ملخص
"مساحة إسرائيل صغيرة وينبغي توسيعها" تصريحات ترمب تعيد إلى الأذهان مخاوف من مخططات إسرائيلية قديمة تستهدف الأراضي الأردنية في سياق ما يعرف بمشروع "إسرائيل الكبرى".
أثارت تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، جدلاً وقلقاً في الأردن بعد حديثه عن مساحة إسرائيل الصغيرة ودعوته للحصول على مزيد من الأراضي لتوسيعها.
وقال ترمب في كلمته أمام الجالية اليهودية خلال إطلاق تحالف "أصوات يهودية من أجل ترمب" في أميركا، هل هناك طريقة للحصول على مزيد من الأراضي لإسرائيل، لأنها صغيرة على الخريطة مقارنة مع الدول الأخرى في الشرق الأوسط؟
لم تصدر الحكومة الأردنية بياناً رسمياً حول تصريحات ترمب حتى الآن، إلا أن مصدراً مقرباً من الحكومة قال لـ"اندبندنت عربية"، إن عمان تتعامل مع الإدارات الأميركية المتعاقبة وفق سياسات متوازنة وفي إطار علاقات إيجابية ومؤسساتية تشمل الكونغرس وكل القوى الفاعلة في واشنطن، مضيفاً أن تصريحات ترمب لا تخرج عن كونها لأغراض انتخابية بحتة.
قلق ومخاوف
لكن بعض الشخصيات السياسية أبدت قلقها من التداعيات المحتملة لهذه التصريحات على العلاقات الأردنية- الإسرائيلية وعلى الأمن الإقليمي، بخاصة أنها أعادت إلى الأذهان مخاوف من مخططات إسرائيلية قديمة تستهدف الأراضي الأردنية في سياق ما يعرف بمشروع "إسرائيل الكبرى".
يقول الباحث والمتخصص في العلاقات الدولية حسن البراري، إن تصريحات ترمب لها بعد جيوسياسي خطر وإن على الحكومة الأردنية التنبه لهذا لأمر، مضيفاً "سمعت مثل هذا القول مراراً وتكراراً في ندوات عندما كنت في واشنطن".
بدوره يؤكد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن مراد العضايلة أن "التصريح المثير الذي أطلقه المرشح للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب يستدعي التحضر لأخطار التوسع الإسرائيلي".
وعد العضايلة أن تصريحات ترمب حول التوسع الإسرائيلي ستكون على حساب دول الجوار وبصورة أساسية على حساب الأردن الذي يرتبط مع الأراضي الفلسطينية بأطول حدود.
وأكد أن الرد الحقيقي على تصريحات ترمب سيكون عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية القادمة وتمتين الجبهة الداخلية في الأردن.
في حين عد النائب السابق وصفي الرواشدة أن "الأردن في عين العاصفة على عتبة الانتخابات الرئاسية الأميركية وتصريحات دونالد ترمب، خصوصاً مع قرار الكنيست الإسرائيلي بعدم الاعتراف بحل الدولتين وإسقاطه نهائياً، ومحاولة إسرائيل تدمير المخيمات في الضفة الغربية والتسبب بحركة نزوح وتهجير لنحو 40 في المئة من قاطنيها".
وطالب الرواشدة بإعادة التفكير بالنهج السائد وإعادة ترتيب البيت الداخلي وتمتين الجبهة الداخلية.
خريطة الأردن وإسرائيل
ومبعث القلق الأردني شعبياً ورسمياً يرتبط بتهديدات حقيقية أطلقها مسؤولون إسرائيليون وأعضاء في اليمين المتطرف طوال أعوام مضت من بينهم الوزير بتسلئيل سموتريتش الذي ظهر فوق منصة تحمل خريطة الأردن وإسرائيل معاً بوصفها "إسرائيل الكبرى".
إضافة إلى سياسة إسرائيلية على أرض الواقع تتمثل بقضم مساحات من الضفة الغربية بصورة شبه يومية الأمر الذي يهدد المصالح الأردنية.
وظهر وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، العام الماضي في خطاب ألقاه بالعاصمة الفرنسية باريس، وأمامه منصة وخريطة تجمع الأردن وإسرائيل، وهي الخريطة التي تحمل شعار إحدى المنظمات المتطرفة، والتي تعتقد أن إسرائيل هي فلسطين والأردن معاً.
