Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تبحث "ثغرات" المنظومة الدفاعية وتستعد لرد إيراني "غير مباشر"

قد يتعين على تل أبيب الحفاظ على ما تبقى من أسلحة والاكتفاء باعتراض الصواريخ

لم يعد من الممكن استخدام القوة الجوية وحدها كركيزة استراتيجية لإسرائيل (أ ف ب)

ملخص

مع استمرار القتال وانخفاض عدد الصواريخ الاعتراضية لدى إسرائيل، "يتعين على تل أبيب الحفاظ على الأسلحة والاكتفاء باعتراض الصواريخ والقذائف التي تستهدف مراكز سكانية كبيرة، وفي أسوأ الحالات، الدفاع فقط عن أهداف البنى التحتية الحيوية"

في وقت تتزايد مخاوف الإسرائيليين من حرب متعددة الجبهات، بعد رفض رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، المقترح الأميركي المعدل لصفقة الأسرى، الذي عُرض في جلسة مفاوضات الأسبوع الماضي، وبحثه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تكثف أجهزة الدفاع الجوي بالتعاون مع خمس شركات إسرائيلية لصناعة الأسلحة، جهودها لضمان منظومات قادرة على مواجهة الصواريخ والمسيرات والطائرات، والتي من المتوقع أن تتعرض لها إسرائيل من جانب إيران و"حزب الله" ومختلف الجبهات، جواً وبحراً وبراً، وقد تطاول معظم منطقتها، في حال فشلت صفقة الأسرى وقررت إيران و"حزب الله" الرد على اغتيال القيادي في "حماس" إسماعيل هنية، في طهران، والقيادي في "حزب الله"، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية بلبنان.

وقد رفعت إسرائيل درجة التأهب تداركاً لرد إيراني غير مباشر، فيما تكثف قيادة الجيش والأجهزة الأمنية جهودها لرد قريب من "حزب الله"، وسط قلق أبداه أكثر من مسؤول أمني وخبير في الشؤون العسكرية والدفاع الجوي، من مواجهة السيناريو الأخطر بإطلاق "حزب الله" مئات الصواريخ والمسيرات يومياً قد تطاول مساحة شاسعة في آن واحد.

سلاح الجو وحده غير قادر

بعد أكثر من 10 أشهر على هجوم الـ7 من أكتوبر (تشرين الأول) وما تتعرض له إسرائيل يومياً من صواريخ ومسيرات، شكلت منظومات الدفاع الإسرائيلي حيز اهتمام بين كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية وأيضاً الخبراء وشركات الصناعات العسكرية في إسرائيل، بعد أن تبين أن هناك نوعيات من المسيرات والصواريخ الدقيقة والحديثة تعجز منظومة دفاع الجو عن التصدي لها، وهذا ما أدى إلى نجاح إصابة الأهداف خلال الفترة السابقة وبينها نقاط حساسة، سواء قواعد عسكرية أو مخازن أسلحة أو مواقع لمركبات عسكرية في منطقة الشمال من دون القدرة على التصدي لها. حتى أن منظومة "ندى السماء"، التي تعتبر منظومة حديثة وهي عبارة عن بالون يحلق في السماء، تعرضت للإصابة وتم إسقاطها، فيما أبلغ السكان عن عدد غير قليل من المسيرات التي سقطت في حدائق بيوتهم من دون إمكانية حتى كشفها.

ومع كثرة وتوالي التقارير الإسرائيلية التي تستعرض نوعية المنظومات المتوافرة لدى سلاح الدفاع الجوي في مقابل الكميات والنوعية التي يمتلكها من تسميهم تل أبيب "الأعداء على مختلف الجبهات"، يزداد القلق والتحذير من خطر أن تدخل المنطقة في حرب إقليمية، وفي إسرائيل تحديداً يأتي التحذير من كبار المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين والمطلعين على حقيقة وضع تل أبيب.

هناك بعض الخلافات حول وضع إسرائيل اليوم من حيث الدفاع والهجوم، لكن ما يتفق عليه الجميع أن الجيش الذي يقاتل منذ أكثر من 10 أشهر بات منهكاً، خصوصاً سلاح البرية، ولم يتمكن من الانخراط بحرب قد تكون أعنف بمرات مما يواجهه الجيش في غزة.

هذا السيناريو لا يستبعده اللواء احتياط، إسحق بريك، الذي شغل مناصب قيادية عدة في الجيش وفي سلاح المدرعات، وكذلك عاموس يدلين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية، وتسفيكا حايموفتش، القائد السابق للدفاع الجوي وغيرهم.

