ملخص
أشاد بايدن بما اعتبره "إنجازاً دبلوماسياً"، وقال إن حلفاء الولايات المتحدة ألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وتركيا "يقفون معنا"، وأضاف "اتخذوا قرارات جريئة وشجاعة" لإطلاق سراح روس مسجونين بتهم تجسس وجرائم أخرى في مقابل عودة غربيين ومنشقين روس ونشطاء في مجال حقوق الإنسان.
استقبل الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس في قاعدة "أندروز" الجوية قرب واشنطن مساء أمس الخميس السجناء الذين أفرجت عنهم روسيا بموجب صفقة تبادل تاريخية مع الغرب، ومن بينهم الصحافي إيفان غيرشكوفيتش وعنصر المارينز السابق بول ويلان.
وعاد السجناء المفرج عنهم للولايات المتحدة على متن طائرة هبطت في القاعدة العسكرية، حيث كان في استقبالهم على أرض المطار الرئيس بايدن ونائبته هاريس المرشحة لخلافته في الانتخابات المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ترحيب أوروبي
ورحب الاتحاد الأوروبي بإفراج روسيا في إطار صفقة تبادل عن سجناء تعرضوا "للاضطهاد" و"الظلم"، داعياً إلى إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن "الاتحاد الأوروبي يشعر بالارتياح للإفراج عن عدد من السجناء السياسيين ونقلهم إلى الحرية خارج روسيا وبيلاروس، وبينهم مواطنون من الاتحاد الأوروبي، وتم تيسير هذا الأمر بمساعدة من تركيا".
وأطلق سراح الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش وضابط في الاستخبارات الروسية كان مسجوناً في ألمانيا بتهمة قتل شيشاني هارب، في إطار صفقة تبادل شملت 24 سجيناً وقاصرين اثنين، هي الأكبر من نوعها بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
ونقل السجناء جواً إلى أنقرة من روسيا والولايات المتحدة وألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وبيلاروس، بموجب الصفقة المعقدة على ما قالت الرئاسة التركية، وأفادت مصادر أمنية تركية بـ"انتهاء" العملية التي تمت أمس الخميس بمساعدة أنقرة.
في المجموع أطلق سراح 10 روس بينهم قاصران، في مقابل 16 غربياً وروسياً كانوا معتقلين في روسيا، وفق بيان للرئاسة التركية.
وظهر أفراد من العائلات في البيت الأبيض إلى جانب الرئيس جو بايدن، الذي قال إنهم تمكنوا من الاتصال بأحبائهم المفرج عنهم من المكتب البيضاوي.
"إنجاز دبلوماسي"
وأشاد بايدن بما اعتبره "إنجازاً دبلوماسياً"، وقال إن حلفاء الولايات المتحدة ألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وتركيا "يقفون معنا"، وأضاف "اتخذوا قرارات جريئة وشجاعة" لإطلاق سراح روس مسجونين بتهم تجسس وجرائم أخرى في مقابل عودة غربيين ومنشقين روس ونشطاء في مجال حقوق الإنسان.
وتابع "بعض هؤلاء النساء والرجال ظلوا محتجزين ظلماً لسنوات، وتحملوا جميعاً معاناة لا يمكن تصورها وعدم يقين، واليوم انتهت معاناتهم"، واعتبر أنه تمت إدانتهم في روسيا بعد "محاكمات صورية".
من جانبه رحب الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف أمس الخميس بعودة مواطنين "عملوا من أجل الوطن" لروسيا.
وعبرت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن "ارتياحها العارم" للإفراج عن غيرشكوفيتش (32 سنة) الذي اعتقل في روسيا في مارس (آذار) 2023، وحكم عليه في يوليو (تموز) بالسجن 16 عاماً بتهم تجسس رفضتها الولايات المتحدة.
ونقل جندي البحرية الأميركية السابق بول ويلان المعتقل منذ 2018 جواً إلى أنقرة أيضاً، كما أفرج عن الأميركية ألسو كورماشيفا والروسي - البريطاني فلاديمير كارا - مورزا الذي يحمل تصريح إقامة في الولايات المتحدة.
وشملت عملية التبادل المعارض إيليا ياشين الذي مثل كارا - مورزا سجن لانتقاده الحرب الروسية على أوكرانيا.
ومن بين الذين عادوا لموسكو فاديم كراسيكوف، ضابط الاستخبارات الروسية الذي سجن في ألمانيا بتهمة قتل قيادي شيشاني متمرد.
لم يكن قراراً سهلاً
وأقرت الحكومة الألمانية بأن الموافقة على الإفراج عن كراسيكوف لم تكن "قراراً سهلاً"، وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت إن "واجبنا المتمثل في رعاية المواطنين الألمان، إضافة إلى التضامن مع الولايات المتحدة، كانا عاملين مهمين" في قرار الإفراج عن كراسيكوف.
