ملخص
تنظر المؤسسة الأمنية في إسرائيل "بقلق إلى وضع الضفة، وإمكانية تحوّلها إلى جبهة ثالثة، لذلك فهي تقوم بضربات استباقية"
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل شاب فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي الاثنين بالقرب من مدينة قلقيلية بالضفة الغربية، فيما قال الجيش إنه "قام بتصفيته"لأنه أطلق النار على إسرائيلي.
وقالت الوزارة إن الهيئة العامة للشؤون المدنية أبلغتها بمقتل الشاب طارق زياد عبد الرحيم داود (18 سنة)، برصاص القوات الإسرائيلية قرب بلدة عزون شرق مدينة قلقيلية، شمال الضفة الغربية. وهذا يعني أن الجيش ما يزال يحتجز جثمان الشاب.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الشاب "أطلق النار على مدني إسرائيلي كان متواجداً في المدينة وأصاب فلسطينيَين آخرَين". وأضاف أن قواته لاحقته وقامت "بتصفيته" بالقرب من مدينة قلقيلية.
ويتلقى الإسرائيلي المصاب العلاج في المستشفى.
وقالت الاذاعة الاسرائيلية إن الإسرائيلي كان في ورشة لتصليح السيارات، في حين يُحظر على الإسرائيليين دخول البلدات والمدن الفلسطينية.
وقُتل ما لا يقل عن 618 فلسطينياً برصاص القوات الإسرائيلية والمستوطنين في الضفة الغربية منذ هجوم حركة حماس على جنوب اسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفقاً لإحصاء أعدته وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام فلسطينية رسمية.
وقُتل ما لا يقل عن 18 إسرائيلياً، بينهم جنود، في هجمات فلسطينية في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها، وفقاً لأرقام إسرائيلية رسمية.
اقتحامات مخيم جنين
في سياق متصل، وعلى رغم أن اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية أصبح مشهداً متكرراً خلال الأشهر الماضية، فإن بعض الأصوات الإسرائيلية تدفع باتجاه إخلاء المخيم من سكانه، وتكرار سيناريو قطاع غزة فيه.
ولا تكاد تلك القوات تخرج من مخيم جنين، ومخيمي طولكرم ونور شمس في طولكرم حتى تعود إلى تلك المخيمات، في ظل انتهاجها سياسة تدمير البنى التحتية فيها، وقتل فلسطينيين بهدف "إحباط هجمات مسلحة وشيكة".
وخلال اجتماعه بقادة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى استنساخ تجربة قطاع غزة في مخيم جنين، وإخلائه من سكانه.
"بؤر"
ووفق كاتس فإن "مخيمات اللاجئين هي بؤر للشر، ولا تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية وإنما لإيران"، لذلك "يجب إخلاء مخيم جنين للاجئين من المدنيين، ثم التعامل معه كما غزة".
وينتمي كاتس إلى حزب "الليكود" الإسرائيلي، ويسعى إلى زعامته لخلافة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ورفضت حركتا "فتح" و"حماس" دعوة كاتس باعتبارها انعكاساً "لعقلية الإبادة والإجرام، وإعلاناً مرفوضاً لمخططات الحكومة الإسرائيلية الإبادية".
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية أحمد مجدلاني أن دعوة كاتس "تُلخص رؤية الحكومة الإسرائيلية للحل عبر التهجير القسري والقتل، مع رفض الحل السياسي، والتنكر لقرارات الشرعية الدولية".
ووفق مجدلاني فإن تلك الدعوة تترافق مع إجراءات عملية ملموسة لتحويل مخيمات شمال الضفة إلى صورة طبق الأصل لما يجري في قطاع غزة، عبر الاقتحامات المتكررة، والتدمير المتعمد".
ورفض مجدلاني تصريحات كاتس بشأن مخيم جنين، مشيراً إلى أن تلك التصريحات "باطلة، وتُستخدم ذريعة للاعتداء على الفلسطينيين، وضرب البنية الاجتماعية والأمنية والاقتصادية في مخيمات اللاجئين".
