Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسويات كبرى تمهد لحلول موضعية

الانسداد في غزة ولبنان طريق أكيد لحرب استنزاف طويلة ما لم تؤد أحداث طارئة لانفجارات شاملة

أضفى هجوم الجولان مزيدا من التصعيد بين إسرائيل و"حزب الله"   (أ ف ب)

ملخص

حال غزة ولبنان مرشحة ضمن الوقائع المريبة الراهنة لأن تطول، إذ لم يأت نتنياهو على ذكر هدنة غزة ويومها التالي في خطاب الكونغرس، ومر على لبنان من باب التوسع في شرح التهديدات الإيرانية.

كل شيء يبدو مؤجلاً في انتظار إنضاج ظروف وترتيبات بعضها له مواعيده والآخر يجرى وضع لبناته كمن يهيء المواد الأولية لإنجاز بناء ضخم.

صفقة غزة تراوح مكانها محكومة بشروط "النصر الكامل" الذي يريده بنيامين نتنياهو، وقد حمله في جوهر خطابه أمام الكونغرس إذ حظي بـ52 وقفة تصفيق خلال 52 دقيقة، ومحكومة أيضاً بشروط "حماس" التي لا يمكنها التسليم الطوعي بذلك "النصر" الإسرائيلي فتواصل قتالاً تجد ألا بديل منه في المرحلة الراهنة.

وصفقة إسرائيل –"حزب الله" تنتظر نتائج صفقة غزة. وإسرائيل تستعد لحرب شاملة لا تريدها و"حزب الله" يقول إنه لا يريد شيئاً لنفسه، فبمجرد وقف النار في غزة سيوقف ناره على الحدود اللبنانية وعندها يعود كل شيء إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما يعني ضمناً بقاء "حماس" في غزة والحزب المذكور في الجنوب اللبناني.

حال غزة ولبنان مرشحة ضمن الوقائع المريبة الراهنة لأن تطول، إذ لم يأت نتنياهو على ذكر هدنة غزة ويومها التالي في خطاب الكونغرس، ومر على لبنان من باب التوسع في شرح التهديدات الإيرانية.

أما وزير التعليم الإسرائيلي فمدد مدة بقاء تلامذة الشمال خارج مدارسهم إلى أجل غير مسمى، ووزير التربية اللبناني سيفعل مثله على الأرجح في مدارس الحدود الجنوبية المنكوبة بعد "استمزاج" رأي "حزب الله"، أما الهجوم على الحديدة في اليمن فإيذان بفتح صفحة جديدة في اتساع حرب الأذرع وصولاً ربما إلى الرأس.

لم يكن خطاب الكونغرس نقلة في مسار حرب غزة ومتفرعاتها، حتى إن كثرة من المعلقين الإسرائيليين وجدوه خارج السياق، هو "يفتقر إلى آلية لإنهاء الحرب".

 كتب عاموس هرئيل في "هآرتس" ملاحظاً أن نتنياهو سافر على الطائرة الفخمة المستحدثة "جناح صهيون" واغتنم الفرصة للذهاب إلى فلوريدا، ليس للقاء ترمب فحسب وإنما للاحتفال مع زوجته بذكرى ميلاد ابنهما المقيم هناك وتمضية نهاية الأسبوع معه.

إذاً، لا جديد يمكن توقعه من مسار القتال المباشر أو الاستنزافي إلا في حال حصول أحداث غير متوقعة أثناء التراشق على الحدود اللبنانية. مجزرة مجدل شمس حدث من تلك الأحداث. لكن ليس ضرورياً أن تنسف الـ"ستاتيكو" القائم وتقود إلى الحرب الشاملة التي يكثر الحديث عنها مع "حزب الله" وحصيلتها المتوقعة في تدمير ما تبقى من مرافق في لبنان والحاقدين أضرار بالبنى الإسرائيلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الإدارة الأميركية ستبقى متمسكة برؤيتها الأصلية للنزاع. ويصعب تخليها عن صفقة غزة وسعيها إلى منع اتساع الحرب فيما هي تخوض اختبارها الرئاسي الداخلي. وعلى الأرجح ستواصل الوقوف وراء نتنياهو وحكومته تقدم له السلاح والذخيرة والحماية الإقليمية والدبلوماسية، ولا يسعها وهي في المرحلة الانتقالية الراهنة أن تطلب منه ثمناً مقابلاً، مثل ذلك الذي طرحته في أشهر الحرب الأولى عن ضرورة الذهاب نحو تسوية شاملة قوامها دولة فلسطينية تمهد لسلام مع الدول العربية.

فقد تزود نتنياهو وهو يخطب في واشنطن بقرار الكنيست رفض قيام الدولة الفلسطينية، هذا الكنيست نفسه صوت مرتين سابقاً لمصلحة مسار أوسلو الذي يقول بالدولة في النهاية، ولم يأخذ في أية لحظة بعين الاعتبار بيان الفصائل الفلسطينية الصادر برعاية الصين وفيه توافق "حماس" على مطلب الدولة بقيادة منظمة التحرير، التي كانت قبل 30 عاماً شريك إسرائيل في أوسلو قبل أن يصبح نتنياهو خليفة إسحاق رابين ويقود مساعي نسف التسوية.

ومع أن بيان بكين يمكن أن يصبح من ركائز العمارة المتخيلة في المنطقة بعد الحرب فإن جدواه ستمتحن عند التنفيذ. إنه بيان المصالحة الـ13 بين فصيلي فلسطين المتنازعين "حماس" و"فتح"، وهو لا يحمل جديداً متميزاً بل إن جدته هي صدوره في ظروف الحرب التي تعيشها الأرض الفلسطينية. ومع ذلك فإن انطباعاً فلسطينياً سائداً يتمنى ويشكك ويحدد أولويته في الحصول على الهدنة وبعدها أهلاً ببيانات الوحدة.

 ستكون هذه الهدنة في حال تحققها ومعها بيان الوحدة الذي ترعاه الصين للمرة الأولى من بين عناصر يمكن أن تبنى عليها صورة المرحلة الإقليمية المقبلة في مداها الأوسع. وفي السياق يجب متابعة الجهود الروسية لتحقيق انعطافة في العلاقات التركية السورية، يواكبها وعد روسي بإنجاز الاتفاق الاستراتيجي مع إيران، وكأن في طرح الأمرين معاً محاولة روسية لتطمين طهران أن الانفتاح بين دمشق وأنقرة لن يكون على حسابها، مع أنه في جانب أساس منه سيكون على هذا النحو مع انتفاء حاجة النظام في سوريا لـ"الاستشارات" الإيرانية وانخراطها المفترض في سياسات المحور العربي.

سنضيف إلى صفقة غزة وبيان بكين واحتمالات التقارب التركي السوري ما يمكن أن تحمله نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية من تأثيرات في الحرب الروسية - الأوكرانية. لقد ارتبطت هذه الحرب بقرار إدارة بايدن التصدي للهجوم العسكري الروسي، لكن ترمب يستمر في القول إنه سينهي الحرب لو بات رئيساً. وفي أية حال مع ترمب أو مع رئيس آخر يبدو أن الحاجة العامة لوضع حد لحرب أوكرانيا تزداد إلحاحاً.

ملامح الصورة التي تتبلور إقليمياً ودولياً في موازاة الحرب الفلسطينية - الإسرائيلية وقد ذكرنا بعضها، تسمح بالتنبؤ ربما بتسويات كبرى مقبلة تتسع بدورها لمجموعة من التسويات الصغرى الموضعية، منها بالتأكيد ما يطاول فلسطين وجوارها المنكوب.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء