Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أرمينيا لم تلغ نص الدستور الذي يقيم سيادتها على قرة باغ

"اندبندنت عربية" تحاور ممثل الرئيس الأذربيجاني للمهمات الخاصة الشين أمير بايوف

ممثل الرئيس الأذربيجاني للمهمات الخاصة الشين أمير بايوف (مواقع التواصل)

ملخص

 محادثات السلام التي دخلت فيها الدولتان لا تخلو من العقبات، إذ اُتفق على مجمل القضايا التي تضمنها نص الاتفاق الذي تقدمت به أذربيجان، لكن طالما لم تقدم أرمينيا على إلغاء النص الذي تضمنه دستورها فستبقى أذربيجان غير مطمئنة.

دخلت أذربيجان وأرمينيا في محادثات السلام منذ أكثر من عام، واتفقتا على معظم بنود نص الاتفاق الذي قدمته أذربيجان لجارتها، لكن المسيرة لا تزال  محفوفة بالعقبات وأهمها عدم تخلي أرمينيا عن النص الذي يؤكد سيادتها على قرة باغ، والذي تضمنه دستورها الذي تبناه مجلس النواب غداة حصولها على الاستقلال، وهو ما تعتبره باكو مناقضاً للوعود التي قطعها رئيس الوزراء نيكول باشينيان واعتراف حكومة يريفان بسيادة ووحدة أراضي أذربيجان، أما العقبة الثانية فتتجسد في إيجاد طرف ثالث يؤمّن سلامة عبور المواطنين الآذريين في ممر زنغزور.

وحول عملية السلام ومدى تقدمها والتحديات الجيوسياسية في منطقة جنوب القوقاز، حاورت "اندبندنت عربية" ممثل الرئيس إلهام علييف للمهمات الخاصة والمكلف بمفاوضات السلام مع أرمينيا وملف تطبيع العلاقات بين البلدين، الشين أمير بايوف.

العقبات أمام السلام

يقول أمير بايوف إن محادثات السلام التي دخلت بها الدولتان لا تخلو من العقبات، إذ اتفق على مجمل القضايا التي تضمنها نص الاتفاق الذي تقدمت به أذربيجان، لكن طالما لم تُقدم أرمينيا على إلغاء النص الذي تضمنه دستورها فستبقى أذربيجان غير مطمئنة، وبسبب التناقض بين الوعود التي قدمتها الحكومة على لسان رئيسها نيكول باشينيان واعتراف أرمينيا بسيادة ووحدة أذربيجان، وذلك يتناقض مع مطالب أرمينيا الجغرافية واعتبار قرة باغ جزءاً من أراضيها.

 

 

ويوضح، "لكن ذلك لا يمنع أذربيجان من مواصلة المحادثات وتقديم مزيد من المقترحات حول قضايا أخرى، وقد اتفقنا على 90 في المئة من المسائل، ومع ذلك لا يمكن لأذربيجان التوقيع على اتفاق سلام طالما الدستور الأرمني ينص على مطالب جغرافية تجاه أذربيجان وأرمينيا تعي هذه المشكلة، ونحن الآن ننتظر خطوة واقعية ملموسة من جانب يريفان تبدد مخاوفنا".

ويعلل أمير بايوف هذا التناقض في الموقف الرسمي الأرمني معتبراً أنه يواجه ضغط لوبي الاغتراب، "نحن نتفاوض مع الحكومة لكن رئيس الحكومة ووزير خارجيته اللذين يشاركان في محادثات السلام ويدليان بتصريحات مؤيدة له، يقابلهما فئات من المجتمع الأرمني، وبخاصة في الاغتراب، يصعب التصالح معها، وتصف أذربيجان بالعدو وهي ليست مؤيدة للسلام، كما أن المعارضة السياسية في أرمينيا تضم قادة سابقين متمسكين بمواقفهم المعادية لعملية السلام، وهذه المعارضة يدعمها حزب 'طشناق' والجالية في الاغتراب حول العالم، ويصعب تحديد مدى صدق الحكومة الأرمنية وإدارتها في إحلال السلام مع أذربيجان، لأن تصريحات المسؤولين في تناقض تام مع الواقع ومع الأفعال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قضية قرة باغ ومسألة الإبادة تشكلان المادة التي يتغذى عليها هذا الحزب، بحسب تعبيره، ويرى ممثل الرئيس إلهام علييف للمهمات الخاصة أنه "من السهل تبني خطاب حربي هجومي من قبل أشخاص يعيشون في الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان، وهم بعيدون من هموم الحياة اليومية التي تواجه الأرمن في موطنهم، وعلى أية حال فهذه على الدوام عقلية الاغتراب من الانتماءات كافة، وغالباً ما يتمسكون بمبادئ وطنية في تطرف لا يعرفه المواطنون في بلادهم الأصلية".

