Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حل الغلاء فحرم أطفال المصريين من أنشطة الإجازة الصيفية

ارتفاع أسعار المعسكرات والتمارين أجبر الأسر على ترك أبنائهم في البيوت والأمهات العاملات الأكثر معاناة

الأنشطة الصيفية للأطفال باتت عبئا على كاهل الأسر المصرية بسبب أزمة الغلاء (رويترز)

ملخص

الأزمة الحالية في الارتفاع الكبير لأسعار التمارين الرياضية والمعسكرات الصيفية وجميع النشاطات التي كان يكثر الطلب عليها خلال فترات الإجازات الصيفية أصبحت تمثل معاناة كبيرة للأمهات، فهن من يمضين معظم الوقت مع الأطفال ويقع عليهن عبء محاولة إيجاد نشاطات لتمضية هذا الوقت الطويل.

انعكس حال الارتفاع الشديد في الأسعار على كل فئات المجتمع المصري ولم يعان تبعاته الكبار فقط بل امتد إلى الصغار الذين سيقضون أشهراً طويلة في المنازل مع بداية الإجازة الصيفية وطول وقت الفراغ، وهو ما تحاول معه الأسر إيجاد نشاطات مختلفة للصغار لملئه بأشياء مفيدة ومسلية.

التمارين الرياضية والنشاطات الفنية المختلفة كانت ملاذاً لكثير من الأسر لشغل الأطفال في الإجازة لكن الارتفاع الشديد في أسعارها أخيراً جعلها أزمة أخرى، لاحتياجها لموازنات كبيرة أصبحت غير متوافرة عند كثير من العائلات مما تسبب في طول وقت فراغ الأطفال وربما اعتمادهم بدائل كانت غير مرغوب فيها مثل اللعب على الهواتف المحمولة.

وعلى رغم توافر بعض النشاطات التي تقدمها بعض المكتبات العامة أو مراكز الشباب بكلفة معقولة فإنها في النهاية لن تكفي الأعداد الكبيرة من الأطفال وتعاني زحاماً شديداً، إذ تضم مصر نحو 25 مليون طالب في جميع مراحل التعليم المدرسية وفقاً لآخر إحصاء أصدرته وزارة التربية والتعليم عن العام الدراسي الماضي.

الأزمة الحالية في الارتفاع الكبير لأسعار التمارين الرياضية والمعسكرات الصيفية وجميع النشاطات التي كان يكثر الطلب عليها خلال فترات الإجازات الصيفية أصبحت تمثل معاناة كبيرة للأمهات، فهن من يمضين معظم الوقت مع الأطفال ويقع عليهن عبء محاولة إيجاد نشاطات لتمضية هذا الوقت الطويل.

تقول سالي وهي أم لثلاثة أبناء "أطفالي في المرحلتين الابتدائية والإعدادية وكنت خلال الإجازة الصيفية أحرص على ملء وقتهم بنشاطات مفيدة، فكنا نذهب لتمرين سباحة وكاراتيه وكنت أشترك للصغيرة في نشاط لتعليم الرسم. وهذا الصيف لن أستطيع الاستمرار بنفس الوضع لأن الأسعار تضاعفت والدخل لم يعد يكفي، فكان الحل الوحيد هو المشاركة في رياضة واحدة على رغم ما سينتج من ذلك من وقت فراغ سيقضونه أمام الشاشات بلا هدف".

أما ريهام وهي أم لطفلتين في المرحلة الابتدائية فتشير إلى أنها كانت حريصة منذ عامين على إلحاقهما بكورس للغة الإنجليزية بأحد المراكز الشهيرة في هذا المجال، إضافة لتمرين التنس وكان يشغل وقتهما طوال أشهر الصيف، مضيفة "هذا العام أسعار الكورس زادت أكثر من الضعف مما أجبرنا على إلغائه واكتفينا بالتمرين الرياضي وحاولت البحث عن كورس بديل أونلاين لكن لم تتقبله البنات، وفي الوقت ذاته كان الهدف من هذه النشاطات هو البعد من الشاشات. الوضع محبط لكن ليس هناك حل فالغلاء طاول كل شيء".

أزمة مضاعفة عند الأمهات العاملات

في حال كانت الأم عاملة فالأزمة بالنسبة إليها ستكون مضاعفة، فكان الحل في فترات الإجازة الصيفية هو الحضانات أو المعسكرات الصيفية للسن الأكبر، فهي الحل المثالي الذي سيتمكن فيه الطفل من قضاء ساعات النهار بأنشطة مختلفة وبصورة آمنة، بالتالي كان خياراً مثالياً للأمهات العاملات لكن هذا العام شهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار النشاطات، وأصبحن يواجهن سؤالاً دائماً "أين سأترك طفلي أثناء ساعات عملي؟".

