Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل حافظت "القبعات الزرقاء" على السلام في العالم؟

خلال العقدين الأخيرين تغيرت أنواع النزاعات والحروب ولم تعد كلاسيكية على حدود بين دولتين يمكن فضها بقوات أممية

صورة أرشيفية لوصول أكثر من 100 جندي نيبالي من قوات حفظ السلام إلى جوبا لدعم المكون العسكري لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان عام 2014 (موقع قوات حفظ السلام)

ملخص

تطلب الدول المتنازعة بعد استنفاد وسائل الدبلوماسية أو بعد امتداد الحرب بينهما من دون نتيجة من الأمم المتحدة أن تتدخل للفصل في النزاع إما بالوسائل الدبلوماسية والسياسية أو عسكرياً من خلال نشر قوات بين الدولتين المتنازعتين وكانت أول عمليتين لحفظ السلام نفذتهما الأمم المتحدة هما "هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة" خلال عام 1948 وفريق "مراقبي الأمم المتحدة العسكريين في الهند وباكستان" خلال عام 1949.

تطلب الدول المتنازعة بعد استنفاد وسائل الدبلوماسية أو بعد امتداد الحرب بينهما من دون نتيجة من الأمم المتحدة أن تتدخل للفصل في النزاع إما بالوسائل الدبلوماسية والسياسية أو عسكرياً من خلال نشر قوات الأمم المتحدة بين الدولتين المتنازعتين. وقد تأسست الأمم المتحدة خلال عام 1945 من أجل هذه المهمة المركزية أي صون السلم والأمن الدوليين، على أن تحقق الأمم المتحدة ذلك من خلال العمل على منع الصراع في الأصل، أو مساعدة أطراف النزاع على اللجوء إلى السلام بينهم، أو تلجأ إلى نشر قوات حفظ السلام لفرض السلام بقوة جيش القبعات الزرقاء والآليات البيضاء.

هل نجحت قوات السلام؟

خلال عام 2024 ما زالت 12 عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة منتشرة في عدد من دول العالم، وانخفض هذا الرقم من 71 عملية نشر لقوات حفظ السلام بدأت منذ عام 1948. وهذا الانخفاض الواضح في العمليات حول العالم منذ الحرب العالمية الثانية إنما يرجعه المتفائلون في العمل الأممي والدولي إلى نجاح عمليات حفظ السلام في تأدية مهامها.

ومن الأمثلة على العمليات التي أدت إلى تحقيق السلام بسبب تدخل الأمم المتحدة السلام في ساحل العاج حين أرسلت بعثة عسكرية خلال عام 2004 لتنتهي مهمتها عام 2017. والأمر نفسه لعملية الأمم المتحدة في موزمبيق عام 1992 التي انتهت مهمتها بعد تنفيذ اتفاق السلام الذي وقع عليه رئيس جمهورية موزمبيق ورئيس المقاومة الوطنية الموزمبيقية. 

ونجحت بعثة الأمم المتحدة لجمهورية جنوب السودان في تدعيم السلم والأمن وإقامة الظروف الملائمة للتنمية، وتمكين حكومة جمهورية جنوب السودان من الحكم بفعالية وإرساء علاقات جيدة مع جيرانها. 

 

وفي أميركا اللاتينية نجحت بعثة غواتيمالا في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار النهائي بين حكومة غواتيمالا والاتحاد الثوري الوطني الغواتيمالي الذي أنهى الحرب الأهلية في غواتيمالا عام 1997. وهناك أمثلة كثيرة على مهام بعثات حفظ السلام الناجحة منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945. 

حفظ السلام أو قوات فصل أو قوات طوارئ

تعتمد عمليات حفظ السلام الأساليب التقليدية لتسوية المنازعات سلمياً كالمساعدة على تنفيذ اتفاق سلام أو الوساطة والمساعي لوقف النزاع، أو قد تلجأ إلى القيام بأعمال عسكرية ملزمة لو صدرت تحت الفصل السابع من الميثاق. ومجلس الأمن هو جهاز الأمم المتحدة المسؤول عن السلم الدولي فيقرر أين توجد التهديدات، أو يقوم بتصنيف عمل ما بأنه من أعمال العدوان بحسب القانون الدولي عموماً، عدا عن الحالات التي تكون فيها التحالفات السياسية داخل المجلس أكثر قوة من القانون الدولي نفسه. 

