Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا جاءت نتائج مصر مخيبة في أولمبياد باريس؟

إنجازات وإخفاقات في بعثة "الفراعنة" .. والعقلية والتأهيل النفسي كلمة السر

البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024 (أ ف ب)

ملخص

غياب الطب النفسي في الأجهزة الفنية المصرية يتسبب في إهدار إنجازات وفرص تاريخية، وميدالية الجندي تؤكد دور العقلية في صناعة الأبطال

حققت البعثة المصرية في دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في باريس أخيراً ثلاث ميداليات فقط في حصيلة مخيبة للآمال، بعد أن كانت البعثة الأكبر عربياً في هذه النسخة، ولكن أهدرت كثيراً من الفرص التي كانت قريبة لتحقيق إنجازات وميداليات أخرى.

وحصدت البعثة المصرية في بداية الأولمبياد برونزية سلاح المبارزة عن طريق محمد السيد بعد الفوز على منافسه المجري أندراسفي تيبور بنتيجة (8-7)، وانتظرت حتى اليوم قبل الأخير من المنافسات لتحصد فضية سارة سمير في رفع الأثقال لوزن 81 كيلوغراماً بالفضية، بعد رفع مجموع أوزان 268 كيلوغراماً، وبعدها ذهبية الخماسي الحديث عن طريق أحمد الجندي الذي حقق رقماً أولمبياً عالمياً.

ما بين البرونزية في بداية المنافسات والفضية والذهبية في اليوم قبل الأخير، أهدر الرياضيون المصريون بمختلف الألعاب كثيراً من الفرص لتحقيق إنجازات خاصة بهم، وهو كما الحال في البطولات الكبرى دائماً ما يحدث لهم، عندما يكونون على بعد خطوات قليلة من تحقيق الإنجازات يهدرون الفرصة بغرابة كبيرة، ولا سيما منتخبي القدم واليد في أولمبياد باريس الذي انتهت منافساته أمس الأحد، بعد أن كان الفريقان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أول ميدالية في تاريخهم في مشاركات الأولمبياد على الإطلاق.

في البداية كانت مع فريق كرة اليد، الذي يعد مصنفاً من بين الأفضل في العالم، بعد أن تأهل من دور المجموعات في المركز الثالث في مجموعة تضم منتخبات قوية على رأسها الدنمارك والنرويج وفرنسا والأرجنتين والمجر، وفي ربع النهائي أمام نظيره الإسباني بعد أن كان مسيطراً طوال اللقاء وكان وصل الفارق لأربعة أهداف، خسر بعد أن امتدت المباراة إلى أشواط إضافية بعد التعادل ليخسر المواجهة بنتيجة (29-28) على رغم تفوقه معظم المواجهة.

وتكرر ذلك بعد أن كانوا قريبين من التأهل لنصف نهائي بطولة العالم على أرضهم ووسط جماهيرهم في عام 2021، وبعد أن كانوا متقدمين على الدنمارك أهدروا الفرصة أيضاً وخسروا بركلات الترجيح.

ويظهر تراجع الأداء والتوتر وعدم استغلال الفرصة بهبوط مستوى المنافس على منتخب مصر لكرة اليد، وهو ما يتسبب في خسارتهم لكثير من المباريات والبطولات الكبرى، وذلك قد يعود لعدم التأهيل النفسي جيداً، على رغم أن هناك كثيراً من اللاعبين ذوي الخبرة الكبيرة في صفوف منتخب "الفراعنة" لليد.

وقال نجم منتخب مصر السابق لكرة اليد ومدرب حراس نادي الزمالك حالياً محيي صلاح في تصريحات لـ"اندنبدنت عربية" عن المشاركة الأخيرة في الأولمبياد "المنتخب الحالي لديه كثير من الخبرات، ولكن هناك علامات استفهام على اختيارات المدير الفني، وشخصية المدرب باستور ضعيفة إلى حد ما، وهو ما قد يظهر المنتخب متراجعاً في بعض أوقات المباريات".

وعن حاجة اللاعبين إلى تأهيل نفسي قبل اللقاء أم لا؟ قال صلاح "لاعبو اليد خصوصاً يمتازون بالعقلية المميزة، فهم لا يفرقهم شيء عن اللاعب الأوروبي، فلدينا كثير من المحترفين أمثال يحيى خالد ويحيى الدرع وشقيقه سيف والحارس محمد علي، ولا يحتاجون إلى التأهيل النفسي، لأن أسرة كرة اليد دائماً تعرف ماذا تفعل واللاعبون ذوو عقلية كبيرة ومحترفة، ولذلك لم يصطحب المنتخب مؤهلاً نفسياً في الجهاز الفني، ولكن الأزمة تكمن في منظومة كرة اليد التي تحتاج إلى تجديد دماء كلياً وليس في عناصر المنتخب فقط".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يحتج منتخب اليد طوال السنوات الماضية إلى مؤهل نفسي، ولم يضم ضمن جهازه الفني هذا المنصب مطلقاً، وهذا ما يشير إلى ثقة اللاعبين الكبيرة في إمكاناتهم، ولكن يأتي ذلك في بعض الأحيان بأثر عكسي بالتوتر وتراجع المستوى والأداء وإهدار بعض الفرص التي لن تتاح مرة أخرى في البطولات الكبرى.

وعلق الطبيب النفسي السابق في النادي الأهلي محمد فكري على هذا الأمر قائلاً "منصب المؤهل النفسي داخل الفرق بصورة عامة مهم جداً، كل دول العام المتحضر يفعلون ذلك، والدليل أن منتخب اليد يدخل المباراة منذ بدايتها متوتراً فيتأخر في النتيجة، أو يتوتر عندما يكون فائزاً في نهاية اللقاء".

وفي السياق نفسه أهدر منتخب كرة القدم فرصة كبيرة في ضمان ميدالية للمرة الأولى في تاريخه بالأولمبياد بعد الوصول لنصف النهائي أمام فرنسا، وإهدار فوز كان قريباً للغاية بعد أن كان متقدماً على أصحاب الأرض بنتيجة (1-0) حتى الدقائق الأخيرة.

وأطلق بعض اللاعبين بعد نهاية مشاركة منتخب مصر الأولمبي لكرة القدم في الأولمبياد، تصريحات تدل على عدم الوعي الكافي، فمنهم لاعب المصري البورسعيدي محمد طارق الذي قال "المنتخب المغربي لم يهدد مرمانا سوى ست مرات فقط أحرزوا منها الأهداف"، علماً أن المباراة انتهت بفوز "أسود الأطلس" بنتيجة (6-0).

وعلق فكري على هذا الأمر قائلاً "نعم اللاعبون يحتاجون إلى تأهيل نفسي، خصوصاً في الأحداث الكبيرة، وبخاصة في المواجهات الكبيرة، وتصريحات اللاعبين بعد نهاية المشاركات تدل على ذلك".

أخطاء المسؤولين

ظهر المسؤولون في البعثة المصرية بالأولمبياد يحفزون اللاعبين على تحقيق الميداليات في الألعاب المختلفة، ولكن اختلف رأي الطب النفسي في هذا الأمر كونه تحفيزاً أم أنه يزيد الضغط على الرياضي.

وقال فكري "الرياضي يذهب إلى الأولمبياد يعرف أنه مطالب بتحقيق ميدالية، فالتحفيز الزائد يضع حملاً عليه ولا يعد هذا تشجيعاً، وما يدل على ذلك تصريحات بطل السلاح المصري زياد السيسي المصنف الأول في لعبته بعدما كان مرشحاً للتتويج بميدالية ولكنه لم يوفق، وقال بعد انتهاء مشاركته إنه تشتت تركيزه".

ماذا فعل الجندي؟

وعلى رغم الفرص التي أهدرتها البعثة المصرية في مختلف الألعاب، نجح الثنائي الجندي في حصد ذهبية وسارة سمير فضية، فما المختلف الذي فعله الثنائي لتحقيق ذلك؟

قال الطبيب الخاص بأحمد الجندي في تصريحات لـ"اندبندنت عربية" عن مشاركة اللاعب إن "أحمد الجندي يحافظ على تدريباته بشكل مثالي، ودليل ذلك أنه لم يتعرض لأية إصابة عضلية خلال الفترة التي قضاها معي، إضافة إلى عقليته التي أسهمت بصورة كبيرة في تحقيق هذا الإنجاز، وهذا يشكل فارقاً واضحاً بين الرياضي والآخر، بجانب الحفاظ على المتابعة مع اختصاصي تأهيل نفسي من أجل تعلم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة أثناء المنافسات".

ويؤكد ذلك تصريحات الطبيب النفسي محمد فكري، إذ قال "أحمد الجندي في لقاءات سابقة أكد أنه يخضع لبعض جلسات اليوغا والاسترخاء تسهم في تركيزه وهدوئه النفسي".

فضية سارة

أكد المدرب الخاص بسارة سمير التعامل معها نفسياً قبل انطلاق منافسات رفع الأثقال، من أجل فصلها عن ردود الفعل السلبية.

وقال حسن في تصريحاته "سارة لم تكن في حالة نفسية جيدة بسبب غيابها عن نسخة الأولمبياد في طوكيو 2020، ولكن تمكنت من تحويل ذلك لدافع نفسي قوي وإيجابي لتحقيق إنجاز في باريس، وكنت أعقد معها جلسات تهدئة من أجل التهيئة النفسية قبل المشاركة، وكنت أرى أن لديها قلقاً وتوتراً، ولكن في صورة إيجابية".

ويختصر ذلك في أن العقلية تلعب دوراً مهماً مع الرياضي المصري، ولكن تحتاج إلى التعامل النفسي قبل المشاركة في أية بطولات مثلما فعل أحمد الجندي حتى تهيئه لتحقيق الإنجاز، لأن ما حدث مع منتخب اليد أن اللاعبين أصحاب خبرات كبيرة ومعظمهم محترفون في الخارج ويتعاملون باحترافية، ولكن فقدوا الطبيب النفسي في الجهاز الفني، إذ كان سيلعب دوراً مهماً في التعامل مع المواقف الصعبة للمرور بها بأمان.

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة