بعد مرور العام على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في أسطنبول، فاجأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العالم بإعلانه تحمل المسؤولية الأدبية نحو الجريمة التي هزت المجتمع السعودي والعالم، بوصف مقترفيها من الأشخاص الذين يعملون في الحكومة السعودية، فيما اعتبر استهداف معامل النفط لشركة أرامكو قبل نحو أسبوعين شبه "إعلان حرب" من جانب إيران التي يُعتقد أنها تقف خلف العدوان.
وروى الأمير الإصلاحي موقف بلاده من حادثة خاشقجي في وقت سادت التكهنات بأن بلاده غير جادة في محاسبة المتورطين، قبل أن يقطع الجدل بتأكيد أن قضاء بلاده منخرط في محاسبة "من قاموا بالجريمة البشعة" بعد أن طالبت النيابة العامة في البلاد بإقرار أقصى عقوبة وهي "الإعدام" في حق عدد منهم.
وقال في حوار مع برنامج 60 دقيقة على شبكة "سي بي أس" الأميركية الليلة الماضية، "عندما تحدث جريمة بحق مواطن سعودي من مسؤولين في الحكومة السعودية، فأنا كقائد أتحمل هذه المسؤولية ونحن حريصون على ألا يتكرر هذا الأمر في المستقبل (...) والعدالة ستأخذ مجرها في جريمة قتل جمال خاشقجي".
وكانت عائلة خاشقجي، ردت في وقت سابق على مزاعم إيجاد تسوية مع السلطات، بتأكيدها هي الأخرى أنها مطلعة على الإجراءات القضائية ضد المتهمين، وتثق بأن العدالة ستأخذ مجراها، بأن تتم محاسبة المذنبين.
يأتي ذلك في وقت تحدث رجل السعودية القوي، عن ماراثون الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها بلاده بشكل متسارع، بلغ ذروته هذا الأسبوع عندما أعلنت السلطات التنفيذية في كل من وزارة الداخلية وهيئة السياحة، ترحيبها بمواطني 49 دولة من دون أي تعقيدات تذكر، والتأشير لهم عبر المطارات السعودية لدخول المملكة التي ظلت عبر عقود مغلقة على الأجانب، إلا بواسطة تأشيرات العمرة والحج والعمل، قبل أن تقر أخيراً استقطاب السياح، وتلغي قيود زي "العباءة" على الأجنبيات الزائرات، وتسمح قبل نحو عام ونصف بقيادة المرأة السيارة.
وفي سياق التهديدات الإيرانية وأذرعتها في المنطقة، يؤكد ولي العهد أن استهداف معملي بقيق وخريص (شرق السعودية) المملوكين لعملاق النفط العالمية شركة أرامكو، ليس استهدافاً للسعودية وحدها ولكن عدوان على أمن الطاقة في العالم برمته. مؤكداً أنه "إذا لم يتخذ العالم موقفاً قوياً لردع إيران سنرى المزيد من التصعيد (...) كما أن النفط سيصل لأسعار خيالية إذا لم يجتمع العالم لردع طهران".
لكن على الرغم من ذلك نفى الأمير أن يكون بموقفه من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يرى الدخول في مواجهة عسكرية مع طهران، بل كان بحسب تعبيره يدعو إلى عكس ذلك، نظير قناعته بأن أهداف الرؤية التنموية التي يقود لا يمكن أن تتحقق في ظل واقع يسوده الرعب والحرب.
وأضاف "نأمل بألا يكون العمل العسكري ضرورياً ضد إيران" ويرى الحل السياسي خياراً أفضل.
ولدى التطرق لملف اليمن الذي تقود السعودية تحالفاً عربياً لاستعادة الشرعية فيه، قال الأمير محمد بن سلمان "يجب أن أكون متفائلًا كل يوم، لا أستطيع أن أكون متشائمًا، إذا كنت متشائمًا يجب أن أترك الكرسي وأعمل في مكان آخر"، وذكر أن "الحل السياسي أسهل في اليمن، إذا أوقفت إيران دعمها لميليشيا الحوثي".
وحول مزاعم تعذيب يتردد أن ناشطات مثل لجين الهذلول تعرضن لها، أبدى ولي العهد السعودي أسفه نحو تلك المزاعم، مؤكداً أنه "إذا كان هذا صحيحاً، فهو أمر شنيع للغاية. يحرم الإسلام التعذيب. تحظر القوانين السعودية التعذيب. الضمير الإنساني يحظر التعذيب. وسأتابع شخصياً هذه المسألة".
لكن الأمير نفى أن تكون بلاده ضد حقوق الإنسان والمرأة، داعياً من يشاء إلى زيارة بلاده للحكم بنفسه ليرى، قائلاً "هذا التصور يؤلمني. يؤلمني عندما ينظر بعض الناس إلى الصورة من زاوية ضيقة جداً. آمل بأن يأتي الجميع إلى المملكة العربية السعودية ويرون الواقع، ويلتقون النساء والمواطنين السعوديين، وليحكموا بأنفسهم".