وتحكي إيمان 38 سنة "أعمل في إحدى الشركات الخاصة ولدي طفل واحد عمره تسع سنوات، في الأعوام السابقة كنت أشترك له في أحد المعسكرات الصيفية خلال فترة الإجازة وكان سعر المشاركة الشهري في حدود ثلاثة آلاف جنيه (نحو 65 دولاراً) وكانت تجربة مسلية ومفيدة بالنسبة إليه ومثالية بالنسبة لي، هذا العام فوجئت بأن سعر المشاركة الشهري وصل إلى 6500 جنيه (نحو 133 دولاراً) أي ما يزيد على الضعف مما سبب أزمة كبيرة، فدخلي الشهري يصل إلى 10 آلاف جنيه (نحو 230 دولاراً) وبعد استقطاع ثمن المعسكر الصيفي ونفقاتي الشهرية من مواصلات وغيره يكاد لا يبقى شيء، والالتزامات كثيرة والأسعار كل يوم في ارتفاع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف "كان الحل أن أنقل إقامتنا فترة الصيف عند والدتي لأتمكن من ترك ابني معها فترة النهار والعودة لمنزلي في نهاية الأسبوع، بالطبع الوضع صعب وغير مستقر لكن لا مفر، الأزمة هنا أن ابني صار يقضي ساعات طويلة أمام التلفاز والموبايل وهذا كان أمراً مرفوضاً لكني لا أجد حلاً".

بينما تقول دعاء (29 سنة) "قبل أشهر عدة مضت كنت أعمل بقسم الحسابات بإحدى الشركات ولدي طفلان توأم في السابعة من العمر كانا يذهبان إلى الحضانة فترة الصيف، وكانت الأمور تسير بصورة جيدة إلى أن فوجئت بالارتفاع غير المسبوق في سعرها، إذ وصل سعر اشتراك الطفل الواحد لـ4000 جنيه (نحو 90 دولاراً) وهذا مبلغ كبير جداً وبخاصة أني سأدفع لطفلين إضافة إلى أنهما يذهبان لتمرين سباحة في أحد النوادي ويتطلب اشتراكاً زاد هو الآخر" .

وتضيف "تعقد الأمر وأصبح أزمة ونتج منه أني تركت عملي بسبب شعوري أنه لا جدوى منه، فالجزء الأعظم من راتبي سيدفع لحضانة الطفلين لأني ليس لدي أي حل آخر، فأسرتانا أنا وزوجي في محافظة أخرى وستتفاقم الأزمة مع العام الدراسي المقبل مع خروجنا في وقت مبكر، وسنحتاج لاستضافة في الحضانة زاد سعرها هي الأخرى حتى أعود خلال الرابعة عصراً، مضطرة تركت عملي في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة وأشعر بإحباط شديد لأنه لا توجد أية حلول لكثير من الأمهات العاملات".

 

وتنص المادة 73 من قانون الطفل أنه على صاحب العمل الذي يستخدم 100 عاملة فأكثر في مكان واحد أن ينشئ داراً للحضانة أو يعهد لدار حضانة برعاية أطفال العاملات بالشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية، والقانون قائم بالفعل لكنه لا يفيد السواد الأعظم من الأمهات العاملات، فمن ناحية غالب النساء يعملن في منشآت خاصة وصغيرة يقل العاملون فيها بكثير عن 100 عاملة، وفي الوقت ذاته فإن كثيراً من الشركات الخاصة تعمد إلى عدم تعيين النساء بصورة رسمية للتحايل على مثل هذه الأمور مما يسبب أزمات كبيرة لكثير من النساء والأطفال على السواء.

 وجهة نظر الطرف الآخر

على رغم حال الاستياء التي تعانيها كثير من الأسر من الارتفاع الكبير في أسعار هذه الخدمات فإن القائمين عليها يقولون إن لديهم ما يبرر هذه الزيادة، باعتبار أن نفقات تشغيلهم لهذه الأماكن تضاعفت وكل شيء زاد سعره وهي في النهاية مشروعات ربحية.

وتقول وفاء حسين مديرة إحدى الحضانات بالقاهرة "طوال الأعوام كنا نقدم خدمات إضافية في فترة الصيف، فنوفر استضافة للأطفال الكبار الذين تذهب أمهاتهم للعمل في معسكرنا الصيفي ونقدم ورش عمل في مجالات مختلفة مثل الأشغال اليدوية إضافة إلى تحفيظ القرآن، وهذا العام نسبة المشتركين أقل من كل عام، بالفعل رفعنا الأسعار إلى ما يقارب الضعف لكن بمقارنة الأسعار بالعام الماضي فكل شيء تضاعف سعره بداية من مكونات وجبة الطعام التي نقدمها للأطفال ونحرص على أن تكون صحية، مروراً بمستلزمات الأنشطة مثل الأوراق والألوان وخامات الأعمال الفنية التي ارتفع سعرها بصورة كبيرة ربما لأكثر من الضعف، في النهاية إذا لم نرفع الأسعار فلن نتمكن من الصمود".

وتضيف "نعلم أن الأسعار أصبحت في غير متناول كثير من الأسر وبخاصة في حال وجود أكثر من طفل ولكننا نأمل ألا يتركوا أطفالهم أمام الشاشات طوال النهار بدعوى عدم وجود حل، فيمكن ممارسة بعض الأنشطة الجماعية في المنزل مثل الرسم والتلوين والألعاب الجماعية وتشجيع الأطفال على القراءة بشراء القصص والمجلات المناسبة لأعمارهم مع الحرص على إبعادهم من السوشيال ميديا وإضاعة الوقت في ما لا يفيد".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير