Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن يواجه معضلة الغش بـ"البلوتوث" في امتحانات الثانوية

طلاب يزرعون سماعات صغيرة وسماسرة لبيع الأسئلة عبر "تيليغرام"

طلاب ثانوية عامة في الأردن يتوجهون إلى قاعة الامتحان (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

ملخص

مراقبون يرون أن نظام التعليم التلقيني والتفاوت في فرص القبول الجامعي والضغط الاجتماعي الذي يسببه "بعبع التوجيهي" تدفع الطلبة للغش.

على رغم تشديد الإجراءات الرسمية شهدت اختبارات الثانوية العامة "التوجيهي" في الأردن حالات غش واسعة هذا العام، مما دفع وزارة التربية والتعليم إلى التفكير بخيار الاختبار الإلكتروني واستبداله بالاختبار الورقي، وبخاصة بعد تطويع التكنولوجيا الحديثة في الغش وتراجع الطرق التقليدية القديمة التي يسهل الكشف عنها وضبطها.

وتقدم لاختبار شهادة الدراسة الثانوية العامة للعام الحالي في الأردن، 187725 طالباً وطالبة، موزعين على فروع التعليم الأكاديمي والمهني.

لماذا تزايد الغش؟

ويلقي مراقبون وخبراء تربويون اللوم على عوامل اجتماعية وتربوية واقتصادية عدة تدفع طلاب الثانوية العامة لممارسة الغش، من بين هذه الأسباب الضغوط الأكاديمية والاجتماعية والأسرية التي باتت تشكلها هذه المرحلة المفصلية في حياة طلاب الأردن، إذ يطلق الأردنيون عليها "بعبع التوجيهي" في إشارة إلى حجم الضغوط التي يعانيها الطلاب وأهاليهم على حد سواء لتحقيق التوقعات وحصد نتائج ممتازة.

أما الضغوط الأكاديمية فتتمثل بأجواء القلق التي يعايشها الطلاب في المدرسة طوال العام، فضلاً عن الدروس الخصوصية ومراكز التعليم التي تشكل عبئاً مادياً إضافياً على الأهالي.

وفي حين يتسم نظام التعليم والتقييم في الأردن وبخاصة في مرحلة الثانوية العامة بتركيزه على التلقين باعتباره وسيلة أساسية للتقييم، ومن ثم الانتقال للمرحلة الجامعية، يشكل نظام القبول الجامعي دافعاً آخر لممارسة الغش في اختبار الثانوية، إذ إن التعليم الجامعي غير مجاني، وثمة تفاوت كبير في الفرص التعليمية.

تطويع التكنولوجيا الحديثة

يشرح المتخصص في الأمن السيبراني محمود أبو علاوي كيف تُطوع التكنولوجيا لممارسة الغش على نطاق واسع في الثانوية العامة هذا العام فيقول، إن "هناك ثلاثة أطراف تشترك في هذه العملية، هي الطالب والشخص الذي يصور ورقة الأسئلة، أما الطرف الثالث فهو من يكون خارج أسوار المدرسة ليقدم الإجابات والحلول عبر الهاتف الذكي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضيف أبو علاوي "هناك شبكة تمارس هذه التجارة، وتنشط قبل اختبار الثانوية العامة بنحو شهر وتبدأ بترويج وتقديم خدماتها عبر تطبيق "تيليغرام" الذي يعتبر ضمنياً الأكثر أمناً وخصوصية، فيبيع هؤلاء سماعات صغيرة توضع في طبلة الأذن فيها خاصية بلوتوث، وتتصل بشريحة توضع داخل هاتف الطرف الآخر الذي يوزع الأجوبة".

يؤكد أبو علاوي أن ثمن هذه السماعات قد يصل إلى 1000 دولار في حين أن ثمنها حقيقة لا يتجاوز 80 دولاراً، بينما يعترف بعض ذوي الطلبة بأنهم اشتروا هذه السماعات في سبيل تحقيق النجاح لأبنائهم بأي ثمن.

بيزنس الغش

وعلى رغم أن ظاهرة استخدام السماعات في الغش برزت قبل نحو 10 أعوام فإنها عادت مجدداً هذا العام وبتقنيات أكثر تطوراً، وبأحجام متناهية في الصغر ويصعب ضبطها، وتحتاج وفق مراقبين إلى أطباء متخصصين لنزعها بعد انتفاء الحاجة إليها.

وتحول بيع هذه السماعات إلى "بيزنس" كما يوضح المتخصص التربوي حسام عواد، موضحاً أن أطرافاً عدة تتعاون مع بعضها لتنفيذه من بينها أفراد يسجلون في الثانوية العامة بنظام الدراسة الخاصة بمهمة واحدة هي دخول قاعة الاختبار وتصوير ورقة الأسئلة، ومن ثم ينشرها آخرون على منصات التواصل الاجتماعي، أما الطرف الثالث فهم مجموعة من المعلمين أو المتخصصين الذين يجيبون عن تلك الأسئلة عبر تقنية البلوتوث والسماعات لدى الطلبة.

تقول وزارة التربية إن تسريب أسئلة اختبار الثانوية العامة تم في مباحث عدة ومن ثبت تورطه من الطلاب ولم يحرم سيكون حرمانه بأثر رجعي تحقيقاً للعدالة.

يتحدث مدير إدارة الامتحانات والاختبارات في وزارة التربية والتعليم محمد شحادة عن وجود فريق رصد من قبل الوزارة لمتابعة كل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تُحرك شكاوى بحق أصحابها لدى وحدة الجرائم الإلكترونية.

يشير شحادة إلى وجود مروجين جريئين ينشرون إعلاناتهم وأرقامهم الشخصية على منصات التواصل وبصورة مباشرة، ويذكر أن أحدهم طلب من بعض أولياء الأمور مبالغ مالية تصل إلى 3 آلاف دولار للحصول على ورقة الأسئلة فجراً، مضيفاً أن معظم من يروجون أن لديهم أوراق الاختبار والإجابات مخادعون، مشدداً على أنه لا يوجد تسريب وإنما غش بعد بداية الاختبار وتصوير لأوراق الأسئلة ومن ثم توزيعها.

ويقول طلبة إن ذلك يتم إما عبر إنشاء مجموعات لتبادل الأسئلة والإجابات في الوقت الحقيقي عبر تطبيقات مثل " تيليغرام" و"واتس أب" أو من خلال البث المباشر باستخدام منصات التواصل الاجتماعي.

عقوبات صارمة وإجراءات مشددة

يقول وزير التربية والتعليم عزمي محافظة إن عدد المخالفات التي سجلت لاستخدام السماعات اللاقطة مئات، ووزارته لن تتهاون في تطبيق التعليمات الناظمة للاختبار، تحقيقاً للعدالة وتكافؤ الفرص بين الطلبة، مضيفاً أن عقوبة ضبط بحالة غش هي حرمانه لدورتين متتاليتين.

ويؤكد الأمين العام لوزارة التربية نواف العجارمة، أنه في ضوء ارتفاع المخالفات خلال اختبار التوجيهي سترفع عقوبة الحرمان من دورتين إلى أربع دورات، مشيراً إلى أن الوزارة ضبطت نحو 1100 مخالفة خلال اختبارات التوجيهي معظمها إدخال وسائل الاتصال ومن بينها السماعات اللاسلكية.

تدافع الوزارة عن إجراءاتها الناظمة والمحكمة التي تتخذها إدارة الامتحانات والاختبارات بالتعاون مع الجهات المتخصصة التي يستحيل معها تسرب الأسئلة قبل بدء الاختبار.

تقول وزارة التربية إنها تمنع دخول الأجهزة الإلكترونية مثل الأجهزة النقالة والساعات الذكية وأية وسيلة أخرى ممكن أن تستعمل في الغش، وذلك بتفتيش الطلبة بصورة دقيقة يومياً قبل الدخول إلى قاعات الاختبار كما يحظر على المراقبين إدخال أجهزة الهواتف الخلوية إلى قاعات الاختبار.

يدعو مدير إدارة التعليم في الوزارة أحمد المساعفة إلى التفريق بين التسريب والغش، موضحاً أن التسريب لا يمكن أن يقع بسبب الإجراءات الأمنية المشددة، إذ ترافق دورية أمنية المسؤولين عن تسلم نماذج الأسئلة، داخل غرفة تحت مراقبة الكاميرات على مدار 24 ساعة.

يكشف المساعفة عن تنسيق بين الوزارة وهيئة الاتصالات لتعطيل تطبيقات التواصل الاجتماعي وحجبها، لكن ثمة تطبيقات ووسائل حديثة تظهر بصورة دائمة لا يمكن مواكبتها، إذ تتغلب على التشويش أو التعطيل، مشيراً إلى أن عدد حالات الغش هذا العام هي الأكبر مقارنة بالأعوام السابقة.

وحفل عام 2023 الماضي بطرق غريبة ومثيرة للغش في اختبار الثانوية العامة كان من بينها استخدام سماعات أحد المساجد القريبة من قاعات الاختبارات لنشر الإجابات.

المزيد من متابعات