Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محمود سعيد رسام الطبقة الراقية في ذكرى رحيله

أول معرض يجمع أعماله مع تجارب رفاق دربه في القاهرة

من معرض الرسام المصري محمود سعيد (خدمة المعرض)

ملخص

"في صحبة محمود سعيد"، عنوان المعرض الذي يستضيفه مجمع الفنون في القاهرة من أجل تسليط الضوء على واحدة من أهم التجارب الفنية في مصر خلال القرن الـ20، وهو الفنان البارز محمود سعيد (1897 - 1964).

"في صحبة محمود سعيد"، هو معرض استعادي من تنسيق الفنان علي سعيد ويحتل الطوابق الثلاثة من مبنى مجمع الفنون المطل على نيل القاهرة. افتتح المعرض بحضور وزير الثقافة المصري وسفيري إيطاليا وبلجيكا لدى القاهرة، وهو مستمر حتى الـ15 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. يذكر أن مبنى مجمع الفنون الذي يستضيف المعرض هو مبنى ذو طراز معماري مميز، ويعود تاريخ إنشائه إلى بداية القرن الماضي، وكان ملكاً للسيدة عائشة فهمي زوجة الفنان والمسرحي المصري الكبير يوسف وهبي.

كان الفنان محمود سعيد يبلغ نحو 15 سنة حين أنشئت مدرسة الفنون الجميلة في القاهرة بهدف تعليم فنون الرسم والتصوير والنحت لمن يرغب من الطلبة المصريين. غير أن سعيد لم يلتحق بهذه المدرسة واختار دراسة الحقوق، ثم عمل لاحقاً في المحاكم المختلطة، وهي محاكم كانت مخصصة للفصل في منازعات الأجانب، أو بين الأجانب والمصريين.

لا يعرف على وجه الدقة السبب في عدم التحاق محمود سعيد بمدرسة الفنون الجميلة على رغم موهبته المبكرة، وغالب الظن أن محيطه الأرستقراطي لم يكن مشجعاً له على اتخاذ هذه الخطوة. تجدر الإشارة هنا إلى أن محمود سعيد كانت تربطه صلة قرابة بالملكة فريدة زوجة الملك فاروق، وهو الابن الأكبر لرئيس وزراء مصر في عهد الملك فؤاد الأول. عوضاً عن الدراسة الأكاديمية التحق سعيد في شبابه بمرسم الفنان الإيطالي المقيم في مدينة الإسكندرية أرتورو زانييري. لم يكتف الفنان بما اكتسبه من خبرة في مرسم الفنان الإيطالي، بل علم نفسه بنفسه لاحقاً من طريق الممارسة والحرص على الزيارة المستمرة لمتاحف العالم.

في عام 1947، أي قبل نحو عامين من إلغاء المحاكم المختلطة استقال الفنان محمود سعيد من عمله في القضاء وتفرغ لفنه بصورة كاملة. وقد أسهم هذا التفرغ في إثراء تجربة الفنان بمزيد من الموضوعات التي لم يكن قد تطرق إليها من قبل. أنتج سعيد خلال مشواره الفني عشرات من الأعمال الفنية التي تتوزع حالياً على عدد من المتاحف المصرية والمجموعات الخاصة في مصر وخارجها. تراوحت أعمال سعيد بين البورتريهات والمناظر الطبيعية والأعمال التعبيرية. يتيح المعرض المقام في القاهرة الاطلاع على نماذج متعددة من هذه الموضوعات المختلفة، بما في ذلك الموديل العاري الذي برع فيه الفنان على نحو لافت. وقد استفاد سعيد في معالجاته التصويرية تلك من رصيده البصري والمعرفي بفنون التصوير الأوروبي والمعالجات الكلاسيكية للجسد البشري.

في حوار له مع أحد الصحافيين الأجانب يذكر سعيد أنه قد تأثر بشدة بفناني عصر النهضة الأوروبي، وأنه كان دائم الزيارة لمتاحف أوروبا من أجل رؤية إبداعات هؤلاء الرواد الكبار. يفسر هذا الولع بفناني عصر النهضة الذي يعبر عنه سعيد أسلوبه الرصين ومعالجاته القوية في بناء أعماله. غير أن سعيد قد أضاف بلا شك إلى هذه الطبيعة الرصينة لأعماله ما يتوافق مع رؤيته الشخصية للطبيعة المصرية، على مستوى الموضوعات أو المجموعة اللونية السائدة في معالجاته اللونية.

المعرض هو الأول من نوعه الذي يسلط فيه الضوء بهذا الشمول على تجربة محمود سعيد، وهو يأتي بمناسبة الذكرى الـ60 لرحيله. ويعد المعرض فرصة للاطلاع عن قرب على تجربة مهمة في تاريخ التصوير المصري، بخاصة أن المعرض يضم أعمالاً لم تعرض من قبل. تضمن المعرض 40 عملاً للفنان الراحل، إضافة إلى أعمال أخرى لـ14 فناناً من أصدقائه ومعلميه، بينهم 13 فناناً من فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وسويسرا واليونان، إلى جانب فنان مصري واحد وهو جوزيف مزراحي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن تجربة محمود سعيد تعد واحدة من التجارب الفنية المبكرة، وهي تعكس الرغبة التي كانت سائدة في مطلع القرن الـ20 في الأخذ بأسباب النهضة الأوروبية في الفنون والعمارة. تأسست مدرسة الفنون الجميلة في القاهرة عام 1908 من أجل استكمال هذا المسار، وعمل في التدريس بها عديد من الفنانين الأجانب. وقد استفاد الفنانون غير الأكاديميين مثل محمود سعيد بوجود هذا الحراك الفني والحضور اللافت للفنانين الأوروبيين في القاهرة والإسكندرية. على يد هؤلاء الأجانب تربى جيل من الفنانين من أمثال محمود سعيد واكتسبوا الخبرة في مجالات الرسم والتصوير والنحت. ولا شك أن هؤلاء الفنانين قد سعوا بكل جهد إلى التوفيق بين القوالب الفنية الغربية والطبيعة المحلية، ومن بينهم محمود سعيد، الذي تعد أعماله نموذجاً لهذا المزيج الثقافي.

بدأت فكرة المعرض كما يقول منسق العرض الفنان علي سعيد بالرغبة في تسليط الضوء على أعمال الفنانين الأجانب الذين عملوا في مصر في مطلع القرن الـ20. ثم تطورت الفكرة لاحقاً مع حلول الذكرى الـ60 لرحيل محمود سعيد، فتم الاتفاق على إقامة معرض مشترك يجمع بين إبداعات سعيد وتجارب هؤلاء الفنانين الذين رافقوه وتأثر بهم. جلبت الأعمال المشاركة في هذا المعرض من ثلاثة متاحف فنية، وهي متحف محمود سعيد ومتحف الفنون الجميلة بمدينة الإسكندرية، أما الثالث فهو متحف الجزيرة بالقاهرة، هذا إلى جانب أعمال أخرى من مجموعات خاصة لدى أفراد مصريين.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة