ملخص
أتت أعمال العنف هذه على إثر اعتداء بسكين في الـ29 من يوليو (تموز) في ساوثبورت في شمال غربي إنجلترا قتلت فيه ثلاث فتيات صغيرات، على خلفية إشاعات بثت عبر الإنترنت تفيد بأن المشتبه فيه طالب لجوء مسلم.
قال نيك توماس-سيموندس، الوزير المسؤول عن مكتب مجلس الوزراء في بريطانيا اليوم الجمعة، إن الحكومة حثت الشرطة على البقاء في حال تأهب مرتفعة قبل اندلاع مزيد من أعمال الشغب في اليومين المقبلين بعد هجمات واضطرابات وأعمال عنف عنصرية دارت على مدى أيام.
وبدأت أعمال العنف الأسبوع الماضي بعد انتشار عدد من المنشورات الكاذبة على الإنترنت التي تشير بالخطأ إلى أن المسؤول عن مقتل ثلاث فتيات صغيرات طعناً في الـ29 من يوليو (تموز) الماضي في ساوثبورت بشمال غربي إنجلترا هو مهاجر مسلم متطرف.
واستهدف العنف الذي نفذه من وصفهم رئيس الوزراء كير ستارمر بأنهم "خارجون عن القانون من اليمين المتطرف"، المسلمين والسود والمهاجرين بالأساس. وتعرضت فنادق تؤوي طالبي لجوء لتحطيم نوافذها أما المساجد فتعرضت للرشق بالحجارة.
ولم يتضح بعد عدد الاحتجاجات العنيفة التي تشوبها أعمال شغب التي يخطط اليمين المتطرف لها حالياً ولا إن كانت ستتم بالفعل. ووفقاً لمجموعة "ستاند أب تو ريسيزم" المناهضة للعنصرية، هناك نحو 40 احتجاجاً مضاداً من المقرر خروجهم غداً السبت.
حال تأهب
وقال توماس-سيموندس لقناة "سكاي نيوز"، "رسالتنا ونحن نتجه لعطلة نهاية الأسبوع لأفراد شرطتنا... هي البقاء في حال يقظة والحكومة أيضاً ستبقى في حال تأهب".
وتابع قائلاً، "سنبقي الوضع في حال تأهب مرتفعة... نبدأ عطلة نهاية الأسبوع ونحن على استعداد لأي أحداث. أعتقد أن ذلك في غاية الأهمية".
كما تبحث الحكومة البريطانية إدخال تعديلات على قانون الأمن على الإنترنت المعني أيضاً بتنظيم عمل منصات التواصل الاجتماعي بعد تلك الأحداث التي تسبب فيها انتشار معلومات مضللة على الإنترنت.
وتم تمرير قانون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنه لن يدخل حيز التنفيذ قبل مطلع العام المقبل، ويسمح للحكومة بفرض غرامة على شركات تملك منصات التواصل الاجتماعي بما يصل إلى 10 في المئة من عائداتها العالمية إذا ثبت انتهاكها للقانون.
وفي الوقت الحالي، لا تواجه تلك الشركات غرامة إلا إذا أخفقت في منع المحتوى غير القانوني مثل التحريض على العنف وخطاب الكراهية. أما التعديلات المقترحة فقد تفرض عقوبات على الشركات إذا سمحت بمحتوى "قانوني لكن ضار" مثل انتشار المعلومات المضللة.
تدنيس قبور
كان نور مياح طالباً في عام 2001 عندما هزت أعمال شغب بيرنلي ومدناً أخرى في شمال إنجلترا، مع مواجهات مع الشرطة وبريطانيين شباب أصولهم من جنوب آسيا، بعد سلسلة من الهجمات والحوادث العنصرية.
واتهمت السلطات يومها بأنها لم تحم بشكل كاف الأقليات في وجه الناشطين اليمينيين المتطرفين.
ومع مرور أكثر من عقدين على ذلك، يتذكر مياح تلك المرحلة القاتمة في وقت يدعو الشباب في أوساط جاليته إلى الهدوء.
