Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسويات اليمن تسمح بإعادة "مصفاة عدن" إلى نشاطها

ترقب شعبي واسع لنتائج التهدئة وما ستسفر عنه من معالجات اقتصادية ومعيشية

تأسست مصفاة عدن عام 1952 (أرشيفية – أ ف ب)

في إطار المعالجات الاقتصادية الحثيثة التي تنتهجها، أقرت الحكومة الشرعية اليمنية استعادة نشاط مصافي عدن كـ"منطقة حرة" تقع في ميناء عدن (جنوب) بعد توقف دام نحو تسعة أعوام لأول مصفاة نفطية في الجزيرة العربية، وسط أزمة مالية كبيرة تشهدها البلاد زاد من تأثيراتها توقف تصدير النفط منذ عام ونصف العام.

وجاء القرار خلال اجتماع للحكومة اليمنية في العاصمة الموقتة عدن برئاسة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، ووافقت فيه على إعادة تشغيل شركة مصافي عدن وعودة نشاطها وفقاً لنظام المنطقة الحرة لوقوعها ضمن المنطقة الحرة قطاع (إن) التي سيبدأ فيها تطبيق نظام "المنطقة الحرة" في مدينة عدن وتعديلاته والاستفادة من الامتيازات والمزايا والضمانات المنصوص عليها وفقاً لقانون المناطق الحرة.

هل تثمر التهدئة؟

ويأتي هذا القرار الحكومي عقب أيام من اتفاق التهدئة المبرم بين الحكومة والحوثيين برعاية الأمم المتحدة والقاضي بخفض التصعيد في ما يتعلق بالقطاع المصرفي والاقتصادي وإدارة شركة الخطوط الجوية اليمنية، بعد أسابيع من التوترات وإجراءات التصعيد المتبادلة، مما اعتبره مراقبون ثمرة لهذا الاتفاق الذي تبذل جهود إقليمية ودولية لحلحته وتحييده عن الصراع، على رغم الانتقادات التي قابلتها الشرعية داخلياً واعتبار قطاع واسع من اليمنيين أنه ارتكاس مخل عن أبسط حقوقها في التعامل مع الميليشيات وكسر شوكتها التي تمول بها حروبها ضد اليمنيين والإقليم والعالم.

ووفقاً لذلك، قالت الحكومة اليمنية إن إجراءات البنك المركزي حققت أهدافها في رد على الانتقادات الواسعة التي واجهتها بالموافقة على اتفاق "خفض التصعيد الاقتصادي" الذي تضمن تراجعاً عن قرارات سابقة اتخذتها في إطار مساعيها لسحب القبضة الحوثية عن القطاعات الاقتصادية والمقدرات المصرفية والإيرادية التي تسيطر عليها.

واعتبرت الحكومة على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني أن إجراءات البنك المركزي مثلت "تحريكاً لأوراق ضغط على الميليشيات الحوثية لوقف ممارساتها التدميرية في حق القطاع المصرفي والمالي والحد من التداعيات الكارثية لتوقف الصادرات النفطية على الاقتصاد والعملة الوطنية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين في مختلف أنحاء الوطن".

وأضاف أن "إجراءات البنك المركزي أكدت نجاح سياسة الحزم في الضغط على الميليشيات الحوثية للاستجابة إلى مساعي التهدئة والسلام أكثر من أي ضغوط أخرى، عندما لامست نقاط الضعف الحساسة لديها"، في إشارة إلى الملف الاقتصادي.

وكان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ قد أعلن الأسبوع الماضي عن اتفاق الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي على تدابير لخفض التصعيد الاقتصادي والمصرفي وتوسيع الرحلات الجوية المباشرة من العاصمة صنعاء وإليها لتشمل القاهرة والهند، وأشار إلى أن "أية تنازلات تقدمها الحكومة ليست رضوخاً لابتزاز الحوثي، وإنما من أجل الشعب اليمني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحرب

واعتبر الإرياني أن ردود فعل الميليشيات الحوثية حيال الأزمة كشفت بوضوح عن اتجارها بالحرب ونهبها مليارات الريالات وتوجيهها لتمويل أنشطتها الإرهابية، بدلاً من تسخيرها لدفع مرتبات الموظفين وتحسين الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرتها.

في هذا السياق أوضح الوزير اليمني أن "استئناف الرحلات بين صنعاء والأردن وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند، هو امتداد للتسهيلات التي كانت الحكومة قدمتها في الهدنة الأممية، حرصاً على تمكين المواطنين سواء المرضى، أو الباحثين عن فرص العمل والتعليم من السفر".

وتأسست مصفاة عدن عام 1952 في عهد حقبة الاستعمار البريطاني للمدينة واليمن الجنوبي وتعدّ أكبر منشأة لتكرير النفط في اليمن، وتراوح قدرتها ما بين 70 ألف و130 ألف برميل يومياً وظلت تغطي جزءاً كبيراً من حاجات السوق المحلية من النفط المكرر والمورد الوحيد للمشتقات النفطية في البلاد، فضلاً عن كونها مركز تخزين مهماً للمشتقات النفطية للمحافظات كافة.

وجاء إنشاء المصفاة نظراً إلى أهمية مدينة عدن وموقعها الاستراتيجي المطل على خليج سُمي باسمها، ونفذته "شركة الزيت البريطانية" بي بي (BP) بطاقة استيعابية تصل إلى 170 ألف برميل في اليوم، أي 8.5 مليون طن متري سنوياً، ثم آلت ملكيتها إلى دولة الاستقلال لجمهورية اليمن الديمقراطية (الجنوبية) عام 1977 التي عملت فوراً على تأهيل كوادر يمنية لتشغيلها وإدارتها.

الاقتصاد وقانونية الدولة

ولما يحمله القرار من أهمية، يتوقع مراقبون أن يسهم في تخفيف الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعانيها الحكومة الشرعية والمواطنين في المناطق التابعة لسيطرتها، خصوصاً العجز الحاصل في انتظام دفع المرتبات وتوفير الخدمات، ووجهت الحكومة وزراء النفط والمعادن والمالية والشؤون القانونية والنقل والدولة ومحافظ عدن ورئيس المنطقة الحرة بعدن بالعمل على ترجمة القرار فوراً وتوجيه الجهات ذات العلاقة بحسب اختصاصاتها بالعمل بموجب الإجراءات المتبعة لتنفيذه ووفقاً لما كان معمولاً به قبل توقف هذا النشاط عام 2015.

وكذلك وجهت الوزارات والجهات المعنية بالعمل على تنفيذ أولويات الحكومة ومساراتها الرئيسة وأن تكون محور كل الأعمال والمتمثلة في الحفاظ على المركز القانوني للدولة ومكافحة الفساد وتعزيز المساءلة والشفافية والإصلاح المالي والإداري وتنمية الموارد والاستخدام الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية.

وجدد رئيس الوزراء، إرادة وتصميم الحكومة على المضي قدماً بالإصلاحات الاقتصادية والإدارية والمالية الشاملة وتوسيع فرص ومجالات الدعم والشراكة في هذا الجانب مع الأشقاء والأصدقاء.

وعلى رغم قدم مصفاة عدن البالغ عمرها نحو 54 سنة، إلا أنها ما زالت تعمل بكفاءة جيدة نظراً إلى الصيانة المستمرة لها، غير أن تأرجح الطاقة التكريرية من عام إلى آخر وتوقف عمليات الاستخراج في غالبية القطاعات النفطية في اليمن بفعل الحرب التي سببها الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران عام 2014، يضطران الحكومة إلى استيراد كميات من المشتقات النفطية من الخارج لتغطية الحاجة المحلية.

وتعرضت مصافي عدن للقصف أكثر من أربع مرات خلال الحرب المستمرة بين الحكومة الشرعية وميليشيات الحوثي، مما أدى إلى احتراقها وتسبب في خسارة اقتصادية فادحة تكبدتها الحكومة جراء خروجها عن الخدمة ويدفع دول جارة مثل السعودية إلى دعم الحكومة بمنح وودائع مالية ومساعدات مختلفة بين الحين والآخ،ر فضلاً عن جهد دبلوماسي لإنهاء الصراع.

وبعد قيام دولة الوحدة التي وحدت اليمن الجنوبي والشمالي عام 1990، كانت مصافي عدن تستقبل الضخ النفطي الآتي من حقول الاستخراج في محافظة مأرب (شرق) باعتباره من الخام الخفيف والمناسب للمصافي، ويقدر بثلث ما يستخرجه اليمن من النفط الخام، ومنه كانت المصفاة تغطي 90 في المئة من حاجات السوق المحلية من البنزين والديزل ووقود الطائرات وغيرها من المشتقات التي تحتاج إليها السوق الداخلية.

المزيد من تقارير