ملخص
أفاد محللون نفطيون لـ"اندبندنت عربية" بأن أسواق النفط تواجه توقعات سلبية على صعيد الطلب المتوقع خلال الفترة المقبلة في ظل تباطؤ اقتصادي في آسيا وأوروبا وأميركا.
عصفت مخاوف ضعف الطلب العالمي بأسعار النفط الخام التي سجلت أدنى مستوياتها منذ نحو سبعة أشهر متكبدة رابع خسارة أسبوعية على التوالي.
وأفاد محللون نفطيون لـ"اندبندنت عربية" بأن أسواق النفط تواجه توقعات سلبية على صعيد الطلب المتوقع خلال الفترة المقبلة في ظل تباطؤ اقتصادي في آسيا وأوروبا وأميركا.
وأدت البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال من الصين، ثاني أكبر مستهلك للوقود في العالم، إضافة إلى مؤشرات أظهرت ضعف نشاط التصنيع في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة إلى زيادة خطر التعافي الاقتصادي العالمي، ما من شأنه أن يثقل كاهل استهلاك النفط في معظم أنحاء العالم.
إلى ذلك، فإن تأثير المخاوف في شأن الطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، والولايات المتحدة، أكبر مستهلك لهذه السلعة، طغى على مخاوف العرض التي أججتها زيادة التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
فيما يراقب مستثمرو النفط بحذر التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، إذ أثار مقتل كبار قادة الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران "حماس" و"حزب الله" مخاوف من أن المنطقة قد تكون على شفا حرب شاملة، مما يهدد بتعطيل الإمدادات العالمية.
ضعف الطلب المستقبلي
من جهته قال الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية" في لندن طارق الرفاعي إن تراجع أسعار النفط خلال الأسبوع الأخير جاء بسبب الأداء الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا، والذي جاء أقل من التوقعات، وهو ما يشير إلى ضعف الطلب المستقبلي للنفط. وأضاف الرفاعي أن التوقعات تتزايد في شأن خفض سعر الفائدة بأكثر من المتوقع في سبتمبر (أيلول) المقبل بواقع 75 أو 50 نقطة، مقابل 25 نقطة في توقعات سابقة، وهذا التسارع في خفض الفائدة له تأثير سلبي جداً في أسواق المال، وسيكون ذلك تأكيداً على أن "الفيدرالي" يرى أن الاقتصاد الأميركي يتباطأ بسرعة، وهذا سيكون له تأثير في الطلب النفطي.
أسعار متماسكة
قال المحلل النفطي خالد بودي إن أسعار النفط متماسكة لم تشهد هبوطاً حاداً لأن سعر "برنت" ما زال قريباً مستوى 80 دولاراً للبرميل والخامات الأخرى قريبة من هذا السعر. وأضاف بودي أن ما حدث تراجع محدود ويعد ضمن التقلبات الطبيعية للأسعار ولا توجد أسباب أو عوامل تؤدي إلى تراجع حاد في أسعار النفط، فليست هناك أزمة اقتصادية حالياً في العالم، ومن الطبيعي أن تمر اقتصادات العالم بفترات هبوط أو صعود في النشاط الاقتصادي، فهذه ضمن الدورات الاقتصادية الطبيعية. وتابع بقوله إن "التوترات الحالية في الشرق الأوسط لم تؤثر في تدفقات الخام إلا بصورة محدودة، إذ تستهدف بعض ناقلات النفط قرب البحر الأحمر، وهذه السفن المستهدفة لا تشكل حمولتها سوى نسبة ضئيلة من شحنات النفط في العالم، بالتالي فإن تأثير هذا الاستهداف على أسعار الخام يبقى محدوداً".
تأخر خفض الفائدة الأميركية
وقال المدير التنفيذي لشركة "ewaveapp" للاستشارات المالية عبدالمحسن العصيمي إن هبوط النفط يأتي في ظل تزايد التوقعات بفشل "الفيدرالي" في تحقيق الهبوط الناعم نتيجة تأخره في خفض الفائدة، بخاصة مع ظهور علامات ضعف قوية في سوق العمل بالولايات المتحدة، وإشارات واضحة على ضعف القطاع الخدمي والتصنيعي الأميركي، وهو الذي كان سبباً رئيساً في هبوط أسعار خلال تداولات يوليو (تموز) الماضي ومطلع أغسطس (آب) الجاري.