ونشبت أزمة دبلوماسية بين الجانبين حينها بسبب خريطة سموتريتش التي تستند إلى شعار "الأرغون" التابع "للمنظمة العسكرية الوطنية في أرض إسرائيل"، وهي جماعة مسلحة تطالب بأن تكون الأراضي الفلسطينية التاريخية والأردن دولة يهودية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مخاوف من عودة ترمب
في السياق ذاته، ثمة مخاوف لدى الأردنيين من عودة ترمب إلى البيت الأبيض مجدداً، بسبب دور إدارته المفترض بما سمي "خطة ترمب للسلام" التي تبناها الرئيس السابق وتهدف إلى حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وطرحها صهره جاريد كوشنير خلال مؤتمر في البحرين عام 2019.
وأبدى الأردن الرسمي وقتها تحفظه على تلك الخطة خشية أن تؤدي إلى تحويل الأردن لوطن بديل للاجئين الفلسطينيين، وحدوث تهديدات أمنية وأخطار استراتيجية قد تحدث إخلالاً بالسيادة الأردنية.
وفي عام 2021 قال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة في مقابلة مع "اندبندنت عربية"، إن "الأردن كان هدفاً لإدارة ترمب".
ووصف الخصاونة المواجهة السياسية مع طاقم ترمب وصهره، جاريد كوشنير، بأنها كانت صعبة ومعقدة، حتى وصل الأمر إلى محاولات لعزل الأردن.
ويعد وزير الخارجية الأردني الأسبق مروان المعشر أن فوز ترمب بالانتخابات الأميركية، يعني العودة إلى "الخطة" التي تهدف لإيجاد حل للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، وإلغاء فكرة حل الدولتين.
كما يعتقد شهاب مكاحلة المتخصص في العلاقات الدولية أن عودة ترمب وإدارته تعني إعادة إحياء هذا المشروع مجدداً وتضاؤل الدور التاريخي للأردن في القدس، وضم إسرائيل لمستوطنات الضفة الغربية ووادي الأردن ذي الأهمية الاستراتيجية.
"أطماع إسرائيلية"
وفي هذا الشأن يقول مؤرخون، إن الأطماع الإسرائيلية في الأردن قديمة، ففي نشيد منظمة الشباب اليهودي (البيتار) يرددون: النهر الأردن ضفتان: الضفة الغربية لنا، والضفة الشرقية لنا.
وكان عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف آرييه الداد كرر مراراً قائلاً، إن المملكة الأردنية هي الدولة الفلسطينية، بينما تكرر وزارة الخارجية الإسرائيلية تأكيد التزامها اتفاقية "وادي عربة" للسلام مع الأردن عام 1994، وعدم تغيير الموقف الإسرائيلي الرسمي الذي يعترف بوحدة أراضي البلاد.
إلا أن خطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف تجاه الأردن هو الأكثر تهديداً وهو ما دفع ثلاثاً من أهم الشخصيات السياسية الأردنية لقرع الجرس والتحذير، بل والدعوة لتسليح الشعب الأردني استعداداً للأسوأ، كوزير الداخلية الأسبق سمير حباشنة والوزير السابق ممدوح العبادي، ويبرز أيضاً اسم وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر، الذي عمل أيضاً لأعوام سفيراً للأردن لدى إسرائيل، فضلاً عن رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري.
ويرصد الباحث والنائب السابق سعود أبومحفوظ بعض هذه الأطماع بقوله، إن الإسرائيليين يسوقون للبتراء على سبيل المثال كجزء من إرثهم، وإن لديهم مخططات لتوطين 4 ملايين يهودي في جنوب الأردن.
ويشير أبومحفوظ إلى حادثة إغلاق وزارة الأوقاف الأردنية مقام النبي هارون (مسجد البتراء)، عام 2019 عقب انتشار مقاطع فيديو لسياح إسرائيليين يقومون بطقوس تلمودية.
وكان رد مجلس النواب الأردني بالغالبية مشروع قانون معدل لسلطة إقليم البتراء في 2019 بسبب مخاوف نيابية وشعبية من تسلل اليهود إلى المدينة الأثرية السياحية عبر شراء أراض فيها.
ووفقاً للباحث عصام غزاوي، يزعم اليهود في تاريخهم أنهم ملكوا شرق الأردن قبل أن يملكوا فلسطين، ويضيف "يتوجه المتدينون اليهود إلى جنوب الأردن وتحديداً مدينة البتراء لتنظيم مسيرات راجلة على الأقدام وتأدية صلوات وترانيم توراتية في الأول من أغسطس (آب) كل عام وفقاً للتقويم اليهودي".