وعلى رغم أن قرار إرسال قوات حفظ سلام أممية يصدر عن مجلس الأمن فإن الدول الأعضاء في الجمعية العامة تشارك بقواتها في إدارة عمليات السلام وإدارة الدعم التشغيلي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك. ويمكن للأمم المتحدة أن تلجأ إلى المبعوثين الخاصين والبعثات السياسية وممثلي الأمين العام الشخصيين من أجل نشر السلام. 

 

والعمل العسكري تحت الفصل السابع تم تجريبه في حروب البوسنة والصرب وفي رد مجلس الأمن على غزو العراق للكويت خلال الثاني من أغسطس (آب) 1990، وأجاز لقوة متعددة الجنسية تقودها الولايات المتحدة بإنهاء احتلال الكويت. وخلال عام 2003 وتحت البند نفسه أذن مجلس الأمن بالقوة المتعددة الجنسية في العراق.

ما هي عمليات حفظ السلام؟

تتمثل الصورة النمطية لعمليات حفظ السلام في أنها عبارة عن كتيبة من الجنود من مختلف الجنسيات ترافقهم آلياتهم البيضاء ويظللهم علم الأمم المتحدة للفصل بين دولتين متنازعتين ليتحقق الأمن والسلم بينهما. لكن الأدوار تشمل مجموعة من الأعمال المنوطة بقوات حفظ السلام العسكرية والسياسية، إذ تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن عمليات حفظ السلام أثبتت أنها من الأدوات المتاحة الأكثر فاعلية لمساعدة البلدان على "السير في الطريق الصعب من الصراع إلى السلام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضطلع قوات حفظ السلام بحماية المدنيين والمساعدة في نزع سلاح المتقاتلين وإعادة إدماج مقاتلي الميليشيات ودعم العمليات الدستورية وتنظيم الانتخابات وحماية وتعزيز حقوق الإنسان وبسط سلطة الدولة الشرعية ونزع الألغام البرية وغير ذلك من مهام تنفي عنهم صفة "قوات الفصل"، التي كانوا يحملونها دائماً إلى اسم "بعثات حفظ السلام".

وخلال العقدين الأخيرين تغيرت أنواع النزاعات والحروب ولم تعد كلاسيكية على حدود بين دولتين يمكن فضها بقوات حفظ سلام، إذ بات يدخل في إطار عمل الأمم المتحدة تنسيق الجهود العالمية في مكافحة الإرهاب. وخلال سبتمبر (أيلول) 2006 اعتمدت الدول الأعضاء "الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب". وباتت بعض هيئات الأمم المتحدة تعمل على نزع ووضع حد لانتشار الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل.

 

وخدم أكثر من مليون رجل وامرأة تحت راية الأمم المتحدة منذ عام 1948 وفقد أكثر من 3500 منهم حياته في سبيل تحقيق السلام بين المتحاربين والمتنازعين. وهؤلاء من جنسيات وثقافات ومجتمعات مختلفة تمتد على مدى الأرض المعمورة. وخلال عام 1988 منحت قوات حفظ السلام جائزة نوبل للسلام.
ويخدم اليوم أكثر من 110 آلاف عسكري وشرطي ومدني في 15 بعثة لحفظ السلام مما يمثل انخفاضاً في كل من تعداد الأفراد وعدد بعثات حفظ السلام، وذلك نتيجة لعمليات الانتقال السلمي وإعادة بناء دول المؤسسات.

متى بدأت عمليات حفظ السلام؟

كانت أول عمليتين لحفظ السلام نفذتهما الأمم المتحدة هما "هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة" خلال عام 1948 وفريق "مراقبي الأمم المتحدة العسكريين في الهند وباكستان" خلال عام 1949، وكان المراقبون العسكريون غير مسلحين.

وكانت أول عملية مسلحة لحفظ السلام هي قوة الطوارئ الأولى للأمم المتحدة التي أطلقت عام 1956 لمعالجة أزمة قناة السويس بعد تأميمها من قبل نظام "الضباط الأحرار" في مصر. 

أما عملية الأمم المتحدة في الكونغو عام 1960 فعدت أول بعثة واسعة النطاق تضم 20 ألف عسكري، وقتل 250 مراقباً عسكرياً من أفراد الأمم المتحدة في هذه البعثة وكان من ضمنهم الأمين العام داغ همرشولد.

ومع نهاية الحرب الباردة، قامت الأمم المتحدة بتحويل وتوسيع عملياتها الميدانية من بعثات "تقليدية" تتضمن المهام العامة للمراقبة والتي يقوم بها أفراد عسكريون إلى البعثات التي تضمن تنفيذ اتفاقيات شاملة للسلام والمساعدة في إرساء أسسه. وكانت هناك زيادة سريعة في أعداد عمليات حفظ السلام وقام مجلس الأمن بتنفيذ 20 عملية خلال الفترة بين 1989 و1994، مما تسبب في زيادة أعداد قوات حفظ السلام من 11 ألفاً إلى 75 ألفاً.

وخلال منتصف التسعينيات انتشرت البعثات في المناطق التي لم يتوقف فيها إطلاق النيران كيوغسلافيا ورواندا والصومال، وفي هذه المناطق لم يكن هناك أي سلام لتحفظه قوات الأمم المتحدة فاضطرت إلى المشاركة عسكرياً لوقف النزاعات الدموية التي أدت إلى مقتل مئات الآلاف من المواطنين في تلك الدول على أساس العرق والانتماء الديني. 

الشرق الأوسط وحفظ السلام المفقود

جاء في تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة أنه خلال العقد الأول من القرن الـ21 وجدت الأمم المتحدة نفسها أمام تحديات قديمة ومستجدة، فانتشر جنودها في مناطق نائية وداخل نزاعات معقدة وبيئات عمل غير واضحة وفي سياقات سياسية متقلبة مما استدعى نقد عمليات كثيرة لحفظ السلام. وأدى امتداد جيوش الأمم المتحدة فوق رقعة واسعة إلى استنزاف قدرة الهيئة الدولية بسبب الكلف الهائلة التي تتطلبها هذه العمليات والتي لا يمكن أن تتحقق بلا تبرعات الدول الأعضاء. وبحلول عام 2010 دخلت قوات حفظ السلام للمرة الأولى منذ عقد من الزمان في خفض عدد قواتها وبعثاتها العسكرية أو الدبلوماسية، أحياناً لعدم الحاجة إلى أعداد كبيرة وأحياناً أخرى قسراً بسبب عدم وجود التمويل.

وخلال الستينيات والسبعينيات من القرن الـ20 أرسلت الأمم المتحدة بعثات قصيرة المدى إلى جمهورية الدومينيكان وغينيا الجديدة الغربية واليمن. أما البعثات طويلة المدى فقد بدأت في قبرص ومختلف مناطق الصراع داخل الشرق الأوسط، ومنها قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان السوري المحتل وقوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان.

وهناك 12 بعثة حفظ سلام أممية منتشرة داخل أربع قارات. نذكر منها في الشرق الأوسط القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان التي تأسست بواسطة مجلس الأمن خلال مارس (آذار) 1978 لتأكيد انسحاب إسرائيل من لبنان، ومساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة سلطتها الفعالة في المنطقة. وعدلت المهمة مرتين نتيجة التطورات خلال عام 1982 وعام 2000.

وبعد حرب يوليو (تموز) 2006 على لبنان قام المجلس بتعزيز القوة وقرر أن البعثة إلى جانب مهامها الأخرى ستراقب وقف الاعتداءات، ومرافقة ودعم القوات اللبنانية في عملية الانتشار بجنوب لبنان وتمديد المساعدة لتأكيد وصول المعونات الإنسانية للمواطنين المدنيين والعودة الطوعية الآمنة للمهجرين.

أما البعثة التي لا يزال عملها مستمراً في الشرق الأوسط منذ عام 1974 هي قوات مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة بين القوات الإسرائيلية والسورية في الجولان.

وفي الجارة الأوروبية القريبة قبرص انتشرت قوة لحفظ السلام بواسطة مجلس الأمن عام 1964 لمنع مزيد من الحرب بين المجتمعين القبرصي اليوناني والقبرصي التركي. وبعد معارك عام 1974 بين الطرفين أضاف المجلس بعض المهام للقوات. وبسبب غياب التسويات السياسية للنزاع القبرصي فقد استمر وجود البعثة على الجزيرة للإشراف على خطوط وقف إطلاق النار، والحفاظ على منطقة عازلة.

المزيد من تقارير