جانب آخر يتفق عليه الإسرائيليون أن منظومة الدفاع غير قادرة على التصدي لهجوم ثلاثي في آن من الجو والبر والبحر، وهو ما يدفعها اليوم إلى تكثيف جهودها لتشكيل أكبر تحالف لدعمها في التصدي لأي هجوم من إيران، في حين أن الوضع تجاه لبنان يشكل الخطر الأكبر، وهو ما يدفع الجيش إلى اختيار التركيز على كيفية منع أي هجوم من لبنان والتصدي للصواريخ والمسيرات التي تستهدف بالأساس مباني مأهولة بالسكان في بلدات لم يتم إخلاؤها أو مواقع حساسة فيها كميات كبيرة من المواد الخطيرة، بينها الأسلحة والمتفجرات، كما جاء في تقرير عسكري لتقييم الوضع مع احتمال تصعيد أمني عقب فشل صفقة الأسرى.

وبحسب اللواء احتياط إسحق بريك، فإن قواعد الحرب في المنطقة ستكون مختلفة في حال وقوع حرب شاملة،  "الصواريخ بعيدة المدى التي بحوزة ‘حزب الله‘ وغيره من أعداء إسرائيل، القريبين والبعيدين، يمكن أن تقوض الردع التاريخي لإسرائيل. هذه التهديدات الجديدة هي التي قد تحد من قدرة القوات الجوية على القيام بمهمتها الاستراتيجية". ويضيف "في عصر الصواريخ بعيدة المدى، قد يظهر واقع استراتيجي جديد تكون فيه الصواريخ قادرة على تزويد الأعداء قوة ردع استراتيجية وفعالة، ومصادرة احتكار الردع الاستراتيجي من أيدي إسرائيل. وبهذه الحالة يجب على إسرائيل أن تعتمد على قوات ووسائل هجومية إضافية طويلة المدى، حيث لم يعد من الممكن استخدام القوة الجوية وحدها كركيزة استراتيجية لإسرائيل".

أما ياغيل هنكين، الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية فيحذر من أنه "في حال نشوب حرب واسعة في الشمال، لن تتمكن أنظمة الدفاع الجوي من حماية جميع مناطق إسرائيل، فلا توجد بطاريات كافية وبالتالي لن تكون قادرة على تأمين الحماية من جميع التهديدات في كل مكان. من المتوقع أن يقوم ‘حزب الله‘ بإطلاق وابل كثيف من الصواريخ على هذه المنظومات الدفاعية لمنع اعتراض ما يطلقه من صواريخ ومسيرات، فإذا نجح سيهاجم المزيد والمزيد من المناطق غير المحمية".

وأمام هذا الوضع ومع استمرار القتال وانخفاض عدد الصواريخ الاعتراضية لدى إسرائيل، يضيف هنكين، "يتعين على تل أبيب الحفاظ على الأسلحة والاكتفاء باعتراض الصواريخ والقذائف التي تستهدف مراكز سكانية كبيرة، وفي أسوأ الحالات، الدفاع فقط عن أهداف البنى التحتية الحيوية".

وفي ظل تآكل قدرة الدفاع الإسرائيلي، يحذر هنكين مما أسماه الإسرائيليون "سيناريو الظلام" المتوقع نتيجة استهداف شركة الكهرباء وكذلك آبار الغاز في عرض البحر، من دون إمكانية التصدي للصواريخ. ويقول "لدى إسرائيل العديد من محطات توليد الطاقة، ولكن إذا تضررت توربينات في الخضيرة أو أشدود، فإن انخفاض الطاقة قد يؤدي إلى قطع الكهرباء عن مناطق بأكملها لأيام عدة من أجل الحفاظ على تدفق الكهرباء إلى قوات الجيش والمستشفيات والمرافق الحيوية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

150 ألف صاروخ وقذيفة

التقديرات في إسرائيل لما يملكه "حزب الله" من ترسانة صاروخية ومسيرات تفاوتت بين تقرير وآخر لمختلف معاهد الأبحاث وأيضاً ما أعلنه مسؤولون إسرائيليون، والتقدير أن العدد يتراوح بين 120 و150 ألفاً.

بحسب معهد "ألما" المتخصص في بحث الأوضاع الأمنية في الشمال، فإن ترسانة "حزب الله" اليوم هي أكبر بعشرة أضعاف مما كانت عليه في حرب لبنان الثانية، وأنها تضم حالياً نحو 150 ألف صاروخ وقذيفة.

ويشير تقرير المعهد إلى أن الإشكالية الأكبر إلى جانب عدم توفير منظومات دفاع كافية في إسرائيل، أن "تضاريس شمال إسرائيل تتيح للمسيرات التي تتعرض لها هذه المنطقة، أن تعبر المناطق الحدودية ثم ترتفع إلى الجبال وتهبط بعدها إلى الوديان، مما يجعل من الصعب تحديد موقعها". ويضيف "هذه العملية تُنفذ بسرعة عالية، يصل بعضها إلى 200 كيلومتر في الساعة، وهذا بحد ذاته يشكل صعوبة للجيش وفرق الإنذار في اعتراض المسيرات، لأنه قبل محاولة الاعتراض، يطلب من نظام الدفاع الجوي التحقق من أنها ليست طائرة إسرائيلية".

