ملخص
يتطلب الأمر إرادة سياسية قوية من جميع الأطراف المعنية، إضافة إلى دعم دولي فاعل يركز على معالجة الأسباب الجذرية للصراع وليس فقط التخفيف من تداعياته.
كتبت هذه المقالة عبر "تشات جي بي تي" وأجريت عليها تعديلات لغوية بما يناسب أسلوب "اندبندنت عربية"
تشهد منطقة الشرق الأوسط توتراً مستمراً وصراعات متعددة الأطراف، حيث تظل قضية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، بخاصة ما يحدث في غزة، في صدارة المشهد السياسي الإقليمي والدولي.
تجددت المواجهات بين إسرائيل وحركة "حماس"، التي تحكم قطاع غزة، في عدة مناسبات، وآخرها موجة الصراع التي اندلعت منذ نحو عام. في ظل هذه الظروف، يسعى العديد من الأطراف الدولية والإقليمية إلى التوسط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء الصراع المتجدد. ولكن هل يمكن التوصل إلى اتفاق دائم ينهي هذه الحرب؟ وما العوامل التي قد تؤثر في نجاح أو فشل هذه المفاوضات؟
قبل الخوض في التوقعات المتعلقة بإمكانية التوصل إلى اتفاق، من الضروري استعراض خلفية الصراع بشكل موجز. قطاع غزة، الذي يقطنه أكثر من مليوني فلسطيني، يعاني حصاراً إسرائيلياً مشدداً منذ أكثر من عقد.
وتحكم "حماس" القطاع منذ عام 2007 بعد سيطرة مسلحة على السلطة فيه، فيما إسرائيل، بدعم من بعض القوى الغربية، تصنف "حماس" منظمة إرهابية، وهو ما يزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية لحل النزاع.
اندلعت جولات عدة من الصراع بين "حماس" وإسرائيل، وكل جولة تخلف وراءها دماراً هائلاً في البنية التحتية وسقوط العديد من الضحايا المدنيين، إلى جانب آثار إنسانية كارثية على سكان غزة المحاصرين. على رغم التدخلات الدبلوماسية المتكررة، لم تفلح أي منها في التوصل إلى حل دائم ينهي الأزمة بشكل جذري.
في ظل التصعيد الأخير، تزايدت الجهود الدولية والإقليمية لوقف القتال، وتقود مصر، إلى جانب قطر والولايات المتحدة، وساطات مكثفة بين الجانبين. وتعد مصر لاعباً رئيساً في هذه الجهود بحكم موقعها الجغرافي وعلاقاتها التاريخية مع كل من إسرائيل والفلسطينيين، فضلاً عن دورها التقليدي في الوساطة بين الأطراف.
وتستند هذه الجهود إلى سلسلة من المقترحات الرامية إلى تحقيق هدنة موقتة كخطوة أولى تتيح المجال لمفاوضات أوسع تهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار. تشمل هذه المقترحات تخفيف الحصار عن غزة، وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية، وإعادة بناء البنية التحتية، فضلاً عن تبادل الأسرى.
لكن على رغم الجهود المكثفة، تواجه المفاوضات الحالية العديد من التحديات التي تجعل من التوصل إلى اتفاق دائم أمراً صعب المنال، حيث يعد غياب الثقة بين الأطراف المتنازعة أحد أبرز العوائق أمام أي مفاوضات. فإسرائيل و"حماس" تعدان بعضهما عدوين لدودين، ولكل منهما شروط ومطالب تعتبرها ضرورية لأي اتفاق، لكن هذه المطالب غالباً ما تكون غير قابلة للتحقيق في نظر الطرف الآخر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الجانبين، توجد انقسامات سياسية داخلية قد تؤثر بالمفاوضات. ففي إسرائيل، تواجه الحكومة ضغوطاً من اليمين المتطرف الذي يرفض أي تنازلات لمصلحة الفلسطينيين. وعلى الجانب الفلسطيني، تواجه "حماس" تحديات داخلية، بخاصة في ظل التوتر مع السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس، ما يعقد إمكانية التوصل إلى موقف فلسطيني موحد.
أيضاً تعد التدخلات الخارجية عاملاً آخر يعقد المفاوضات. في حين تدعم إيران "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى، فإن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية تدعم إسرائيل بشكل كبير. هذا الاستقطاب الدولي ينعكس سلباً على الجهود الدبلوماسية، حيث تسعى كل من هذه القوى إلى تعزيز مصالحها الإقليمية على حساب التوصل إلى حل دائم.
إضافة إلى ذلك فإن مصالح الأطراف متضاربة، حيث تطالب "حماس" برفع كامل للحصار عن غزة وبضمانات دولية تمنع تكرار الحرب، بينما تطالب إسرائيل بتفكيك ترسانة الصواريخ التي تمتلكها "حماس" وضمان أمن مستوطناتها الحدودية. هذه المطالب المتضاربة تجعل من الصعب تحقيق توافق يرضي الطرفين.
في ظل هذه التعقيدات، يمكن تصور عدة سيناريوهات لما قد تؤول إليه المفاوضات الحالية:
- هدنة موقتة مع استمرار التوتر: من الممكن أن تسفر المفاوضات عن هدنة موقتة، حيث يتوقف إطلاق النار لفترة قصيرة، ولكن من دون معالجة الجذور الأساسية للصراع. قد يظل التوتر قائماً، مع احتمالية تجدد المواجهات في المستقبل القريب.
- اتفاق طويل الأمد: على رغم الصعوبات، قد تنجح الوساطات في التوصل إلى اتفاق طويل الأمد يشمل وقف الحرب ورفع تدريجي للحصار عن غزة، مقابل التزامات أمنية من قبل "حماس". هذا السيناريو يتطلب تنازلات كبيرة من الطرفين وضمانات دولية قوية.
- انهيار المفاوضات وتصاعد الصراع: في حال فشل المفاوضات، فإن التصعيد العسكري قد يتجدد بشكل أكبر، مما يؤدي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية وزيادة التدخلات الدولية، وربما تدخل قوى إقليمية أخرى على خط الصراع.
التوصل إلى اتفاق ينهي حرب غزة في ظل المفاوضات الحالية يظل هدفاً صعب التحقيق، ولكنه ليس مستحيلاً. يتطلب الأمر إرادة سياسية قوية من جميع الأطراف المعنية، إضافة إلى دعم دولي فاعل يركز على معالجة الأسباب الجذرية للصراع وليس فقط التخفيف من تداعياته. فعلى المجتمع الدولي أن يدرك أن الحلول الموقتة لن تكون كافية لوقف دوامة العنف المستمرة، بل يجب السعي نحو حل شامل يعالج القضايا الجوهرية، ويضع الأسس لسلام دائم في المنطقة.