وأشار العصيمي إلى أن أسعار النفط تأثرت بضعف نشاط التصنيع في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، إذ إن الصين لم تنجح حتى الآن في العودة مرة أخرى لمعدلات النمو السابقة، فكان الحديث عن آمال عودة أكبر مستورد للخام في العالم، بقوة للإنتاج هو أحد العوامل التي دعمت صعود النفط في النصف الأول من العام الحالي لما فوق مستوى 90 دولاراً للبرميل. ولفت إلى أنه مع فشل الصين في تحقيق تلك المعدلات وزيادة المراهنات لعودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مرة أخرى للبيت الأبيض، يؤشر الأمر إلى احتمالية تجدد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين مرة أخرى.
إشارة قوية
وأشار العصيمي إلى أن التدهور الأخير في قراءة قطاع التصنيع في الولايات المتحدة يعد إشارة قوية إلى الدخول في هبوط السوق مرة أخرى، لا سيما أن هناك ارتباطاً بين أسعار الطاقة ودورة الأعمال. ولفت إلى أنه في حالة الانتعاش وتوقع استمراره ترتفع أسعار النفط، وعلى النقيض في حالة الركود وتوقع استمراره تنخفض أسعار الخام والطاقة بوجه عام بقوة. وبين أن تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط في العادة له تأثير إيجابي في أسعار النفط، إذا كانت تلك التوترات غير متوقعة أو لم يتأقلم عليها المضاربون ودخلت بالفعل في حساباتهم، موضحاً أن الوضع حالياً مشابه لما حدث في بداية التدهور الجيوسياسي بين أوروبا وروسيا عام 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار العصيمي إلى أن أسواق النفط في الوقت الحالي تأقلمت على الوضع الحالي للشرق الأوسط، بالتالي لم ترتفع حدة الأحداث بصورة تعرقل إنتاج أو خطوط نقل الطاقة ولذلك لن يكون لها تأثير جوهري في حركة أسواق النفط العالمية.
خفض الأسعار
وهبطت أسعار النفط في جلسة الجمعة الماضي وأغلقت عند أدنى مستوياتها منذ يناير (كانون الثاني) الماضي بعد بيانات أظهرت تباطؤ نمو الوظائف في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقع الشهر الماضي علاوة على بيانات اقتصادية صينية زادت من الضغوط على الأسعار.
وتراجعت العقود الآجلة لخام "برنت" 2.71 دولار بما يعادل 3.41 في المئة إلى 76.81 دولار للبرميل عند التسوية، فيما سجلت خفضاً أسبوعياً بنسبة 4.3 في المئة في خسارة للأسبوع الرابع على التوالي هي أطول فترة انخفاض أسبوعية منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. في حين انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.79 دولار أو 3.66 في المئة إلى 73.52 دولار، في حين سجلت خسارة أسبوعية 4.7 في المئة. وتباطأ نمو الوظائف في الولايات المتحدة أكثر من المتوقع في يوليو (تموز) الماضي، وارتفع معدل البطالة إلى 4.3 في المئة، مما يشير إلى ركود محتمل.
وأظهرت بيانات اقتصادية من الصين، أكبر مستورد للنفط، ومسح ضعف نشاط الصناعات التحويلية الشهر الماضي في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، مما يزيد من خطر ضعف التعافي الاقتصادي العالمي بما يؤثر في استهلاك النفط. وأسهم تراجع نشاط التصنيع في الصين بتراجع الأسعار، إذ فاقم المخاوف إزاء نمو الطلب بعدما أظهرت بيانات يونيو (حزيران) الماضي خفض الواردات ونشاط المصافي مقارنة بالعام السابق.
انخفاض واردات آسيا من الخام
وأظهرت بيانات من قسم أبحاث النفط بمجموعة بورصات لندن انخفاض واردات آسيا من النفط الخام في يوليو الماضي إلى أدنى مستوى لها في عامين بسبب ضعف الطلب في الصين والهند. وعلى جانب العرض لا يزال تحالف "أوبك+" في طريقه لتعزيز الإنتاج بدءاً من الربع المقبل، وهي خطة أعاد التحالف التأكيد عليها في اجتماع مراقبة مستويات الإنتاج الخميس الماضي، إذ أبقى على سياسته في شأن إنتاج النفط دون تغيير بما في ذلك عزم التحالف على التراجع تدريجاً عن جزء من خفض الإنتاج بداية من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ومع ذلك أصر المسؤولون على إمكانية إيقاف زيادات المعروض موقتاً، أو عكسها بحسب الحاجة.