ملخص
يتركز وجود "حزب الله" في منطقة البقاع على الحدود مع سوريا، وفي جنوب لبنان حيث يتبادل بصورة شبه يومية القصف مع إسرائيل منذ بدء الحرب في غزة بين الجيش الاسرائيلي وحليفته حركة "حماس".
أخلى "حزب الله" مواقع له في جنوب لبنان وشرقه بعد تهديدات إسرائيلية بـ"رد قوي" على هجوم دامٍ أمس السبت في الجولان السوري المحتل، وفق ما أفاد مصدر مقرب من الحزب اليوم الأحد وكالة الصحافة الفرنسية.
وتوعدت إسرائيل اليوم "بضرب العدو بقوة" بعدما أدى سقوط صاروخ اتهمت الحزب بإطلاقه إلى مقتل 12 فتى وفتاة في هضبة الجولان المحتلة وأثار مخاوف من اتساع نطاق الحرب.
وقال مصدر مقرب من "حزب الله"، "أخلى الحزب مواقع له في الجنوب والبقاع يعتقد بأنها قد تكون هدفاً طبيعياً لإسرائيل".
ويتركز وجود "حزب الله" في منطقة البقاع على الحدود مع سوريا، وفي جنوب لبنان حيث يتبادل بصورة شبه يومية القصف مع إسرائيل منذ بدء الحرب في غزة بين الجيش الإسرائيلي وحليفته حركة "حماس".
وفي سوريا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن مجموعات موالية لطهران "أخلت نقاطاً كانت تتمركز فيها في منطقة السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق"، ومناطق أخرى في مدينة القنيطرة الحدودية مع إسرائيل.
وأضاف المرصد أنه "تحسباً لأي ضربات جوية إسرائيلية محتملة على الأراضي السورية خلال الفترة المقبلة عمدت المجموعات إلى محاولة التخفي" وإعادة تموضعها.
وكان "حزب الله" أخلى بداية يونيو (حزيران) الماضي مواقع تابعة له بعد استهدافات إسرائيلية كثيفة له في سوريا، بحسب المرصد.
لبنان يدعو إلى تحقيق دولي
دعا لبنان اليوم الأحد إلى إجراء "تحقيق دولي" في القصف الذي قتل 12 فتى وفتاة ببلدة في الجولان السوري المحتل، محذراً من أن أي هجوم كبير على لبنان قد يشعل حرباً إقليمية.
واتهم الجيش الإسرائيلي أمس السبت "حزب الله" اللبناني الحليف لطهران بإطلاقه صاروخاً إيراني الصنع على ملعب لكرة القدم في بلدة مجدل شمس داخل الجولان المحتل. ووصف الواقعة بأنها "الهجوم الأكثر دموية على مدنيين إسرائيليين" منذ هجوم "حماس" خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي أطلق شرارة الحرب في غزة وأثار تبادلاً منتظماً للقصف عبر الحدود اللبنانية.
لكن "حزب الله" نفى أمس مسؤوليته عن إطلاق صواريخ على قرية مجدل شمس، فيما دعا وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب اليوم إلى "إجراء تحقيق دولي أو عقد اجتماع للجنة الثلاثية عبر ’يونيفيل‘ لمعرفة حقيقة الأمر" في تصريح نقلته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.
وتضم اللجنة الثلاثية مسؤولين من الجيشين اللبناني والإسرائيلي إلى جانب قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل). ودعا بو حبيب إلى "التطبيق الكامل والشامل للقرار 1701" الصادر عن مجلس الأمن الدولي من الجهتين.
وأنهى هذا القرار حرب عام 2006 بين "حزب الله" وإسرائيل ناصاً على حصر الانتشار المسلح في جنوب لبنان بالجيش اللبناني وقوة "يونيفيل" الأممية.
وأشار بو حبيب إلى أن أي "هجوم كبير من قبل إسرائيل على لبنان سيؤدي إلى تدهور الوضع في المنطقة واشتعال حرب إقليمية"، مستبعداً "فرضية أن يكون ’حزب الله‘نفذ الهجوم على قرية مجدل شمس"، ومشيراً إلى أنه "منذ بدء النزاع في الجنوب لم يستهدف ’الحزب‘ مواقع مدنية بل عسكرية فقط". ورجح أن تكون الضربة من تنفيذ "منظمات أخرى أو خطأ إسرائيلياً أو خطأ من ’حزب الله‘".
عودة نتنياهو
وعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأحد من رحلته إلى الولايات المتحدة وتوجه مباشرة إلى جلسة مجلس الوزراء الأمني وذلك غداة إطلاق صاروخ على بلدة مجدل شمس في الجولان السوري ومقتل 12 من الفتية.
