Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة نائب الرئيس.. هل يحسم وولز وفانس الانتخابات الأميركية؟

مهارة نائب هاريس في حصد الأصوات تضعف موقف نائب ترمب

 المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة يوعز بدور أكبر لنائبي المرشحين للرئاسة (غيتي)

ملخص

في مشهد انتخابي حالي اضطر فيه الرئيس الأميركي للانسحاب من السباق نحو فترة رئاسية ثانية لمصلحة نائبته نتيجة عدم الأهلية الصحية لكبر سنه، أصبح منصب نائب الرئيس الأميركي يستحوذ على أهمية لدى الناخب أكثر من زي قبل. 

وصف أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة جون آدامز منصب نائب الرئيس بأنه "أدنى منصب ابتكره الإنسان أو تصوره خياله على الإطلاق"، إذ كان هو نفسه نائباً لأول رئيس للبلاد جورج واشنطن عام 1789 قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن نواب الرئيس الذين هم أول من يتولى خلافة الرئاسة كانوا أيضاً جزءاً لا يتجزأ من بعض الفصول الأكثر أهمية في تاريخ الولايات المتحدة، فقد توفي ثمانية رؤساء أثناء توليهم مناصبهم واستقال واحد منهم (ريتشارد نيكسون) وتركوا جميعاً نوابهم في البيت الأبيض.

وفي مشهد انتخابي حالي اضطر فيه الرئيس الأميركي للانسحاب من السباق نحو فترة رئاسية ثانية لمصلحة نائبته نتيجة عدم الأهلية الصحية لكبر سنه، أصبح منصب نائب الرئيس الأميركي يستحوذ على أهمية لدى الناخب أكثر من زي قبل. فعلى الجانب الجمهوري يعد دونالد ترمب البالغ من العمر 78 سنة أكبر شخص يترشح للرئاسة، ووجهت له نفس الانتقادات التي لاحقت الرئيس الحالي جو بايدن باعتباره كبيراً في السن ولن يستطيع قيادة البلاد لمدة أربعة أعوام أخرى، لكنه اختار نائباً شاباً يبلغ من العمر 40 عاماً. وفي المقابل، اختارت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس نائباً ليس عجوزاً لكنه يتمتع بالخبرة السياسية الكافية لتمكينه من ترجيح كفتها لدى الناخبين المتأرجحين. 

المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة يوعز بدور أكبر لنائبي المرشحين للرئاسة. فخلال الأسبوع الماضي، تركزت التحليلات والتوقعات الصحافية على من ستختاره هاريس نائباً لها قبل أن تكشف عن اختيار حاكم ولاية مينيسوتا تيم وولز، كما كان اختيار ترمب لسيناتور أوهايو جي دي فانس نائباً له مثيراً لجماعات اليسار التي ركزت هجومها على أجندته المحافظة وتعليقاته التي بدت معادية للنساء أحياناً. 

مهارات سياسية

في حين يمثل جي دي فانس المستقبل الأميركي تقول صحيفة وول ستريت جورنال إن ترمب أسدى خدمة للديمقراطيين باختياره مرشحاً لمنصب نائب الرئيس يعزز قاعدته الانتخابية بدلاً من التواصل مع الناخبين المتأرجحين. والشهر الماضي، ذكر الباحث لدى مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي جاكوب هيلبرون في تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأميركية أن ثمة تقارير تتحدث عن أن ترمب يعيد النظر في شأن فانس الذي اختاره ليمثل تغيير الأجيال في الحزب الجمهوري. وأضاف أن فانس كان من المفترض أن يعزز قاعدة الحزب الجمهوري في الانتخابات إلا أنه لن يساعد ترمب في جذب الناخبين المتأرجحين والأمهات في الضواحي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الجانب الآخر احتفت الصحف الأميركية المؤيدة لهاريس باختيارها لوولز نائباً باعتباره الورقة الرابحة التي يمكنها تغيير المشهد. لم يتعلم وولز فقط كيفية الفوز كديمقراطي في منطقة ذات عقلية محافظة - إذ كان فوزه الأول خلال عام 2006 أحد أكبر المفاجآت في مجلس النواب خلال ذلك العام ــ بل تعلم أيضاً كيفية الدفاع عن السياسات التقدمية وبيعها لناخبي الطبقة العاملة البيضاء المتشككين. وتمكن من النجاة من الاكتساح الجمهوري عام 2010 الذي أطاح بمعظم الديمقراطيين من مقاعد الكونغرس، وصمد في وجه التيار الذي خلفه فوز ترمب الساحق بفارق 15 نقطة على هيلاري كلينتون في جنوب مينيسوتا. وبعد أن قرر الترشح لمنصب الحاكم عام 2018 تحولت منطقة وولز على الفور إلى الحزب الجمهوري.

فوفق مجلة "بوليتكو" الأميركية ينتمي وولز إلى ما يسمى مقاطعات المحور، وهي مجموعة تضم نحو 200 مقاطعة في مختلف أنحاء البلاد صوتت مرتين لمصلحة باراك أوباما قبل أن تتحول إلى ترمب عام 2016. وأكثر من 80 من هذه المقاطعات تتركز في أربع ولايات فقط هي إلينوي وأيوا ومينيسوتا وويسكونسن. وتميل هذه المقاطعات إلى أن تكون أكثر بياضاً وأقل ثراء وتعليماً وأقل عدداً من السكان مقارنة بالمتوسط ​​الأميركي. وهي على وجه التحديد الأماكن التي كان الديمقراطيون يخسرون فيها الأصوات في العقود الأخيرة. وتزخر المنطقة الجنوبية من مينيسوتا التي مثلها وولز في الكونغرس لست فترات بهذه المقاطعات. 

ومن ناحية هاريس كان الاختيار الذي يرعب الجمهوريين هو حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو وهي ولاية متأرجحة حاسمة في الفوز بالمجمع الانتخابي. لكن شابيرو وهو يهودي، كان هدفاً لحملة غير عادية وشريرة ضده من قبل اليسار الديمقراطي. ويبدو أن هاريس تراجعت تحت وطأة هذه الضغوط، ربما خوفاً من الاحتجاجات في المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو الشهر الجاري، ومن ثم وقع اختيارها على وولز بدلاً منه. 

هجوم متبادل

يرى جي دي فانس تشابهاً مع خصمه فكلاهما ينتمي إلى الغرب الأوسط الأميركي والتحق بالجيش في صغره، ومع ذلك تفصل بينهما مساحات شاسعة على صعيد السياسة. ففي أول تصريحات عامة له تعليقاً على اختيار وولز، قال فانس "أعتقد أن ثمة أوجه تشابه، لكن ما يختلف هو الأفكار الفعلية حول أفضل السبل لخدمة الناس، البيض أو السود، أو أي شيء آخر في الغرب الأوسط وفي كل مكان آخر". ووصف فانس خصمه بأنه "متطرف يساري"، وانتقد هاريس بسبب قرارها استبعاد شابيرو، قائلاً إنها "تخضع للعناصر الأكثر تطرفاً في حزبها". وسعى الديمقراطيون لاسترضاء التقدميين الغاضبين من مساعدات إدارة بايدن لإسرائيل وسط الصراع في غزة، ورأى البعض أن شابيرو الداعم لإسرائيل خيار محفوف بالأخطار.

وفي بيان بعد تعليقات فانس سلط مدير اتصالات حملة هاريس مايكل تايلر الضوء على سيرة وولز كمحارب قديم ومعلم ومدرب كرة قدم قبل مسيرته في السياسة. وأشار إلى قدرته على قلب منطقة الكونغرس التي سيطر عليها الجمهوريون عام 2006 ليشغل المقعد لمدة ست فترات قبل الترشح لمنصب الحاكم عام 2018. وفي خطابه خلال إعلان ترشحه نائباً لهاريس عرض وولز استراتيجية جديدة محتملة للهجوم على فانس في خطابه، مشيراً إلى أن فانس كان جزءاً من النخبة نظراً إلى دراسته في جامعة من رابطة آيفي ليج التي تلتحق بها النخبة الثرية، وعلاقاته بوادي السيليكون حيث كبرى شركات التكنولوجيا. وسعى إلى تصويره بأنه "غريب الأطوار" مثل رئيسه. 

وفي المقابل استعرض فانس ما يتوقع أن يكون خط هجوم مستمراً ضد وولز وربطه بصور المباني المحترقة أثناء احتجاجات العدالة العرقية في مينيابوليس بعد مقتل جورج فلويد عام 2020 عندما كان وولز في ولايته الأولى كحاكم. وقد تنبأ الاستراتيجيون الجمهوريون بأن مثل هذه الرسائل ستصبح شائعة بصورة متزايدة في الإعلانات والأحداث. وقال مدير الاتصالات في اللجنة الجمهورية الوطنية مايك بيرغ "لا أحد يعرف من هو تيم وولز خارج مينيسوتا". و"سيتم تقديم وولز للناخبين في الغرب الأوسط باعتباره الحاكم الذي سمح لمينيسوتا بالاحتراق أثناء أعمال الشغب عام 2020 وأيد جعل مينيسوتا ولاية ملاذ".

وخلال يناير (كانون الثاني) 2019 أصبح وولز حاكماً لمينيسوتا، وهي ولاية تقع في منطقة البحيرات العظمى على الحدود مع كندا. وبعد مرور نحو عام اضطر إلى إدارة أزمتين رئيستين هما جائحة "كوفيد 19" ووفاة الأميركي الأسود جورج فلويد اختناقاً بعدما ضغط شرطي أبيض بركبته على عنقه. وارتفعت حدة التوتر في مينيابوليس أكبر مدينة في الولاية، لتشكل انطلاق موجة كبيرة من التظاهرات المناهضة للعنصرية التي شهدتها الولايات المتحدة لأشهر عدة.

ويتهم الجمهوريون الحاكم بالتساهل الشديد في مكافحة الجريمة. ويواجه وولز انتقادات لإعلان ولاية مينيسوتا "ملجأ للمتحولين جنسياً" بقانون ينص على أن الولاية ستتجاهل "أمر المحكمة بإبعاد طفل، صادر في ولاية أخرى، لأن والد الطفل أو الوصي عليه ساعد الطفل في تلقي الرعاية التي تؤكد جنسه في هذه الولاية".

قضايا النساء

 ويشيد الديمقراطيون بسجل وولز في حماية الحق في الإجهاض. وبعدما أصدرت المحكمة العليا خلال يونيو (حزيران) 2022 قراراً بإلغاء الحماية الدستورية للإجهاض، التزم نائب هاريس بجعل ولايته ملاذاً للنساء الراغبات في الإجهاض. وخلال مارس (آذار) 2024 شارك في أول زيارة إلى عيادة تقدم خدمات الإجهاض.

وعلى الجانب الآخر أثارت تعليقات قديمة تعود إلى عام 2021 أدلى بها فانس ردود فعل عنيفة، وحذر بعض الاستراتيجيين السياسيين من أنها قد تكلف حملة ترمب أصواتاً قيمة في الانتخابات. وكان نائب ترمب وصف هاريس وديمقراطيات أخريات بأنهن "مجموعة من سيدات القطط غير المنجبات، اللاتي يشعرن بالتعاسة في حياتهن ويردن جعل بقية البلاد بائسة أيضاً". وقال "إن مستقبل الديمقراطيين بأكمله يسيطر عليه أشخاص ليس لديهم أطفال.. كيف يكون من المنطقي أننا سلمنا بلادنا إلى أشخاص ليس لديهم مصلحة مباشرة فيها؟". ولم تنجب هاريس لكنها تشارك في تربية طفلي زوجها. 

وهاجمت نجمة مسلسل "الأصدقاء" الشهيرة جينيفر أنيستون، فانس وقالت عبر منصة "إنستغرام"، "لا أصدق حقاً أن هذا يأتي من نائب رئيس محتمل للولايات المتحدة. كل ما يمكنني قوله هو ’فانس، أصلي أن تكون ابنتك محظوظة بما يكفي لإنجاب أطفال يوماً ما‘". وأضافت أنيستون "آمل ألا تحتاج ابنتك إلى اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي كخيار ثان، لأنك تحاول انتزاع ذلك منها أيضاً". وتشير تعليقات أنيستون إلى تصويت فانس مع الجمهوريين في مجلس الشيوخ خلال الشهر الماضي لمنع التشريع الذي كان من شأنه أن ينشئ حقاً وطنياً في التلقيح الاصطناعي.

وعلقت ميغان ابنة جون ماكين السيناتور الجمهوري الراحل بالقول إن تعليقات فانس تستفز حتى النساء الأكثر تأييداً لترمب. لكن فانس سعى إلى الدفاع عن نفسه خلال تجمع انتخابي نهاية الشهر الماضي قائلاً إن تعليق سيدات القطط تم إخراجه من سياقه، وإنه لم يكن ينتقد النساء اللاتي ليس لديهن أطفال. وأوضح أنه كان يحاول القول إن الديمقراطيين "مناهضون للأسرة".

وتشكل النساء 51 في المئة من عدد السكان في سن التصويت داخل الولايات المتحدة وهن يعملن على إظهار تأثير تصويتهن منذ إلغاء قضية رو ضد وايد في يونيو 2022، ويتعلق الأمر بقرار المحكمة العليا الأميركية بإلغاء الحكم التاريخي الذي يحمي حق النساء في الإجهاض في قضية "رو ضد وايد" التي رفعت عام 1973، وظل قائماً لنحو 50 عاماً.

المزيد من تقارير