ملخص
استهدفت الغارة الإسرائيلية، وفق ما قال مصدر قريب من "حزب الله"، القيادي العسكري البارز فؤاد شكر "واسمه العسكري محسن شكر"، وهو يتولى مهمات "قيادة العمليات العسكرية في جنوب لبنان" ضد إسرائيل، ويعد من أبرز المستشارين العسكريين للأمين العام للحزب حسن نصر الله.
أكدت جماعة "حزب الله" اللبنانية اليوم الأربعاء مقتل القائد العسكري الكبير فؤاد شكر، بعد أكثر من 24 ساعة من غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت كان يوجد فيه.
وقالت الجماعة إن أمينها العام حسن نصر الله سيعبر عن موقفها السياسي "في مسيرة تشييع الشهيد القائد" غداً الخميس.
ثمن باهظ
إسرائيلياً، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل سترد بقوة على أي هجوم، وذلك بعد مقتل زعيم "حماس" إسماعيل هنية في طهران وقائد كبير في "حزب الله" فؤاد شكر في بيروت.
وأضاف نتنياهو في كلمة بثها التلفزيون "مواطنو إسرائيل، تنتظرنا أيام صعبة. منذ الضربة في بيروت، هناك تهديدات من جميع الاتجاهات. نحن مستعدون لأي احتمال وسنقف متحدين وعازمين في وجه أي تهديد. ستفرض إسرائيل ثمناً باهظاً لأي عدوان عليها من أي ساحة"، وأردف أن إسرائيل وجهت ضربات ساحقة لوكلاء إيران خلال الأيام القليلة الماضية، ومنها "حماس" و"حزب الله". لكنه لم يذكر مقتل هنية، الذي أثار تهديدات بالانتقام.
القرا 1701
إسرائيلياً أيضاً، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن السبيل الوحيد لمنع "حرب شاملة" مع جماعة "حزب الله" المدعومة من إيران هو التنفيذ الفوري لقرار الأمم المتحدة الذي يحظّر وجود الفصائل المسلحة في جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل. وذكر كاتس أنه بعث برسالة إلى العشرات من نظرائه يدعوهم فيها إلى تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي صدر في نهاية حرب عام 2006 بين إسرائيل و"حزب الله".
الهجوم الإسرائيلي
وغداة الغارة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية أصدر "حزب الله" بياناً أكد فيه أن القيادي فؤاد شكر كان في المبنى السكني وقت الهجوم الإسرائيلي مساء أمس الثلاثاء، لكنه لا يؤكد مقتله.
وجاء في البيان أنه "بعد الاعتداء الإسرائيلي على ضاحية بيروت أمس واستهداف مبنى سكني، كان القائد الكبير الأخ السيد فؤاد شكر (الحاج محسن) حينها موجوداً في هذا المبنى"، وأضاف "تعمل فرق الدفاع المدني منذ وقوع الحادثة على رفع الأنقاض بشكل حثيث ولكن ببطء نظراً إلى وضعية الطبقات المدمرة، وما زلنا حتى الآن بانتظار النتيجة التي سيصل إليها المعنيون في هذه العملية في ما يتعلق بمصير القائد الكبير والعزيز ومواطنين آخرين في هذا المكان، ليبنى على الشيء مقتضاه".
تصريحات غالانت
في المقابل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اليوم الأربعاء، إن إسرائيل لا تسعى لتوسيع رقعة الحرب لكنها جاهزة للتعامل مع جميع السيناريوهات. وجاءت تصريحات غالانت خلال زيارة لبطارية للدفاع الصاروخي ونقلتها عنه وسائل إعلام إسرائيلية وأكدها المتحدث باسمه.
وذكرت التقارير الإعلامية أنه كان يشير على وجه التحديد إلى المواجهة مع جماعة "حزب الله" اللبنانية.
حكومة تصريف الأعمال
من جهته، قال وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري عقب اجتماع طارئ لحكومة تصريف الأعمال في بيروت صباح الأربعاء، "نتوقع أن يرد حزب الله على الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت"، مضيفاً أن "لبنان لا يريد حرباً والجهود الدبلوماسية التي يبذلها رئيس الوزراء ستركز على تهدئة التوترات". لكن مكاري أشار إلى وجود "خطة حكومية جاهزة في حال حدوث نزوح كبير في لبنان".
حصيلة الضربة
وقتل أربعة مدنيين، هم سيدتان وطفلان، جراء الغارة الإسرائيلية مساء أمس الثلاثاء على الضاحية الجنوبية لبيروت معقل "حزب الله"، وفق حصيلة "غير نهائية" أوردتها وزارة الصحة اللبنانية.
وأشارت الوزارة في بيان إلى إصابة 74 جريحاً، لافتة إلى أن "البحث مستمر عن مفقودين تحت الأنقاض"، أوضحت أن معظم المصابين تلقى العلاج وخرج 65 من المستشفيات، فيما لا يزال تسعة يحتاجون إلى استمرار العلاج، مشيرة إلى أن بينهم خمسة في حالة حرجة.
وجاءت الغارة بعد ثلاثة أيام على ضربة صاروخية طاولت ملعباً لكرة القدم في بلدة مجدل شمس بهضبة الجولان المحتلة من إسرائيل، أسفرت عن مقتل 12 فتى وفتاة.
