Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب القادمة قد تحدد معالم رئاسة كامالا هاريس

النزاع الدائر في قطاع غزة جعل مرشحة الرئاسة الأميركية تنتظم في مناقشات الأشهر الـ10 الأخيرة في "غرفة العمليات" في البيت الأبيض. ومع تصاعد التوترات في المنطقة هناك احتمال بأن يؤدي الصراع إلى تعطيل خططها المدروسة بعناية لرئاسة محتملة

جو بايدن وكامالا هاريس يتلقيان إحاطة في "غرفة العمليات" في شأن التوترات في الشرق الأوسط من فريق الأمن القومي في البيت الأبيض. الإثنين الخامس من أغسطس (البيت الأبيض)

ملخص

يشكل فقدان بايدن لصبره - بعد أشهر من المراوغة الواضحة التي قام بها بنيامين نتنياهو - لحظة حاسمة قد تحدد طبيعة العلاقات الأميركية - الإسرائيلية لسنوات مقبلة

من المحتمل أن تكون نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس قد شعرت ببعض القلق عندما انضمت إلى الرئيس جو بايدن في "غرفة العمليات" مساء الإثنين الماضي. فقد كانا على وشك تلقي إحاطة مطولة - لساعات - حول التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، والتي قد تؤدي إلى نشوب حرب إقليمية، لكن هاريس التي تتولى الآن تقديم المشورة لبايدن من موقعها كنائبة للرئيس، قد تجد نفسها مضطرة إلى التعامل مع هذا الصراع بصورة مباشرة كرئيسة للولايات المتحدة.

لا شك في أن اغتيال إسرائيل زعيم حركة "حماس" إسماعيل هنية في يوليو (تموز) الماضي، خلال فترة حرجة من مفاوضات وقف النار في غزة التي استمرت أشهراً عدة في البيت الأبيض، قد دفع بالشرق الأوسط إلى حافة الحرب. والأهم من ذلك أن هذه الحادثة كان له أثر كبير في دفع العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل نحو حافة الانهيار.

طوال الأشهر الـ10 الماضية ظلت كامالا هاريس على اطلاع دائم على تطورات النزاع في غزة من خلال حضورها المنتظم في "غرفة العمليات". ومع توقع البيت الأبيض الآن رداً إيرانياً قد يدفع حتماً بالقوات الأميركية التي أرسلت إلى المنطقة إلى تولي مهمة حماية إسرائيل، فإن هاريس ستواصل الاضطلاع بدور محوري في هذا المجال.

نائبة الرئيس الأميركي كانت حاضرة أثناء المكالمة التي قيل إن جو بايدن أعرب خلالها عن غضبه من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أعقاب اغتيال هنية، وهو الحدث الذي أشعل فتيل هذه الجولة الأخيرة من القتال، والذي من المرجح أن يتسبب في انهيار اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة "حماس" في غزة.

وبحسب ما أفيد أعرب بايدن لنتنياهو أمس الخميس عن استيائه من رفضه الموافقة على وقف إطلاق النار: "توقف عن هذا الهراء". وأضاف، "لا تقلل من شأن الرئيس أو تستهين به".

 

ويشكل فقدان بايدن لصبره - بعد أشهر من المراوغة الواضحة التي قام بها بنيامين نتنياهو - لحظة حاسمة قد تحدد طبيعة العلاقات الأميركية - الإسرائيلية لسنوات مقبلة. ومن الممكن أن تتيح المشاركة الوثيقة لكامالا هاريس في هذه الأحداث فرصة لاكتساب رؤى تساعدها على تجنب تكرار أخطاء جو بايدن.

ووفقاً لبريت بروين وهو مسؤول سابق في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في الخدمة الخارجية الأميركية (التي تعنى بتعزيز أهداف الولايات المتحدة وحماية مصالحها في الخارج)، ومدير مكتب "المشاركة العالمية" Global Engagement (الذي يتعامل مع الحكومات والمنظمات في قضايا مرتبطة بالاستراتيجيات الأميركية)، فإن هاريس - كما قال لـ"اندبندنت" - كانت على مدى الأعوام الأربعة الماضية، تتمتع بخبرة استثنائية في مجال السياسة الخارجية والتوجيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار بروين إلى أنه "في حين يزعم بعض أعضاء ’مجلس الشيوخ‘ امتلاكهم معرفة في شؤون الأمن القومي، فإنهم يفتقرون للخبرة المباشرة في اتخاذ القرارات الحاسمة في ’غرفة العمليات‘ وتنفيذ السياسات، وهذا ما يمنح هاريس ميزة واضحة ونقاط قوة كبيرة تصب في مصلحتها".