وأكد الكرملين اليوم الجمعة أن كراسيكوف هو عميل لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي. وأعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن أبناء الزوجين المشتبه في أنهما جاسوسان روسيان أرتيوم دولتسيف وآنا دولتسيفا اللذين أطلقتهما سلوفينيا باعتبارهما جزءاً من عملية التبادل، لم يكونوا على علم حتى ذلك الحين بأنهم روس.
وقال بيسكوف إن "كراسيكوف عضو في جهاز الأمن الفيدرالي. خدم في ألفا (وحدة النخبة في جهاز الأمن الفيدرالي). خدم مع عدد من الموظفين (الحاليين) في جهاز أمن الرئيس" فلاديمير بوتين.
وأوقف الزوجان دولتسيف البالغان من العمر حوالى 40 سنة، في نهاية 2022 في سلوفينيا. واعترفا بالذنب وحكم عليهما القضاء السلوفيني بالسجن لأكثر من عام ونصف بتهمة "التجسس وتزوير وثائق". وأفادت وسائل إعلام بأن هذين العميلين المشتبه في انتمائهما لأجهزة استخبارات أجنبية وصلا إلى سلوفينيا عام 2017 بجوازات سفر أرجنتينية ومكثا في العاصمة ليوبليانا قبل إيقافهما في ديسمبر (كانون الأول) 2022. ووضعت خدمات اجتماعية أطفالهما في أسرة حاضنة.
وأكد بيسكوف أن أطفال الزوجين "الذين استقلوا الطائرة بالأمس لم يكتشفوا أنهم روس إلا عندما أقلعت الطائرة من أنقرة. إنهم لا يتحدثون الروسية". واستقبلهم بوتين بترحيب حار عند وصولهم إلى موسكو.
بدورها أبدت المملكة المتحدة "ارتياحها" للإفراج عن مواطنيها اللذين يحملان جنسية مزدوجة، المعارض الروسي فلاديمير كارا مورزا والعنصر السابق في مشاة البحرية الأميركية بول ويلان.
وهذه أول عملية تبادل للسجناء بين روسيا والغرب منذ مبادلة نجمة كرة السلة الأميركية بريتني غراينر بتاجر السلاح الروسي المدان فيكتور بوت في ديسمبر (كانون الأول) 2022.
وتعد أيضاً أكبر عملية تبادل منذ عام 2010 عندما تمت مبادلة 14 جاسوساً مفترضاً بين روسيا والغرب، وكان بين هؤلاء العميل المزدوج سيرغي سكريبال الذي أرسلته موسكو إلى بريطانيا والعميلة الروسية السرية آنا تشابمان التي أرسلتها واشنطن إلى روسيا.
وقبل ذلك لم تجر عمليات تبادل كبيرة تشمل أكثر من 10 أشخاص سوى خلال فترة الحرب الباردة، عندما تبادل الاتحاد السوفياتي والقوى الغربية سجناء في عامي 1985 و1986.
الموت يسبق إلى نافالني
وأكد البيت الأبيض أمس الخميس أن الولايات المتحدة عملت على أن تفرج روسيا عن المعارض أليكسي نافالني قبل أن يموت في سجنه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصرح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان "عملنا مع شركائنا على اتفاق يشمل أليكسي نافالني، ولكن ويا للأسف قضى" في فبراير (شباط).
واتصلت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس أمس الخميس بيوليا نافالنايا، أرملة أليكسي نافالني، لمناقشة عملية تبادل السجناء بين روسيا والغرب، وفق ما أفادت به متحدثة باسم المعارضة الروسية البارزة.
وقالت المتحدثة كيرا يارميش على منصة "إكس" إن هاريس اتصلت بنافالنايا "لمناقشة التبادل والتعبير عن دعمها، مشيرة إلى مساهمة أليكسي ويوليا في النضال من أجل روسيا ديمقراطية".
وشملت عملية التبادل ثلاثة أعضاء سابقين في فريق نافالني، إضافة إلى حليفة له هي إليا ياشين.
وقال مساعدو نافالنايا في وقت سابق إن صفقة التبادل كان من المقرر أن تتضمن زوجها نافالني، الخصم الرئيس للرئيس الروسي فلاديمير بوتن، قبل وفاته المفاجئة في سجن روسي ناء في فبراير.
وحملت نافالنايا والدول الغربية الكرملين مسؤولية وفاته، وقالت يارميش إن نافالنايا شكرت هاريس "على المساعدة الأميركية في تنظيم عملية التبادل"، وأضافت أنها "دعت المجتمع الدولي أيضاً إلى تسهيل إطلاق سراح السجناء السياسيين الروس الآخرين".
