ملخص
توقع اقتصاديون في "بنك أوف أميركا" أن تباطؤ الطلب الاستهلاكي والتضخم ربما لا يسيران بسرعة تسمح بتيسير السياسات بالقدر الذي تتوقعه الأسواق المالية.
تحولات سريعة في "وول ستريت" تترك المؤشرات بحالة ذبذبة غير معهودة، فبعد التراجع الحاد في المؤشرات في جلسة الأربعاء الماضي أغلقت البورصات الأميركية الجمعة الماضي على ارتفاع قوي مدفوعة ببيانات التضخم التي عززت التفاؤل ببدء مجلس الاحتياطي الفيدرالي قريباً في خفض أسعار الفائدة. وقفز مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة 1.11 في المئة، بينما ارتفع مؤشر "ناسداك المجمع" بنسبة 1.03 في المئة، وصعد مؤشر "داو جونز الصناعي" بنسبة 1.64 في المئة.
وأظهرت بيانات وزارة التجارة أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، المفضل لدى "الفيدرالي"، ارتفع 0.1 في المئة فقط الشهر الماضي، مما يجعل الزيادة على أساس سنوي 2.5 في المئة بعد ارتفاع 2.6 في المئة في مايو (أيار) الماضي، وهي بيانات متوافقة مع التوقعات، ويقترب ذلك من هدف مجلس الاحتياطي الفيدرالي للوصول إلى معدل تضخم اثنين في المئة.
رهانات خفض الفائدة
ولعبت هذه البيانات دوراً كبيراً في عودة "وول ستريت" للارتفاع، إذ صعدت رهانات الأسواق حول احتمال خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) المقبل إلى 88 في المئة بحسب بيانات موقع "فيد ووتش"، وترجح الأسواق خفضاً بنسبة 0.25 في المئة. وكانت الرهانات وصلت إلى 100 في المئة الأربعاء الماضي بعد الهبوط القوي لـ"وول ستريت" الذي محا تريليون دولار من مؤشر "ناسداك 100"، لكنها الرهانات عادت وانخفضت قليلاً مع ظهور بيانات الاقتصاد الأميركي التي كشفت عن مفاجأة، إذ نما الاقتصاد بنسبة 2.8 في المئة في الربع الثاني، مقارنة مع توقعات بنموه 2.1 في المئة، وبارتفاع كبير عن الربع الأول الذي نما فيه الاقتصاد بنسبة 1.4 في المئة، وتخوف بعض المستمرين من أن يؤخر "الفيدرالي" خطط خفض الفائدة بسبب الطلب الكبير في الاقتصاد.
عدد مرات الخفض
لكن على رغم ذلك، ما زالت الرهانات بخفض الفائدة في سبتمبر المقبل قريبة من 90 في المئة، وهي نسبة مرتفعة للغاية، وشبه إجماع في "وول ستريت" على أن الخفض سيحدث هذه السنة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت بيانات بورصة لندن أن المتداولين ما زالوا يتوقعون إلى حد كبير خفض أسعار الفائدة مرتين بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لكن العقود الآجلة المرتبطة أظهرت أن "الفيدرالي" قد يخفض الفائدة ثلاث مرات بحلول نهاية العام، إذ تجرى التعاقدات على أساس سعر فائدة 4.63 في المئة في ديسمبر المقبل.
اجتماع "الفيدرالي"
وتتجه الأنظار الآن إلى اجتماع "الاحتياطي الفيدرالي" في 30 و31 يوليو (تموز) الجاري، إذ يتوقع أن يصدروا إشارات لاحتمالات خفض الفائدة في اجتماعهم في سبتمبر المقبل، وسيكون ما يقوله رئيس "الفيدرالي" جيروم باول مهماً جداً لأنه سيؤكد كيف يفكر مجلس الاحتياطي حالياً بعد ظهور بيانات نمو الاقتصاد الأميركي القوي والتباطؤ في التضخم، وتعد ذلك معادلة مهمة، وأقرب إلى المعجزة، تمكن من تحقيقها "الفيدرالي" لأنه كان يريد أن يخفض التضخم من دون الإضرار بالاقتصاد، وحتى إنه كان يطمح بالهبوط الناعم أو التدريجي، لكن ما حصل أن الاقتصاد ينمو على رغم أن أسعار الفائدة مثبتة منذ سنة تقريباً حول 5.25 في المئة 5.50 في المئة.
معدل البطالة
لكن هناك عاملاً مهماً يأخذه "الفيدرالي" أيضاً بعين الاعتبار، وهو سوق العمل، إذ لا يريد أيضاً أن يزيد معدل البطالة الذي ارتفع في الفترة الأخيرة، لكنه ما زال عند نسبة 4.1 في المئة، فيما سيكون حديث باول الأسبوع المقبل مهماً في هذا السياق، إذ يفترض أن يوضح أن كانت المعدلات الأخيرة مقلقة لـ"الفيدرالي" أم أنها مقبولة، ولن تكون مؤشراً لتحركه المستقبلي.
تقرير التضخم
وكان تقرير التضخم الأساس أظهر أن أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، والتي تستبعد الأسعار المتقلبة للمواد الغذائية والطاقة ويستخدمها "الاحتياطي الفيدرالي" مقياساً لاتجاه التضخم، ارتفعت 0.2 في المئة الشهر الماضي مقارنة بمايو الماضي، وهو ما يزيد قليلاً على 0.1 في المئة بحسب التوقعات، لكن الزيادة تظل ضئيلة جداً.
وأظهر تقرير وزارة التجارة أيضاً أن نمو إنفاق المستهلكين، الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي، تباطأ في يونيو (حزيران) الماضي، إذ ارتفع بنسبة 0.3 في المئة عن مايو مقارنة زيادة 0.4 في المئة في الشهر السابق.
وعلى عكس التوقعات توقع اقتصاديون في "بنك أوف أميركا" أن تباطؤ الطلب الاستهلاكي والتضخم ربما لا يسيران بسرعة تسمح بتيسير السياسات بالقدر الذي تتوقعه الأسواق المالية، وقالوا، "ما زلنا مرتاحين للتوقعات بأن التخفيضات ستبدأ في ديسمبر المقبل، لكن بيانات التضخم والتوظيف المقبلة قد ترجح كفة الخفض المبكر".