وبعد الحرب الثانية أطلقت أذربيجان مشاريع تحتية عملاقة وطرق مواصلات، وتتعلق العقبة الثانية بفتح "ممر زانغزور"، فإحلال السلام يعود بفوائد اقتصادية جمة يستفيد منها الطرفان، وتأتي هذه المشاريع في أعلى قائمة النتائج الإيجابية المترتبة عن السلام، بخاصة التي تتعلق بفتح طرق المواصلات بين أرمينيا وأذربيجان من جهة، وبصورة أوسع بين آسيا وأوروبا.

 

 

ويوضح أمير بايوف "كما هو معلوم أن الحرب الروسية - الأوكرانية أثرت في ممرات الشمال التي لم تعد سالكة بصورة جيدة، وكذلك بالنسبة إلى ممرات الجنوب مع كل ما تشهده منطقة البحر الأحمر والمشكلات التي يتسبب بها الحوثيون، ومن جهة أخرى فإن العقوبات المفروضة على إيران تزيد تعقيد الوضع، وفي ظل هذه الظروف يتضاعف الاهتمام بما يعرف بـ 'ممر زانغزور' وبعبارة أصح الممر الوسطي".

 ممر زانغزور

ويواجه فتح الممر عقبة تتمثل في الضمانات الأمنية التي تطالب بها أذربيجان لتأمين سلامة مواطنيها الذي سيعبرونه، والممر الممتد على طول 42 كيلومتراً عبارة عن سكة حديد كانت موجودة في الحقبة السوفياتية وتعرضت للدمار أثناء الحرب.

ويقول سفير أذربيجان السابق لدى فرنسا "نحن نؤيد فتح طرق المواصلات بين البلدين، وعلاوة عن المنافع الاقتصادية فهذا دليل ثقة وأمر في غاية الأهمية، كما أنه يمثل الارتباط المتبادل بين البلدين، إذاً الطرفان لديهما مصلحة بالحفاظ على طرق المواصلات هذه، وحتى الآن أرمينيا غير قادرة على إعطائنا آلية ضمان أمن مواطنينا، ومن دون هذه الضمانات لا يمكن عبور الممر، مما يفرغه من معناه ويجعله من دون أية فائدة".

ويضيف، "نحن بانتظار اقتراح واقعي وقابل للتنفيذ، وذلك مرتبط بإرادة سياسية ونحن نشدد على أن يقوم طرف ثالث بمهمة تأمين الحماية الأمنية للمعبر، كون الكل متفق على منافع هذه المشاريع وعوائدها الإيجابية".

ولدى سؤاله على الجهة التي يمكن لها أن تؤمّن سلامة الممر بعد استبعاد روسيا بسبب تدهور علاقاتها مع أرمينيا، يجيب ألتشين أمير بايوف بأنه "بعد حرب قرة باغ الأولى عام 2020، تعهد رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان بأن تقوم قوات حرس الحدود الروسية بتأمين سلامة هذا الخط الحديدي، ونحن اليوم في 2024 لكن أرمينيا ترفض قيام روسيا بهذا الدور بسبب تدهور العلاقات بين البلدين، وتقترح بأن تتولى أرمينيا سلامة الممر".

ويتابع، "هذا بالطبع ما ترفضه أذربيجان، ونحن نقدر الوضع في ظل تدهور العلاقات بين الطرفين الروسي والأرمني، وننتظر بأن تقدم أرمينيا اقتراحاً مقبولًا وأن يقوم طرف ثالث بتأمين حماية الممر، لكنهم لا يبدون أي اهتمام بالموضوع مما دفعنا إلى وقف المحادثات في هذا الشأن، ونحن أمام مأزق".

 

 

ويصف ممثل الرئيس الأذربيجاني للمسائل الخاصة بالأمر بالمؤسف بالنظر إلى الفوائد التي تعود على الطرفين من خلال فتح ممر زانغزور، فهو يكسر عزلة ناختشيفان، الجيب الأذربيجاني داخل أرمينيا والمتمتع بحكم ذاتي، التي يؤمن لها الممر اتصالاً جغرافيا مع البلد الأم أذربيجان، ومن الجانب الأرمني فإنه يصل أرمينيا حدودياً مع بلدان عدة في المنطقة ومن بينها تركيا وروسيا، وكذلك يؤمن مصالح الدول الأخرى سواء تعلق الأمر بأوروبا أو بالولايات المتحدة.

الألغام

من جهة ثانية تواجه أذربيجان منذ نهاية الحرب مشكلة الألغام التي تقدر بالملايين، وقد طالبت أرمينيا بخرائط تساعدها في انتزاعها، لكن كما يوضح التشين أمير بايوف فقد "نفت أرمينيا في البداية وجود هذه الخرائط، لكنها عادت واستجابت للضغوط الدولية وسلمت بعضها التي تبين لاحقاً أن مطابقتها لا تتعدى 20 في المئة وبالتالي لا يمكن استغلالها، وحتى اليوم استطعنا تنظيف 10 في المئة من مساحة الأراضي المزروعة بالألغام، مما يعني أن 90 في المئة من المساحة لا تزال بحاجة إلى نزع الألغام منها، وعلى مساحة تمتد لـ 11 ألف كيلومتر مربع زرع الأرمن الألغام طوال عقود، ولا تزال تتسبب بسقوط الضحايا إذ بلغ عدد الذين توفوا بسببها 400 شخص منذ نهاية الحرب".

ويشير الى أن هذه المشكلة تعوق عودة كثير من المهجرين إلى قراهم، إذ اضطر ما يقارب مليون أذربيجاني للمغادرة بداية التسعينيات عندما احتلت أرمينيا الإقليم. وتعتمد عمليات نزع الألغام على أموال الحكومة الأذربيجانية بنسبة 95 في المئة، أما النسبة الباقية فيقدمها متبرعون دوليون فيما تتولى العمليات شركة وطنية.

وكان سفير المهمات الخاصة لأرمينيا إدمون ماروكيان نفى في أغسطس (آب) 2023 اتهامات أذربيجان بأن أرمينيا تزرع الألغام، مؤكداً أن يريفان أعطت باكو جميع خرائط حقول الألغام كجزء من بناء الثقة، وذلك في رد على وسائل التواصل الاجتماعي.

الحياة الثقافية

وعن عودة الحياة الثقافية إلى إقليم قرة باغ، بخاصة أن سوشا كانت تعتبر العاصمة الثقافية في أذربيجان وقدمت كثيراً من الشخصيات الثقافية المعروفة، يشير التشين أمير بايوف إلى أن "العاصمة خانكندي كغيرها من المدن تشهد ورش إعادة تأهيل وإعمار ضخمة، وهي تأثرت أقل من باقي المدن التي دمرت بالكامل خلال عقود الاحتلال الأرمني، لكن خانكندي نجت لأن الأرمن عاشوا فيها بكثافة، كما أن جامعة خانكندي ستستقبل الطلاب مجدداً ابتداء من الشهر المقبل، والحياة تعود رويداً لسائر المناطق، أما سوشا فاستعادت نشاطها الثقافي كون ورش الإعمار تسير بوتيرة متسارعة بحسب رغبة رئيس البلاد إلهام علييف".

العلاقات مع إيران

في المقابل تعرضت العام الماضي سفارة أذربيجان لدى طهران إلى اعتداء، وعن العلاقة ما بين باكو وطهران يقول التشين أمير بايوف إن العلاقات مع إيران تحسنت خلال الأشهر الأخيرة بعد الاعتداء الذي تعرضت له السفارة في قلب طهران، إذ عمل الطرفان بعد ذلك على تطبيع العلاقات.

ويعتبر أن الانتخابات الأخيرة التي أوصلت مسعود بازكشيان إلى الرئاسة ستسهم في تدعيم هذا الاتجاه، مشيراً إلى أن إيران جارة تاريخية "ونتشارك معها أشياء عدة منها التاريخ والثقافة والدين، لذا نأمل في أن تكون علاقاتنا أكثر إيجابية وبناءة، أما في ما يتعلق بعلاقات أرمينيا بإيران فهي كانت جداً وثيقة منذ استقلال البلاد".

من جهة ثانية تسعى الجالية الأرمنية في الولايات المتحدة إلى استصدار قانون "لولر بالون" لمنع المساعدات العسكرية الأميركية لأذربيجان، ويأتي ذلك فيما تشهد الولايات المتحدة حملة انتخابية رئاسية حامية، "وهذا سيزيد حدة المحاولات من قبل المجموعة الأرمنية لاستصدار قوانين ضد المصالح الأذربيجانية بالاستناد إلى ثقلها الانتخابي".

ويوضح، "كنت أخيراً في زيارة إلى الولايات المتحدة ولمست من خلال لقاء شخصيات من وجهات مختلفة اهتماماً خاصاً لتطوير وتعميق العلاقات مع أذربيجان، بصفتها شريكاً مهماً في منطقة جنوب القوقاز، على الصعيدين الاقتصادي والجيو-إستراتيجي، بخاصة أن هذه العلاقات تستند إلى موقعنا على خريطة أمن الطاقة، وفي مجال محاربة الإرهاب".