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "غلوبوس"، "تبحث أنظمة الكشف والإنذار في إسرائيل والخارج عن ناقل يمكنه أن ينتقل من النقطة A  إلى النقطة B ثم يحدد موقع المسيرة مرة أولى وثانية وثالثة مع ضمان قياس المسافة والسرعة بينهما، من أجل تقدير المكان الذي قد يقع فيه التهديد". ومع ذلك، يحذر التقرير، الذي يشير إلى عدم حيازة إسرائيل بعد على هذه المنظومة، من "الصعوبة التي سيواجهها الجيش في إجراء مراقبة للاعتراض".

في تقرير "غلوبوس"، هناك خطورة أيضاً في عدم إمكانية التصدي في حال تعرضت أهداف إسرائيلية لقصف من سفن أو غواصات غير مأهولة، "تخشى إسرائيل أن تهدد منصة غاز كاريش بالقرب من حدود المنطقة الاقتصادية مع لبنان، أو السفن البحرية أو كوابل اتصالات تحت الماء بينهم كابل  IC-1، الذي يربط حيفا ونهاريا".

العميد احتياط، عيران أورطال، الذي شغل منصب قائد مركز "دادو" للتفكير العسكري متعدد المجالات، يعرب عن خشيته في حال "تم تدمير عدد كبير من الرادارات والقاذفات، "هذا سيعرض إسرائيل لكميات هائلة ودقيقة من النيران". ويضيف "قد تجمع خطة العدو بين الهجمات المعقدة من الشمال والهجمات من الساحات البعيدة، خصوصاً وأن طريقة التصدي لهجوم إيران في أبريل (نيسان) الماضي لم تكن على المستوى بعد ما سقط من صواريخ ومسيرات. الدفاع الجوي لم يتآكل بسبب إطالة أمد الحرب فحسب، بل لأن العدو يدرسه جيداً. وفي معادلة المدافع والمهاجم، تكمن ميزة المرونة والمفاجأة في جانب المهاجم وهذه نقطة انطلاق خطيرة للحرب المقبلة"، وفق أورطال.

منظومات أخطأت الهدف

وفي مناقشة منظومات الدفاع الإسرائيلية، كشف ضباط وجنود في وحدات الدفاع الجوي أنهم في الكثير من المرات أطلقوا صواريخ دفاعية تبين لاحقاً أنها أصابت طيوراً لا مسيرات.

ونقل الخبير العسكري، يانيف كوفوفيتس، في تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، عن ضباط وجنود من غرفة تحكم تابعة لسلاح الجو في منطقة الشمال، أن وضعية المنظومات التي يملكها الجيش لا تميز بين الهدف المفترض إسقاطه ويُتخذ القرار فيه خلال ثوان قليلة.

وجاء نقلاً عن ضابط في غرفة التحكم في نظام الدفاع الجوي في الشمال "كان لدينا عدد غير قليل من الحالات التي أطلقنا فيها صواريخ اعتراضية على طيور. فغالباً ما يكون هناك تشابه على الرادار بينها وبين طائرات ‘حزب الله‘ من دون طيار. هناك صعوبة نواجهها يومياً وقد حدث أننا أسقطنا أيضاً صواريخ اعتراضية خاصة بنا".

بحسب مسؤول في هذه الوحدة، فإن الطرف الآخر بات يدرك "كيفية تحديد الأماكن التي ستواجه فيها رادارات الجيش الإسرائيلي صعوبة في اكتشاف المسيرة التي يطلقها، والتي يمكن أن يختار مشغلوها الموجودون ما بعد الحدود الهدف حتى أثناء الطيران". بالتالي، أكد المسؤول، "من الصعب تحديد المكان الذي ستضربه مسبقاً".

بحسب تقرير الصحيفة، ولمواجهة هذا التهديد المعقد، عزز الجيش من قدرة وحساسية الرادارات إلى أعلى مستوى لتكون جاهزة إلى جانب ما في حوزة الجيش من منظومة دفاع جوي سيكون الاعتماد عليها بشكل كبير، منها القبة الحديدية، والعصا السحرية، وحيتس، وهي المنظومة التي ستتصدى للصواريخ الباليستية بعيدة المدى.

الخبير العسكري شاي ليفي أكد في تقرير استعرض فيه ما يملكه "حزب الله" وإيران من ترسانة صاروخية، ضعف منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي في التصدي لكمية كبيرة من الصواريخ والمسيرات، وحذر من "اندلاع حرب واسعة النطاق تتعرض فيها إسرائيل لكميات غير مسبوقة من النيران، هي خطوة أكد الجيش الإسرائيلي أنها ستؤدي إلى رد هجومي، خصوصاً على لبنان، وليس رداً دفاعياً فقط، وهنا يكمن الخطر الأكبر".

المزيد من متابعات