غضب وهتافات
وما إن أغارت إسرائيل على الضاحية الجنوبية لبيروت معقل "حزب الله" مساء أمس الثلاثاء، حتى تجمع عشرات الشبان الغاضبين أسفل المبنى المستهدف، وسط الغبار والزجاج المبعثر جراء الضربة التي استهدفت قيادياً بارزاً في الحزب.
في الشارع المحاذي للمبنى المستهدف تضررت عشرات السيارات، وتحطمت واجهات المتاجر بفعل عصف الانفجار الناجم عن الغارة، التي قالت إسرائيل إنها استهدفت "القيادي المسؤول عن قتل الأطفال في مجدل شمس وقتل عدد من المدنيين الإسرائيليين الآخرين".
وعم الغضب الشارع السكني المكتظ في حارة حريك، إذ تجمع شبان مرددين هتافات موالية لـ"حزب الله" وأمينه العام حسن نصر الله، مثل "لبيك يا نصر الله". وسرعان ما طوق الحزب المكان، بينما تحركت سيارات الإسعاف ذهاباً وإياباً لنقل الجرحى.
انفجاران متتاليان
وقال محمد علام (27 سنة) الذي يقطن قرب مكان الغارة "كنت في البيت، وسمعت تقريباً عند الساعة الثامنة إلا ربعاً صوت انفجارين متتاليين"، قبل أن يخرج إلى الشرفة ويرى سحابة دخان متصاعدة، وأضاف "خرجنا فوراً من المنزل لكننا لم نتمكن من الوصول إلى مكان الضربة بعد تطويق المكان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي مستشفى بهمن القريب شاهد علام "ازدحاماً مع تهافت الناس للتبرع بالدم"، وقال "كثر من الناس كانوا يتبرعون بالدم، وكثر كانوا في الشارع".
على غرار آخرين لم تفاجئ الضربة الإسرائيلية التي كانت متوقعة علام، الذي قال إن "هناك حالة غضب في الشارع، لكن لا يوجد خوف. توقع الناس الضربة في الضاحية، وهم الآن يطالبون بالرد".
وكان الجيش الإسرائيلي توعد إثر الضربة الصاروخية على بلدة مجدل شمس السبت الماضي "ضرب العدو بقوة"، على رغم أن "حزب الله" سارع إلى نفي "أية علاقة" له بالهجوم.
قائد عسكري
وقال الجيش الإسرائيلي في وقت متأخر من أمس الثلاثاء إن طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي قتلت أكبر قائد عسكري في "حزب الله" فؤاد شكر، المعروف أيضاً باسم "السيد محسن"، في منطقة بيروت.
وذكر البيان أن فؤاد كان بمثابة الذراع اليمنى للأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله وكان مستشاره لعمليات الحرب، وأضاف "فؤاد شكر أشرف على هجمات ’حزب الله‘ على إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر"، قائلاً إنه مسؤول عن مقتل 12 طفلاً في مجدل شمس في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
ومنذ بدء التصعيد بين "حزب الله" وإسرائيل على خلفية الحرب في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بقيت الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب الرئيس، بمنأى من التصعيد، باستثناء ضربة وحيدة نسبت إلى إسرائيل، وأودت في شهر يناير (كانون الثاني) بالقيادي في حركة "حماس" صالح العاروري مع ستة آخرين.
واستهدفت الغارة في حارة حريك، وفق ما شاهد مصور لوكالة الصحافة الفرنسية في المكان، شقة في الطبقة الثامنة من مبنى سكني، مما أدى إلى تدميرها بشكل كبير، وإصابة عدد من قاطني المبنى، تم نقلهم تباعاً إلى مستشفيات المنطقة، بينهم مستشفى بهمن المجاور، حيث تجمع عشرات.
وقالت موظفة في قسم الطوارئ في المستشفى، متحفظة عن ذكر اسمها كونها غير مخولة التصريح، "استقبل المستشفى عدداً كبيراً من الجرحى بعضهم في حالات خطرة" من دون أن تحدد عددهم، مشيرة إلى حال من "الفوضى هيمنت على غرفة الطوارئ".
ومنذ اندلاع الحرب في غزة إثر هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر الماضي في جنوب إسرائيل، يتبادل الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" الغارات والقصف الصاروخي وبالمسيرات على جانبي الحدود.
الحل الدبلوماسي
من ناحية أخرى أعربت منسقة الأمم المتحدة الخاصة إلى لبنان جانين هينيس بلاسخارت أمس الثلاثاء عن قلقها إزاء "الغارة التي شنتها إسرائيل على الضاحية الجنوبية المكتظة بالسكان في بيروت"، التي تسببت في وقوع خسائر بشرية.
وقالت بلاسخارت في بيان "لا يوجد شيء اسمه حل عسكري"، ودعت إسرائيل ولبنان إلى استكشاف جميع السبل الدبلوماسية للعودة لوقف الأعمال القتالية والالتزام بقرار الأمم المتحدة رقم 1701.
عدم السفر إلى لبنان
وعلى وقع التصعيد في المنطقة، حثت الولايات المتحدة مواطنيها على عدم السفر إلى لبنان مشيرة إلى تصاعد التوتر بين إسرائيل وجماعة "حزب الله" اللبنانية.
ورفعت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرها من السفر إلى لبنان إلى المستوى الرابع الذي ينصح "بعدم السفر"، وحثت وزارة الخارجية الأميركيين في لبنان على المغادرة إذا أمكن.
كذلك طلبت أستراليا الخميس، من مواطنيها في لبنان المغادرة فوراً.