بالأزمات داخل البلاد، مشيراً إلى أن قوات الأمن تمكنت من صد المعتدين من عناصر الميليشيات المسلحة، ومنعتهم من الدخول إلى المعسكر وابتزاز سكانه. 

وأوضح عبديسا أن المعارك دارت في محيط المعسكر وليس داخله، مما جنب اللاجئين كثيراً من الخسائر البشرية والمادية، مشيراً إلى أن تأمين مخيمات اللاجئين تأتي ضمن أولويات الشرطة الفيدرالية والجيش النظامي، وتعتمد قوات الأمن على الإدارات المحلية في متابعة تحركات العناصر الإجرامية التابعة لبعض الميليشيات المعارضة وتتصدى لهم أولاً بأول. 

وأضاف القيادي في الحزب الحاكم أن الأحداث الأخيرة في معسكر كومر أسفرت عن إصابة طفل سوداني واحد فقط، فيما تكبدت العناصر المهاجمة خسائر في الأرواح والعتاد . 

وانتقد عبديسا التقارير الإعلامية التي تحدثت عن وجود ضحايا في أوساط اللاجئين، مؤكداً أنها جزء من الحملات الدعائية لميليشيات الفانو، في حين أن التقارير الأمنية والصحية تؤكد عكس ذلك. 

وبرّر عبديسا وقوع هذه الأحداث بصورة متكررة، نظراً إلى أن ميليشيات الفانو ومناصريها يتحركون في بعض الجيوب الجبلية لتنفيذ عمليات إجرامية لا تستثني حتى اللاجئين، مؤكداً أن الخطط الأمنية التي وضعت أخيراً من قبل الجيش والشرطة الفيدرالية، قللت من أخطار تعرض اللاجئين للأذى. 

وتابع بالقول إن حكومة آبي أحمد تبذل جهوداً مشهودة في الشقين الأمني والسياسي للإسهام في إنهاء الأزمة السودانية . 

وأكد القيادي الإثيوبي أن حكومة بلاده تعمل مع المفوضية السامية للاجئين والهيئات الأممية الأخرى المعنية بالعون الإنساني من أجل ضمان حياة آمنة وكريمة للاجئين، وإذا حدث وأن لحق الأذى بهؤلاء فذلك يعد جزءاً من مكابدة البلاد ككل لإنهاء تمدد العناصر الخارجة عن القانون . 

وأشار المتحدث إلى أن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أصدرت بياناً أكدت فيه أن 6700 لاجئ في إثيوبيا حصلوا على هويات رقمية، مما يمكّنهم من بدء الأعمال التجارية والالتحاق بالمدارس والحصول بطاقات الهواتف وفتح حسابات مصرفية، والوصول إلى الخدمات المالية والصحية. 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات