ملخص
قاد عبدالرحمن البيشي العمليات العسكرية في كل من مدن سنار وسنجة والدندر ومناطق الدالي والمزموم، وتمكنت قواته من السيطرة على مدينة سنجة وعدد من المناطق الاستراتيجية في هذا المحور وسط انتهاكات مروعة وجرائم بحق المدنيين تنسب إلى هذه القوات.
أعلنت قوات "الدعم السريع" اليوم السبت مقتل أبرز قادة عملياتها في ولاية سنار وإقليم النيل الأزرق المقدم عبدالرحمن حميدة البيشي.
وأوضحت مصادر عسكرية أن طائرات الجيش السوداني استهدفت تجمعات لقوات "الدعم السريع" في قرى النورانية والمرفع وخور العرب بولاية سنار، بهدف التوجه نحو منطقة مايرنو الواقعة تحت سيطرة القوات المسلحة، وأشارت إلى أن القائد البيشي قتل خلال غارة جوية للجيش السوداني على تجمع قواته.
وتداولت منتديات السودانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لجنود من قوات "الدعم السريع" يقومون بمراسم تشييع قائدهم وموارته الثرى، والحديث عن مآثره والإشادة بتضحياته وتاريخه.
وقال مستشار قائد قوات "الدعم السريع" الباشا طبيق عبر تغريدة على منصة" إكس"، "ترجل اليوم بمحور عمليات سنار المقدم عبدالرحمن البيشي وهو يقود قواته، مما يزيدنا قوة وعزيمة وإصراراً على المواصلة".
من عبدالرحمن البيشي؟
يعد المقدم عبدالرحمن البيشي من أبرز قادة "الدعم السريع" في وسط السودان وذاع صيته مع اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، ويتحدر من قبيلة رفاعة كبرى قبائل المنطقة، ويتولى مهام قيادة قطاع منطقة النيل الأزرق.
وقاد العمليات العسكرية في كل من مدن سنار وسنجة والدندر ومناطق الدالي والمزموم، وتمكنت قواته من السيطرة على مدينة سنجة وعدد من المناطق الاستراتيجية في هذا المحور وسط انتهاكات مروعة وجرائم بحق المدنيين تنسب إلى هذه القوات.
وشارك في غالب العمليات العسكرية جنوب العاصمة الخرطوم وبخاصة الهجوم على المدرعات ومنطقة الشجرة والقيادة العامة وجبل أولياء، ولعب دوراً مهماً في معارك ولايتي الجزيرة وسنار نظراً إلى معرفته الكبيرة بطبيعة ومداخل المنطقة من الدمازين إلى الخرطوم بحكم عمله الاستخباراتي، وله حضور اجتماعي وأهلي في امتدادات كثيرة بولاية سنار.
خبرات ميدانية
الباحث في مركز الخرطوم للحوار اللواء الرشيد معتصم مدني قال إن قائدي "الدعم السريع" عبدالرحمن البيشي وأبو عاقلة كيكل أقرب للمغامرين الذين يقودون المعارك بخلفية عسكرية متكاملة، ولكن واضح أن هناك غرفاً كانت تعمل على إسنادهما في الفترة السابقة، وما يميزهما عن غيرهما أنهما من أبناء المنطقة الحاكمة التي تربط أربع ولايات مهمة من الناحية الاقتصادية واللوجيستية بالنسبة إلى السودان، وهي ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق إذ تقع هذه الأقاليم في وسط البلاد، ويربط شرقها وغربها شمال السودان وجنوب العاصمة الخرطوم، وأسهمت معرفتهما بجغرافيا وطبيعة المنطقة في مساعدتهما على المراوغة لفترة من الزمن.
وأضاف مدني أن البيشي يتميز بخبراته السابقة في العمل ضمن قوات الدفاع الشعبي إبان حكومة الرئيس السابق عمر البشير، والرجل أيضاً كان يتحدث بلغة سياسية فيها قدرة على الحشد وله علاقات وامتدادات دم وسط الأهالي في مدن الدمازين والدالي والمزموم، وكذلك الدندر وسنجة وسنار، وسبق أن تمكنت القوات المسلحة من القبض على سائقه وبعض الذين شاركوا معه في معارك سنار وجبل موية خلال يونيو (حزيران) الماضي، وحاول هو وأبو عاقلة كيكل تضليل الجيش السوداني بنشر مقاطع فيديو بعد خسائرهم الأخيرة وتضييق الخناق عليهم في ولاية سنار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خسارة كبيرة للميليشيا
ومضى الباحث في مركز الخرطوم للحوار قائلاً إنه يبدو جلياً أن وجود البيشي كقائد لقوات المتمردين في هذه المنطقة كان له أثر مباشر، وخسارته ستحدث ربكة كبيرة وسط قوات "الدعم السريع" وبخاصة أن العمل الميداني للجيش السوداني في تطور متسارع.
وتابع، واضح أن هناك تحسناً كبيراً في العمل الأمني والاستخباراتي المساند للمعارك خلال الفترة الأخيرة، واستعادت هيئة مكافحة الإرهاب التابعة لجهاز الأمن والاستخبارات توازنها بعد الهزات الكبيرة التي تعرضت لها في السابق.
ولفت مدني إلى أن الميليشيات فقدت خلال معارك ولاية سنار قادة ميدانيين آخرين إما بالقتل أو الجرح، وحال لم تحدث متغيرات جديدة متوقع هزيمة المتمردين في هذه المنطقة خلال وقت وجيز، وسيكون أبو عاقلة كيكل في مرمى نيران الجيش السوداني خصوصاً إذا لم تستسلم قواته وسيقضى عليها، وهناك نشاط قوي في أوساط العقلاء والمتعلمين من أبناء القبائل في كردفان ودارفور للتخلص من وصمة التمرد، على رغم أن الإغراءات المالية الكبيرة أضعفت صوت البعض منهم خلال الفترة السابقة.
وختم حديثه بالقول، في تقديري أن القضاء على التمرد في مدينة أم درمان ومنطقة الوسط بولايات الجزيرة وسنار سيكون بداية لنهاية التمرد وسط السودان.
هزيمة معنوية
وعلى الصعيد ذاته يعتقد الباحث السياسي عبدالرحمن نصر أن مقتل القائد العسكري البارز في قوات "الدعم السريع" عبدالرحمن البيشي يمثل ضربة معنوية وأخرى عملياتية على هذه القوات، نظراً إلى نجاحه في كثير من العمليات العسكرية خصوصاً في محور الجزيرة وسنار.
وأضاف أن وفاة البوشي ستؤثر بصورة كبيرة في "الدعم السريع" لأنها كقوات قائمة على القيادات وليس السلسلة الهرمية كما في الجيوش النظامية أو الميليشيات الأخرى.
وتابع نصر، تعتمد "الدعم السريع" بصورة واضحة على القادة الميدانيين الذين يمثلون الهرم العسكري الذي تندرج تحت إمرتهم باقي القوات، مشيراً إلى أن مقتل البيشي يمثل هزيمة معنوية لقوات "الدعم السريع" ولكنها في الوقت نفسه مجرد نهاية معركة ولا تعني نهاية الحرب.
عمليات عسكرية
وخلال الـ24 من يونيو الماضي، أطلقت قوات "الدعم السريع" عملية عسكرية واسعة بولاية سنار أسندت إلى المقدم البيشي، إذ بدأها بالسيطرة على منطقة جبل موية ذات الموقع الاستراتيجي الرابط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.
وخلال الـ29 من الشهر ذاته، التفت القوات على الجيش السوداني في سنار وتوغلت إلى عمق أكثر من 60 كيلومتراً عبر الطرق الترابية الوعرة، مما مكنها من السيطرة على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار والاستحواذ على قيادة الفرقة 17 مشاة، وهو ما أتاح لـ"الدعم السريع" التمدد شرقاً وغرباً وجنوباً للسيطرة على الدندر والسوكي وأبو حجار وود النيل ومناطق الدالي والمزموم.
ولاحقت هذه القوات اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة طاولت آلاف المدنيين في مناطق عدة بولاية سنار، شملت القتل والنهب والاعتقال والتهجير القسري.