ودنست قبور عائدة لمسلمين في مقبرة هذه المدينة التي تضم جالية كبيرة من كل من باكستان وبنغلاديش، في حين تشهد مدن مجاورة أعمال شغب مناهضة للمهاجرين ومعادية للمسلمين.
ويروي نور الذي بات سكرتيراً في مسجد محلي "شكل عام 2001 مرحلة صعبة في بيرنلي، مضينا قدماً منذ ذلك الحين ونهضنا من جديد، الجيل الجيد لديه أمل كبير".
تحقيق
تلقى نور الإثنين الماضي رسالة من صديق توجه إلى مقبرة بيرنلي أفاده فيها بأن شاهدة قبر لعائلة غطيت بالطلاء، وأوضح قائلاً "هرعت إلى المقبرة وكانت هناك عائلتان قلقتان جداً وبدا عليهما الاضطراب".
وتحقق الشرطة في القضية على أنها أتت بدافع عنصري.
وأكد نور أن "من قام بذلك يحاول استفزاز المسلمين ليكون لهم رد فعل، لكننا نحاول الحؤول دون ذلك من خلال المحافظة على الهدوء، لا أحد يستحق ذلك".
خوف
وعزز تدنيس المقبرة شعور الخوف المتنامي في صفوف المسلمين في بيرنلي، منذ اندلاع أعمال الشغب المعادية للمسلمين والمهاجرين الأسبوع الماضي.
وأتت أعمال العنف هذه على إثر اعتداء بسكين في الـ29 من يوليو (تموز) في ساوثبورت شمال غربي إنجلترا قتلت فيه ثلاث فتيات صغيرات، على خلفية إشاعات بثت عبر الإنترنت تفيد بأن المشتبه فيه طالب لجوء مسلم.
وفي الواقع ولد منفذ الهجوم في ويلز، وذكرت وسائل الإعلام أن عائلته أصلها من رواندا ولم ترشح أية معلومات حول ديانته.
وأعرب نور نياح عن قلقه على زوجته التي تتوجه إلى المدينة واضعة الحجاب وطلب من والده التوقف عن التوجه إلى المسجد للصلاة "للحد من الوقت الذي يمضيه خارجاً"، وأضاف "أسهمت في بناء هذا المسجد، حملت حجارة الآجر، لكن يجب أن أفكر بأمن عائلتي وسلامتها"، آملاً ألا تصل أعمال العنف التي تراجعت في الأيام الأخيرة إلى بيرنلي هذه المرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في شيفيلد جنوباً تعرب أمينة بلايك عن قلقها أيضاً، وعلى مسافة كيلومترات قليلة هاجم مثيرو شغب فندقاً الأحد الماضي، إذ كان يأوي طالبي لجوء ووقعت مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات الشرطة.
وتقول أمينة وهي عضو في مجلس إدارة مسجدين محليين "ثمة شعور كبير بالخوف" ولا سيما في صفوف المسلمات، إذ تخشى بعضهن الخروج وهن يضعن الحجاب.
وعلى غرار عائلة مياح في بيرنلي "تلزم كثيرات من النساء المنزل هنا، ولا يخرجن إلا برفقة رجل من العائلة".
وأعلنت الحكومة العمالية البريطانية أنها عززت الإجراءات الأمنية في أماكن العبادة، بعدما استهدف مسجد في ساوثبورت الأسبوع الماضي علق في داخله مصلون عدة.
لكن في حين كان الغضب في اضطرابات 2001 و2011 ينصب على الشرطة، باتت القوى الأمنية الآن تعمل مع ممثلين للمسلمين للدعوة إلى الهدوء وضبط النفس.
"غير المنتظر كثيراً"
وترحب أمينة بلايك بهذا الدعم "غير المنتظر كثيراً"، الذي سمح بوضع "التشكيك والصعوبات التاريخية" مع الشرطة جنباً.
وزار رئيس الوزراء كير ستارمر أمس الخميس، مسجداً في ساليهال وسط إنجلترا.
ومع صلاة الجمعة يشعر المسلمون في شيفيلد "بقلق" لكنهم سيتوجهون إلى المسجد بحسب أمينة، التي تقول "الخوف حاضر لكن ثمة شعوراً عميقاً بأن الحياة يجب أن تستمر على طبيعتها".