وقال مكتب نتنياهو في بيان "هبطت طائرة رئيس الوزراء في إسرائيل. وهو في طريقه الآن إلى وزارة الدفاع لحضور اجتماع لمجلس الوزراء الأمني".
وتوعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اليوم "بضرب العدو بقوة" بعد سقوط الصاروخ، بعد أن وصف الجيش الإسرائيلي الواقعة بأنها "الهجوم الأكثر دموية على مدنيين إسرائيليين" منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
"لا مبرر للإرهاب"
أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الأحد أن "كل المؤشرات" تدل على أن "حزب الله" اللبناني أطلق الصاروخ على الجولان المحتل، مشيراً في الوقت نفسه إلى إنه لا يريد رؤية تصعيد في الصراع.
وقال بلينكن رداً على سؤال في مؤتمر صحافي بطوكيو "لا يوجد مبرر للإرهاب". وأضاف "كل المؤشرات تدل على أن الصاروخ كان بالفعل من ’حزب الله‘. ونؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها من الهجمات الإرهابية".
تنديد ومخاوف من التصعيد
من جانبها، نددت الأمم المتحدة بالهجوم الدامي في الجولان المحتل.
وندد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بالهجوم الصاروخي على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل والذي تسبب في مقتل 12 طفلاً وفتى، معبراً عن قلقه من أن يؤدي ذلك إلى إشعال مزيد من العنف.
وقال لامي في بيان عبر منصة "إكس"، "تندد المملكة المتحدة بالهجوم على هضبة الجولان الذي أودى بحياة 12 شخصاً في الأقل على نحو مأسوي"، مضيفاً "نحن قلقون للغاية إزاء خطر مزيد من التصعيد وزعزعة الاستقرار. لقد أوضحنا أن ’حزب الله‘ يجب أن يوقف هجماته".
بدورها، أكدت مصر اليوم أهمية دعم لبنان و"تجنيبه ويلات الحرب"، وسط تصاعد التوتر بين إسرائيل و"حزب الله". وحذرت القاهرة التي تلعب دور الوسيط في اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة من "أخطار فتح جبهة حرب جديدة في لبنان".
كما وزارة الخارجية الفرنسية الهجوم، داعية إلى "تفادي تصعيد عسكري جديد". وقالت في بيان، "تدين فرنسا بشدة الهجوم الذي استهدف بلدة مجدل شمس الدرزية في الجولان السوري المحتل، وأسفر عن حصيلة ثقيلة بنحو خاص". وأضافت أن "فرنسا تدعو إلى بذل كل الجهود لتفادي تصعيد عسكري جديد وستواصل العمل مع الأطراف المعنية لتحقيق هذه الغاية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مصدران أمنيان لـ"رويترز" إن جماعة "حزب الله" اللبنانية "في حال استنفار شديد" اليوم.
جاء ذلك مع تصاعد التوتر عقب هجوم مميت على هضبة الجولان المحتلة واتهمت إسرائيل "حزب الله" بالمسؤولية عنه، وهو ما نفته الجماعة اللبنانية.
وذكر المصدران الأمنيان أن الجماعة بادرت بإخلاء بعض المواقع المهمة في جنوب لبنان وفي سهل البقاع شرق البلاد تحسباً لشن إسرائيل هجوماً.
وقالا إن "حزب الله"، "أخلى بعض المراكز المهمة في الجنوب والبقاع خلال الساعات الماضية".
مخاوف من "حرب إقليمية شاملة"
وحذر الأردن اليوم من خطر وقوع "حرب إقليمية شاملة" بعد الهجوم الدامي في مرتفعات الجولان المحتلة.
وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان إن "الوزارة حذرت من التصعيد الخطير في جنوب لبنان، ومن تداعيات إشعال حرب جديدة ضد لبنان في ضوء التطورات الخطرة التي شملت سقوط صاروخ على بلدة مجدل شمس السورية المحتلة، ذهب ضحيته عدد كبير من أهالي البلدة في الجولان المحتل"، منبهة إلى أن "التصعيد في الجنوب اللبناني قد يدفع نحو توسع الحرب إلى حرب إقليمية شاملة".
ونقل البيان عن المتحدث الرسمي باسم الوزارة سفيان القضاة تأكيده "أهمية دعم لبنان وأمنه واستقراره وسلامة شعبه ومؤسساته".
ورأى القضاة أن "استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يدفع نحو مزيد من التصعيد والتوتر ويهدد بتوسع الصراع إقليمياً"، مشدداً على "ضرورة إطلاق تحرك دولي فاعل يفرض وقف العدوان بصورة فورية وينهي الكارثة الإنسانية التي يسببها، لحماية الشعب الفلسطيني من مزيد من المجازر والدمار وحماية الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين".
