Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آلان ديلون... كيوبيد الشاشة يغمد سهامه

جسد في مسيرته ازدواجية "الظل والنور" وأكد دائماً أنه ليس مجرد مؤد بل فنان حقيقي يعيش أدواره بالكامل

أصبح ديلون نجماً في فرنسا وحظي بالإعجاب الشديد من الرجال والنساء حول العالم (أ ف ب)

ملخص

يتمتع آلان ديلون "بشخصية مدمرة للذات إلى حد ما، ويبحث عن هويته الخاصة". توصيف أطلقه المخرج جوزيف لوسي الذي تعاون مع الممثل في فيلم "موسيو كلاين" عام 1976. كما وصفه بأنه رجل "تراجيدي"، في رسالة من المخرج إلى زوجة ديلون في العام نفسه.

تودع السينما الفرنسية بوفاة آلان ديلون اليوم الأحد، نجماً سينمائياً أسطورياً أبهر بجماله وجاذبيته كبار المخرجين وشكل لعقود طويلة أحد أعظم الأسماء في مجاله، قبل أن ينكفئ في آخر عمره وسط مشكلات عائلية بين أبنائه.

"الظل والنور" ازدواجية جسدها الممثل طوال حياته وشكلت الأساس في شخصية ممثل لا يسعى إلى أن يكون محبوباً، ولا يتوانى عن الإفصاح بمكامن المرارة والازدراء إزاء سلوكيات الآخرين.

يتمتع آلان ديلون، الذي يشبه في بعض صفاته كيوبيد إله الحب عند الرومان القدماء بسهامه التي لا تطيش أبداً، "بشخصية مدمرة للذات إلى حد ما، ويبحث عن هويته الخاصة". توصيف أطلقه المخرج جوزيف لوسي الذي تعاون مع الممثل في فيلم "موسيو كلاين" عام 1976. كما وصفه بأنه رجل "تراجيدي"، في رسالة من المخرج إلى زوجة ديلون في العام نفسه.

ودأب ديلون على التأكيد أنه ليس مجرد مؤد للشخصيات، بل ممثل حقيقي "يعيش" أدواره، على رغم أنه لم يكن يحلم بالسينما في سن المراهقة.

وبأدواره المختلفة، من سفاح ذي عيون زرقاء في "بلان سولاي" (1960)، إلى قاتل مأجور قليل الكلام في "لو ساموراي" (1967)، مروراً بالميكانيكي السكير في "نوتريستوار" (1984)، أسر آلان ديلون بنظرته وحركاته جمهور السينما.

الـ30 المجيدة

وأثار إعجاباً كبيراً لدى المخرجين في الأعوام التي عرفت بالـ30 المجيدة (1945-1975)، في فرنسا كما في إيطاليا (بينهم كليمان وفيسكونتي وأنطونيوني وملفيل ولوسي)، مع استثناء ملحوظ لسينمائيي الموجة الجديدة الذين "لم يرغبوا بالتعامل معي".

وقال آلان ديلون، المولود في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) 1935 في سو بضواحي باريس، إنه لم يكن سعيداً في الطفولة، إذ تقلبت حياته بين عائلتين إثر انفصال والديه وتكوين كل منهما أسرة جديدة. وبعدما كان مقدراً له في بداية حياته أن يصبح متخصصاً في مجال بيع اللحوم، ترك ديلون كل شيء وانضم إلى مشاة البحرية في الهند الصينية في سن الـ17.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان عمره 20 سنة عندما عاد إلى باريس، إذ فتحت له وسامته أبواب السينما. وقد ظهر لأول مرة عام 1957 في فيلم "عندما تتدخل المرأة" (Quand la femme s'en mele)  للمخرج إيف أليغريه.

وبعد عام، التقى برومي شنايدر التي كانت قد حققت نجومية كبيرة بالفعل بشخصية "سيسي" إمبراطورة النمسا. تلا ذلك علاقة غرامية عاصفة بينهما حظيت باهتمام إعلامي واسع واستمرت خمسة أعوام.

وقد حققت مسيرته المهنية حينها نجاحاً سريعاً. وصور على مدى أعوام بعضاً من أهم روائع الأعمال السينمائية الفرنسية، أبرزها "بلان سولا" و"باري برول تيل" (رينيه كليمان)، و"روكو أي سي فرير"، و"لو غيبار" (لوشينو فيسكونتي)، و"ليكليبس" (مايكل أنجلو أنطونيوني)، و"لو ساموراي"، و"لو سيركل روج"، و"أن فليك" (جان بيار ملفيل) و"لا بيسين" و"بورسالينو" (جاك دوري).

تحت إشراف امرأة

على رغم من تصويره نحو 100 فيلم، بعضها دخل تاريخ السينما من بابه العريض، فإن آلان ديلون حصد في مسيرته جائزة "سيزار" واحدة فقط (عام 1985 عن فيلم "نوتريستوار" للمخرج برتران بلييه) وحصل على "السعفة الذهبية" الفخرية في مهرجان "كان" عام 2019.

بعد بضعة أسابيع من تسلمه "السعفة" الفخرية، أصيب بسكتة دماغية تعافى منها بصعوبة لأنه كان يعاني أيضاً من سرطان الغدد الليمفاوية.

وانقطع الممثل عن تصوير الأفلام منذ أعوام، إذ قال في مقابلة مع صحيفة "لو موند" الفرنسية عام 2018 "لقد مات المخرجون الذين كنت أستطيع التصوير معهم". لكنه كان يريد "قبل أن يموت، أن يصنع فيلماً تحت إشراف امرأة".

واحتجت ناشطات نسويات أميركيات بشدة خلال تكريم الممثل الفرنسي في مهرجان "كان"، ووصفنه بأنه "عنصري ومعاد للمثليين وكاره للنساء".

وتعليقاً على ذلك رد تييري فريمو المندوب العام للمهرجان قائلاً، "لن نمنح جائزة (نوبل) للسلام لآلان ديلون، بل سنمنحه (السعفة الذهبية) الفخرية عن مسيرته التمثيلية".

وقد اعتاد آلان ديلون في سنوات عمره المديد إثارة الجدل، مع تصريحاته الحادة حول النساء أو العالم الحالي (الذي قال إنه "يتقيأه")، والتعاطف المعلن مع اليمين (خلافاً للاتجاه السائد في أوساط السينما) وعادته النافرة بالتحدث عن نفسه بضمير الغائب.

ولا يمكن إغفال علاقاته الخطرة في مراحل معينة مع بعض رجال العصابات. وقال ديلون عام 2021 "لقد تعاملت كثيراً مع عصابات الجريمة المنظمة، حتى إنني كنت على تماس مباشر معها".

في عام 1968، عثر على صديقه المقرب ستيفان ماركوفيتش مقتولاً في غابة، وقد خضع الممثل للاستجواب في القضية التي تحولت إلى قضية دولة.

ولع بديغول

وأعلن ديلون أنه استمد من النساء "دافعه ليكون ما هو عليه"، ومن بينهن رومي شنايدر، وناتالي ديلون التي ارتبط بها عام 1964 في زواجه الوحيد (وهي أم ابنه أنتوني)، وميراي دارك شريكة حياته خلال 15 عاماً، والهولندية روزالي فان بريمن التي أنجب منها أنوشكا وآلان فابيان.

وكان ديلون عاشقاً للفن وهاوياً للجمع (اللوحات، والنبيذ، والأسلحة...)، وكان أيضاً من أشد المعجبين بالجنرال شارل ديغول، وقد اشترى المخطوطة الأصلية لنداء الـ18 من يونيو (حزيران) في مزاد علني لتقديمها إلى بلاده.

وتصدر ديلون عناوين الأخبار في صيف 2023 عندما رفع أبناؤه الثلاثة دعوى ضد المعاونة المنزلية للنجم هيرومي رولان، التي يقال أحياناً إنها شريكته، متهمين إياها بـ"استغلال ضعف" والدهم. وقد ردت الشكاوى وأغلق الملف.

ثم خاض أولاده عام 2024 معارك في ما بينهم عبر الإعلام والقضاء. واتهم الابنان أختهما بالتلاعب بوالدهما الذي كان يعاني سرطان الغدد الليمفاوية وأصيب بجلطة دماغية عام 2019، وإخفاء حقيقة وضعه الصحي عنهما.

حبيبات وصديقات وابنة

من دون النساء والممثلات، سواء كن حبيبات أو صديقات أو ابنة، ما كان آلان ديلون، بحسب تعبيره، سوى "ظل الممثل والرجل" الذي كان عليه، لكن ذلك لم يجنبه اتهامه بكراهية النساء.

وقال عندما كان يبلغ 87 سنة، في مقدمة سيرته الذاتية "آلان ديلون، أمور إيه ميموار"، "لم أحلم مطلقاً بأن أصبح ممثلاً. دخلت المهنة وواصلت التمثيل للنساء ومن أجلهن"، مشيراً إلى أسماء أنثوية في المجال السينمائي منهن بريجيت أوبير، ورومي شنايدر، وناتالي ديلون، والدة أنتوني نجله الأكبر، وميريل دارك، إضافة إلى والدة ولديه الأخيرين عارضة الأزياء روزالي فان بريمن.

وعمل ديلون أيضاً مع جين فوندا، وأني جيراردو، وكلوديا كاردينالي، وماري لافوريه، وجين مورو، وسيمون سينيوريه، وكاترين دونوف.

واعتبرته ناشطات نسويات "عنصرياً ومعادياً للمثليين وكارهاً للنساء"، وعارضن منحه سعفة ذهبية فخرية في مهرجان "كان" السينمائي عام 2019.

