هل قرد الشمبانزي قادر على النطق؟

أشارت دراسة جديدة لمقاطع تسجيل قديمة مثيرة للجدل للشمبانزي إلى أن هذه القردة قد تكون قادرة على تعلم نطق كلمات تشبه كلام البشر في حال توافرت الظروف الملائمة.

وتقترح الدراسة التي نشرت في مجلة "التقارير العلمية" Scientific Reports، أن الشمبانزي قد تمتلك القدرات العقلية الأساسية لتكوين "كلماتها الأولى" بطريقة مشابهة لتلك التي يبدعها الأطفال الرضع في مرحلة المناغاة.

وبحسب ما أوضح فريق الباحثين الدولي من المملكة المتحدة والسويد وسويسرا، فإن هذا الاعتقاد يعزز فكرة أن قدرات القِرَدة العليا [هي قردة ضخمة الحجم عديمة الذيل] على النطق لا تحظى بالتقدير الكافي.

وكثيراً ما تساءل العلماء لعقود عن سبب تفرد البشر في تطوير القدرة على الكلام، على رغم أن بعض القردة الكبرى مثل الغوريلا والبونوبو أتقنت التواصل من خلال الأصوات والإيماءات.

ويعتقد الباحثون بأن الأمر عائد إلى الاختلافات في بنية الحنجرة وكذلك إلى تباين في تكوين الدماغ.

ولمحت أبحاث سابقة إلى أن الشمبانزي قد يكون استثناءً بين القردة، إذ بإمكانه نطق كلمات مثل البشر، حتى إن كان ذلك في مستوى بسيط وتحت ظروف استثنائية.

وفي دراسة تعود لعقود من الزمن، قام زوجان بتدريب شمبانزي متبنى على مدى أعوام ليتمكن من قول كلمات بسيطة مثل "ماما" و"بابا". لكن تعرضت هذه التجربة للتشكيك بسبب المخاوف الأخلاقية المرتبطة بفصل الشمبانزي الصغير عن والدته.

وأعادت الدراسة الجديدة فحص حالات تواصل الشمبانزي الموثقة وطبقت عليها تحليلات صوتية متعمقة. كما عثر العلماء على ثلاث لقطات فيديو تدل على إمكان تعليم الشمبانزي نطق الكلمات، حتى إن كان بطريقة بدائية.

وقد يتمكن الشمبانزي خصوصاً من استغلال صوته وفكه وشفاهه لتكوين مقاطع صوتية منفردة، وقد يكون بإمكانه التمييز بين نطق الحروف الساكنة والمتحركة، بحسب ما أفاد الباحثون.

ومن خلال أحد المقاطع القديمة التي سجلها الزوجان، يمكن سماع الشمبانزي المتبنى وهو ينطق كلمة "بابا" ثلاث مرات في الأقل، إضافة إلى كلمة "كوب" مرة واحدة. وفي مقطعين إضافيين تم تحليلهما في الدراسة الجديدة، بما فيهما واحد جرت مشاركته على موقع "يوتيوب" في 2007، يظهر الشمبانزي وهو ينطق كلمة "ماما".

وعلى رغم أن أساليب نطق الشمبانزي قد تبدو مختلفة عن الكلام البشري، فإن الباحثين يرون أنها تقارب الكلمات بصورة أساسية.

كذلك أجروا تجربة على الإنترنت حيث استمع المشاركون الذين لم يعرفوا مصدر التسجيلات، وتعرفوا بصورة دقيقة إلى أصوات الشمبانزي كمقاطع صوتية "ما-ما".

مع ذلك، لفت الباحثون إلى أن هذه الدراسة تعتمد على بيانات ثانوية مستمدة من لقطات قديمة، مما يحدّ من دقة التحليل.

وشددوا على ضرورة إجراء تجارب أخلاقية ومضبوطة للتحقق من هذه النتائج والتحقيق في الظروف التي قد تساعد الشمبانزي في تطوير أصوات مشابهة لكلام البشر.

وخلص الباحثون إلى أن "القردة الكبرى قادرة على إصدار كلمات مثل البشر، وفشل إثبات ذلك قبل 50 عاماً كان نتيجة أخطاء الباحثين، لا الحيوانات".