تحذير إيراني
من جهتها حذرت إيران إسرائيل اليوم من أية "مغامرات" عسكرية جديدة في لبنان، مما قد يؤدي إلى "تداعيات غير متوقعة"، وذلك بعد ضربة صاروخية دامية على الجولان المحتل اتهمت الدولة العبرية "حزب الله" المدعوم من طهران بتنفيذها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان إن "أية خطوة تنم عن جهل من النظام الصهيوني قد تؤدي إلى توسيع عدم الاستقرار وعدم الأمن والحرب في المنطقة"، مشدداً على أن إسرائيل ستتحمل مسؤولية "التداعيات غير المتوقعة وردود الفعل على تصرف أحمق كهذا".
وأفادت تقارير صحافية بشن الطيران الحربي الإسرائيلي فجر اليوم سلسلة غارات متزامنة على مناطق عدة جنوب لبنان، في سياق رده على إطلاق صاروخ نحو مجدل شمس بالجولان السوري المحتل.
وقالت التقارير إن الطيران الإسرائيلي أغار على بلدات العباسية والبرج الشمالي في قضاء صور واستهدف أيضاً كلاً من الخيام وكفر كلا في القطاع الشرقي، لافتة إلى أن مصابين نقلوا إلى المستشفى إثر الغارة على البرج الشمالي.
واحتشد آلاف الرجال والنساء اليوم لتشييع 12 فتى وفتاة قتلوا في هجوم صاروخي على بلدة مجدل شمس الدرزية في الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل منذ عام 1967.
وطالت الغارة ملعباً لكرة القدم في البلدة الدرزية حيث كان يلهو الفتية الذين تراوح أعمارهم ما بين 10 و20 عاماً، وفقاً للجيش الإسرائيلي.
وقال الجيش إن صاروخاً إيراني الصنع يحمل رأساً حربياً يزن 50 كيلوغراماً، أطلقه "حزب الله" اللبناني وقتلهم.
وخلال الجنازة التي تقدمها أطفال يحملون أكاليل الزهور انهمرت دموع الرجال الذين يحملون النعوش. وحمل آخرون صوراً كبيرة للضحايا. وردد المشيعون المراثي الحزينة.
وقبل انطلاق الجنازة تجمع الأهالي ومعظمهم من النسوة الثكالى اللاتي يرتدين الأسود ويغطين رؤوسهن بمناديل بيضاء حول النعوش، التي تمت تغطيتها بملاءات بيضاء ووزعن فوقها الورد.
وفي دار البلدية وتحت أشعة الشمس الحارقة، تجمع الزعماء الدينيون للصلاة على الجثامين.
وقال فادي محمود الذي يعمل في قطاع البناء إنها "المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا هنا". وأضاف محمود (48 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية "مجتمعنا متماسك للغاية وهؤلاء الأطفال هم أطفال كل البلدة".
أما زياد (63 سنة) فرأى أن "الجميع يفضل منع تصعيد الوضع. ويريد الناس أن يمكثوا في منازلهم ويحزنوا، هذا هو المطلوب بدلاً من المبالغة في رد الفعل".
وشهدت البلدة الدرزية حداداً وتوقفاً تاماً للحياة إذ أغلقت المحال التجارية أبوابها فيما وضعت نقاط تفتيش عند مداخل قرى الجولان.
وعن حال التوتر التي كان يعيشها سكان البلدة منذ اندلاع الحرب في غزة، قال ليث (42 سنة) ويعمل كممرض "نشعر بالقلق كل ليلة وكل يوم وكل دقيقة، هذا حالنا منذ 10 أشهر"، مضيفاً "دائماً هذا هو الوضع والآن أصبح أسوأ، كل شخص تراه هنا يشعر بالقلق طوال الوقت، نحن حزينون للغاية، فقدنا أطفالاً كانوا يلعبون كرة القدم".
ووفقاً لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية يقطن نحو 20 ألف درزي مرتفعات الجولان بينهم 11500 في مجدل شمس وحدها. وترفض نسبة كبيرة من سكان البلدة الحصول على الجنسية الإسرائيلية.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في قطاع غزة، يتبادل "حزب الله" وإسرائيل القصف بصورة شبه يومية.
وخلال القصف المتبادل بين إسرائيل و"حزب الله" أسفر التصعيد عن مقتل 523 شخصاً في الأقل بلبنان بينهم 104 من المدنيين في الأقل، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى بيانات "حزب الله" ومصادر رسمية لبنانية.
وأعلن الجانب الإسرائيلي من جهته مقتل 22 عسكرياً و24 مدنياً.