ويشير إلى أن بلاده كانت أرسلت قوات لمحاربة الإرهاب إلى جانب الأميركيين في مناطق عدة ومنها العراق وأفغانستان وكوسوفو، مؤكداً أن الجنود الأذريين كانوا آخر من غادر مطار كابول عندما غادره الجميع.

قمة المناخ "كوب-29"

اختيرت باكو عاصمة أذربيجان لاستقبال قمة المناخ "كوب-29" في سبتمبر (أيلول) المقبل، ويمثل ذلك مسؤولية كبرى كما يعكس الثقة بقدرات أذربيجان، بحسب ناشطين في المجال.

ويوضح أمير بايوف "نحن على ثقة بقدرتنا على بناء جسور بين مجموعات مختلفة من البلدان، بخاصة في ما يتعلق بإرادة المجموعة الدولية لإيجاد حلول للمسائل المتعلقة بالتغير المناخي، فمسألة المناخ تشغل الجميع، وموقفنا يعتمد على التذكير بأنه ليس المهم إطلاق التصريحات، بل يجب أن تترافق بالأفعال الملموسة، ومن أجل ذلك يجب أن نكثف طموحاتنا وأفعالنا لأن تكون مسألة التحرر المناخي أولوية بالنسبة إلى الجميع".

ولم يكن أمام أذربيجان كما يشير المستشار التشين أمير بايوف فترة طويلة لتنظيم القمة، كون قرار اختيار باكو صدر في ديسمبر (كانون الأول) 2023، لكن فريق القمة يعمل مع شركاء أساس لإيجاد آلية تمويل المناخ، "فنحن بحاجة إلى التضامن بصورة أعمق بين الدول المتطورة والدول النامية لمواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي".

العلاقات مع فرنسا

وعن العلاقات الفرنسية - الأذربيجانية التي بدأت تسوء منذ نهاية 2020 وشهدت توتراً ملاحظاً خلال الربيع الماضي على وقع اتهامات متبادلة بين البلدين، يعلق ممثل الرئيس إلهام علييف بأنه "للأسف لا يمكن القول إن هذه العلاقات في طريقها إلى التحسن، إذ ما من شيء صدر بهدف محاولة تطبيع علاقاتنا التي تدهورت على إثر الموقف الرسمي الذي اتخذته فرنسا خلال الحرب الأخيرة في قرة باغ، وهذا على رغم موقع فرنسا كوسيط في المجموعة التي كانت مكلفة بإيجاد حل للنزاع مع 'مجموعة مينسك' وعلى رغم ذلك قررت الإدارة الفرنسية الحالية أن تنحاز الى أرمينيا، وهنا أيضاً على أساس حسابات سياسية داخلية في فترة انتخابية مهمة، وللتذكير فهناك 600 ألف مواطن أرمني يحملون الجنسية الفرنسية ويتمتعون بحق التصويت، وأعتقد أنه السبب الأساس للقطيعة مع الخط السياسي المتوازن الذي كانت فرنسا تتبعه سابقاً".    

ويتابع، "لكن فرنسا اليوم على ما يبدو لا تخفي دعمها القوي في المجالات كافة، حتى العسكري، في وقت نعمل مع أرمينيا على إيجاد حل سلمي وتحقيق السلام".

وإثر هجوم باكو، أعلنت فرنسا في بيان صادر عن وزارة الخارجية أن استدعاء سفيرتها لدى أذربيجان جاء بسبب مواصلتها خلال الأشهر الأخيرة اتخاذ إجراءات أحادية تلحق الضرر بالعلاقات" بين البلدين، كما جاء في البيان أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "أعرب عن أسفه لإجراءات أذربيجان وأمل في أن يوضح الجانب الأذربيجاني نواياه".

وأضاف البيان أن "فرنسا تجدد دعمها لتطبيع العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا باحترام القانون الدولي ووحدة أراضي البلدين. هذا التطبيع سيفيد الجانبين والمنطقة بأسرها"، وذلك بعدما أعربت باريس عن أسفها لتمديد باكو التوقيف الاحتياطي لمواطن فرنسي متهم بالتجسس، وشددت على رفضها لهذا الاتهام.

لكن بعد ثلاثة أسابيع على توقيفه، أعلنت باكو طرد اثنين من الدبلوماسيين الفرنسيين، قبل أن تعلن باريس في اليوم التالي عن إجراء مماثل رداً على الخطوة الأذربيجانية، في استمرار للتوتر في العلاقات الثنائية.

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات