ملخص
تواجه حكومة حزب "العمال" البريطانية ضغوطاً متزايدة لإعادة النظر في سياسة استخدام الهواتف الذكية للأطفال دون 16 سنة، بعد استطلاع كشف عن تزايد قلق الآباء في شأن أخطار الإنترنت وتأثير الأجهزة على أطفالهم.
في المملكة المتحدة تواجه حكومة حزب "العمال" الجديدة ضغوطاً متزايدة تحثها على إعادة النظر في سياستها في شأن استخدام الهواتف الذكية لدى الفئات العمرية ما دون 16 سنة في البلاد، بعدما كشف استطلاع صدرت نتائجه حديثاً وشمل 10 آلاف من الآباء والأمهات أن أكثر من نصف هؤلاء يتمنون، وفق كلامهم، لو أنهم انتظروا لفترة أطول قبل وضع هذه الأجهزة في متناول أولادهم.
ونبه الخبراء الذين نهضوا بالدراسة إلى "الحاجة إلى إيجاد حلول مناسبة" لهذه المشكلة، إذ أقر ثلاثة أرباع المشاركين في الاستطلاع بخشيتهم من أن تعرض الهواتف الذكية أطفالهم إلى أخطار الإنترنت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتذكيراً، كانت حكومة "المحافظين" السابقة في المملكة المتحدة وعدت بحظر الهواتف المحمولة في المدارس، وكانت تدرس إمكانية فرض حظر على بيع الهواتف الذكية للفئات العمرية ما دون 16 سنة.
كذلك كانت حكومة ريشي سوناك تبحث في رفع الحد الأدنى للسن المسموح فيها إنشاء حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبينما قال رئيس الوزراء كير ستارمر إنه يعتزم توفير حماية أفضل للأطفال في بلاده، رفض في المقابل المقترحات التي قدمها حزب "المحافظين" في هذا الشأن ووصفها بغير العملية.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري قال ستارمر في تصريح أدلى به إلى الإذاعة البريطانية "إل بي سي" LBC "في شأن منع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة من استخدام الهواتف الذكية، شخصياً لا أعتقد أنها فكرة جيدة. ولا أظن أن هذه طريقة عملية لتحقيق أي تقدم" [في حماية الصغار واليافعين من أخطار الإنترنت].
"ولكنني أعتقد فعلاً أنني سأجلس مع أي شخص للنظر في كيفية توفير حماية أفضل للفئة العمرية الصغيرة لأن كل الأمهات والآباء، وجميع السكان في مختلف أنحاء البلاد يعتريهم القلق إزاء المحتويات التي في المستطاع الوصول إليها من طريق الهاتف الذكي".
وذكر البحث الجديد الذي جاء إعداده بتكليف من شركة "أتش أم دي" HMD (هيومان موبايل ديفايسيس) أن 11 سنة تشكل متوسط العمر الذي يعطي فيه أحد الوالدين طفله هاتفاً ذكياً للمرة الأولى، ولكن كثيرين أقروا بأنهم تمنوا لو أنهم انتظروا فترة أطول قبل اتخاذ خطوة من هذا القبيل.
كذلك وجد الاستطلاع عينه الذي شمل 10 آلاف من الآباء والأمهات في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة والهند وألمانيا وأستراليا، أن أكثر من نصف هؤلاء المشاركين أعربوا عن ندمهم على تعريض أطفالهم للهواتف الذكية في هذه السن المبكرة.
وأشار ثلث الأمهات والآباء الذين أجابوا عن أسئلة المسح إلى التأثيرات السيئة التي ينطوي عليها الجهاز، وتطرقوا إلى التغيرات التي تطرأ على شخصية الطفل المستخدم كأسباب رئيسة لذلك.
كذلك أقر نحو 55 في المئة من المشاركين بأن استخدام أطفالهم للهاتف يشكل مصدراً لخلافات كبيرة، بينما بكى ثلثهم حزناً لأن أطفالهم مهووسون بالهاتف.
وفي الوقت نفسه اعترف 70 في المئة من المستطلعين بأنهم تفاعلوا بصورة أكبر مع أسرهم لأنهم خلال سنوات طفولتهم لم يستخدموا الهواتف الذكية.
وتحدثت في هذا الشأن الدكتورة بيكي فولجامبي التي أسست منظمة "هيلث بروفيشنالز فور سيفر سكرينز" Health Professionals for Safer Screens (خبراء صحة من أجل شاشات أكثر أمناً)، فأكدت "الحاجة الماسة إلى إيجاد حلول مناسبة" لهذه المشكلة.
وفي السياق نفسه قالت أليسون وينسبورو التي تشغل منصب مساعدة المدير في إحدى المدارس في مقاطعة دورست الإنجليزية، إن على الأمهات والآباء في اعتقادها أن يضعوا ضوابط ورقابة أكبر على استخدام أطفالهم للهاتف.
وذكرت وينسبورو أنه "من المؤسف أن الأولاد لا يستطيعون أن يستمتعوا بحياتهم [من دون أن تشغلهم الهواتف الذكية وكل ما يرتبط بها]، إذ نجد مثلاً أنهم لا يقصدون الشاطئ إلا وقد أطلعوا العالم على مكان وجودهم من طريق الإنترنت. أو ترى فتيات وقد اخترن لأنفسهن تسريحة شعر معينة مثلاً، لأنهن شاهدنها عبر الإنترنت. فالأطفال يسعون إلى الحصول على موافقة وإعجاب الآخرين بهم عبر الإنترنت".
ومعلوم أن "الهواتف الذكية تشكل" وفق وينسبورو "مصدراً للخلافات بسبب الطريقة التي يفسر بها المستخدمون الرسائل، واحتمال نشوء عداء بين الأطراف لا يحدث عادة عند التحدث وجهاً لوجه".
وأضافت وينسبورو "أود أن تعود الأمور إلى البساطة التي كانت عليها، وأن يتمتع الأهل بسيطرة أكبر على أولادهم في هذه المسألة".
وتأتي هذه المستجدات في أعقاب تقرير صادر عن "لجنة اختيار التعليم" نشر في مايو (أيار) الماضي، وقد حث الحكومة المقبلة في المملكة المتحدة على النظر في حظر الهواتف الذكية للأولاد ما دون سن 16 سنة خلال العام الأول من عهدها.
وأوجز تقرير اللجنة بعض "الأخطار الجسيمة" التي يتعرض لها الأطفال عبر الإنترنت، محذراً من أن أخطار استخدام الشاشات بالنسبة إلى الشباب تفوق كثيراً الفوائد التي تقدمها.
وقال رئيس اللجنة روبن ووكر إن التحقيق اطلع على "إحصاءات صادمة حول الضرر الكبير الذي يلحق بالأولاد ما دون 18 عاماً" [بسبب الهواتف الذكية والوصول إلى الإنترنت].
وتتعاون "أتش أم دي" مع الأهل في تطوير هاتف جديد بغية التصدي للتأثير الذي يطرحه استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على عافية الأطفال والجيل "زد" [مولود بين منتصف التسعينيات وحتى منتصف العقد الأول من القرن الـ21 ويرتبط بكل تطورات التكنولوجيا والإنترنت]، وإيجاد الخيار اللازم لتحقيق التوازن.
وفي تعقيبها على المشروع قالت فولجامبي "إن استكشاف عمق الغضب واتساعه إلى جانب الحاجة إلى إيجاد الحلول (يشعر 38 في المئة من الأهل بأنه لا حلول متوافرة وفق نتائج البحث)، يجعل هذه المبادرة التي نهضت بها "أتش أم دي" ذات أثر ومغزى كبيرين.
"إذ أقرأ هذا البحث أرى أنه يسهم بطريقة أو بأخرى في إزالة الوصمة عن الأهل في ما يتصل باستخدام أولادهم للهواتف، وفي وضع حد للوم غير المحق الملقى كما يبدو على الأهل، والذي يطالبهم بالسيطرة والإشراف على هذه الأجهزة في المنزل، والإلمام بكل التطورات التكنولوجية من أجل حماية الأطفال، بينما أنه في الحقيقة يمكن إدخال تحسينات على التكنولوجيا اللازمة لحماية هؤلاء الأولاد".
"المطلوب وبإلحاح إيجاد الحلول الملائمة، ونحن نشيد بـ"أتش أم دي" لتقصيها هذه الحقائق بطريقة عملية وصادقة".
وتحدث الاستطلاع الذي أجري خلال يوليو (تموز) 2024 إلى 10 آلاف و92 من الأهل في مختلف أنحاء المملكة المتحدة والولايات المتحدة والهند وألمانيا وأستراليا.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية "إن إنشاء عالم أكثر أماناً عبر الإنترنت يمثل أولوية بالنسبة إلى الحكومة، إضافة إلى أن الحرص على العمل بقانون "السلامة على الإنترنت" يعد جزءاً مهماً من هذا العمل".
وختم المتحدث بأن "أوفكوم" Ofcom [علماً أنها هيئة مستقلة تتولى تنظيم قطاع الاتصالات والبث الإذاعي والتلفزيوني في المملكة المتحدة] قد "حددت الخطوات التي يتعين على الشركات اتخاذها بغية حماية الأطفال على منصاتها الإلكترونية بموجب "قانون السلامة على الإنترنت" في بريطانيا، بما في ذلك استخدام عمليات ذات كفاءة عالية للتحقق من أعمار المستخدمين، وإدخال تعديلات على خوارزمياتها تسمح برصد المحتوى الضار ومنعه".
© The Independent