 

 

وقال لصحيفة "جي ديه ديه" مدافعاً عن نفسه، "هل قلت إنني صفعت امرأة؟ نعم. وكان علي أن أضيف أنني تلقيت صفعات أكثر مما وجهت. لم أتحرش في حياتي بأي امرأة".

وأول امرأة يشيد بها هي والدته إديت الملقبة "مونيت" التي أنجبته عام 1935.

وفي مقابلة أذيعت نهاية عام 2018 عبر قناة "فرانس 2"، تحدث أيضاً عن "شغف مجنون" بمريم العذراء.

خلال خمسينيات القرن الماضي، أسهمت شابتان في إطلاق مسيرة ديلون، هما شريكته بريجيت أوبر التي عرفته إلى ميشيل كوردو، زوجة المخرج إيف أليغريه، والتي أصبحت أيضاً عشيقته.

وقال "فرضتني على زوجها الذي أعطاني أول دور لي في (كان لا فام سان ميل) عام 1957".

قصة حب رومانسية

عاش آلان ديلون بعد ذلك قصة حب رومانسية مع ممثلة شابة مولودة في فيينا وسافرت إلى فرنسا هي رومي شنايدر، التي تعرف إليها خلال تصوير فيلم "كريستين" عام 1958، وأصبحا خطيبين في العام التالي، وكان ديلون يبلغ 23 سنة وكانت شنايدر في الـ20 من عمرها، كانا ثنائياً "مذهلاً" لخمسة أعوام.

في عام 1964، ترك الممثل الفتاة الشابة للارتباط بفرانسين كانوفاس (المعروفة باسم ناتالي ديلون)، وتزوجها (زواجه الوحيد) وأنجب منها ابناً هو أنتوني الذي ولد في العام نفسه.

لكن رابطاً راسخاً استمر في جمعه برومي شنايدر، فالممثلة تشبثت بذراعه في يوم جنازة ابنها ديفيد البالغ 14 سنة عام 1981. وعندما ماتت بعد عام، كتب لها ديلون "أحبك يا دميتي الصغيرة".

وكان الممثل يفضل وصفه بـ"الساحر" لا "المغوي" لأن "الإغواء يتم عن سابق تصميم، على عكس السحر"، بحسب قوله.

 

 

وقيل إن علاقات جمعته بالمغنية داليدا، ومادلي بامي (الشريكة المستقبلية للمغني جاك بريل) والمغنية نيكو التي أكد ابنها آري بولوني (ولد عام 1962 وتوفي عام 2023)، طوال حياته أنه ابن آلان، إلا أن النجم الفرنسي لم يعترف بهذه الأبوة.

وتشارك الممثل الحياة مع الممثلة ميراي دارك بين عامي 1968 و1983. وقالت ذات مرة، "لقد مررنا بفشل فعلي، ولم أستطع إنجاب طفل". غير أنه قال عند وفاتها عام 2017 "كانت امرأة حياتي، ومن دونها يمكنني الرحيل أيضاً".

وبعد قصة حب مع الممثلة آن باريو، عاش ديلون منذ نهاية ثمانينيات القرن الـ20 وحتى عام 2001 مع الهولندية روزالي فان بريمن. وقد أنجب الثنائي طفلين عامي 1990 و1994، هما أنوشكا (المفضلة لديه، التي يصفها دائماً بأنها "امرأة حياته") وآلان فابيان.

في الـ80، تقاعد في منزله في دوشي مع هيرومي رولين التي كان يقدمها على أنها مدبرة منزله لكنها وصفت نفسها بأنها حبيبته، حتى طردها أبناء الممثل في صيف 2023، متهمين إياها بإساءة معاملته.

أبناء ودعاوى

وكانت أنوشكا، ابنة الممثل الفرنسي آلان ديلون، رفعت دعوى قضائية ضد شقيقيها بتهمة انتهاك الخصوصية بعدما نشرا محادثة بينها ووالدها، وستجرى المحاكمة في أبريل (نيسان) 2025 في محكمة باريس.

وسيحاكم نجلا أسطورة السينما الفرنسية أنتوني (59 سنة) وآلان فابيان (29 سنة) بتهمة "استخدام أو حفظ أو الكشف عن وثيقة أو تسجيل تم الحصول عليه عن طريق انتهاك خصوصية الآخرين".

والشقيقان متهمان بتسجيل محادثة شقيقتهما أنوشكا (33 سنة)، مع والدهم بتاريخ الخامس من يناير (كانون الثاني) 2024 بمقر إقامة الممثل في دوشي على بعد حوالى 100 كيلومتر جنوب باريس.

وبعد يومين نشر الشقيقان عبر حسابهما في "إنستغرام" ما قالا إنه تسجيل لمحادثة بين آلان ديلون وابنته.

ويسمع في المقطع صوت امرأة تخاطب رجلاً تناديه "بابا".

المزيد من فنون