Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موالون ينافسون سعيد في سباق الرئاسة التونسي

أمين حركة الشعب يعلن ترشحه ويقول إنه ليس تخلياً عن الرئيس ومراقبون يشيرون إلى "تكتيك متعارف عليه"

كان الرئيس التونسي قيس سعيد أعلن في وقت سابق ترشحه لولاية ثانية (أ ف ب)

ملخص

منذ أشهر لم تتردد قيادات من حركة الشعب في توجيه انتقادات علنية للرئيس وسياساته وفريقه الحكومي، لكن إعلانها ترشيح أمينها العام كان مفاجئاً للشارع السياسي، خصوصاً أنه الوحيد من المعسكر الموالي للرئيس الذي يعلن دخوله السباق الرئاسي.

شهدت تونس أخيراً إعلان زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب القومية، وهو أحد أشد الموالين لمسار الـ25 من يوليو (تموز) الذي يقوده الرئيس قيس سعيد، ترشحه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في خطوة مثيرة لها دلالاتها.

فمنذ أشهر لم تتردد قيادات من حركة الشعب في توجيه انتقادات علنية للرئيس وسياساته وفريقه الحكومي، لكن إعلانها ترشيح أمينها العام كان مفاجئاً للشارع السياسي، خصوصاً أنه الوحيد من المعسكر الموالي للرئيس الذي يعلن دخوله السباق الرئاسي.

وأثار ذلك بالفعل تساؤلات حول ما إذا كان هذا الترشح هو للمنافسة الجدية على كرسي قرطاج الرئاسي أم أنه ترشح صوري وشكلي يرمي إلى إضفاء طابع التعددية على الاستحقاق الانتخابي الذي ما انفك يثير جدلاً وانتقادات، لا سيما في ظل اتهامات من المعارضة بوضع عراقيل أمام مرشحيها من جوانب عدة على غرار عدم منحهم (البطاقة 3) التي تثبت خلو سجل المترشح من أية جرائم أو غير ذلك.

لا تخلي عن سعيد

ما زاد من التساؤلات حول ترشح المغزاوي هو ما جاء على لسانه خلال المؤتمر الصحافي الذي خصصه للإعلان عن هذه الخطوة، حيث كشف عن أنه لا يُقدم نفسه بديلاً من الرئيس الحالي، مؤكداً أن ذلك لا يعني "أيضاً تخلياً عن الرئيس قيس سعيد".

وفي معرض حديثه عن ترشحه أمام الصحافيين قال المغزاوي "كنا من المساندين الأولين ودعمنا الرئيس، وبالنسبة إلينا فإن الـ25 من يوليو كان لحظة مهمة في تونس لأن البلاد عاشت حالاً من العبث طيلة 10 أعوام، والعملية السياسية التي جرت كانت عملية فاسدة ولم تستطع أن تضع تطلعات الناس ضمن جدول أعمالها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت تونس شاهدة في الـ25 من يوليو2021 على زلزال سياسي، حيث أطاح الرئيس قيس سعيد بالبرلمان والحكومة المنتخبين إثر تفعيله (المادة80) من الدستور السابق، متهماً الطبقة السياسية الحاكمة آنذاك بتجاهل إرادة الشعب والغرق في الفساد، وهي الخطوة التي وصفها معارضوه بالانقلاب، لكنه قال إنها "تصحيح لمسار الثورة"، في إشارة إلى انتفاضة جرت أحداثها بين الـ17 من ديسمبر (كانون الأول) 2010 والـ14 من يناير (كانون الثاني) 2011 انتهت بإسقاط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي استمر حكمه 23 عاماً.

آنذاك سارعت حركة الشعب إلى الترحيب بتحرك الرئيس سعيد، وقالت في بيان إن "سعيد لم يخرج بالقرارات التي اتخذها عن الدستور، بل تصرف وفق ما تمليه عليه مسؤوليته في إطار القانون والدستور حفظاً لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها".

بعد ثلاثة أعوام على هذا التحرك لا يزال عدد من الأحزاب يدعم الرئيس قيس سعيد على غرار التيار الشعبي، وحراك مسار الـ25 من يوليو، وغيرهما، مع ذلك لم تعلن حتى الآن سوى حركة الشعب من أحزاب الموالاة ترشيح أحد أعضائها للمنافسة على منصب الرئاسة.

تكريس مبدأ التعددية

ترشح المغزاوي جاء في وقت تتزايد شكاوى المعارضة التونسية وانتقاداتها تجاه الإجراءات المُحيطة بتقديم ترشحات لدخول السباق الرئاسي. وقال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي المعارض نبيل حجي إن "الصورة غير واضحة في الانتخابات الرئاسية التونسية، وقد لا يقبل أي مرشح".

ولفت حجي في تصريحات نقلتها عنه وسائل إعلام محلية، إلى أنه "لا يمكن وصف المناخ الانتخابي الحالي بالسليم، وسيطعن حزبنا في الشروط التي وضعتها هيئة الانتخابات من أجل الترشح".

وتزيد هذه الانتقادات من التساؤلات حول دلالات ترشح المغزاوي، الذي قد يجد نفسه في مواجهة الرئيس قيس سعيد الذي يدعمه.

 

 

واعتبر الباحث السياسي التونسي الجمعي القاسمي، أن "هذا الترشح يعطي دلالات كبيرة ذات طابع سياسي، منها أنه أول ترشح من مجموعة الموالاة التي سبق وأعلنت نوعاً من الابتعاد النسبي من الرئيس قيس سعيد لكنها بقيت متمسكة بمسار الـ25 من يوليو، لذا يمكن قراءة هذا الترشح وهذه الخطوة من زاويتين، الأولى أنها لتكريس مبدأ التعددية خلال هذا الاستحقاق الرئاسي، والثانية أنها محاولة للتمايز النسبي لمرشح كان قد أعلن موالاته للرئيس قيس، لذلك نتمنى أن يفسح المجال أمام بقية المرشحين الجديين الذين سبق وأعلنوا ابتعادهم كلياً عن مسار الـ25 من يوليو وعارضوه بصورة قوية".

وتابع القاسمي لـ"اندبندنت عربية"، "هذه الخطوة مقبولة لكنها تبقى في إطار العمل السياسي المراد به توجيه رسائل من زاوية أن هناك تعددية سياسية وحزبية في تونس، وخصوصاً في مجال المنافسة بالانتخابات الرئاسية المرتقبة".

ويتابع "في منتصف الحملة الانتخابية قد يعلن زهير المغزاوي انسحابه لهذا المرشح أو ذاك، أو لمصلحة الرئيس قيس سعيد خصوصاً أن هذا تكتيك متعارف عليه في المحطات الانتخابية لا سيما الرئاسية، وقد نشهد خطوات مماثلة في هذا الصدد".

صدقية في الميزان

يأتي ترشح المغزاوي في وقت يقبع عدد من المرشحين المحتملين في السجن على غرار زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، والأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي. ولم تتضح حظوظ زهير المغزاوي في هذا السباق خصوصاً مع اندثار يكاد يكون كلياً لاستطلاعات الرأي في المرحلة السابقة بتونس.

الباحث السياسي هشام الحاجي يقول "المؤكد أن ترشيح حركة الشعب أمينها العام زهير المغزاوي لخوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة هو أمر مهم بالنسبة إلى متابعي المشهد السياسي والإعلامي في تونس نظراً إلى ما يحيط بالسياق الذي تتم فيه الاستعدادات للانتخابات الرئاسية، والذي لا يخلو من عوائق يواجهها الذين أعلنوا نية الترشح، علاوة على أن حركة الشعب هي من الحركات الداعمة بصورة كبيرة، وأكاد أقول بلا تحفظ، للرئيس قيس سعيد".

وتساءل الحاجي "هل ترشح زهير المغزاوي شكلياً وصورياً؟ ننتظر لنرى خطابه الانتخابي قبل الحكم السابق على النوايا". مردفاً "شخصياً أنظر إلى هذا الترشح بوصفه رغبة في التمايز عن سياسات قيس سعيد وبخاصة أن الأسابيع الأخيرة شهدت بداية تغير خطاب حركة الشعب، وبروز محاولة انتقادات لجوانب من سياسات قيس سعيد. الانتخابات الرئاسية القادمة تضع صدقية حركة الشعب في الميزان".

وعلى رغم أن حركته حصدت 11 مقعداً من أصل 153 في البرلمان الحالي في تونس، فإن فرص نجاح المغزاوي في الوصول إلى كرسي الرئاسة يكتنفها الغموض.

المزيد من تقارير