وإذا ما تمكنت كامالا هاريس من إلحاق الهزيمة بمنافسها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، فقد يتعين عليها التعامل مع أزمة إقليمية يمكن أن تكون أكثر حدة من تلك التي واجهها بايدن.

ففي وقت تخوض فيه حملتها الانتخابية، تستعد منطقة الشرق الأوسط لحرب إقليمية شاملة، وسط مخاوف عبر عنها مسؤولون أميركيون من أن تلجأ إيران في أية لحظة إلى شن ضربات انتقامية ضد إسرائيل.

في المرة الأخيرة التي حدث فيها موقف مماثل - في أعقاب الغارة الجوية الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية لدى سوريا التي أسفرت عن مقتل 12 شخصاً كان من بينهم اثنان من كبار الجنرالات في "فيلق القدس" الذي يشكل إحدى أبرز وحدات النخبة في "الحرس الثوري" الإيراني - اعترضت طائرات عسكرية أميركية وبريطانية مئات المسيرات الإيرانية فوق الأردن والعراق وسوريا.

 

إلا أن الرد الإيراني من المتوقع أن يكون هذه المرة أكثر شدة. فمساء الإثنين، وقبل وقت قصير من تقديم الإحاطة في "غرفة العمليات" في البيت الأبيض، أصيب ما لا يقل عن خمسة أفراد أميركيين في هجوم استهدف قاعدة عسكرية في العراق، ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة هجمات أكبر.

الزعيم الإيراني آية الله خامنئي توعد إسرائيل "بعقاب قاس" بسبب اغتيالها إسماعيل هنية.

وقد ألقي باللوم في العمليتين على إسرائيل التي زعمت أيضاً أنها استهدفت محمد ضيف رئيس الجناح العسكري لحركة "حماس"، والعقل المدبر وراء مذبحة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

الحرب في قطاع غزة والتداعيات الإقليمية ألقت بظلالها على المحادثات المتعلقة بإرث الرئيس جو بايدن. فقد أصبح دعمه الثابت وغير المشروط لإسرائيل - في وقت تشهد فيه غزة خسائر مدنية مدمرة ومجاعة - عبئاً على فرص إعادة انتخابه. هذا الموقف أدى إلى انطلاق حملة منسقة من جانب العرب الأميركيين - وهم يعدون عادة جزءاً من القاعدة الانتخابية لحزب "الديمقراطيين" التي يمكن الاعتماد عليها - لتحديه وإلحاق الهزيمة به في انتخابات نوفمبر المقبل. كما أن رفض بايدن وضع شروط على بنيامين نتنياهو لجهة تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي يتبنى مواقف أكثر عدوانية في غزة وخارجها.

هاريس من جانبها سعت منذ إطلاق حملتها، إلى اعتماد نهج مختلف عن بايدن تجاه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. فقد تحدثت عن معاناة الفلسطينيين بصراحة كانت مفقودة بصورة ملحوظة في تصريحات الرئيس الأميركي الراهن، وذلك عندما وصفت الدمار الحاصل في غزة بأنه "مفجع"، وتعهدت بعد لقائها بنيامين نتنياهو بأنها "لن تلتزم الصمت" حيال هذه الموضوع.

واختارت هاريس عدم الحضور إلى الكونغرس عندما ألقى نتنياهو خطابه المثير للجدل أمامه، وهي خطوة أثارت استياء بعض المسؤولين الإسرائيليين.

ويأمل كثير من التقدميين والذين يعارضون الحرب الدائرة بغزة في أن تترجم هذه الإشارات المبكرة من كامالا هاريس إلى تحولات جوهرية في السياسة الأميركية.

مات داس، وهو مستشار سابق للسياسة الخارجية للسيناتور بيرني ساندرز ونائب رئيس "مركز أبحاث السياسة الدولية" Center for International Policy قال لـ"اندبندنت"، "إن تركيز كامالا هاريس بعض الشيء على الأزمة الإنسانية وتأكيدها على حاجات الفلسطينيين وحقوقهم وكرامتهم، وهي جوانب لم يتطرق إليها بايدن كثيراً، يعد أمراً مهماً وجديراً بالملاحظة". وأضاف "لكن الأمل الحقيقي يكمن في أن تكون هاريس في حال توليها الرئاسة، أكثر استعداداً لفرض قيود على استخدام الأسلحة الأميركية - وهو الموقف الذي لم يتخذه جو بايدن".

وعلى رغم أن كامالا هاريس قد عدلت من نبرتها، وأعربت عن قلق أكثر توازناً في شأن الضحايا المدنيين للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لم تقدم المرشحة "الديمقراطية" بعد مقترحات محددة عن الاختلاف بين نهجها ونهج الرئيس بايدن في التعامل مع الصراع وتداعياته.

وعلى عكس الرئيس الأميركي فهي ليست لديها علاقة طويلة الأمد مع إسرائيل. إلا أن تجربتها كنائبة للرئيس الأميركي طوال فترة النزاع، ومراقبتها لبايدن وهو يتعرض للمفاجأة بصورة متكررة بقرارات نتنياهو وأفعاله، قد تدفعها إلى تبني موقف أكثر حزماً. وفي حين أن وراثة الصراعات هو أمر شائع بين الرؤساء الأميركيين، فمن النادر أن يكون لدى مرشح للجلوس في المكتب البيضاوي للبيت الأبيض مثل هذه الرؤية المباشرة للنزاع، الذي يمكن أن يشكل طبيعة رئاسته.

 

يشار هنا إلى أن كثيرين كانوا يراقبون كيف ستختار كامالا هاريس الزميل الذي سيخوض إلى جانبها المعركة الانتخابية، وذلك لمعرفة كيف سيكون نهجها في التعامل مع هذه القضية، وقد أعرب بعض الناشطين عن قلقهم من أن تقوم باختيار حاكم "ولاية بنسلفانيا" جوش شابيرو لمنصب نائب الرئيس.

وكانت قد انتشرت على مدى أسابيع تكهنات واسعة النطاق بأن شابيرو هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب "الديمقراطي" لمنصب نائب الرئيس. وفي رد على هذه التكهنات، سعى مدافعون مؤيدون للفلسطينيين إلى وصفه بـ"جوش الإبادة الجماعية" Genocide Josh، منتقدين دعمه للصراع الدائر في غزة، وموقفه الذي دان فيه المتظاهرين المناهضين للحرب.

وأعرب ناشطون عن مخاوفهم في شأن ترشيحه المحتمل، خصوصاً بعد أن تبين أنه كان قد تطوع للخدمة مع الجيش الإسرائيلي أثناء دراسته الثانوية، وعمل في مكتب العلاقات العامة في السفارة الإسرائيلية لدى واشنطن العاصمة.

أما تيم وولز - وهو عضو سابق في الكونغرس - فلديه سجل مختلف. فقد دعم الحكومة الإسرائيلية باستمرار خلال فترة وجوده في الكونغرس، واعتبر هذا الدعم مسألة غير مرتبطة بالحزبين. إلا أنه بصفته حاكماً لـ"ولاية مينيسوتا" (التي تطلق عليها تسمية North Star State) فقد أظهر استعداداً للنظر في وجهات نظر الناخبين فيها المؤيدين للفلسطينيين، ومخاوفهم وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و"حماس".

يذكر أنه عندما أدلى نحو 18 في المئة من الناخبين في ولايته بأصوات "غير ملتزمة" في الانتخابات التمهيدية لحزب "الديمقراطيين" - ربما في احتجاج على موقف الرئيس بايدن من حرب غزة - أقر وولز بأنه ينبغي عدم تجاهل مخاوفهم.

وولز قال في حينه "لدينا ثمانية أشهر لمعاودة الاتصال بهؤلاء الناخبين والاستماع لآرائهم. نحن في حاجة لأن نأخذ مخاوفهم على محمل الجد. إن رسالتهم واضحة وهي إنهم يعدون أن الوضع الراهن هو غير مقبول، وأن هناك حاجة لمزيد من العمل. أعتقد أن الرئيس بدأ يدرك ذلك".

لا بد من الإشارة أخيراً إلى أنه إذا ما اضطرت القوات الأميركية للانخراط في اشتباك كبير مع إيران، فقد تضطر كامالا هاريس إلى قضاء مزيد من الوقت في "غرفة العمليات"، بدلاً من التركيز على حملتها على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة. وإذا ما استمرت الأزمة إلى ما بعد هذه الجولة الانتقامية المتبادلة، فقد يؤدي ذلك إلى تعطيل حتى أكثر الاستراتيجيات الموضوعة والمخطط لها بعناية لرئاستها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات