Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الأرض المحروقة" سياسة إسرائيل لضمان عدم عودة النازحين

دمرت ما تبقى من منازل في خان يونس والأمين العام لجامعة الدول العربية يعتقد أن ذلك بهدف تهجير الفلسطينيين

الجيش الإسرائيلي جعل من العودة إلى خان يونس شبه مستحيلة بتدميره ما تبقى من منازل وبنى تحتية (أ ف ب)

ملخص

على رغم أن أغلب بيوت خان يونس تحولت إلى ركام، وشوارعها اهترأت بسبب تحرك الدبابات عليها وشبكة المياه والصرف الصحي باتت معطوبة، إلا أن سكان المدينة عادوا إلى بعض البيوت الصالحة للسكن تاركين خيام معسكرات المواصي.

فور انسحاب الجيش الإسرائيلي من شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، عاد الفلسطيني منتصر إلى منطقة سكنه يتفقد بيته ويطمئن على سلامته من أي أضرار، لكن بمجرد ما وصل إلى الحارة الشعبية التي يعيش فيها لم يتمكن من معرفتها إذ تغيرت ملامح الحي بالكامل.

وقف منتصر متسمراً مكانه، يتجول بعينيه فقط على المنطقة المدمرة بالكامل، على رغم أنها كانت قبل أيام مصنفة ضمن المناطق الآمنة التي خصصها الجيش الإسرائيلي لإيواء النازحين.

يضرب منتصر كفاً بكف ويقول "كنت أخطط للعودة إلى هذا الحي وأسكن فيه برفقة أسرتي، لكن حجم هذا الدمار يفرض علينا أن نعيش في خيمة وألا نعود إلى مناطق سكننا، وكأن إسرائيل تريد تهجيرنا بالإجبار حتى داخل غزة".

بطريقته البسيطة يحاول منتصر أن يشرح أن الجيش الإسرائيلي يتعمد إعادة اجتياح مناطق قد انتهى من تنفيذ عمليات عسكرية فيها، وخلال التوغل البري يقصد الجنود تدمير ما تبقى من منازل ومنشآت بغرض منع عودة النازحين إلى مناطق سكنهم.

تدمير واجتياح

في بداية ديسمبر (كانون الأول) 2023، اجتاحت إسرائيل مدينة خان يونس بالكامل، ونفذ فيها الجيش عملية لتدمير معقل حركة "حماس"، وبسبب الضربات العسكرية التي استمرت نحو ثلاثة أشهر متواصلة، لحقت أضرار في بنية المحافظة وصلت نسبتها إلى 70 في المئة، بحسب مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم أن أغلب بيوت خان يونس تحولت إلى ركام، وشوارعها اهترأت بسبب تحرك الدبابات عليها وشبكة المياه والصرف الصحي باتت معطوبة، إلا أن سكان المدينة عادوا إلى بعض البيوت الصالحة للسكن تاركين خيام معسكرات المواصي. وهذا بالفعل ما فعله منتصر، يضيف "عقب الاجتياح الأول لخان يونس عدت إلى حيث أسكن في المدينة، ووجدت أنه يمكن استصلاح غرفة بسيطة من بيتي للعيش فيها، فعلت ذلك، وشرحت لأهل بيتي أن الحياة هنا أفضل من خيام المواصي".

مثل منتصر عاد إلى خان يونس آلاف النازحين، ورصد الجيش الإسرائيلي ذلك، وعندما قرر اجتياح محافظة رفح أقصى جنوب القطاع، شجعت تل أبيب النازحين للعودة إلى أجزاء واسعة من خان يونس، وأدرجتها في المنطقة الإنسانية.

تدمير المدمر

لكن سرعان ما تراجع الجيش الإسرائيلي عن ذلك، وطلب من سكان شرق خان يونس في 22 يوليو (تموز) الجاري الإخلاء، واجتاح المدينة ودمر ما تبقى من بيوت كانت صالحة للسكن، أو استصلح أصحابها غرفاً فيها بغرض العيش داخل مبانٍ بدلاً من الخيام.

استغرقت عملية خان يونس الثانية نحو عشرة أيام فقط، لكن بمجرد ما انسحب الجيش الإسرائيلي منها مخلفاً وراءه مزيداً من الدمار، عاين الناس هناك أنقاضاً هائلة غير مسبوقة بخاصة في المباني التي كانت قائمة في المحافظة الجنوبية.

حاول كثير من سكان المنطقة العودة إلى خان يونس، لكنهم وجدوا دماراً شاملاً. يقول حسام "السكان عادوا والدموع في أعينهم، كل ما نراه هو مجرد ركام ودمار وحطام، السكان عادوا ليروا ما لا يمكن لأحد أن يتخيله، تدمير المؤسسات والبنية التحتية والملاجئ التي آوت آلاف النازحين سابقاً".

لا مقومات للحياة

يضيف "لا يمكننا وصف الدمار بالكلمات لقد قضى الجيش عمداً على كل مقومات الحياة، بالنسبة إلي كنت أخطط للعودة إلى منطقتي والعيش في بيتي، لكن بسبب الدمار الضخم والقضاء على مقومات الحياة للأسف منعتني إسرائيل من ذلك وسأبقى في المواصي".

 

يعتقد حسام أن إسرائيل تفعل ذلك عمداً وتقصد تدمير كل ما يساعد النازحين على العودة إلى مناطق إيوائهم في المناطق التي انسحب الجيش الإسرائيلي منها، وكل هذا بغرض ضمان عدم عودتهم وتهجيرهم ولو داخلياً.

ما لاحظه سكان غزة أمر واقعي، إذ تقر الأمم المتحدة بأن الجيش الإسرائيلي يطلب يومياً إخلاء مناطق جديدة، وأن هذه الأوامر تتواصل من دون معرفة الغرض العسكري منها، فالجيش الإسرائيلي يطالب الأهالي بالنزوح ثم يشن عمليات عسكرية على المنطقة المقصودة، ثم يتجه بعد ذلك للنازحين في مناطقهم الجديدة ويأمرهم بنزوح جديد.

لمنع عودة النازحين

ما حدث في خان يونس جنوباً من عودة الجيش لتدمير ما تبقى من مظاهر الحياة، تكرر في جباليا والشجاعية وتل الهوى شمالاً، والبريج والمغازي والنصيرات في وسط القطاع، وفي كل مرة تبيد القوات الإسرائيلية مظاهر الحياة بطريقة تمنع النازحين من العودة إلى تلك المناطق.

بعد أن عاين الدمار الهائل في شرق خان يونس عاد شادي أدراجه إلى خيمته في المواصي. يقول "اضطررت للنزوح مرات عدة من منزل العائلة، وكل مرة كنا نعود إلى هناك بعد زوال الخطر، لكن هذه المرة قصف منزلنا، وأصبحنا بلا مأوى".

ويضيف "حاولت التأقلم والتعايش في نفس المنطقة المدمرة، لكن لا يوجد مياه لسد عطش الأطفال كما عديد من الخدمات المهمة دمرها الجيش وباتت الحياة هنا صعبة".

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الجيش يعتمد سياسة الأرض المحروقة في عملياته العسكرية على قطاع غزة. ويقول مديره رامي عبده "تصعد تل أبيب استهدافها لجميع مظاهر ومقومات الحياة الأساسية في غزة لجعلها مكاناً غير قابل للعيش ودفع سكانها للنزوح قسراً وكرهاً باتجاه المواصي".

ويضيف "تتبع إسرائيل منهجية محددة ترمي إلى نزع الأمان عن كل قطاع غزة وحرمان السكان من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظياً، من خلال استمرار التوغل البري وتدمير ما تبقى من مظاهر للحياة والتركيز على استهداف مراكز الإيواء".

الأرض المحروقة

في العلوم العسكرية يعرف ما تقوم به إسرائيل بسياسة الأرض المحروقة، وهي خطة لجعل الأرض غير صالحة للسكن، وتعترف تل أبيب بذلك إذ يقول العقيد يوغيف بار شيشت من الإدارة المدنية الإسرائيلية المسؤولة عن المناطق الفلسطينية "ليس لديهم مستقبل، من يرجع إلى المناطق المدمرة إن عاد أصلاً سيجد أرضاً محروقة، لا بيوت ولا زراعة ولا شيء".

استفزت سياسة الأرض المحروقة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وقال "شدة التدمير التي ألحقتها إسرائيل بالمرافق الأساسية في غزة تدل على رغبة مقيتة لصناعة الخراب، وجعل ما تبقى من الأراضي الفلسطينية غير صالحة للحياة، سعياً لتهجيرهم من أراضيهم".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات