ملخص
تتحرك الحكومة البريطانية الجديدة بنوع من الحذر في سياساتها تجاه الولايات المتحدة إلى حين حسم نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، فوزير الخارجية ديفيد لامي ومسؤولون في السلك الدبلوماسي للمملكة المتحدة أساؤوا في تصريحاتهم ومواقفهم لدونالد ترمب عندما سكن البيت الأبيض قبل أعوام، ولا يوجد ما يدلل على استعداده للغفران.
تترقب الدبلوماسية البريطانية نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة باهتمام يفوق نظيراتها في الدول الأوروبية الأخرى، والسبب أن القائمين على أمر وزارة الخارجية في لندن كانوا يوماً على خصومة مع دونالد ترمب خلال ولايته بين 2016 و2020، وسجلوا من المواقف والتعليقات ضده حينها ما يستدعي القلق إذا رفض ترمب غفرانها.
وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي قال يوماً إن ترمب "عنصري ومختل اجتماعياً ومتعاطف مع النازية"، وقبل أشهر من فوز حزب العمال بالسلطة في الخامس من يوليو (تموز) الماضي، سافر إلى واشنطن لتلطيف الأجواء مع الجمهوريين والتقى مقربين للرئيس الأميركي السابق، من بينهم مدير حملته الانتخابية الحالية كريس لاسيفيتا وإلبريدج كولبي الذي يتوقع أن يحصل على منصب مستشار الأمن القومي في حال عودة ترمب إلى السلطة.
استغل لامي حينها الغضب الأوروبي من تصريحات ترمب حول "الناتو" وحاجة دول الأعضاء في القارة العجوز إلى زيادة إنفاقها العسكري، فأظهر تفهماً كبيراً لما قاله الرئيس السابق وبرره بالقول إن سياسته كانت فاعلة لحث الأوروبيين على الوفاء بالتزاماتهم للحلف، وقد ظهرت أهميتها بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا وتهديد موسكو لأمن أوروبا والعالم.
صحيفة "ذا غارديان" نشرت تقريراً عقب زيارة لامي إلى واشنطن في مايو (أيار) الماضي قالت فيه إنها كانت موفقة، واستدعت المقارنة بين لامي وإميلي ثورنبيري في حكومة الظل العمالية بعهد الزعيم السابق للحزب جيريمي كوربين، إذ إن ثورنبيري اضطرت إلى إلغاء رحلتها لواشنطن قبل أعوام بعد أن رفضت إدارة ترمب استقبالها تماماً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومشكلة وزير خارجية بريطانيا مع ترمب تنسحب على وزير شؤون أميركا الشمالية في لندن ستيفن دوتي ووزيرة شؤون المحيطين الهندي والهادئ كاثرين ويست اللذين أيدا اقتراحاً برلمانياً في نيسان (أبريل) 2019 يدعو الحكومة حينها برئاسة تيريزا ماي إلى إلغاء زيارة دولة مقررة للرئيس الأميركي السابق بوصفه "عنصرياً وكارهاً للنساء".
مجلة "بوليتيكو" نقلت عن السفير الأميركي السابق في بريطانيا وودي جونسون، آخر سفير في عهد ترمب، أن "الناس سيتذكرون جميع التعليقات ’غير الحكيمة‘ التي صدرت من وزير الخارجية البريطاني وغيره من المسؤولين في المملكة المتحدة بحق ترمب"، فيما قالت للصحيفة ذاتها، رئيسة قسم السياسة الخارجية في مركز "بوليسي إكستشينج" صوفيا جاستون إن "الكلمات مهمة عندما يتعلق الأمر بالسياسة والعلاقات الشخصية".
بحسب "بوليتيكو" أيضاً لم تعين حكومة لندن بعد سفيراً جديداً لها في الولايات المتحدة بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، ووفق تقرير حديث لمركز الإصلاح الأوروبي يعتقد عدد من صناع السياسات في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بأنه من الممكن إدارة العلاقة مع ترمب إذا أصبح رئيساً ثانية، ولكنهم في الوقت ذاته يتحوطون ضد الأسوأ، ومن المرجح أيضاً أن تعزز عودة ترمب العلاقات الثنائية بين الطرفين في مجالات عدة.
الضبابية في مصير الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، بالتالي مستقبل العلاقات بين لندن وواشنطن ألقت بظلالها على السياسة البريطانية الخارجية منذ اللحظة الأولى لتكليف ديفيد لامي منصب الوزير، إذ إنه تجنب ذكر الولايات المتحدة في خطابه الأول وقال إن المملكة المتحدة ستعيد ضبط علاقاتها مع أوروبا في ما يخص المناخ، وستبدأ مرحلة جديدة في ما يتعلق بتحقيق الأمن الأوروبي والأمن العالمي والنمو البريطاني".
من وجهة نظر رئيسة المعهد "الملكي للخدمات المتحدة" كارين هيبل، تحتاج بريطانيا إلى تحسين علاقاتها مع أوروبا سواء كان ترمب أو منافسته على رأس السلطة في البيت الأبيض، فإن عاد الرئيس الأميركي السابق وجدت لندن صعوبة في التفاهم معه حول كل القضايا التي تهمهما مثل حرب أوكرانيا، وإن فازت كامالا هاريس فلن يكون من السهل الحصول على دعم الكونغرس المنقسم في شأن القضايا المهمة ذاتها للمملكة المتحدة.