Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ثقافة الشباب ولغتهم ما تحتاج إليه السياسة الأميركية اليوم

خطوة كامالا هاريس في تبني اتجاه "الجيل زد" الذي أشاعته نجمة البوب البريطانية تشارلي أكس سي أكس تعرضت لانتقادات لكن عند مقارنتها بالعروض الغريبة التي يقدمها منافسها دونالد ترمب والمتمثلة في تقبيل علم الولايات المتحدة، فقد يتبين أنها خطوة تسويقية ذكية

نجمة البوب ​​تشارلي أكس سي أكس تعلن تأييدها للمرشحة لانتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024 كامالا هاريس (غيتي)

ملخص

أيدت تشارلي أكس سي أكس نجمة البوب ​​البريطانية كامالا هاريس ووصفتها بأنها "فتاة جرئية" وهي عبارة وردت في ألبومها الأخير. وقد أضاف هذا التأييد لمسة شبابية وحيوية لحملة هاريس، في تناقض صارخ مع أسلوب ترمب التقليدي

لا شك في أن الأميركيين يدينون بكثير للبريطانيين، بدءاً من "الآباء الحجاج" Pilgrim Fathers [وهم مجموعة من المستوطنين الإنجليز الذين غادروا إلى أميركا بحثاً عن الحرية الدينية، وأسسوا أولى المستعمرات الناجحة في "ولاية ماساتشوستس"] مروراً بنظام القانون العام [المبني على قرارات المحكمة والسوابق القضائية وليس القوانين المكتوبة]، وحتى جيمس كوردن الممثل الكوميدي البريطاني. والآن، اكتسبت انتخاباتهم الرئاسية زخماً كبيراً بفضل تأثير نجمة البوب ​​البريطانية الشابة تشارلي أكس سي أكس.

المغنية (التي من دون شك ستحظى ذات يوم بلقب الشرف البريطاني "دام" Dame) أيدت المرشحة المتوقعة للحزب "الديمقراطي" لانتخابات الرئاسة الأميركية، ووصفتها بأنها "فتاة جرئية" Brat [اللافت أن المعنى الأصلي للكلمة يحمل وصفاً سلبياً ويقصد به الصبي المدلل إلا أن استخدام المصطلح بصورة مغايرة من قبل مغنية البوب أدرج المعنى الإيجابي للكلمة بين الأجيال الشابة]، وهو الاسم الذي أطلقته على ألبومها الأخير والذي يعكس "مفهوم روح العصر" بالنسبة إليها. وقد تلقفت حملة كامالا هاريس هذا الدعم بحماسة، وأدرجت تصميم الألبوم ذي اللون الأخضر الليموني الزاهي وطباعته في موادها الترويجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التصميم الجديد يبدو جذاباً وعصرياً خصوصاً لدى مقارنته بالأسلوب المبتذل والمعهود الذي كثيراً ما استخدمه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لجهة إمساكه بعلم الولايات المتحدة وتقبيله، وهو أسلوب ساخر وعفا عليه الزمن. إن رؤية ترمب يمسك بالعلم ويقبله أمر يثير القشعريرة دائماً، على رغم أنه لا يمكن مقاضاته بسبب هذا الانتهاك.

وقالت تشارلي أكس سي أكس أخيراً إن "كامالا هي فتاة جرئية" Kamala IS brat، ومن يستطيع أن يجادل في ذلك؟ فبالنسبة إلى تشارلي تجسد عبارة "جرئية" روحاً متمردة على التقاليد، تعكس صورة المرأة الجريئة التي "تحمل علبة سجائر وولاعة "بيك" في يدها، وترتدي قميصاً أبيض من دون حمالة صدر".

وكذلك وصفت المغنية تشارلي نائبة الرئيس الأميركي ذات مرة بأنها "تلك الفتاة التي تبدو فوضوية بعض الشيء وتهوى الحفلات، وقد تتفوه بحماقات بين الحين والآخر... هي واثقة من نفسها لكنها قد تعاني أيضاً من انهيارات عاطفية. إنها صادقة وصريحة جداً ومتقلبة قليلاً".

بالطبع لا يفهم هذا الوصف بحرفيته. فنائبة الرئيس الأميركي لا تبدو فوضوية المظهر على الإطلاق بل تتسم بالأناقة، وتتمتع بذوق رفيع في اختيار بدلاتها، ولا بد أن تكون معادية للتدخين. إنها تجسد الصفات الأساس للمرشحة الرئاسية الجريئة والمفعمة بالحيوية. وبحكم خبرتها المهنية كمدعية عامة لـ"ولاية كاليفورنيا" وفي الإدارة الحاكمة فهي لا تفقد أعصابها، على رغم أنها تدلي أحياناً بتعليقات غريبة قد تبدو نافرة كتلك التي تحدثت فيها عن "السقوط من شجرة جوز الهند" [استخدمت هاريس هذه الجملة التي تشير إلى التصرف بسخافة، خلال حدث انتخابي عام 2020 للتعبير عن ضغوط الحملة عليها].

ومن العدل في المقابل أن نقر بأن ترمب يتسم بكثير من المواقف الغريبة وربما أكثر من اللازم، وغالباً ما يدلي بتصريحات غبية لكنه لا يعكس تصور البعض عن الوقاحة. وبالتأكيد فهو ليس "جريء". فسلوكاته هي أشبه بأسلوب فرقة الديسكو الأميركية "فيليدج بيبول" Village People بحركاتها الخرقاء في الرقص، في حين تظهر كامالا هاريس قدرة على اتخاذ خطوات حكيمة وحيوية (ما ينعكس في شعبيتها المتزايدة في استطلاعات الرأي).

على أية حال، اضطلعت المغنية البريطانية تشارلي أكس سي أكس (اسمها الحقيقي هو شارلوت إيما أيتشيسون وهي من "ستارت هيل" في مقاطعة إسيكس) بدور بارز في تحرير الناخبين الأميركيين من الاضطرار للاختيار بين نفس الرجلين العجوزين اللذين كانا عرضا عليهم من قبل. وهو أمر - بغض النظر عن الميول الديكتاتورية لترمب - يشبه الاختيار ما بين شخصيتي برنامج الدمى ستاتلر ووالدورف كزعيمين للعالم الحر.

يبدو أننا نقترب بصورة متزايدة من عصر يمزج ما بين السياسة وما كان ينظر إليه في الماضي على أنه ترفيه خفيف. وغالباً ما أصبح يشار إليه الآن سواء كان هذا للأفضل أو الأسوأ بمصطلح "الثقافة". ولم يكن ترمب على رغم ميوله الصبيانية لينجح في مثل هذه البيئة. ومن ناحية أخرى، تبدو هاريس التي تتمتع بفرصة قوية لتصبح أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة وتجسد روح "الفتاة الجريئة" في وضع أفضل بكثير للاستفادة من هذا التحول.

إن أولئك منا الذين يعدون أنفسهم جزءاً من الصحافة الجادة يجب أن يتعاملوا مع هذا الاتجاه بمقدار ما يتعامل معه أي شخص آخر. وأنا في الواقع مدين بالامتنان لصحيفة "فايننشال تايمز" على تحليلها المرح الذي جاء فيه "من المؤكد أنك تعرف تشارلي منذ أكثر من أسبوع واحد. لقد حققت أغنيتها الشهيرة ’آي لوف إت‘ I Love It التي تعاونت فيها مع فرقة ’آيكونا بوب‘ Icona Pop عام 2012، والتي تضمنت الجملة الجذابة ’أنت من السبعينيات، وأنا بنت التسعينيات اللعينة!‘ شعبية واسعة وشكلت خياراً شائعاً على حلبات الرقص في حفلات الزفاف".

من الممكن أنني بعد تناولي بضعة أكواب من نبيذ "بروسيكو" قد تعثرت أثناء الرقص على تلك الأغنية في إحدى المناسبات الاحتفالية، لكن لسوء الحظ لا بد أن أقر بأنه فاتني الجزء الأساس الأكثر تميزاً فيها.

من الواضح أن الأميركيين يشعرون أنهم في حاجة للتغيير ويترددون في "العودة" إلى الوجوه المألوفة للإدارات السابقة في البيت الأبيض. ومع مرور نحو 50 عاماً على طغيان أسماء مرشحين للرئاسة من قبيل بوش أو كلينتون أو بايدن (أو حتى ترمب) على المشهد السياسي، فمن المؤكد أن النظام بات في حاجة إلى تحول جذري.

كامالا هاريس تجسد هذا التغيير. وينبغي على الناخبين في الولايات الرئيسة المتأرجحة أن يطرحوا على أنفسهم السؤال نفسه الذي ضمنته تشارلي أكس سي أكس في ألبومها "كراش" Crash، وهو "كيف يمكنني ألا أكون على دراية بما أنا في حاجة إليه الآن؟"

© The Independent

المزيد من تحلیل