وهاريس هي على غرار الرئيس جو بايدن داعمة قوية لكييف منذ أن شنت روسيا هجومها العسكري الشامل على أوكرانيا في فبراير 2022، وكانت هاريس وصفت وفاة نافالني بأنها "علامة أخرى على وحشية بوتين".
كما اعتبرت تصرفات روسيا في أوكرانيا "فظائع مروعة" و"مرعبة" و"همجية" و"لاإنسانية"، وانتقد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الشهر الماضي "الخطاب غير الودي" الذي تستخدمه هاريس ضد روسيا.
استغلال روسيا للقانون
وعلى رغم كونها واحدة من لحظات التعاون النادرة بين دول الغرب وروسيا في عهد بوتين، قال بايدن "لم أكن في حاجة إلى التحدث" مع سيد الكرملين.
وأوقف غيرشكوفيتش في مدينة إيكاترينبورغ بينما كان في زيارة في إطار عمله كصحافي، ونفى هو و"وول ستريت جورنال" والحكومة الأميركية بشدة اتهامات التجسس الموجهة إليه.
وأعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" أمس الخميس عن "ارتياحها الهائل"، وشددت على أنه "ما كان يتعين إطلاقاً (أن يقضي غيرشكوفتيش) ولا يوماً واحداً في سجن روسي بسبب قيامه بعمله كصحافي"، ونددت بـ"سياسة الحكومة الروسية المتواصلة في احتجاز رهائن".
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان إن تبادل السجناء دليل على أن بوتين "يستغل القانون بوضوح من أجل استخدام السجناء السياسيين كبيادق".
سعت الولايات المتحدة أيضاً إلى ضمان الإفراج عن ويلان (54 سنة)، الذي أوقف في موسكو عام 2018 واتهم بالتجسس.
وكان ويلان يعمل في مجال الأمن لصالح شركة قطع سيارات عندما أوقف، أما كارا - مورزا الناشط البالغ 42 سنة فكان يقضي عقوبة بالسجن 25 عاماً في سيبيريا بتهمة الخيانة وغيرها بعد انتقاده الحرب في أوكرانيا، ويعاني مرضاً عصبياً، ونقل إلى مستشفى تابع للسجن في وقت سابق هذا الشهر للخضوع لفحوص طبية.
وما زاد من الغموض قضية في سلوفينيا حكمت فيها محكمة على روسيين يشتبه في قيامهما بالتجسس لصالح موسكو بالسجن لأكثر من عام ونصف عام، لكنها أمرت بعد ذلك بطردهما من أراضيها.
أمر صعب
قال المستشار الألماني أولاف شولتز إن قرار الإفراج عن فاديم كراسيكوف، القاتل المأجور من الكرملين الذي كان يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة لقتله مواطناً من جورجيا في ساحة في برلين، أمر صعب لكنه ضروري لحماية مواطنين ألمان وأميركيين.
وقال شولتز في مطار كولونيا حيث كان ينتظر لاستقبال السجناء المفرج عنهم، إن الرئيس الأميركي جو بايدن شكر ألمانيا على مساعدتها في نقل السجناء.
وأضاف شولتز للصحافيين "كان لا بد من موازنة مصلحة الدولة في رؤية معاقبته (كراسيكوف) في مقابل الخطر الذي يهدد أجساد، وفي بعض الحالات حياة أبرياء في السجون الروسية وسجناء سياسيين".
وقالت الحكومة الألمانية في بيان إن كراسيكوف كان من بين الروس الذين أفرج عنهم الغرب في مقابل 15 شخصاً مسجونين "ظلماً" في روسيا، وألماني حكم عليه بالإعدام في بيلاروس.
وأقر بايدن بأن ألمانيا اضطرت إلى تقديم تنازلات كبيرة لإنجاز عملية تبادل السجناء.
وقبل عملية التبادل التي جرت أمس الخميس كان بعض المسؤولين الألمان يخشون أن تشجع مثل هذه الصفقة روسيا على احتجاز مواطنين ألمان كرهائن على أمل الحصول على امتيازات تبادلية.
بوتين "يهنىء" ويشكر
استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشكر أمس الخميس بمطار فنوكوفو في موسكو المواطنين الروس الثمانية الذين أفرج عنهم، في إطار صفقة تبادل كبيرة للسجناء بين روسيا ودول غربية.
وقال بوتين بعد أن عانق عدداً منهم على المدرج، وفق ما أظهرت مشاهد بثتها التلفزيون الروسي، "أود أن أهنئكم، شكراً جزيلاً"، وشكر خصوصاً من خدموا في الجيش الروسي "على وفائهم".