70 عملية اقتحام
وأوضح أن ذلك يستهدف "خلق حالة من الفوضى في المخيمات لإحراج السلطة الفلسطينية وإضعافها عبر تقديمها بمظهر العاجز".
وخلال الأشهر الـ10 الماضية، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 140 فلسطينياً في مخيم جنين خلال أكثر من 70 عملية اقتحام.
واعتبر الباحث في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد أن اليمين القومي والديني الحاكم في إسرائيل يرى أن "لها الحق بالقيام بأي عمل لحماية الإسرائيليين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق أبو عواد فإن تلك الرؤية تأتي من "منطلقات أيديولوجية وسياسية، في ظل عدم وجود رد فعل دولي عملي على الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة".
وأشار إلى أن إسرائيل "تتخبط في الضفة الغربية، فعلى رغم عمليات القتل والتدمير فإنها لم تتمكن من إنهاء حالة المقاومة المسلحة المتصاعدة، بخاصة في شمال الضفة الغربية".
وأضاف أبو عواد أن تل أبيب تريد الوصول إلى "ابتكار جديد للتعامل مع الضفة الغربية بالحلول الأمنية فقط، مع تجاهلها الحل السياسي".
حسابات انتخابية
وأرجع أبو عواد أسباب استهداف إسرائيل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين إلى أن العقلية الإسرائيلية تستهدف "القضاء على تلك المخيمات وإزالتها من الوجود بسبب رمزيتها، وما تحمله من قضية اللاجئين الفلسطينيين".
وإضافة إلى ذلك يقول أبو عواد، "كاتس يريد ركوب موجة التطرف لقناعته بأنها تزيد من أسهمه الانتخابية".
ويرى الباحث السياسي سليمان بشارات أن دعوة كاتس "تنسجم مع رؤية وزراء الحكومة الإسرائيلية مثل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير".
وتقوم تلك الرؤية وفق بشارات على "تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن".
واعتبر أن "المشكلة الأكبر هي أن كاتس هو رأس الدبلوماسية الإسرائيلية، وواجهة إسرائيل في العالم".
وبحسب بشارات، فإن تلك الدعوة تتزامن مع ما يجري على الأرض من تعزيز للاستيطان، وتدمير البنية التحتية في المخيّمات، وقتل عشوائي لأبنائها".
وأوضح بشارات أن دعوة كاتس "ليست وليدة اللحظة، أو رد فعل على حدث معين، لكنها تأتي ضمن سياسة ممنهجة... لقد وصلنا إلى أعتاب مرحلة لتطبيق سياسة القتل الممنهجة".
ووفق بشارات، فإن إسرائيل "لا تنقصها الذرائع للهجوم على المخيّمات، وترى بأن الوقت الحالي حيث تستمر الحرب في غزة هو الأنسب لتنفيذ مخططات تهجير أبناء المخيمات".
تصريحات "غير مُنعزلة"
بدوره، يرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور أن تصريحات كاتس "غير مُنعزلة عن سياسة حكومة نتنياهو الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية عبر اتباع سياسة التصعيد".
وبحسب منصور فإن الضفة الغربية "تدفع ثمن استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وتركيز العالم عليها".
وأشار إلى أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل "تنظر بقلق إلى وضع الضفة، وإمكانية تحوّلها إلى جبهة ثالثة، لذلك فهي تقوم بضربات استباقية".
وأوضح أن تلك السياسة أثبتت التجارب السابقة "فشلها في القضاء على المقاومة، وفرض الاستسلام على الفلسطينيين".
واعتبر الباحث السياسي جهاد حرب أن "محاولة شيطنة مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين من قبل المسؤولين الإسرائيليين امتداد للمعركة في قطاع غزة، ومحاولة لنقلها إلى الضفة الغربية".
وأشار حرب إلى أن كاتس بتلك الدعوة "يكون قد بدأ حملته الانتخابية مبكراً عبر محاولة كسب تأييد المستوطنين في الضفة الغربية".
ووفق حرب، فإن "المعضلة تكمن في استمرار الاحتلال الإسرائيلي"، مضيفاً أن "إنهاءه يقضي تلقائياً على الظواهر المسلحة".